يطرأ
المزيد والمزيد من الصعوبة على العيش بسلام في هذا العالم من غير الانكفاء إلى
دير أو إلى إيديولوجيا ما منغلقة على نفسها. العالم في اضطراب شديد، والنظريات
والاقتراحات النظرية الموضوعة في أمر كيف يعيش المرء وما عساه يفعل كثيرة جدًا.
لقد تناول الفلاسفة الموضوع ردحًا طويلاً من الزمان، ملفقين أفكارهم في ما هو
الإنسان وما ينبغي عليه أن يفعل. متى يسافر المرء في أرجاء العالم - من غير أن
يكون فيلسوفًا أو كائنًا إنسانيًا احتشدت فيه إيديولوجيات كثيرة وليس عنده أدنى
إيمان بشيء من الأشياء - فإنه يسأل نفسه هل من الممكن البتة للكائنات البشرية
أن تتغير.
متى يطرح المرء تلك المسألة (وإنني على يقين أن ذوي التفكير العميق والجادين
على نحو ما، من الذين هم بيننا، يطرحونها)، فإنه يسمع القول بأن علينا أن نغير
العالم أولاً - أعني أن نغير البنية الاجتماعية مع اقتصادها - وأنه يجب أن يكون
هناك تغيير عالمي النطاق، ثورة عالمية النطاق، لا تغيير يؤثر فقط في جزء من
العالم. حينئذ، يقولون، لن تكون حاجة إلى قيام الكائن الإنساني الفرد بالتغيُّر
البتة: سوف يتغير تغيرًا طبيعيًا. حينئذ سوف تُحدث الظروفُ المهنةَ الصحيحة،
الفراغَ، العلاقةَ الصحيحة، المراعاة لمشاعر الآخرين، الحب، الفهم وهلمجرا.
هاهنا، إذًا، الذين يتبنُّون، وهم يفكرون هكذا، تغيير البيئة، وأنه يجب أن يكون
تغييرًا عالميَّ النطاق - بحيث أن الإنسان، وهو مخلوق لبيئته، سوف يتغير أيضًا،
طبيعيًا.