ما
يجب أن ننطلق منه هو ما يلي:
اللاعدالة واضحة بينما العدالة غامضة. ذلك أن من يخضع إلى اللاعدالة هو شاهد لا
يمكن دحضه. لكن من سيشهد لمصلحة العدالة؟ هنالك
انفعال يشير
إلى اللاعدالة: معاناة، رفض. في المقابل، لاشيء يشير إلى العدالة التي لا تحضر
كعرض مشهدي أو كإحساس.
أيجب إذًا الاستسلام للقول إن العدالة ليست إلا غياب اللاعدالة؟ هل هي النفي
الفارغ لسلب مضاعف؟ لا أظن ذلك، كما أنني لا أتخيل أن تكون اللاعدالة إلى جانب
المحسوس أو الخبرة أو ما هو ذاتي، وأن تكون العدالة، بالمقابل، إلى جانب
المعقول أو العقل أو ما هو موضوعي. اللاعدالة ليست الفوضى الفورية لتكون حينها
العدالةُ النظامَ المثالي.
إذا وضعنا جانبًا – كما ينبغي ذلك – الدلالة القضائية الشُرَطَية [البوليسية]،
تبقى "العدالة" مصطلحًا فلسفيًا. إلا أن هذا المصطلح الفلسفي يخضع إلى السياسة.
لأن الفلسفة ليس في مقدورها أن تحقق في العالم الحقائق التي تصل إليها. حتى
أفلاطون يعلم أنه لكي تكون ثمة عدالة يجب طبعًا أن يكون الفيلسوف هو الملك، لكن
تمامًا لا يتوقف الأمر أبدًا على الفلسفة لكي تكون هذه المَلَكِية ممكنة. فذلك
يعتمد على الظرف السياسي الذي يبقى مهمًا جدًا.