|
منقولات روحيّة
إن سرَّ الحياة العظيم ومعضلاتها العديدة تتصدى لكلِّ إنسان وتثقل أكثر فأكثر على عقول البشر، فيما الوعيُ ينمو وتعقيدُ الحياة يزداد وضوحًا. وبينما تتعاظم الحاجةُ إلى حل، طُرحتْ أدويةٌ عجائبيةٌ عديدة، استجابةً للصرخة الملهوفة طلبًا للنور، لا يقدِّم أيٌّ منها، لسوء الحظ، حقائقَ بيِّناتٍ تغور حتى جذر كلِّ خطيئة وألم وشقاء، كما وحتى جذر كل تنوُّر وتقدم حقيقيين. لقد ولَّى زمانٌ كانت مسائل كهذه من نصيب مَن نصَّبوا أنفسهم أساتذةً للدين؛ إذ إن تقصير هؤلاء في الإجابة عن الأسئلة التي تمس الحياة البشرية مساسًا مباشرًا استنهض همة النفس البشرية إلى حدِّ أنْ باتت تشعر أنه ينبغي لها أن "تطلب وتجد" حلاًّ لأحجية الوجود.
في ضوء البحوث العلمية التي أُجريت في العديد من المراكز البحثية (وخاصة الغربية منها)، تنامى الاعتقادُ بأهمية الدور الذي تلعبه الرياضات الروحية إجمالاً، والتأمل بالأخص، في تطوير الصحة النفسية وتنمية القدرات الإنسانية الكامنة، الجسمانية والعقلية، مما يرفع من إنتاجية الفرد، ومن ثم المجتمع، في المجالات كافة، علمية أم إنسانية. والملفت للنظر أن نتائج هذه البحوث والدراسات انسجمت انسجامًا كبيرًا مع بعض الممارسات والرياضات الباطنية في الديانات البوذية والهندوسية والطاويَّة وغيرها. هذا ما دفع إلى الاستنتاج بأن التقدم الملحوظ للبلاد التي تنتشر فيها تلك الديانات، والخصائص السلوكية التي يتمتع بها أبناؤها، ذات علاقة مباشرة بالتأمل الذي يشكل نشاطًا اختصَّت به هذه ووضعتْه في مقدمة رياضاتها الباطنية. وبالنظر إلى دول الشرق عمومًا، يمكن لنا الخروجُ بمؤشر على صدقية هذا الاعتقاد: فأحد أبرز الاختلافات بين الدول الشرقية المتقدمة وبين جاراتها المتخلفة هو ما يميِّز الأولى من اهتمام بأنشطة روحية، كالتأمل، انطلاقًا من دياناتها. إنَّما الولد أبو الرجل، ولا يقل عن ذلك صحة أن:
حياة
كلِّ إنسان، يا إخوتي، |
|
|