|
جمجمة
تغلي 1 تساؤل نظراتي مرصودة، وخطواتي مغلقة، ولا أعي ما أقول، ولا ما سأفعل – وإنْ كانت بضع كلمات تكفي لكي أجعل المرأة تضحك، والنيران في دواخلها تتفتَّح كالورود... لكنَّ الرياح، حين تأتي
بالفصول، كيف تعانق أرواحًا سجينة،
أجسادها تتصحَّر؟ 1998 أفكِّر
بهذا حقًّا دون فكر كيف أكتب بضع كلمات مهمَّة؟ كيف يمكن الكتابة؟ – كأنَّما الرغيف يمكن أن يكون رغيفًا ما لم يكن قمحًا ونارًا وأشياء أُخَر... كأنَّما المرأة يمكن أن تكون امرأة ما لم تكن جسدًا وروحًا وأشياء أُخَر... أفكِّر في هذا، لأنَّ جميع لوحات العالم لا يمكن لها أن تعوِّض
الجائع عن كسرة خبز واحدة... وأفكِّر في هذا، لأنَّ جميع قصائد العالم لا يمكن لها أن تعوِّض
العاشق عن عناق امرأة واحدة... كأنِّما أفكر في هذا لأننَّي دائمًا أفكِّر في
هذا، لأننَّي دائمًا أفكِّر في
هذا، دائمًا، دائمًا... دون رغيف وامرأة كيف يمكن التفكير في أشياء
مهمَّة؟ كيف يمكن التفكير في كلمات
مهمَّة؟ كيف يمكن التفكير؟! 23/10/1997 أريد
أن أعيش مللتكِ أيَّتها الكلمات والخطوط والألوان، وأنت تشبهين ابتساماتٍ أو دموعًا لا ترى... أريد أن أبكي مثل أيِّ إنسان يبكي، أريد أن أضحك مثل أيِّ إنسان يضحك، أريد أن أعيش مثل أيِّ إنسان يعيش... أجَلْ، أيَّتها الكلمات والألوان، مللتكِ... وأنت تدفعينني إلى مسرَّات
خُلَّبيَّة لا تكتمل، أو لم توجد أبدًا... وأنت تتساقطين من عينيَّ، رهيبةً، مثل نيازك طائشة، لتزيدي من لهيب قلبي، وضجيجه... وأنت تحدِّثينني عن
الحريَّة لكي تدخليني إلى أضيق
السجون... وأنت تحدِّثينني عن الحب لكي تغتصبي كلَّ حبيبة
منِّي... وأنت تقتلينني أيَّتها
الكلمات والخطوط مثل صرخات شاردة، عبر جميع الأمكنة والأزمنة... ولا مَن يصغي إليَّ، أو يرى دموعي! 10/10/1997 أخاف
من قولي أشيخ، إنَّني أشيخ، وليس هذا كافيًا لكي أنضج، وليس هذا ما ينبغي لكي أموت. لم تزلْ روحي قويَّة كنهر قويٍّ، ولم أزل غضًّا طريًّا، أتساقط كأوراق الربيع... بل إنَّني أقول أيَّ شيء كيلا يبقى شيئًا، فكرةً تتركَّب وتبقى غير مفهومة، صورةً تتشكَّل وتبقى غير مكتملة، موسيقى تتردَّد ولا تنطلق كالخرير، أيَّ شيء تعلِّمني الحياة
به ولا أعيشه، أيَّ شيء أقرؤه وأمنحه أبعادًا جديدة، أيَّ شيء يفسِّر غيري ويزيدني غموضًا، أيَّ شيء يعترض طريقي ولا يدلُّ عليَّ، أيَّ شيء يجعلني أمَّحي لأنَّني أقوله... وهذا لا يمكن أن يستمر
طويلاً، مهما امتدَّ، واتَّسع، وتعمَّق. أخاف للنبع الذي أتدفَّق من أن يرتدَّ إلى نفسه، أخاف من وقفتي والعالم أنقاض، أخاف من قولي ولا أحد يصغي إليَّ... إن الروح الأبيَّة لا يمكن لها أن تُهان إلى ما
لانهاية! 8/12/1997 أكوام
اللحم اقتلعيني أيَّتها السماء، فروحي تتناثر كالنجوم. ابتلعيني أيتها الأرض، فجسدي يحترق كبركان. لا أريد إشارات ورؤى مستهلكةً كالفواكه والخضار. أريد التحامًا بآلهة
الحرمان. فأنا ظمآن وظمآن وظمآن، منذ الأزل، ولا ترويني كلُّ الغيوم، ولا ترويني كلُّ البحار، ولا ترويني كلُّ اللحظات
الفانية، كهذه الكلمات، كهذه الألوان، كهذه الخطوط، تسيل ندوبًا بيضاء، سوداء ورماديَّة، وأنا أبكي عزلتي وانتظاري، وأنا أبكي عزلتي وانكساري. حبيبتي لمَّا تتكوَّن
كالشتاء، حبيبتي لمَّا تتفتَّح
كالربيع، حبيبتي لمَّا تضحك شهيَّةً كالصيف... حبيبتي العارية كالطبيعة، اللاهية كإله، أين هي؟ على أيِّ كوكب؟ داخل أيِّ كهف؟ منذ متى أبحث وأسأل ولا أرى؟
– غير هذه الصور المنسوخة
كالأزياء، الممزَّقة كالضحايا، آلاف الصور، آلاف الفتيات الواهمات، آلاف النساء الساكنات
كالأصنام، أو كأكوام اللحم، أجساد تُباع في الأسواق
كالدُّمى، أو دمى تتحرك في المنازل وتُساط بالأشغال كالرقيق – ولا امرأة تحتجُّ كالزلزال، ولا امرأة تصرخ كالرعد، ولا امرأة تنطلق كالريح، ولا امرأة تأتيني بالطوفان! 1999 الصورة
التي لي آهٍ، تلك الصورة التي هي لي، متى تأتي؟ – كي تحيا قربي وتعينني، كي نعرف اللذة، كي نتحرر، كي نوجد، أنا وهي، مثل إلهين يصلِّي كلُّ واحد منهما
للآخر، مبهورَيْن بهذه اللانهاية التي عيوننا حين تحدِّق
بعضها في بعض، تودُّ لو تنصهر، مثلما أتخيَّل مسبري الآن ينغرز عميقًا كما لو كانت أرضًا أخرى، وأنا أريد تفجير المركز: مجرَّة واحدة لروح واحدة والنجوم والكواكب قصيدة
متشظِّية! لكنْ، تلك الصورة، محصورةً في إطار المادَّة
الذهنيَّة، تمدُّ لسانها الكلبيَّ وتمضي، كي تتركني وحيدًا صامتًا، أنكحُ الفراغ: ناري تنطفئ، وجودي يتضاءل، كلمتي تمَّحي! 1997 قلبي في مهبِّ الريح، معلَّقًا على أوراق
الصبَّار، صارخًا حتى سموات نائيَّة، ناحبًا تحت عجلات الزمن، مدخِّنًا شهواته المحترقة. كلُّ رغبة وصارت ذكرى ميتة، كلُّ نظرة ونقيضها مرمَّز، كلُّ العذاب والكراهية – ولاسيَّما في أسعد اللحظات
المفترضة – تشويه لكلماته الصادقة، ربَّما ببعض النقود
الكاذبة، إلقاؤه إلى الأقدام، صَفْعُه بالأوحال، ضياعه في الزحام، براءته من كلِّ ذلك وممَّا هو أفظع! قلبي لا يفهم غير الحبِّ حتَّى يكاد يتصدَّع شوقًا إلى الحريَّة. 1997 ندم أيَّها القلب المضطرب مثل طبلٍ يدقُّ منفردًا وسط غابة صامتة من الكوابيس
الرهيبة – متى تكفُّ عن الخفقان؟ هكذا، دون سابق إنذار... فلا أندم على عمر ضاع، أو على عمر أحلم أن يجيء، حيًّا، فتيًّا، حقيقة، وينبغي أن يعاش، بعيدًا عن الفكرة ونقيضها، بعيدًا عن العين الحاقدة، والأخرى الكاذبة، بعيدًا عن الآلهة الشريرة، التي تعاقب. آهٍ، أيُّها القلب التعس، توقَّفْ، أرجوك أن تتوقَّف، توقَّفْ... ليس في هذا العالم غير هذه الأشباح المقيتة التي تدمِّر، والتي تشعل حريقًا كاسحًا
داخل رأسي، ولا تدعني أنام! 10/10/1997 ***
*** ***
|
|
|