أمام مثل هذه البراهين، المقنعة جدًا، على وجود الذرة، فقد انتهى الأمر
بالمشككين إلى السكوت [...]. إننا نستطيع تأكيد وجود الذرة باليقين
نفسه الذي نؤكد فيه وجود النجوم.
رايخنباخ
H. Reichenbach،
الذرات والكون
Atomes et Cosmos
علينا الآن، قبل أي شيء آخر، طرح السؤال التالي: كيف يصبح تحقيق
التوقّع متوافقًا مع التوقع؟
ويتغنشتاين
L. Wittgenstein
،
Dictées pour Moritz Schlick
5. 5 الفيزياء الكمومية ونقد الذرِّية
مع نهاية هذا التفحص لما يوافق أن نسميه القاعدة التجريبية للنظرية
الذرية، يمكننا العودة بشكل أكثر تعمقًا للعبة الانتقادات الجذرية أو
لإعادة تأهيل التمثيلات الذرية التي يعود إليها عدد من النظريين في
الفيزياء الكمومية.
وكتمهيد للحجة التي يقدمها عدد كبير من النظريين المعاصرين ضد النظرية
الذرية، من المفيد وضع تسلسل تاريخي موجز، يعود إلى أصول الفيزياء
الكمومية. فعندما نحاول الإشارة إلى بوادر وطلائع هذا النوع من الحجج،
فإننا نفكر عمومًا ببور وهايزنبرغ. لكن أنماط تعبير هذين العالمين بقيت
في بعض الأحيان دون مستوى جرأتهما التي صاغا في البداية بها أفكارهما.
وإذا كان بور قد عمَّق باستمرار نقده لمفهوم خاصية ذرة ليُحِلَّ محله
مفهوم الظاهرة المتضمنة للجهاز بطريقة لا يمكن فصلهما فيها، وإذا كان
قد حدد بشكل منهجي على المستوى الرمزي مدى الصور الجسيمية أو الموجية
التي نستمر في التعامل معها على مستوى الكون المجهري، فإنه لم يكفّ
أبدًا مع ذلك عن اعتبار أن الظاهرات تقدم لنا معلومات "تتعلق بالأجسام
الذرية"،
وأن هذه الأجسام الذرية "تسبب"
بالتبادل ظاهرات تأثير، وكذلك أن الصور تقرِّبنا وفق معنى معين من
حالة الأشياء الحقيقية.
يفضل بور رسم مخطط الفكرة الأصلية للتشكل الرمزي للجسم الذري، وذلك من
خلال تجميع الصور أو المتغيرات "المتكاملة"، بدلاً بالأحرى من القيام
بنقد مجابه لمفهوم الأجسام الذرية نفسه.