اللاعنف والمقاومة

كانون الثاني 2014

January 2014

 

 

عندما تُسَد القنوات الدستورية قد تلجأ بعض حركات اللاعنف إلى درجة من درجات العنف والتخريب لها طبيعة خاصة. فهي لا تتعلق بحرق المنشآت وتدمير الممتلكات العامة، كما لا ترتبط بعنف إزهاق الأرواح وإراقة الدماء؛ وإنما هو "تدخل خشن" يصحبه قدر عالٍ من التعقل والأخلاق النبيلة.

فالتدخل الخشن هدفه بناء المسار السلمي، وتزويده بأدوات تجعله محصنًا بحيث لا يخترقه العمل العنيف تحت ضغط الواقع، إنه شكل من أشكال التصعيد الذي يحاصر العنف ويقلص دائرته، ويطفيء ناره.

ومن أمثلة هذا النوع من التدخل الخشن ما تقوم به حركات السلام من إيقاف الجرافات التي ستقتلع الأشجار، من خلال وضع الرمل في مخزن وقود المركبة. أو إتلاف ملفات محددة على الحاسوب.

 

لم يتعمق رابندانات طاغور بأسباب وعواقب العنف والإرهاب تحت عنوان (الإرهاب)، بيد أنه في كتاباته حول القومية والعالمية قام بسبر أغوار السيناريو الثقافي المسبب للريبة، والاضطراب، والتسلح المفرط والحرب. كما وجه اتهامه للثقافة الغربية المادية التي تطلق العنان لممارسة العنف عن طريق قمع وإخضاع الأغيار (كل ماهو غير غربي)، وتمت مقارنة ذلك وتمييزه عن ثقافة الفيدا Vedic والأبانشادية Upanishadic التي يتبناها الهنود كحل لكافة أسباب العنف والإرهاب، من وجهة نظر طاغور. لكن ينبغي ملاحظة أن طاغور لم يحمل أية ضغينة شخصية ضد الغربيين. فقد كان اعتراضه على عاداتهم الثقافية التي تولد الحقد والعنف عن طريق رمي البشرية في مهب الريح. كما كان يكن كل الاحترام للجوانب الإيجابية للحضارة الغربية، وأطروحته عن العنف يمكن تطبيقها في أي سياق ثقافي للتحقق من العنف وعواقبه. وفي نقاشه حول الثقافة الغربية اتجه إلى تحديد أسباب العنف والإرهاب وعواقبهما، وقد قام باقتراح الحل من خلال إعادة تحديد سياق الفلسفة الأبانشادية Upanishadic philosophy لمفهوم الإخاء العالمي في ذلك العالم الحديث المسكون بالإرهاب.

 

للحديث عن القضية الفلسطينية شجون، ولأثرها في وعينا عمق ربما لا يضاهيه أي أثر آخر. تشكل القضية الفلسطينية برمزيتها ووقائعها تاريخًا يكاد يكون مسؤولاً عن صياغة الواقع العربي برمته، وقد ارتبطت أحداثها بشجاعة المقاومة والعزم المتواصل على تحرير الأرض، لكنها ارتبطت كذلك بالهزيمة والانقسام والتبعية. في الحديث عن تاريخ هذه القضية، ثمة مرحلة هامة لم تحظ بالقدر الذي تستحقه من الدراسة والبحث، وهي مرحلة الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي تبنى الفلسطينيون خلالها نضالاً من نوع مختلف حقق لهم خلال ثمانية عشر شهرًا فقط ما لم تحققه عقود طويلة من الكفاح المسلح.

 

ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها؛ بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يُهلك النفس والجسد كليهما في جهنم. (إنجيل متّى: 10، 28)

من جرَّاء تحريف المسيحية أصبحت حياة الشعوب المسيحية أسوأ من الحياة الوثنية. ولا يمكن البدء بإصلاح شرِّ الحياة الكائن من شيء آخر إلا عبر فضح النفاق الديني، وأن يعمل كل فرد على ترسيخ الدين الحقِّ في نفسه.

تقود آلام الحياة المنافية للعقل إلى إدراك ضرورة الحياة العقلانية.

إنَّ بؤس البشرية برمَّتها، وكذلك بؤس الأفراد، ليس عديم النفع وإنما يقود البشرية، وإن عبر طريقٍ عوجاء، دائمًا إلى العمل الوحيد المقدَّر للبشر: بلوغ الكمال.

 

في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1998، "أعلنت الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة فترةَ 2001–2010 عقدًا دوليًا لتشجيع ثقافةٍ للسلام واللاعنف لصالح أطفال العالم" (القرار 53/25). وفي حيثيات القرار، تَعتبر الجمعيةُ العامة "أنَّ ثقافةً للسلام واللاعنف تدعو إلى احترام حياة كل إنسان وكرامتِه دون تعصب ولا تمييز أيًا كان نوعه". فضلاً عن ذلك، تعترف بأن

للتربية دورًا ينبغي أن تلعبه في بناء صرح ثقافةٍ للسلام واللاعنف وخصوصًا من خلال تعليم الأطفال ممارسةَ اللاعنف والسلام، مما يساهم في تحقيق الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك،

تدعو الجمعيةُ العامة الدولَ الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعليم ممارسة اللاعنف والسلام على جميع المستويات في مجتمع كل منها، بما في ذلك المؤسسات التعليمية.

 

 

 

>>>>>>>>>

<<<<<<<<<
\
 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني