علم نفس الأعماق
|
|
آذار 2004
|
في هذا
الإصدار
|
|
|
هل الأزمة الحالية هي أزمة مساواة
المرأة مع الرجل؟ أم هي أزمة الرجولة؟ أم هي
أزمة هوية؟ إنها، في الواقع، هذه جميعًا.
منذ
فرويد، نعلم أننا لسنا أسياد إرادتنا
بالكامل؛ إذ يدور فينا مشهدٌ آخر غير العقل هو
اللاوعي، مكان الرغبات المكبوتة الهاربة منا.
وقد حافظ المعالج النفسي كارل غ. يونغ على
لُباب النظرية الفرويدية، معتبرًا، من
ناحيته، أن اللاوعي، "كالماء الذي يحمل
السمكة ويسمح لها بالسباحة"، هو أيضًا
خزَّان كبير للإمكانات المخبوءة. يساهم هذا
الجزء المجهول فينا في تحقيق ذواتنا؛ ويسميه
يونغ باللامعقول. لو رفضْنا أخْذَ اللاوعي في
الاعتبار لارتدَّ إلينا عبر ضربات القدر.
يُعتبَر إنكارُه سذاجةً ويسبِّب لدى ناكريه
اضطرابات نَفْسجسمية وعصبية وجنسية وسواها.
يقودنا
التدبُّرُ في واقع حال البحث في مجال الظواهر
الخارقة في الغرب – لا محالة – إلى ضرورة
التفكير في انتهاج مسلك بديل، ينأى بنفسه عن
أن يكون نسخة مطابقة للمنهاج الغربي في
التعامل مع هذه الظواهر ويرنو إلى الأخذ
بتلابيب حقيقة ما يَحدُث فيها؛ كما يمكن
للعقل البشري أن يتأتى الوقوعَ عليها إذا ما
هو بادَرَ وأخذ بالأسباب الكفيلة بإيصاله
إليها. وإذا ما نحن أردنا أن نوجز بعضًا من أهم
الخصائص المكوِّنة لخطاب معرفي جديد يطمح إلى
الإحاطة المعرفية بهذه الظواهر غير المألوفة
فإن الواجب يقتضي منَّا أن لا نغفل عن استذكار
ما يلي...
|
|
|
|
عندما
يتوازن المذكَّرُ والمؤنث تكون هناك سيولةٌ،
علاقة، دفقٌ من الطاقة، وحدةٌ، كلِّية.
ولعلَّ خير ما يوضِّح هذه السيولة والتوازن
هي الصورة الطاوية للعلاقة وللتكاملية التي
لا ينفصم عراها بين الـيِنْ والـيَنْغ.
وبعبارات أوسع، المؤنث هو النموذج الحاوي
للطاقة: قابلاً، رابطًا، لاحمًا الأشياء
بعضها إلى بعض؛ والمذكَّر هو النموذج الناشر
للطاقة: ساعيًا إلى التمدُّد والتوسع نحو ما
هو أبعد. وعلى نحو أخصٍّ، يعكسُ المؤنثُ
الحِواءَ الغريزيَّ وقيمَ العاطفة (القلب)
خاصةَ الوعي؛ بينما يعكسُ المذكَّرُ خصائصَ
السعي، وتعيين الأهداف، والتنظيم، والتمييز
خاصةَ الوعي، المرتبطة عمومًا بالذهن أو
بالعقل. ولقد عاشت النسوة آلاف السنين أقرب
إلى النموذج الأول؛ والرجال عاشوا أقرب إلى
الثاني. أما الآن فثمة دافعٌ عميق إلى
الموازنة بينهما في أنفسنا وفي ثقافتنا. ثمة
حاجة ماسَّة إلى تلطيف الإفراط الحالي في
التشديد على القيمة المذكَّرة بجهد واعٍ
لاستدماج القيمة المؤنثة.
|