كما
كنا قد أشرنا في الفقرة 1 - 3، فإن الإجابة التي يردُّ بها عادة أنصار
الواقعية العلمية على الاعتراض المتمثل باللاإستقرارية التاريخية
لمنظومة الأشياء المفترض أنها من مواضيع التقصي والتحقيق تشتمل على
مقابلة هذه اللاإستقرارية باستقرارية البنى القانونية الكبرى. فالإثبات
الواقعي يجب أن يركِّز بالتالي، وفق هؤلاء الباحثين، على البنى بدلاً
بالأحرى من تناوله للـ "أنطولوجيا" وفق المعنى الذي يعرف كوين
Quine
الأنطولوجيا وفقه.
لكننا إذا قبلنا بذلك، فلا بد أن تظهر أمامنا صعوبة لا يستهان بها.
وكما يلاحظ ريدهيد
Redhead،
وهو نفسه مدافع عن واقعية بنيوية، "[...] فإن المضمون الفيزيائي
[للنظريات] يكون غالبًا مغمورًا في بنية رياضية أوسع ليس لها بذاتها
أية مرجعية فيزيائية".
ويكاد هذا الاستنتاج أن ييسِّر الفكرة التي لا تكون وفقها النظريات
الفيزيائية سوى "صناديق سوداء" رياضية كبيرة تتحقق صلتها الوحيدة مع
العالم من خلال تنبؤاتها التجريبية.
قد
يريح الناس تصور الكون كآلة والجسم كمحرك والطبيعة كبناء هندسي منجز،
لكن تاريخ العلم يعلمنا أننا جزء من الكون لا الكون جزء منا. فلماذا
يجب أن يكون الكون مصنوعًا فقط من المكونات التي دوزنت عيوننا لرؤيتها
بمساعدة آلاتنا؟ ولماذا يجب أن يكون الكون بسبب تلك المادة مفهومًا لنا
بأية حال؟ هل نحن نقوم فقط بملء الثغرات في نظريتنا الناقصة مدفوعين
بإيماننا بقدرة الدماغ إلى النظر إلى جوهر الخلق؟ وهل الكواركات
والمادة المظلمة هي مكتشفات أم اختراعات، مصنوعات جوع دماغنا إلى
التناسق؟ وهل العالم عقلاني وإذا كان الأمر كذلك فما مدى عقلانيته؟