سؤال: هل طرحت الشعوب كلها مسألة أصل العالم؟
فيليب ديسكولا:
إطلاقًا، فعلى عكس مما هو شائع، المسألة ليست كونية. وفي كل الأحوال، يشكل سفر
التكوين، ذلك التصور المسيحي-اليهودي القائل بفكرة خلق العالم انطلاقًا من
العدم استثناء أكيدًا في تاريخ الحضارات. لا ينبغي النظر إلى فكرة الخلق عبر
النظارات الغربية! تتميَّز فكرة الخلق هذه بمركزيتها البشرية إذ يلعب البشر
دورًا كبيرًا في مسار الخلق هنا بينما هم مجموعة من بين مجموعات أخرى في أساطير
مُؤسِّسة أخرى. الشيء نفسه بالنسبة للفكرة التوراتية القائلة بإله صانع ماهر
وخالق، وهي الفكرة العزيزة على كل عالم البحر المتوسط، إذ هي أبعد من أن تكون
فكرة تتقاسمها كل الشعوب التي تسكن الأرض أو التي سكنتها من قبل. من جهة ينظر
إلى الخلق كأنه صنع، قولبة المادة حسب مخطط مسبق: وهي استعارة الخزاف صانع
الفخار التي نجدها في العهد القديم كما في تيماوس أفلاطون. أما في جهات
العالم الأخرى فغالبًا ما نجد فكرة التوالدات العارضة أو التطورات التلقائية.
الموقع الجغرافي
تمتد سلسلة جبال القفقاس من بحر قزوين شرقًا إلى البحر الأسود غربًا على مسافة
تبلغ 1125 كم، وتعتبر قممُ هذه الجبال الحدَّ الفاصل بين أوروبا وآسيا، فشمالُ
القفقاس أوربي وجنوبه آسيوي، وفي منتصف هذه السلسلة الجبلية يقع جبلُ
إِلْـبْرُوزْ
Elbrus
وهو أعلى قمة في القفقاس وفي أوربا 5595 م، وهو جبل بركاني لا يذوبُ الثلجُ عن
قمته، وينحدرُ منه نهران غزيران مرعبان هما (تيريك) و(كوبان). وقد شكَّل هذا
المحيطُ الجغرافي بجباله الشاهقة وبرودته القاسية ووديانه الهادئة مرتعًا خصبًا
لنشوء الأسطورة، وملهمًا دائمًا لكبار الشعراء أمثال بوشكين ورسول حمزاتوف.