english

 الصفحة التالية  الصفحة السابقة

جمع القرآن – 3

 

جون جلكرايست

 

الفصل الثالث: مصحفا عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب

الخبرة الكبيرة لعبد الله بن مسعود في مجال القرآن

لا يمكن لأية دراسة لموضوع تناقل النص القرآني في بدايته أن تكتمل إلا بإلقاء الضوء على مساهمة عبد الله بن مسعود. لقد كان من بين كبار صحابة محمد ومن أتباعه الأوائل، وقيل إنه "كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله بمكة"، كما ذُكر في سيرة ابن هشام (المجلد الثاني، ص 157). طيلة السنوات الإثني عشرة التي قضاها محمد في مكة يدعو للإسلام حتى وفاته في المدينة، بعد عشر سنوات من هجرته إليها، كلَّف بن مسعود نفسه عناء حفظ القرآن واكتساب علومه. هناك روايات عدة تُظهِر أن محمد كان يعتبر بن مسعود من أكبر العارفين بالقرآن، إن لم يكن يعتبره الأكبر على الإطلاق كما يُستفاد من الحديث التالي:

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن إبراهيم عن مسروق ذكر عبدالله بن عمرو عبدالله بن مسعود سمعت النبي صلى اللهم عليه وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة، من عبدالله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب[1].

نفس الرواية موجودة في كتب الحديث الأخرى، وتشير إلى أن محمد "بدأ به"[2] وهذه إشارة إلى أنه كان يعتبره المرجع الأول في مجال القرآن. من بين الصحابة الآخرين الذين تمَّ ذكرهم نجد أبي بن كعب الذي جمع هو كذلك مصحفًا خاصًا به كان مصيره النهائي هو الحرق بأمر من عثمان كما ذُكِر سابقًا. عدم ذكر زيد بن ثابت ضمن اللائحة أمر له دلالة خاصة حيث يتبين من خلاله أن محمد كان يعتبر بن مسعود وأبي بن كعب أكثر منه خبرة ومعرفة بالقرآن:

حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم عن مسروق قال: قال عبد الله رضي اللهم عنهم: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه[3].

قيل في رواية، من نفس القبيل، إن بن مسعود قرأ ما يزيد عن سبعين سورة في حضرة محمد. يدل هذا على أن الصحابة كانوا على دراية بأن لا أحد أكثر علمًا بالقرآن من بن مسعود. يضيف شقيق في حديث مسلم:

فجلست في حلق أصحاب محمد صلى اللهم عليه وسلم فما سمعت أحدًا يرد ذلك عليه ولا يعيبه[4].

من البديهي إذن أن عبد الله بن مسعود كانت له معرفة خاصة وعميقة بالقرآن. وبما أن محمد أمر كل من يريد تعلم القرآن أن يأخذه عنه بالدرجة الأولى فمن المنطقي أن يكون للمصحف الذي جمعه موثوقية ما، إذ ليس هناك أدنى شك في أنه جمع مصحفًا خاصًا به، مستقلاً عن مصحف زيد بن ثابت. لذلك خصص بن أبي داود ما لا يقل عن 19 صفحة من كتاب المصاحف لعرض الاختلافات التي كانت موجودة بين قراءتي بن مسعود وزيد (كتاب المصاحف 54-73).

ولكونه اعتنق الإسلام مبكرًا، حيث سبق في ذلك الخليفة عمر، ولكونه كان من بين المهاجرين للحبشة ويثرب فقد صارت له مكانة كبيرة عند محمد. وهو قد شارك في غزوتي بدر وأحد، ومكَّنت علاقته الخاصة بالرسول، وكذا معرفته العميقة للقرآن، في أن يصبح لمصحفه مكانة عالية عند أهل الكوفة قبل أن يأمر عثمان بجمع المصاحف، الذي فُرِض قوةً على الأمة الإسلامية. رد فعل بن مسعود على قرار عثمان إحراق مصحفه له دلالة عميقة.

رد فعل بن مسعود على قرار عثمان

لما أصدر عثمان أمره بإحراق المصاحف للاحتفاظ بمصحف زيد بن ثابت رفض عبد الله بن مسعود تسليم النسخة التي كانت بحوزته. يتحدث ديزاي بصراحة عن "رفض حضرة بن مسعود في البداية تسليم نسخته"[5]، لكن الصديق يريدنا أن نعتقد أن لا رفض صدر عن هذا الصحابي المتميز. يقول في موضع ما من مقاله "ليست هناك إشارة إلى أنه عارض مصحف حفصة خلال حكم عمر"[6]. لكن لماذا كان سيعارض مصحف زيد في ذلك الوقت؟ كان مصحفه آنذاك منتشرًا بين أهل الكوفة في الوقت ذاته الذي كان فيه مصحف زيد قابعًا في الخفاء دون أن يكون لأحد أية نية لجعله مصحف الأمة الإسلامية.

لم يشعر بن مسعود أن مصحفه يتهدده الخطر إلا حين خرج مصحف زيد إلى الواجهة، وأُعلِنَ مصحفًا موحدًا. لذلك رفض بن مسعود، في الحين، تسليم مصحفه لأجل إحراقه. ذكر ابن الأثير في الكامل (3.86-87) أن أهل الكوفة استمروا في تداول مصحف بن مسعود حتى بعد أن بلغهم مصحف عثمان. إنه لمن الواضح، بالنسبة لكل من يبحث بشيء من الموضوعية في هذه المسألة، أن الدراية الواسعة لابن مسعود بمجال القرآن، والتي شَهِدَ عليها محمد نفسه، تعطي لمصحفه مكانة موازية على الأقل لتلك التي كان يتمتع بها مصحف زيد.

بما أن هناك أدلة ثابتة على وجود عدد من الاختلافات بين هذين المصحفين، وبما أن مصحف زيد أصبح النص الرسمي فقط، بأمر أحادي الجانب من الخليفة عثمان وليس لسبب آخر قد يعطيه مشروعية ما، فإنه حقًا لمن الغريب أن نجد العلماء المسلمين يحاولون التقليل من أهمية مصحف بن مسعود.

يزعم ديزاي أن "نسخة بن مسعود كانت تحوي ملاحظاته الخاصة. نسخته هذه كانت للاستعمال الخاص وليست موجهة لكافة الأمة"[7]. صاحبنا هذا لا يعطي أي دليل على مزاعمه. من بين النواقص التي تميز كتيب ديزاي الغياب شبه التام لأدلة مستوحاة من مراجع أصيلة بخصوص التفسيرات التي يحاول أن يقدمها للأحداث. لهذا السبب لا يتيح لدارس كتيبه أن يتحقق من صحة ادعاءاته.

في الواقع، كان معروفًا أن مصحف بن مسعود قد انتشر في المنطقة التي كان يقطن بها، أي الكوفة وما جاورها، في الوقت الذي كان فيه مصحف أبي بن كعب سائدًا في الشام[8].

يحاول أحمد فون دنفر Ahmad Von Denffer، بطريقة مماثلة، أن يقلل من أهمية مصحف أبي بن كعب قائلاً إنه "مصحف للاستعمال الشخصي أو، بعبارة أخرى، مذكرته الخاصة"، مضيفًا بخصوص هذه المصاحف أن "هذه المذكرات الخاصة أصبحت متجاوزة فتمت تنحيتها أخيرًا"[9]. من الصعب فهم كيف يمكن الاعتقاد بأن مصاحفًا كاملة، جُمِعَت بعناية فائقة، واستعملت في مناطق عديدة كـ "مذكرات خاصة"، قد أصبحت متجاوَزة في وقت من الأوقات.

يتشبث العلماء المسلمون بهذه الاستدلالات الغريبة فقط لأنهم مصممون على الدفاع، بأي ثمن، عن عصمة القرآن الذي هو بين أيدينا اليوم من أوله إلى آخره. ولكونهم يعرفون جيدًا أن هذا النص ما هو إلا نتاج عملية قام بها رجل معين (زيد بن ثابت)، نراهم يحاولون استعمال أسلوب المراوغة كلما تعلق الأمر بمسألة وجود مصاحف، غير المصحف العثماني، كانت تختلف معه في نقاط غير قليلة. لقد أُريد لمصحف زيد أن يصبح "المصحف الرسمي" مباشرة بعد الانتهاء من جمعه، ونُقِضَت المصاحف الأخرى تحت ذريعة كونها "مذكرات خاصة" لأصحابها، ووجب إحراقها لكونها تختلف فيما بينها ناسين، في ذات الوقت، أن هذه المصاحف كانت أيضًا تختلف مع مصحف زيد.

هناك أدلة قوية تُظهر لنا السبب الذي جعل عبد الله بن مسعود يرفض في البداية تسليم مصحفه لكي يتم إحراقه. يزعم ديزاي[10] أن السبب هو تعلقه الوجداني بهذا المصحف[11]. أما الصديق فيقول ببساطة إنه لم يكن اختلاف بين مصحفه والذي جمع زيد[12]. في واقع الأمر كان رد فعل بن مسعود إزاء قرار عثمان راجع بالأساس لكونه اعتبر مصحفه أحسن من مصحف زيد وأكثر موثوقية منه. قبل أن يقوم حذيفة بن اليمان بإثارة انتباه عثمان لضرورة توحيد المسلمين بالقوة حول مصحف زيد، دارت مناقشة حادة بينه وبين عبد الله بن مسعود حين طلب منه أن تُنَحَّى القراءات التي كانت شائعة آنذاك في سائر الأقطار الإسلامية:

قال حذيفة أهل البصرة يقرءون قراءة أبي موسى، وأهل الكوفة يقرءون قراءة عبد الله، أما والله أن لو قد أتيت أمير المؤمنين لأمرته بغرق هذه المصاحف، فقال عبد الله إذًا تغرق في غير ماء[13].[14]

الكتاب المعاصرون، من أمثال الصديق، يؤكدون على أن الاختلافات بين قراءات الصحابة كانت على مستوى اللفظ فقط بالرغم من أن عكس هذا يتبين من خلال الرواية السابقة من كتاب المصاحف، حيث أن حذيفة كان يتحدث عن لا شيء غير تنحية المصاحف التي كتبها بن مسعود والصحابة الآخرون (لا يُعقل أن يتم إغراق عبارات لفظية)، وهذا الاقتراح هو بالذات ما جعل بن مسعود يثور غيظًا، ويدل على أن الاختلافات القرائية كانت في النصوص المكتوبة ذاتها. هناك روايات أخرى مفادها أن بن مسعود كان يعتبر زيد شخصًا غير ذي معرفة كافية بالقرآن، ولذلك فمصحف الأول لا يمكن أن يكون أقل شأنًا من مصحف الثاني. دخل بن مسعود في الإسلام قبل أن يولد زيد بن ثابت، ولذلك استمد خبرته من كونه كان مقربًا من محمد طيلة سنوات طوال قبل أن يستطيع زيد دخول الإسلام بعد هجرة محمد إلى المدينة:

قال محمد بن معمر البحراني عن يحيى بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن إسماعيل بن سالم عن أبي سعيد الأزدي قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت[15].

جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد ما يلي:

أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود حين أُمِر بالمصاحف ما أُمِر[16]، قال فذكر الغلول فقال إنه من يغل يأتي بما غل يوم القيامة فغلوا المصاحف فلأن أقرأ على قراءة من أُحِبُّ أَحبُّ إلي من أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، فو الذي لا إله غيره لقد أخذت من رسول الله بضعًا وسبعين سورة وزيد بن ثابت غلام له ذؤابتان يلعب مع الغلمان[17].[18]

على ضوء كل هذه الروايات، التي يجب أخذها بعين الاعتبار، نرى أن التفسيرات التَّمَلُصِيَّة التي يقدمها لنا الكتاب الإسلاميون المعاصرون لا يمكن قبولها. من البَيِّن أن عبد الله بن مسعود قاوم قرار عثمان، ليس لأسباب ذاتية كما يريدنا ديزاي أن نعتقد، بل لأنه كان يشعر في قرارة نفسه أن مصحفه أحسن من مصحف زيد وأكثر موثوقية منه لأنه أخذه مباشرة عن محمد. هذا الإستنتاج الطبيعي لا يمكن أن يتهرب منه أي دارس موضوعي لتاريخ جمع القرآن.

من الواضح كذلك أن الفروق التي كانت بين النصوص لم تكن بالتأكيد تهم اللفظ فقط، بل كذلك الكتابة والمحتوى. سيظهر لنا بعد تحليل بعض من هذه القراءات إلى أي مدى بلغت هذه الفروق.

قراءة عبد الله بن مسعود

كان مصحف بن مسعود يتميز بكونه لا يحتوي على الفاتحة ولا على المعوذتين (السورتين 113 و114). الشكل الذي تتجلى عليه هذه السور له دلالة خاصة لأن الفاتحة ما هي إلا دعاء خالص لله، والمعوذتين يُبْتغى من ترتيلهما الحفظ من الشرِّ. حسب حديث ورد في صحيح البخاري[19] حين قيل لأبي بن كعب إن هذه السور ليست من القرآن كما كان يعتقد بن مسعود فأجاب أبي أنه سأل محمد عنهن فأكد له أنهن من الوحي وعلى هذا الأساس وجب ترتيلهن.

اعتقاد بن مسعود أن هذه السور ليست من القرآن أمر حير العلماء المسلمين القدامى. فهذا الفيلسوف والمؤرخ الفارسي فخر الدين الرازي (1149-1209)، الذي ألف تفسيرًا للقرآن سماه مفاتيح الغيب، يثير الانتباه إلى هذا الموضوع محاولاً إنكار الحدث:

ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الإمام فخر الدين الرازي قال: نقل في بعض الكتب القديمة أن بن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن، وهو في غاية الصعوبة... وكذا قال القاضي أبو بكر: لم يصح عنه أنها ليست من القرآن ولا حفظ عنه، وإنما حكها وأسقطها من مصحفه إنكارًا لكتابتها لا جحدًا لكونها قرآنًا، لأنه كانت السنة عنده أن لا يكتب في المصحف إلا ما أمر رسول الله بإثباته فيه، ولم يجده كتب ذلك ولا سمع أمرًا به[20].

الإمام النووي يقول كذلك، في معرض تعليقه على المهذبات، إن الفاتحة والمعوذتين هنَّ جزء من القرآن كما رأى عامة المسلمين، وما قيل عن بن مسعود ليس إلا باطلاً[21]. العالم المشهور بن حزم أنكر هو كذلك أن يكون بن مسعود قد أسقط هذه السور من مصحفه:

وقال ابن حزم في كتاب القدح المعلى تتميم المحلى: هذا كذب على بن مسعود وموضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عنه، وفيها المعوذتان والفاتحة[22].

عكس هؤلاء وافق بن حجر العسقلاني على كون هذه الروايات صحيحة من حيث الإسناد[23]، لكن رأى أن السبب الذي جعل بن مسعود لا يكتبها هو كونه سمع محمد يقول إنه يجب فقط ترتيلها كأدعية للاحتماء من قوى الشر. في محاولته التوفيق بين الروايات المتضاربة حول هذا الموضوع اقترح أن يكون بن مسعود قد اعتبر بالفعل هذه المقاطع كجزء من "الوحي" لكن لم يجرؤ على إدخالها في المصحف المكتوب.

بعد ضياع مصاحف الصحابة يمتنع علينا معرفة ما إذا كانت هذه الآيات موجودة فيها فعلاً أم لا. إن كانت قد أسقطت فالسبب هو إما أن بن مسعود لم يكن يعلم أنها جزء من القرآن - كما ظن أبي -، وإما أن يكون قد اعتقد فعلاً أنها ليست من "كتاب الله" وأن الصحابة افترضوا أنها من القرآن فقط لأنها نزلت على محمد كباقي السور.

في ما عدا هذا نجد أن هناك اختلافات كثيرة في القراءة بين مصحفي زيد وبن مسعود. في كتاب المصاحف وحده نجد ما لا يقل عن تسعة عشرة صفحة متعلقة بهذه الاختلافات. إذا أخذنا بعين الاعتبار جميع المصادر الموجودة، نصل إلى ما لا يقل عن 101 نقطة اختلاف في سورة البقرة وحدها. سنحاول عرض بعض الأمثلة على ما كانت عليه هذه الاختلافات:

1.    سورة البقرة، الآية 275، تبدأ بـ: "الذين يأكلون الربا لا يقومون". نجد نفس الشيء في مصحف بن مسعود لكن بعد الكلمة الأخيرة يُضيف عبارة "يوم القيامة". هذه القراءة ورد ذكرها في كتاب فضائل القرآن لبن عبيد[24]، وكانت موجودة كذلك في مصحف طلحة بن المشرف الذي كان مقتبسًا من مصحف بن مسعود، حيث كان طلحة هو كذلك من أهل الكوفة التي شاع فيها مصحف بن مسعود الذي كان عاملاً عليها[25].

2.    الآية 89 من سورة المائدة تحتوي على المقطع: "فصيام ثلاثة أيام" في حين يُضيف بن مسعود عبارة "متتابعتين". هذه القراءة شهد على وجودها الطبري[26]، وذكرها كذلك أبو عبيدة، ووُجدت على الخصوص في مصحف أبي بن كعب (ص 129)، ومصحف بن عباس (ص 199)، ومصحف تلميذ بن مسعود الربيع بن خثيم (ص 289).

3.    الآية 153 من سورة الأنعام تبدأ بـ: "وأن هذا سراط ربكم". شهد الطبري مرة أخرى على وجود هذه القراءة[27]. أبي بن كعب كان يقرأ نفس القراءة إلا أنه كان يستعمل عبارة "رَبك" مكان "ربكم"[28]. مصحف الأعمش كان يحتوي هو كذلك على هذه القراءة، كما ذكر ذلك بن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 91)، والذي يضيف قراءة أخرى لابن مسعود حيث أنه كان يقرأ "صراط" بالصاد عوض "سراط" بالسين (ص 61).

4.    سورة الأحزاب، الآية 6، تحتوي على مقولة حول علاقة زوجات محمد بالمؤمنين: "وأزواجه أمهاتهم". في مصحف بن مسعود أضيفت عبارة "وهو أب لهم". دُونت هذه القراءة من طرف الطبري كذلك[29]، وكانت أيضًا موجودة في مصحف أبي بن كعب (ص 156)، ومصحف بن عباس (ص 204)، ومصحف عكرمة (ص 273)، ومجاهد بن جبر (ص 282)، إلا أنه في هذه الحالات الثلاث ذُكرت مقولة أن محمد هو أبو المؤمنين، وذكرت قبل تلك التي تقول إن أزواجه أمهات لهم. في مصحف الربيع، حيث توجد هذه القراءة كذلك، نجد أن الموضع هو نفسه الذي وُجدت فيه في مصحفي بن مسعود وأبي بن كعب (ص 298). كون هذه القراءة ذكرت مرات عديدة في مصاحف عديد من الصحابة قد يكون دليلاً على موثوقيتها، وعلى هذا الأساس دليل على ضياعها من مصحف زيد بن ثابت.

هذه الأمثلة الأربعة هي لنصوص تظهر فيها القراءات كإضافات لكلمات أو عبارات لا توجد في مصحف زيد. وما يدعم هذه القراءات هو كونها وُجدت في عدة مصاحف، وعلى الخصوص تلك التي ذُكرت في مصحف أبي بن كعب. لكن، عمومًا، غالبية القراءات متعلقة بالاختلافات الشكلية على مستوى الكلمات الفردية. في حالات معينة نجد غياب كلمات بأكملها[30]. مثال على ذلك الآية الأولى من سورة الإخلاص حيث نجد غياب كلمة "قل" في مصحفي أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود[31].

في حالات أخرى يؤثر شكل الكلمات على المعنى كما يظهر من الآية 127 من سورة آل عمران حيث تُقرأ في مصحفي بن مسعود وأبي "وسابقوا" عوض "وسارعوا" التي توجد في مصحف زيد[32].

هنالك حالات لا تؤثر فيها إضافة كلمة على المعنى. مثال ذلك يتجلى في الآية 16 من سورة الأنعام حيث يتفق أبي وبن مسعود على نفس القراءة أي "يُسرف الله" مقابل "يُسرف" (كتاب الكشف للمكي)[33].

ما هذه إلا بضعة أمثلة من بين مئات الأمثلة عن القراءات التي تختلف، من مصحف بن مسعود لمصحف زيد، لكنها تعطينا فكرة أولية عن نوع الاختلافات. وهي تكفي للبرهنة على أن الاختلافات لم تكن على مستوى اللفظ فقط، كما يدعي كتاب من أمثال الصديق الذين يتشبثون بمقولة "نص واحد لا اختلاف حوله"، بل تعدت ذلك لكي تشمل المعنى أيضًا.

كان حجم الاختلافات بين قراءات الصحابة ومصحف زيد على غاية الأهمية لدرجة أن ما لا يقل عن 350 صفحة من كتاب جيفري[34] خصصت لها. لهذا السبب نفهم لماذا أُريد لهذه المصاحف أن تحرق.

عكس ما يزعم من أن المصحف العثماني كان يتفق عليه جميع المسلمين، نرى أن الفروق كانت شاسعة بين المصاحف التي كانت سائدة في مختلف المناطق. ما قام به عثمان لم يكن إلا محاولة لتوحيد المسلمين حول مصحف معين تم اخيتاره ليس لموثوقيته، لأنه تبين لنا من خلال الأدلة التي قُدمت أن مصحف بن مسعود كان أوثق منه، بل تم اخيتاره بدون مبرر سوى أنه جُمع في المدينة تحت إمرة عثمان، كما أنه لم يكن ينافس أيًّا من المصاحف التي كانت شائعة آنذاك في مختلف الأقاليم الإسلامية.

قبل أن نسدل الستار على هذا الفصل سنتطرق لأبي بن كعب الذي كان هو كذلك من بين أعظم من جمعوا القرآن.

أبي بن كعب، سيد قراء القرآن

يعتبر أبي بن كعب من بين أهم العارفين بمجال القرآن بعد عبد الله بن مسعود. هناك حديثين مهمين يشهدان على غزارة علمه بالقرآن. الحديث الأول يقول:

قال عفان في حديثه عن همام عن قتادة عن أنس وأنبئت أنه قرأ عليه لم يكن أخبرنا خالد بن مخلد البجلي حدثني يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي سمعت يزيد بن خصيفة أخبرني أبي عن السائب بن يزيد قال: لما أنزل الله على رسوله اقرأ باسم ربك الذي خلق، جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب فقال: إن جبريل أمرني أن آتيك حتى تأخذها وتستظهرها، فقال أبي بن كعب: يا رسول الله سماني الله؟ قال: نعم. أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب بن خالد أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقرأ أمتي أبي بن كعب. أخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا أبو فروة سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول قال عمر بن الخطاب: أبي أقرؤنا[35].

لهذا السبب أصبح يلقب بـ"سيد القراء"، وشهد عمر بن الخطاب على أنه أحسن المسلمين تلاوة للقرآن (صحيح البخاري). الحديث الثاني يقول:

حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا يحيى عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر: أبي أقرؤنا وإنا لندع من لحن أبي وأبي يقول أخذته من رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فلا أتركه لشيء، قال الله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"[36].

لا ندري لماذا كان محمد يبلغ أجزاء معينة لأبي بن كعب دون غيره، لكن الحديثين المذكورين يبينان أن مكانته كانت عالية في مجال القرآن. هذا لم يمنع أن يكون مصحفه يحوي عددًا مهمًا من القراءات التي كانت تختلف عما جاء في مصحف زيد، في الوقت ذاته الذي كانت تتفق فيه مع مصحف بن مسعود في حالات عديدة. كلمة "متتابعتين" المذكورة في سورة 5 الآية 91 في مصحف بن مسعود، كما شهد على ذلك الطبري، هي أيضًا موجودة في مصحف أبي، كما شهد على ذلك بن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 53). ترتيبه للسور، رغم أنه كان في بعض الأحيان مشابهًا لترتيب زيد، اختلف عنه في حالات عدة[37].

هنالك حالات عدة يوافق فيها مصحف أبي مصحف بن مسعود في الوقت الذي يختلف كلاهما مع مصحف زيد. لإيضاح هذه المسألة نكتفي بالأمثلة التالية:

1.    عوض القراءة الرسمية للآية 204 من سورة البقرة "ويشهد الله" نجده يقرأ "ويستشهد الله"[38].

2.    عبارة "إن خفتم" لا توجد في الآية 101 من السورة 4 [39].

3.    كانت يقرأ "مُتذبذبين" عوض "مُذبذبين" في الآية 143 من نفس السورة من مصحف زيد.

نجد في بعض الحالات أن عبارة كاملة كانت تختلف عن مقابلها في مصحف زيد. القراءة الرسمية للآية 48 من سورة 4 هي: "وكتبنا عليهم فيها" (يعني اليهود)، في حين نجد أبي بن كعب قرأها كالتالي: "وأنزله على بني إسرائيل فيها"[40].

يتبين من خلال ما روى أبو عبيد أن الآية 17 من سورة 16 التي تُقرأ: "أمرنا مترفيها ففسقوا"، كانت تُقرأ عند أُبي: "بعثنا أكابير مجرميها فمكروا"[41].

قد لا ننتهي من استعراض الأمثلة لتبيان درجة الاختلاف بين مصحفي أبي وبن مسعود وغيرهما من الصحابة من جهة والمصحف العثماني من جهة أخرى. الأمثلة التي قُدمت كافية لإقناعنا بأن الفروق كانت في النصوص المكتوبة ذاتها وليس فقط في اللفظ كما يدعي بعض علماء المسلمين المعاصرين.

هناك رواية تتحدث عن آية كاملة كانت موجودة في مصحف أبي ولا توجد في المصحف العثماني. ستتاح لنا فرصة استعراض هذه القضية في الفصل المقبل. من ناحية أخرى لا يمكن أن نسدل الستار على أبي دون ذكر مسألة جد مهمة ألا وهي احتواء مصحفه على سورتين لا توجدان في مصحف زيد. ففي الوقت الذي لم يكن مصحف بن مسعود يحتوي على "المعوذتين" أضاف مصحف أبي سورتي الحفد والخلع (السيوطي). تقول الرواية:

وأخرج أبو عبيد عن بن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين واللهم إنا نستعينك واللهم إياك نعبد وتركهن بن مسعود[42].

ذهب السيوطي إلى حدِّ تقديم النصين الكاملين لهاتين الآيتين[43]، وأخبرنا أنهما كانتا موجودتين كذلك في مصحف بن عباس الذي كان مستقى من مصحفي أبي وأبي موسى (السيوطي، الإتقان، ص 143). وهاتان السورتان تشبهان الفاتحة من حيث أن المبتغى منهما الدعاء وطلب الرحمة والمغفرة من الله. يروى كذلك أن محمد كانت من عادته تلاوة هاتين الآيتين كأدعية يختم بها قراءة القرآن بعد صلاة الفجر، وكانتا تُدعيان سورتا "القنوت" كما ذكر السيوطي (الإتقان).

إنه لمن المثير للانتباه أن تعتبر هاتين السورتين، من زوايا مختلفة، في نفس مكانة سورة الفاتحة، التي يشبهانها إلى حد كبير، وذلك بشهادة كل من بن مسعود وأبي بن كعب. الغريب في الأمر أن السور الثلاث لم تكن موجودة في مصحف بن مسعود، وبالمقابل كانت كلها موجودة في مصحف أبي. يُحتمل أن يكون محمد قد كان استعمل تلك السور دون تمييز في الأدعية والابتهالات، ولهذا السبب لم يستطع الصحابة الحسم في مسألة وجوب إدخالها ضمن المصحف (كتاب الله) أو لا، خصوصًا وأنها، من حيث الشكل والمحتوى، أقرب إلى التضرعات والأدعية التي ينطق بها المسلمون في صلواتهم، ومخالفةٌ لأسلوب القرآن حيث يُفترض أن الله هو المتكلم.

لقد حاولنا في هذا الفصل تقديم بعض المعطيات المتعلقة بمصحفي عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب لإبراز مدى اختلافهما مع مصحف زيد بن ثابت، ولإظهار جو عدم الثقة الذي كان سائدًا قُبيل جمع القرآن إثر وفاة محمد. قد لا ينتهي الحديث إن نحن تطرقنا لاستعراض مصاحف أخرى غير مصحفي بن مسعود وأبي، أي المصاحف التي جُمعت كذلك في الفترة التي سبقت المشروع العثماني لتوحيد القرآن. كانت هذه المصاحف تتميز بدورها بضمها لقراءات اختلفت عن تلك المعروفة في المصحف العثماني الذي جمعه زيد بن ثابت (استطاع عثمان بالفعل أن ينحي المصاحف لكنه لم ينجح في تنحية القراءات المختلفة من ذاكرات الناس).

في الحقيقة لا يجوز الحديث عن قراءة زيد بمثابة قراءة "مشهورة"، أي رسمية للقرآن، مقابل قراءات "شاذة" كما لو كانت هذه الأخيرة هي الاستثناء وليس القاعدة. كانت بين مصاحف زيد وبن مسعود وأبي وأبي موسى اختلافات عديدة، وليس من المشروع أن نعتبر قراءة زيد بمعزل عن باقي القراءات، لأنه لم يكن، في وقت من الأوقات، من شيء يميزها عنها قد تستمد منه مشروعيتها كقراءة صحيحة إلى أن قرر عثمان فرضها بالقوة على أمة المسلمين كقراءة وحيدة.

إذًا، القرآن الذي وصلنا ليس ذلك النص الوحيد الذي لا اختلاف فيه، والذي حُفظ بعناية ربانية بدون أن يقع فيه أي نقصان أو زيادة في أدنى حرف منه كما يحاول علماء المسلمين أن يجعلونا نعتقد. لم يكن هذا المصحف إلا واحدًا من بين عدد من المصاحف التي جُمعت بشكل مستقل خلال العشرين سنة التي تلت وفاة محمد؛ مصحفًا جمعه شخص معين ألا وهو زيد بن ثابت وأصبح النص الوحيد المقبول، ليس بأمرٍ إلهيٍّ ولكن بأمر دنيوي محض ألا وهو قرار استبدادي صدر عن عثمان بن عفان.

الشعور السائد في الأوساط الإسلامية حول عصمة القرآن قد يكون له وزنٌ ما لو استطاع أحدهم البرهنة على أنه لم يكن هناك إلا نص واحد منذ البداية. الروايات المتوفرة في التراث الإسلامي، حول جمع القرآن، توضح بجلاء تام وجود عدد مهم من المصاحف التي كانت منتشرة خلال الجيل الأول الذي تلا وفاة محمد، وتبرز كذلك الاختلافات العميقة التي كانت بين هذه المصاحف. توحيد القرآن لم يتم إلا بعد 20 سنة من وفاة محمد، وبقرار أحادي الجانب أصدره عثمان بن عفان. المصحف الذي هو معروف حاليًا عند جميع المسلمين ليس مصحف محمد بل هو مصحف زيد بن ثابت، مصحف فُرض بالقوة على حساب المصاحف الأخرى التي لم تكن تنقصها المشروعية والموثوقية. وتلك المصاحف تمت تنحيتها بإحراقها.

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، 4615.

[2] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا: حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق قال: كنا نأتي عبد الله بن عمرو فنتحدث إليه، وقال ابن نمير عنده، فذكرنا يومًا عبد الله بن مسعود

فقال: لقد ذكرتم رجلاً لا أزال أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى اللهم عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد، فبدأ به، ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة. صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، 4504.

[3] صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، 4618.

[4] صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، 4502.

[5] Quran unimpeachable, p.44

[6] البلاغ، المرجع السابق، ص 1.

[7] Quran unimpeachable, p.45

[8] كتاب المصاحف، بن أبي داود، ص 13.

[9] علوم القرآن، ص 49.

[10] Quran unimpeachable, p.45

[11] لا يمكن فهم السبب الذي سيجعل هذا الصحابي الجليل يتعلق بمصحف خاطىء لا يحوي كلام الله؟

[12] ما ضرورة إحراقه إذن؟

[13] ربما يعني نار جهنم.

[14] كتاب المصاحف، ص 14.

[15] كتاب المصاحف، ص 17.

[16] يعني أمر عثمان بإحراق جميع المصاحف ما عدا مصحف زيد.

[17] كتاب الطبقات الكبرى، بن سعد، المجلد الثاني، ص 556، موقع الوراق.

[18] ذُكِر كذلك في كتاب المصاحف، بن أبي داود، ص 16.

[19] 4595، حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش، وحدثنا عاصم عن زر قال سألت أبي بن كعب قلت يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا فقال أبي سألت

رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فقال لي قيل لي فقلت قال فنحن نقول كما قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم.

[20] الإتقان للسيوطي، ص 172.

[21] نفس المرجع السابق.

[22] الإتقان للسيوطي، ص 172 و173.

[23] فتح الباري في شرح صحيح البخاري.

[24] Noeldecke, Geschichte, 3.63; Jeffery, Materials, p.31

[25] Jeffery, p9 - 343

[26] Noeldecke, 3.66; Jeffery, 40

[27] Noeldecke, 3.66; Jeffery, p. 42

[28] Jeffery, p. 131

[29] Noeldecke, 3.71; Jeffery, 156

[30] فعل omit قد يعني أن الأصل هو زيد وأن بن مسعود قد يكون حذف هذه الكلمة، لكن ربما العكس هو الصواب.

[31] Noeldecke 3.77; Jeffery, 113, 180

[32] Noeldecke 3.64; Jeffery, 125

[33] Noeldecke,3.6, Jeffery, 40, 129

[34] Materials for the History of the Text of the Qur'an

[35] كتاب الطبقات الكبرى، بن سعد، الجزء 2، ص 341.

[36] صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، 4621.

[37] الإتقان للسيوطي، ص 150.

[38] Noeldecke, 3.83; Jeffery, 120

[39] Noeldecke, 3.85; Jeffery, 127

[40] Noeldecke, 3.85; Jeffery, 128

[41] Noeldecke, 3.85; Jeffery, 140

[42] الإتقان للسيوطي، ص 142.

[43] سورة الخلع: "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك".
سورة الحفد: "اللهم إنا نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى و نحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق".

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود