|
قيم خالدة
يوجد
تبايُن بين وجهات النظر الأخلاقية. ويعود هذا
التباين إلى الموقف الذي يتخذه الإنسان حيال
الوجود الروحي والمادي والاجتماعي. لقد صيغتِ
الأخلاقُ في قواعد مختلفة ومتعددة قال بها
أناس متباينو الفكر والعقيدة والمذهب. ومن
بين وجهات النظر هذه، تسوِّغ المكيافيلِّية
الوسيلة بالغاية: فالغاية تبرِّر الوسيلة
بأيِّ شكل من الأشكال.
لذا تُعَد أخلاقُ مكيافيلي أخلاقًا نفعية
ترتبط بالمصلحة الخاصة وتسوِّغ الخير الذاتي
المؤقت، وذلك لأنها لا
تعتمد قبْلية a priori
هي قانون نُحِتَ في صدر الإنسان، بل تعتمد
المهارة والذكاء المبطَّن بالسلب، وتشجع على
ربط الأخلاق بالموقف الآني. وهكذا، تكون
نظرية مكيافيلي في الخير هدامة لأن الخير، في
نظره، يعني المنفعة التي تسوِّغ ذاتها. وبما
أن المنفعة تختلف من شخص إلى شخص آخر، ومن فئة
إلى أخرى، فإن أخلاق مكيافيلي تخلو من قاعدة
عمل.
لو نظرنا إلى الأدب الفلسفي اليوناني نظرةً شاملة، لاستنتجنا أنه، فضلاً عن أعمال الأفلاطونيين المهمة جدًّا، يُعتبَر الفكرُ اليوناني، في مجمله، فلسفة وحكمة للصيرورة. يجسِّد هيراقليطس هذه الفلسفة خيرًا من أفلاطون – وهذا الأخير هو الأقل يونانية بين اليونانيين، بحسب نيتشه. وإذا كانت تلك الفلسفة حيةً لدى فلاسفة زمننا الراهن فبفضلٍ من هيراقليطس. نيتشه، برغسون، الماركسيون (الذخائر الفلسفية للينين)، دولوز، وسواهم، هم، في بعض نواحي فكرهم، هيراقليطيون. ولكن مَن الذي يُعتبَر أفلاطونيًّا؟
|
|
|