|
علم نفس الأعماق
إن الطفل يتحرك بالغريرة... بيد أن هذه الغريزة لا تلبث أن تدخل مبكرًا في تناقض مع
متطلبات الحياة الاجتماعية. مع اكتشاف اللاشعور النفسي مع سيجموند فرويد Sigmund Freud، أصبح من العسير تفسير سلوكات الإنسان وفق منظور الشعور والوعي. فمن خلال معالجته للمرضى رأى فرويد أن هذين الأخيرين –أي الشعور والوعي – ليسا هما المحددين الوحيدين لسلوكاتنا، بل هناك اللاشعور كموقع نفسي مستقل عن نظام الوعي والإدراك ومستقل عن الجوانب الشعورية للإنسان، وهو يؤثر بشكل كبير في حياتنا. كما سيؤكد فرويد على أن الأعراض الخاصة باللاشعور (فلتات اللسان، الأحلام، المخاوف الهستيرية...) لم تصدر نتيجة صدفة، فهذه الأعراض تفرض نفسها عندما تكون الشخصية ضعيفة، فتحقق الرغبات عندما تضعف الأنا.
لم ألتقِ أحدًا البته لم يكن لدَيْهِ اهتمامٌ بموضوع الشخصية، وخاصةً اكتشافَ المزيد من الأمور التي تتعلَّق بها، أو بالنَّمَط الخاص به. أتذكَّرُ نفسي حينَ كنتُ تلميذًا جامعيًا، وعند تخصُّصي في دراسة الشخصية، كان الجميع يخضعون لاختبارٍ نفساني، ووَقَعَ هذا الاختبار بين يديَّ، فتخيَّلتُ بأنَّ كلاً منهم كان بإمكانِه أن يُظهِرَ لي ما يتعلَّقُ بشخصيَّتي. وكانَ معظمُهم يقومُ بالشيءِ نفسِه. أتساءلُ لماذا لدينا كل هذا الاهتمام بمعرفةِ الأمور التي تتعلَّق بنا نحن أنفسنا؟ الباعِثُ الأوَّل بكلِّ بساطَة هو الفضول: إنها الطريقةُ التي تعمَلُ وفقها عقولُنا ومشاعرُنا القائمة على إثارة الاهتمام. فمثلاً، لماذا أرى حالَةً مُعيَّنة بهذه الطريقة المحددة؟ لماذا أشعرُ بانفعال معين بينما يشعُرُ بعض الأشخاص بانفعال آخر؟ لماذا أكتئبُ بينما يسخط صديقي، مع أن الحالة التي تعرَّض إليها كلانا هل نفسها؟ إنه لمن الأهمية بمكان التفكير في هذه الأمور كلِّها، والتحدُّث مع أشخاص آخَرين عنها.
|
|
|