أحاديث في جامعة ستانفورد 1

 

جدّو كريشنامورتي
ترجمة: وفيق فائق كريشات

 

يطرأ المزيد والمزيد من الصعوبة على العيش بسلام في هذا العالم من غير الانكفاء إلى دير أو إلى إيديولوجيا ما منغلقة على نفسها. العالم في اضطراب شديد، والنظريات والاقتراحات النظرية الموضوعة في أمر كيف يعيش المرء وما عساه يفعل كثيرة جدًا. لقد تناول الفلاسفة الموضوع ردحًا طويلاً من الزمان، ملفقين أفكارهم في ما هو الإنسان وما ينبغي عليه أن يفعل. متى يسافر المرء في أرجاء العالم - من غير أن يكون فيلسوفًا أو كائنًا إنسانيًا احتشدت فيه إيديولوجيات كثيرة وليس عنده أدنى إيمان بشيء من الأشياء - فإنه يسأل نفسه هل من الممكن البتة للكائنات البشرية أن تتغير.

متى يطرح المرء تلك المسألة (وإنني على يقين أن ذوي التفكير العميق والجادين على نحو ما، من الذين هم بيننا، يطرحونها)، فإنه يسمع القول بأن علينا أن نغير العالم أولاً - أعني أن نغير البنية الاجتماعية مع اقتصادها - وأنه يجب أن يكون هناك تغيير عالمي النطاق، ثورة عالمية النطاق، لا تغيير يؤثر فقط في جزء من العالم. حينئذ، يقولون، لن تكون حاجة إلى قيام الكائن الإنساني الفرد بالتغيُّر البتة: سوف يتغير تغيرًا طبيعيًا. حينئذ سوف تُحدث الظروفُ المهنةَ الصحيحة، الفراغَ، العلاقةَ الصحيحة، المراعاة لمشاعر الآخرين، الحب، الفهم وهلمجرا. هاهنا، إذًا، الذين يتبنُّون، وهم يفكرون هكذا، تغيير البيئة، وأنه يجب أن يكون تغييرًا عالميَّ النطاق - بحيث أن الإنسان، وهو مخلوق لبيئته، سوف يتغير أيضًا، طبيعيًا.

عندنا، إذًا، هذه التفرقة بين الداخلي والخارجي، حيث الخارجي هو البيئة، المجتمع. يقولون: أحدثوا ثورة عميقة في الأمر الأخير وهذه سوف تُنتج تغيرًا في الفرد: الأنت والأنا. لقد احتُفظ بهذه التفرقة آلافًا من السنين، الفصل بين ما يدعى الروح، وما يُنسب إلى العالم، المادة - الديني وما يدعى بالدنيوي. وهذه التفرقة، بحد ذاتها، هي أكثر الأشياء تخريبًا، لأنها تولِّد الانفصال وسلسلة من الصراعات: كيف يمكن للداخلي أن يعدِّل من أحواله بحسب الخارجي وللخارجي أن يشكِّل الداخلي. هذه كانت دائمًا هي المشكلة. ينكر العالم الشيوعي الداخليَّ بأكمله؛ يقولون: "لا تزعجوا أنفسكم، سوف يعتني بنفسه متى نُظِّم كل شيء على نحو تام وبيروقراطي".

كذلك يلاحظ المرء أن الإنسان، مع كل همومه، عنفه، يأسه، خوفه، وَلَعه بالاكتساب، نزعته التنافسية التي لا تُطفأ، قد أنتج بنية معينة ندعوها المجتمع، بأخلاقياتها وعنفها. المرء، إذًا، بصفته كائنًا إنسانيًا، مسؤول عن كل ما يحدث في العالم: الحروب، الحيرة، الصراع المستمر في الداخل والخارج كليهما. كل واحد منَّا مسؤول، لكن عندي شك في أن أكثرنا يشعر بذلك أدنى شعور. فكريًا، لفظيًا، ربما، قد نقبل به؛ لكن هل نشعر فعليًا بالمسؤولية عن الحرب الدائرة في فيتنام أو في الشرق الأوسط، عن المجاعة في الشرق، وكل التعاسة والتفرقة والصراع؟ أشك في ذلك. لو كنا كذلك لكان نظامنا التربوي بأكمله مختلفًا. وإذ إننا لا نشعر بالأمر، فمن الواضح أننا لا نحب أولادنا. لو كنا نحبهم، لم تكن أية حرب لتنشب غدًا البتة؛ كنا سنعمل على إحداث ثقافة مختلفة، تربية مختلفة.

مسألتنا، إذًا، هي هل يمكن أن نجعل كائنًا إنسانيًا يشعر - ليس بالإكراه ولا بالوازع والخوف - أن من الواجب عليه أن يتغير تغيرًا تامًا. إن لم يتغير فإنه سوف يخلق عالمًا (أو، بالأحرى، يديم، عالمًا) فيه تعاسة ومعاناة وموت ويأس؛ ولن يكون للنظرية أو التأمل اللاهوتي أو الوازع البيروقراطي مهما بلغ مقداره أن يحل هذه المشكلة. ما عسى المرء، إذًا، أن يفعل؟ ما عسى الكائن الإنساني، إذ يواجه كل هذه الحيرة، الكدح، هذه الخصومة، العنف والوحشية، أن يفعل؟ كيف يتصرف؟ إنني لأعجب هل يطرح المرء هذه المسألة على نفسه طرحًا جادًّا - ليس وجدانيًا، رومانسيًا، ليس في مجرد لحظة حماسة، بل كمسألة حاضرة بكل جديتها حضورًا دائمًا. وإنني لأعجب كيف سنجيب؟ قد نصرِّح بأنه ليس ممكننًا التغير تغيرًا عميقًا، فوريًا وجوهريًا، بحيث يُخلق مجتمع جديد. لكن في لحظة قولكم إنه ليس ممكننًا يكون الأمر قد حُسم: لقد سددتم السبل في وجوهكم. إن يقل المرء إنه ممكن فإنه يواجه مسألة كيف يُحدِث الثورة النفسية في ذاته. ما عسى المرء، إذًا، أن يفعل؟ الهروب بالانتساب إلى عقيدة مذهبية أو الفرار إلى دير تمارس فيه بوذية زن؟ بالانضمام إلى طريقة أو مذهب يعدكم بكل ما تريدون؟

إذ يرى المرء التفرقة الاستثنائية للعالم في جنسيات وأديان، الهندوس، البوذيين، المسيحيين، الكاثوليك والتفرقة في الأعراق مع كل تحاملاتها؛ إذ يرى أن عقولنا مشروطة على هذا النحو الهائل بدعاية الكنيسة، بدعاية الكتب المقدسة، بدعاية الفلاسفة والمنظِّرين - إذ يواجه المرء ذلك كله - فإنه يسأل نفسه: "ما عساي، أنا الكائن الإنساني المفرد المنتسب إلى العالم، ما عساي أن أفعل - ماذا يمكنني فعله؟". متى يلقي المرء تلك المسألة على نفسه يجب عليه أن يتساءل أيضًا: "ما هو الفعل؟" نتساءل: "ما عساي أن أفعل وبالنسبة إلى ماذا؟". هل يجب علينا أن نتعامل مع قطعة، كسرة من هذا الوجود الكلي؟ نلزم أنفسنا فقط بجزء واحد من هذا الوجود الكلي بأكمله، هذه الحياة بأكملها، ونتصرف بحسب تلك الكسرة كمختصين؟ إذ نرى أنا وأنتم هذه الحياة بأكملها - حياة الحزن الإنساني، الحيرة الإنسانية، العدم الكلي للعلاقات، عملية الفكر التي تعزل نفسها، العنف، وحشية حياتنا مع كل مخاوفها، همومها، دموعها، موتها والانعدام الكلي للرحمة - إذ نرى هذا كله فهل سنتعامل مع ذلك بأكمله أم مع جزء منه فقط؟ لنتعامل مع ذلك بأكمله، لنكون ضالعين ضلوعًا كليًا، يجب أن نكون واعين لأنفسنا بحسب ما نحن - ليس بحسب ما نحب أن نكون؛ واعين لعقولنا، واعين لكوننا كائنات إنسانية عنفية، وحشية، مولعة بالاكتساب، وأن نتساءل هل يمكن إحداث تحوُّل فوريٍّ بهذا الشأن.

لا وجود للحال الإيديولوجية عن اللاعنف، الحرية، الحب: هذه فكرة فقط. الموجود هو ما هو كائن. هل يمكن إحداث تحوُّل في "ما هو كائن"؟ - لكن ليس بأن يصبح "ما ينبغي أن يكون". إننا مشروطون بالسعي وراء "ما ينبغي أن يكون"، المثل الأعلى، ويبدو لي أنه من عظيم المضيعة للوقت السعيُ وراء الحال المثالية، الكاملة، الاستثنائية التي يتخيلها المرء. متى نسعَ وراء المثل الأعلى، "ما ينبغي أن يكون" يكن تضييع للطاقة، هروب من "ما هو كائن". هل يمكن للعقل، إذًا، العقل الذي جُعل مشروطًا على نحو هائل بحيث يقبل المثل الأعلى، أن ينبذه نبذًا تامًا وأن يواجه "ما هو كائن"؟ لأننا متى ننبذ ما هو باطل تكن لنا طاقةُ حقيقةِ "ما هو كائن". أعني أن طبيعة الإنسان، الموروثة عن الحيوان، هي عدوانية، عنفية، حانقة، ملأى بالكره والغيرة، أما المثل الأعلى فهو أن يكون الإنسان لاعنفيًا. هذا المثل الأعلى، بدوره، ينحى جانبًا على مسافة عظيمة. ونحن، إذا كنا جادِّين فعلاً فإننا نمضي وقتنا في محاولة أن نصبح لاعنفيين. يمكن للمرء أن يلاحظ في نفسه كم هو مشروط على نحو هائل. هاهنا هذا الصراع بين "ما هو كائن" و"ما ينبغي أن يكون"، على مثال الصراع الدائر دائمًا حيثما كانت صورة من صور التفرقة أو الانفصال. في علاقاتنا صراع لأن كل واحد منا يعمل على عزل نفسه في نشاطاته.

إذًا، كيف يُحدَث تحوُّل في ذلك العقل الذي جُعل مشروطًا على هذا النحو الهائل والذي يواجهه الآن "ما هو كائن" - الذي هو العنف والكره والغضب وكل البقية؟ تلك هي، حقًا، المسألة الأساسية التي تؤثر في كل واحد منا، نفسيًا. وكيف ينتهي حس الانفصال هذا بحيث يمكن أن تكون لنا علاقة حقيقية؟ لأنه فقط حين لا تكون تفرقة يُعدم العنف.

نرى أن الإنسان في محاولته لإحداث تحوُّل في ما هو كائن قد اخترع واسطة خارجية. لمعرفته بأنه عنفي، متوحش، حانق وغيور، وأن بلوغ الكمال يحتاج إلى وقت طويل، فإنه لا يدري ما عساه يفعل. لذلك يخترع واسطة خارجية ذات مرجعية تامة: الله، مثلاً أعلى، مرشدًا، معلمًا وهلمجرا - أحدًا ما يخبره بما عساه يفعل حتى يمكنه العيش بسلام عظيم، من غير صراع. لكن متى ينبذ المرء كل مرجعية - وهو نبذٌ واجب، لأن المرجعية تنطوي ضمنيًا على الخوف - متى يُنبذ المرشد، المعلم، الواسطة الخارجية، يُترك وحده مع نفسه. وذلك هو أعظم الأشياء المخوفة: أن يكون المرء وحده مع نفسه - من غير أن يصبح عصابيًا أو يصاب بكل أنواع الارتباكات العاطفية. بعد أن ينبذ المرء كل مرجعية – ليصبح بذلك هو نفسه لا غيره المعلم والتلميذ، فأين يكون؟ حين لا تكون لك مُثُل عليا ولا يكون لك أحد ليهديك - لأن جميع الذين حاولوا القيام بالهداية قد أضلوا الإنسان، تاركين إياه على حزنه، على حيرته، همه وذعره - حين يبلغ بك الأمر إلى ذلك، أين تكون؟ حين ينبذ المرء المرشد، المعلم، المرجعية، المثل الأعلى - حين لا تتكل فعليًا على أحد نفسيًا - فما عسى المرء يفعل؟ هل من شيء يمكن للمرء فعله؟

تعلمون أن التواصل لفظيًا سهل جدًا. متى نستعمل نفس اللغة ونعطي للكلمات معاني محددة يسهل التواصل نسبيًا. لكن الأهم من ذلك، يبدو لي، هو التشارك بعضنا مع بعض في هذه المشاكل. في موضوع مشكلة الحياة والعيش هذه، إذًا، يجب ألا يكون تواصل لفظي فقط بل أيضًا، في نفس الوقت، تشارك بعضٌ مع بعض. حينئذ يصبح الفهم سهلاً بالمقارنة مع وضع آخر.

هاهنا مسألة الخوف، وهي بلا ريب إحدى أكثر القضايا في حياتنا تعقيدًا وتحييرًا. لكن مهما أمكن للمرء شرح أسباب الخوف، ووصف بنية الخوف، فمن الواجب علينا أن نعرف أن العالم ليس هو الشيء البتة، الوصف ليس هو الموصوف البتة. إن عدم تعلُّقنا بالكلمة أو بالوصف، واتصالنا المباشر فعليًا - بدلاً من ذلك - بما ندعوه الخوف، أو بما ندعوه العنف، هذا معناه حقًا أن نعقد علاقة مباشرة مع ما هو كائن. على المرء، إذًا، أن يبحث في مسألة العلاقة بين الملاحظ والشيء الملاحَظ. خذوا الخوف: هل الملاحظِ مختلف عن الشيء الذي يلاحظهُ؟ متى يكن الملاحِظ هو الملاحَظ تكن العلاقة مباشرة وتَحُزْ خاصية حيوية استثنائية تستدعي الفعل. لكن متى تكن تفرقة بين الملاحِظ والشيء الملاحَظ يكن صراع. كل علاقاتنا مع الكائنات الإنسانية الأخرى - حميمية كانت أم لا - قائمة على التفرقة والانفصال. عند الزوج صورة للزوجة وعند الزوجة صورة للزوج. هذه الصور جُمعت معًا طوال سنين كثيرة بواسطة اللذة والألم، بواسطة التهييج وكل البقية - تعلمون، العلاقة بين الزوج والزوجة. العلاقة بين الزوج والزوجة هي، إذًا، فعليًا العلاقة بين صورتين. حتى جنسيًا - إلا بالممارسة - تلعب الصورة جزءًا مهمًا.

متى يلاحظ المرء نفسه، إذًا، فإنه يرى أنه يشيِّد على نحو دائب صورًا ذات علاقة فيما بينها وبالتالي يخلق تفرقة. لهذا السبب، فعليًا، ما مِن علاقة البتة. مع أن المرء قد يقول إنه يحب الأسرة أو الزوجة، فالأمر هو للصورة، ولذلك لا تكون علاقة فعلية. ليس معنى العلاقة هو الاتصال البدني المباشر فقط بل أيضًا حال ليس فيها تفرقة نفسيًا. الآن عندما يفهم المرء ذلك - ليس لفظيًا بل فعليًا - ما هي حال العلاقة بين الملاحِظ القائل: "أنا خائف"، وبين الشيء الذي يدعى الخوف نفسه؟ هل هما شيئان مختلفان؟ يأتي هذا بنا إلى مسألة: هل يمكن طرد الخوف كليًا بواسطة التحليل. هل هذا كله يثير اهتمامكم؟

الحضور: نعم.

كريشْنامورْتي: لأنه إن يكن الأمر كذلك أَقوم وأنصرف وأنتم يمكنكم الانصراف. هذا، عندي، هو أمر عظيم الخطورة. لست فيلسوفًا، ولا محاضرًا، ولست أمثل فلسفة قديمة من الهند - لا سمح الله! (ضحك).

عندما يسافر المرء في أرجاء العالم مرارًا ويتحدث مع أناس كثر فإنه يواجه ليس فقط تعاسة العالم بل أيضًا اللامسؤولية المطلقة للكائنات الإنسانية، ويصبح - على نحو طبيعي - جادًا جدًا جدًا. ليس معنى هذا أن يكون المرء من غير مزاح، بيد أنه يكون جادًا ومركِّزًا على نحو استثنائي. وينبغي للمرء أن يكون جادًا ومركِّزًا جدًا ليحل هذه المشاكل في نفسه، لأن في نفسه العالم، في نفسه النوع الإنساني بأكمله - علمًا بأن لنا ظاهريًا عادات حميدة مختلفة؛ أزياء وأعراف مختلفة.

عندما يكون المرء جادًا، إذًا، فإنه يواجَه بمشكلة هل يمكن للعقل فعليًا أن يتحرر من الخوف إلى الأبد، وهل يمكن التخلص من الخوف بواسطة التحليل - بتحليل المرء لنفسه يومًا بعد يوم، أو بالذهاب إلى شخص محترف طلبًا للتحليل، ربما طوال السنوات العشر الآتية، فتدفع الأموال الطائلة عندما تملكها. أم أن لهذه المشكلة طريقة مختلفة، مقاربة مختلفة، بحيث يمكن إنهاء الخوف من غير تحليل؟ لأن في التحليل دائمًا الملاحِظ والشيء الملاحَظ؛ أعني المحلِّل والشيء المحلَّل. ويجب على المحلِّل أن يكون يقظًا على نحو استثنائي، غير مشروط، من غير انحياز أو تشويه كي يحلل؛ إن يكن عنده أدنى التواء على أي نحو، يكن أيضًا ما يحلله منحازًا، ملتويًا. تلك، إذًا، إحدى المشاكل في التحليل. المشكلة الأخرى هي أن إزالة كل أسباب الخوف تستغرق مقدارًا عظيمًا من الوقت، على نحو تدريجي وبطيء، نتفة نتفة - وحينئذ يكون المرء قد مات (ضحك). في نفس الوقت يعيش المرء في ظلمة، تعسًا، عصابيًا، مُحدثًا الأذى في العالم. وحتى بعد اكتشافكم لسبب الخوف (أو أسبابه)، هل سوف تكون لذلك أي قيمة؟ هل يمكن للخوف أن يختفي عندما أعرف مما أنا خائف؟ هل يستطيع البحث الفكري تبديد الخوف؟ كل هذه المشاكل داخلة في التحليل والسبب، بحسب ما نحن مقرّون به، هو هذه التفرقة بين المحلِّل والشيء المحلَّل. ولذلك فليس التحليل هو السبيل - من الواضح أنه ليس هو - لأن المرء قد رأى السبيل ولماذا ليس هو، قد رأى بطلانه، أنه يأخذ وقتًا وليس عند المرء فسحة وقت. نتكلم نفسيًا فنقول إنه ما مِن غد: نحن اخترعناه. وعليه، متى ترَ بطلان التحليل، متى ترَ حقيقة أن الملاحِظ هو الملاحَظ فعليًا، فإن التحليل ينتهي.

إنكم تواجَهون بهذه الحقيقة، حقيقةَ أنكم أنتم الخوف - لستم ملاحظين خائفين من الخوف. أنتم الملاحِظ والملاحَظ؛ المحلِّل والشيء المحلَّل. تعلمون أنكم متى تروا شجرة، متى نظرتم إلى شجرة فعليًا - ليس لفظيًا بل فعليًا - تروا أن بينكم وبين الشجرة ليس فقط مسافة بدنية بل أيضًا مسافة نفسية. تلك المسافة قد خُلقت بما عندكم من صورة للشجرة، بوصفها" بلوطة" أو كائنة ما تكون. وعليه، بين الملاحِظ والملاحَظ، وهو الشجرة، فاصل. هل يمكن اختفاء هذا الانفصال أو المسافة؟ - لا أن تصبحوا أنتم الشجرة، سيكون هذا أمرًا سخيفًا ومن غير معنى - لكن متى تختفِ المسافة بين الملاحِظ والشجرة تروا الشجرة على نحو مختلف كليًا. لا أدري هل جربتم ذلك ذات يوم.

سائل: ماذا تعني بالضبط باختفاء المسافة بينك وبين الشجرة؟

كريشْنامورْتي: مهلاً دقيقة، يا سيدي، دعني حتى أنتهي، ومن ثم يمكنك بعد ذلك أن تطرح علي مسائل. لي أمل أنك سوف تفعل. ينطوي التحليل ضمنيًا على هذه المسافة، ولذلك لا يكون اتصال مباشر ولا علاقة مباشرة بين المحلِّل والمحلَّل. وفقط عندما يكون اتصال مباشر بالشيء الذي يدعى الخوف يكون فعل مختلف تمامًا. انظر، يا سيدي، عندما تلاحظ الآخر - زوجتك، صديقك، زوجك - هل تلك الملاحظة مؤسسة على ما عندك من معرفة مركومة عن الشخص المعني؟ إن يكن الأمر كذلك تكن تلك المعرفة هي السبب في الانفصال، هي المفرِّق: ولهذا السبب يكون الصراع وبالتالي تنعدم العلاقة. هل يمكنك، إذًا، أن تنظر إلى الآخر - يمكنك الآن بالطبع أن تنظر إلى مكلِّمك لأنه سوف ينصرف وليس لك به علاقة مباشرة – ولكن هل يمكنك أن تنظر من غير مسافة إلى زوجتك، أطفالك، جارك أو الرجل السياسي في بلدك؟ إن يمكنك فعل ذلك ترى الأشياء على نحو مختلف كليًا.

تعلمون أنه قد قال لي الذين هم جادُّون نسبيًا والذين تناولوا مخدرات معينة - ليس للهو أو للإثارة أو للرؤى، بل الذين تناولوها ليروا ما يحدث فعليًا – قالوا لي إن المسافة بينهم وبين إناء الزهور على الطاولة تختفي، وأنهم لذلك يرون الزهرة، اللون، بأكبر شدة وأن في تلك الشدة خاصية لم توجد من قبل البتة. لسنا ندعو إلى أن تأخذوا مخدرات - أنا على الأقل لا أفعل ذلك - لكن كما كنا نقول مادامت المسافة في العلاقة - بين المحلِّل والمحلَّل أو بين الملاحِظ والملاحَظ أو بين صاحب الخبرة والشيء الواقع تحت الخبرة - فإن الصراع قائم حتمًا والألم حادث حتمًا.

وعليه، متى يُفهم هذا الأمر فهمًا حقيقيًا - ليس كفكرة، ليس كتبادل لفظي بل أن يُشعَر به فعليًا - تروا أن العنف الذي وقعت عليه الخبرة قبلاً بين الملاحِظ والشيء الملاحَظ، أن الشعور بالغضب والكره، يطرأ عليه تغيير عظيم: ليس هو ما قد كان، صراعًا دائبًا، من الطفولة إلى الوفاة، ساحة دائمة للقتال في العلاقة، سواء أكان ذلك في المكتب أو في الأسرة. لكوننا في صراع من غير أن نكون قادرين على حله، فإن الخوف يخرج إلى الوجود. كذلك يوجد الخوف حيث تكون اللذة. إننا في سعي دائم وراء اللذة: ذلك ما نريد، لذة أعظم وأعظم قدرًا. وعندما نسعى وراء اللذة فمن المحتوم أن يكون الألم والخوف.

مسألتنا عصر هذا اليوم، إذًا، هي هل يمكن للعقل أن يحدث تحوُّلاً في نفسه، ليس في الوقت المناسب بل في غير الوقت المناسب. أعني هل يمكن أن تكون ثورة نفسية عظيمة داخليًا من غير فكرة الزمان. مع ذلك، الفكر هو الزمان، أليس كذلك؟ الفكر، وهو استجابة للذاكرة، للمعرفة، للخبرة، هو من الماضي. يمكن للمرء أن يلاحظ هذا بنفسه بصفته فعلاً، وليس كنظرية. يفكر الفكر في ما يخاف منه أو في ما أعطى اللذة، والتفكير في اللذة والألم قائم في ميدان الزمان. هذا واضح. يمر المرء بتجربة اللذة عندما يرى غروب الشمس، أو بواسطة شتى أشكال التهييج والمتعة الأخرى، وهلمجرا. يفكر الفكر في ما أعطى التهييج، المتعة. رجاءً، راقبوا هذا: يمكنكم رؤيته بأنفسكم، إنه بسيط جدًا. التفكير فيه يعطي الاستمرار إلى ما استمتع به المرء. أمس كان غروب الشمس الجذاب ذاك. بدلاً من الفراغ من غروب الشمس ذاك، والذي كان أمس وانتهى، نحن نستمر في التفكير فيه، ونفس فعالية التفكير في ما يتعلق بذلك الحادث تولِّد الزمان. أعني أنه يحدوني الأمل بأن أجد تلك اللذة مرة أخرى غدًا. يولِّد الفكر، إذًا، اللذة والألم كليهما. وعليه، تبرز من هذا الأمر مسألة أكثر عمقًا: هل يمكن للفكر أن يهدأ البتة. لأنه حينئذ فقط يكون تحوُّل فعلي.

الآن هل ترغبون أن تطرحوا أية مسائل؟

سائل: تحدثت عن كون المرء مسؤولاً، لكنني قد لا أكون مسؤولاً عن فكري. إن كل تغيير أريد فعله فمن الواجب فِعله بالأفكار ولعلني لست مسؤولاً عن أفكاري. لا يمكنني تحديد ما أفكر فيه.

كريشْنامورْتي: ماذا تعني، يا سيدي، بتلك الكلمة "مسؤول"؟ وهل ذلك الشعور بالمسؤولية هو نتاج للفكر؟

سائل: لا، وفي نفس الوقت، نعم.

كريشْنامورْتي: انظر يا سيدي، هل الحب نتيجة للفكر؟

سائل: لا.

كريشْنامورْتي: آه، مهلاً! امضِ ببطء، يا سيدي (ضحك). وعليه، إن كنت تقول لا فأي مكان يكون للفكر عندما تحب؟

سائل: يستلزم هذا الأمر فهمي للحب.

كريشْنامورْتي: آه، مهلاً، يا سيدي! - لذلك السبب سألتُ هل الحب هو لذة. إن يكن لذة يكن نتاجًا للفكر. حينئذ يكون من الممكن تعهُّد اللذة بلا حد - وهو ما نحن فاعلوه. لكن الحب ليس ممكنًا تعهده. لأجل هذا ليس الحب نتاجًا للفكر. وعندما يكون حب، فما هي المسؤولية؟ امضِ ببطء رجاءً. متى تكن المسؤولية قائمة على الفكر واللذة، تكن مشتملة على الواجب، وكل البقية. لكن إن يكن الحب ليس لذة - وعلى المرء البحث في هذا بدقة كبيرة جدًا - فهل تكون للحب (إذا جاز لي استعمال تلك الكلمة) هل تكن للحب مسؤولية بالمعنى المقبول لتلك الكلمة؟ أحب أسرتي، لذلك أنا مسؤول عن أسرتي. هل ذلك الحب قائم على اللذة؟ إن يكن كذلك تأخذ تلك "مسؤولية" كلمة معنى مختلفًا جدًا: حينئذ تكون الأسرة لي، أنا مالكها، أنا متكل عليها، واجب علي رعايتها. حينئذ أكون غيورًا، لأنه حيث يكون الاتكال يكون الخوف والغيرة. إننا، إذًا، نستعمل هذه الكلمة "حب" عندما نقول: "أحب أسرتي، أنا مسؤول عنها"؛ لكن متى تلاحظ على نحو أشد قربًا، تجد الأطفال أنهم قد درِّبوا على القتل، رُبّوا على ذلك النحو الخصوصي بحيث أنهم قادرون دائمًا على كسب معيشتهم، نيل وظيفة، كما لو أن ذلك هو منتهى الحياة. هل ذلك كله، إذًا، هو المسؤولية؟

سائل: لا يمكن أن تكون لنا إرادة على نحو حقيقي، لأن ما نريده هو مشروط بحال مشروطيتنا.

كريشنامورْتي: سيدي، ما الإرادة؟ اعلم، رجاءً، أن هذه المسائل تحتاج إلى قدر عظيم من الشرح، والجميع قد ملوا أو إنهم مضطرون إلى الانصراف. من الخير لنا أن نكف.

الجمهور: إنهم مضطرون للانصراف - لم يملّوا. المسؤوليات الأسرية!

كريشْنامورْتي: لستم مسؤولين عن انصراف الناس؟ (ضحك) صحيح! ترون يا سادتي، أننا قد مارسنا الإرادة: يجب علي، لا يجب علي؛ ينبغي لي، لا ينبغي لي. لقد مارستم الإرادة طلبًا للنجاح، طلبًا لنيل السلطة، المنصب، الهيبة. مارستم الإرادة طلبًا للهيمنة. لقد لعبت الإرادة دورًا عظيمًا في حيواتنا. وكما تقولون تلك هي نتيجة للمجتمع، البيئة، الثقافة التي فيها نعيش. لكن الثقافة التي فيها نعيش، بدورها، قد عُملت بالكائنات الإنسانية، وعليه يجب علينا أن نتساءل هل للإرادة موضع البتة؟ السبب هو أن الإرادة تنطوي ضمنيًا على الصراع، الكفاح، التناقض: "أنا هذا ويجب أن أكون ذلك. ولأكون ذلك يجب أن أمارس الإرادة". إننا نتساءل أما مِن سبيل أخرى للفعل إجمالاً، من غير إرادة؟

سائل: إن لم تستعمل الإرادة أفلا يجب عليك أن تمارس الفكر؟

كريشْنامورْتي: انظر، سأريك شيئًا. عندما ترى خطرًا، هل تكون ممارسةٌ للفكر أو الإرادة؟ يكون فعل مباشر. لعل ذلك الفعل هو نتيجة لفكر ماضٍ. عندما ترى جرفًا، حية، شيئًا خطيرًا، فإنك تفعل فورًا. لعل ذلك الفعل هو نتيجة لحال مشروطة ماضية. صحيح؟ لقد قيل لك أنه من الخطر الدنو من الحية، وغدا ذلك ذاكرة، حال من المشروطية، وأنت تفعل. الآن عندما ترى خطر الجنسية - التي تولد الحرب، الأمم بحكوماتها المستقلة، جيوشها المستقلة وكل بقية هذه التفرقات المرعبة الحادثة في العالم - عندما ترى الخطر الفعلي للجنسية - عندما تراه، أعني ليس فكريًا أو لفظيًا بل ترى فعليًا خطرها، طبيعتها التدميرية - هل يكون للإرادة فِعْل؟ هل الإدراك - رؤية أن شيئًا ما هو باطل أو حق - هل ذلك يتطلب الفكر؟ هل الخير هو نتيجة للفكر - أو الجمال، أو الحب؟ وهل يمكن للفكر أن يكون جديدًا البتة؟ - لأنه يجب أن يكون الحب جديدًا، لا يمكن للحب أن يكون شيئًا يجري يومًا بعد آخر بين الأسرة وفي الأسرة، كنوع من الملكية الخاصة. الفكر، من جهة أخرى، هو دائمًا قديم. هل يمكننا، إذًا، من غير ممارسة الإرادة، أن نرى الأشياء بوضوح شديد بحيث أنه لا تكون حيرة وبالتالي يكون فعل تام؟

سائل: قد يكون الفعل التام لذيذًا من الوجهة الجمالية.

كريشْنامورْتي: لا أدري ما تعنيه بقولك" فعل تام". لماذا نقول إنه جميل من الوجهة الجمالية، بينما هو في أحيان أخرى قد يكون أيضًا خطيرًا جدًا؟ ماذا نعني بقولنا: "فعل تام"؟ سيدي، خذ شيئًا بسيطًا جدًا: متى يكن فِعْلٌ مقارن - أعني مقارنة وجهات الفعل لمعرفة أيها أحسن من غيرها - يكن قياس وتكن نهاية الخير. صحيح؟ لا؟ متى تكن مقارنة تكن نهاية الخير. وليكون المرء خيّرًا - الحظْ أننا لا نستعمل تلك الكلمة بالمعنى البورجوازي - ليكون خيّرًا على نحو تام فمعنى ذلك أن يعطي انتباهًا تامًا؛ عندما يُعطى للانتباه بدنك بأكمله - عيناك، أذناك، قلبك، كل شيء. سيدي، متى تحب لا يكون الأقل والأكثر. ذلك هو الفعل التام.

سائل: هل يمكنني تغيير أفكاري أو فكري، مثال ذلك أنني عندما أذهب كل يوم إلى المكتب فإنهم يتوقعون مني أن أكون طموحًا وجشعًا ومخيفًا؛ إنهم يضعون ضغطًا علي حتى أكون ذلك النحو ويُظهرون لي أنني حقًا تافه وجشع وطموح ومخيفًا. هل يمكنني أن أتغير وأنا أرى أن هذا ليس هو ما أرغب في أن أكونه؟

كريشْنامورْتي: هل يمكنني، وأنا منتمٍ إلى بنية تتطلب أن أكون خائفًا، عدوانيًا، محبًا للاكتساب، هل يمكنني أن أذهب إلى المكتب من غير أن أكون طموحًا؟ إن لم أكن طموحًا، إن لم أكن جشعًا، على نحو تام - أعني غير جشع على نحو فعلي وتام، ليس لفظيًا فقط - فليس لشيء أن يجعلني جشعًا، لأنني قد رأيت حقيقة الجشع وبطلانه. بعد أن رأيت ذلك بوضوح، ألا يمكنني الذهاب إلى المكتب وألا أدمَّر؟ أنا إنما أعلَق فقط عندما أكون جشعًا جزئيًا (ضحك). هذا هو السبب في أن على المرء أن يكون كاملاً - أعني منتبهًا على نحو تام، بحيث أنه يكون في ذلك الانتباه خير غير مقارَن، غير قابل للقياس. متى يكن العقل غير جشع فما مِن بنية ستجعله جشعًا.

سائلة: كيف أتمسك بالانتباه في موقف مؤلم، عندما تكون رغبتي هي، غريزيًا، أن أسد الطرق في وجه ذلك الحادث المؤلم؟

كريشْنامورْتي: أولاً، لا أريد أن أسد الطريق على شيء. لا اللذة ولا الألم. أريد أن أفهمه، أن أنظر إليه، أن أبحث فيه. سدُّ الطريق على شيءٍ ما هو مقاومةٌ؛ وحيث تكون المقاومة يكون الخوف. لقد جُعل، الدماغ، العقل مشروطًا للمقاومة. هل يمكن للعقل، إذًا، أن يرى حقيقة أن أية مقاومة هي صورة من الخوف؟ وهذا معناه أنه يجب علي أن أنتبه إلى ما يدعى المقاومة، أن أكون منتبهًا للمقاومة انتباهًا تامًا: هذا معناه سد الطريق، الهرب، تناول الشراب، تناول المخدرات؛ أي صورة من صور الهروب أو المقاومة - أن أكون يقظًا له يقظة تامة.

سائلة: إلى متى يمكنك، يا سيدي، فِعل ذلك؟

كريشْنامورْتي: ليست المسألة هي مسألة مدة، زمان، طول. أترين؟ - ما تزالين تفكرين بمصطلحات طول المدة.

سائلة: حال المشروطية التي لي.

كريشْنامورْتي: طيب، راقبيها، يا سيدتي، راقبيها رجاءً. تتملقينني أو تهينيني: أمر سار أو مؤلم. أريد السار وأنبذ أو أقاوم المؤلم. لكن إن كنت منتبهًا أكن واعيًا متى تقدَّم الإهانة أو التملق؛ سوف أرى الشيء بوضوح شديد. حينئذ ينتهي، أليس كذلك؟ حين تتملقينني أو تهينيني في المرة التالية لن يؤثر ذلك فيَّ. المسألة ليست هي مسألة الثبات على الانتباه. متى ترغبين في الثبات على الانتباه تكوني ثابتة على اللاانتباه. صحيح؟ رجاءً، امضي في البحث فيه قليلاً. العقل المنتبه لا يسأل: "إلى متى سأكون منتبهًا؟" (ضحك) فقط العقل غير المنتبه الذي عرف معنى كون المرء منتبهًا هو القائل: "هل يمكنني أن أكون منتبهًا طوال الوقت كله؟" وعليه، الذي على المرء الانتباه له هو اللاانتباه. صحيح؟ أن يكون واعيًا للاانتباه، لا كيف يثبت على الانتباه. فقط أن أكون واعيًا لكوني غير منتبه، لكوني أقول أشياء لا أعنيها، لكوني غير أمين؛ فقط أن أكون منتبهًا. اللاانتباه يولِّد الأذى، لا الانتباه. وعليه، متى يكن العقل منتبهًا للاانتباه يكن قد انتبه - لا يتعين عليك أن تفعلي شيئًا غير ذلك.

سائل: كيف تعرف أن عندك إدراك حقيقي لما ينبغي عليك فعله، أن ميدانًا من ميادين الفعل سوف يؤذي بعض الناس ولكنه سوف ينفع آخرين؟

كريشْنامورْتي: متى ترَ شيئًا ما بوضوح على أنه حق - والواضح هو دائمًا حق - لا يكون فعل آخر سوى فعل الوضوح. هل هو يؤذي أو لا يؤذي ليس لذلك شأن. انظر، الجنسية هي سمٌّ: لقد ولدت وسوف تستمر بتوليد الحرب والكره. الآن، إن كون المرء ليس لاقوميًا سوف يؤذي زمرة من الناس بأكملها: العسكري، السياسي، الكاهن، كل ما في العالم من الملوحين بالرايات. ومع ذلك فأنا أعلم أن ذلك هو أشد الأشياء المخوفة، أراه سمًا. ما عساي أفعل؟ أنا نفسي لن أمسه. لقد مسحت في نفسي كل جنسية مسحًا تامًا. لكن العسكر سيقولون: "إنك تؤذينا". متى يرَ المرء ما هو باطل وما هو حق ويفعل لا يكون وجود لمسألة أذية أحد أو مسرته. لو رأيت أن الدين المنظم ليس دينًا، فما عساك تفعل؟ تذهب إلى الكنيسة لتسر الناس؟ قد أؤذي أمي إن لم أذهب. المهم، يا سيدي، ليس هو ما يؤذي وما يسر، بل هو رؤية ما هو حق. وحينئذ يكون ذلك الحق هو الفاعل، وليس أنت.

*** *** ***

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني