الصفحة التالية French Arabic الصفحة السابقة

صوت الصمت – 5
الفصل الثالث
2

هيلينا پ. بلاڤاتسكي

 

... قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، سيعاود المحارب الباسل، الفاقد لدمه الغالي من جراحه الواسعة والمنفتحة، مهاجمة العدو، فيطرده من معقله ويهزمه. افعلوا مثله يا من تفشلون وتتألمون: اطردوا من قلعة روحكم كل أولئك الأعداء – الطموح والغضب والكراهية وحتى مجرد ظلٍّ لرغبة – ولو فشلتم.

وتذكَّر، يا من يناضل من أجل تحرير[1] الإنسان، أنَّ كل فشل يعتبر نجاحًا بحدِّ ذاته، وأن أيَّة محاولة مخلصة سيأتي وقت فيه تكافأ، لأن البذور المقدسة، التي تنمو وتتطور بالسرِّ في قلب روح المريد، سترسِّخ جذورها مع كلِّ تجربة جديدة، فهي تنحني مثل القصب لكنها لا تنكسر أبدًا ولا تضيع، إنما تزهر حين يحين وقتها[2]...

ومع ذلك، إن أتيت مهيئًا فلا تقلق البتة...

فالطريق واضح الآن بالنسبة لك، مستقيم عبر بوابة فيريا، خامس البوابات السبعة.

أنت الآن على الدرب الذي سيقودك إلى ملاذ الدهيانا، التي هي البوابة السادسة، بوابة البودهي.

وبوابة الدهيانا تشبه وعاءً من المرمر الأبيض والشفاف، تشتعل في داخله نار ذهبيةٌ لا تتغير، شعلة البراجنا التي تشعُّ من الآتمان. وأنت هو ذلك الوعاء.

أنت الآن منقطع عن كل ما هو حسِّي، فقد سرت على "درب المرئي"، وعلى "درب المسموع"، وها أنت واقف في قلب نور المعرفة. لقد بلغت الآن حالة التيتيكشا[3].

أنت الآن في مأمنٍ أيها النالجور.

لذلك إعلم، يا قاهر الخطايا، أنَّه بمجرد أن يعبر سوان[4] الدرب السابع، فإن الطبيعة، وكأن خشيةً مقدسةً قد تملكتها، سترتعد فرحًا وستشعر بالاستسلام. ها هي ذا النجمة الفضِّية تنقل من خلال تألقها النبأ للأزهار الليلية، وها هو جدول النهر الصغير يهمس القصة للحصى، كما تهدرها الأمواج العاتية للمرجان بلا توقف. وفي حين تغنِّيها نسائم العطر للوديان، تهمس أشجار الصنوبر الجليلة بغموض: "لقد قام معلم، إنه معلم اليوم."[5]

هو يقف الآن في الغرب، كدعامة بيضاء تغلِّفها الشمس المنبثقة من الفكر الأزلي بأمواجها الأكثر جلالاً. وفي الفضاء الذي لا حدود له، يمتد عقلها كمحيط هادئ بلا حدود. فيمسك الحياة والموت بيده القوية.

الحق يقال، إنه قوي. هذه القوة الحيَّة التي أطلقت في داخله – تلك القدرة التي هي ذاته – حيث بوسعها أن ترفع هيكل الوهم إلى ما يتجاوز الآلهة، أعلى من البراهما الكبير ومن إيندرا. لأن من المؤكد أنه سيحصل الآن على مكافأته الكبرى! أتراه سيستخدم الهبات التي وهبته إياها من أجل سلامته وسعادته، فقد حصل على سعادته واستحق مجده، ذلك الذي تغلَّب على الوهم الكبير؟

لكن الأمر ليس كذلك، يا أيها المريد المرشح لتملك العلم السرِّي للطبيعة! لأن من أراد السير على خطى القديس تاتهاغاتا، لا يحق له الاحتفاظ بتلك القدرات لنفسه.

أتراك تريد إيقاف المياه النابعة من على السوميرو[6]؟ أتراك تريد تحويل التيار لصالحك، أو إعادته إلى ينبوعه الأول على امتداد ذرى العصور؟

إن كنت تريد لهذا التيار المعرفي الذي اكتسبته بشقِّ الأنفس، لتلك الحكمة التي ولدت من السماء، أن تبقى ماءً عذبًا ومنعشًا، عليك ألا تدعه يتحول إلى مستنقع راكد.

وأعلم أنك إن أردت أن تكون تابعًا للأميتابها، ذلك العصر الذي بلا حدود، فإنه من واجبك، كهاتين البودهيساتفا[7]، نشر النور المكتسب على امتداد العوالم الثلاث[8].

تعلَّم أنَّ تيار المعرفة التي كسبتها، والتي تفوق الطاقة البشرية وحكمة ديفا، يجب أن يتدفق من قبلك، في قناة الألايا، في قلب مجرىً آخر.

تعلَّم أيها الناجلور، يا من اتبع الدرب السرِّي، أنَّ على هذه المياه الصافية والعذبة تحلية مرارة أمواج المحيط، ذلك البحر الجبار الذي صنعته دموع البشر.

واحسرتاه! لأنك حين تصبح شبيهًا بتلك النجمة المتوقفة في أعالي السماء، فإنه يجب على هذه الكرة اللامعة أن تشع لأجل الجميع من أعماق الفضاء، ما عدا نفسها، وأن تعطي النور لكل فرد، وأن لا تأخذ شيئًا من أحد.

واحسرتاه! لأنك وقد أصبحت شبيهًا بالثلج الناصع للوديان الجبلية – باردًا ولا تشعر به، ولكن في الوقت نفسه أصبحت حارًّا وحاميًا للبذار النائم بعمق في قلبه – لأنَّ على هذا الثلج أن يتلقى الآن عضة الصقيع وهبات رياح الشمال الشديدة، فيحمي، من أسنانها الحادة والقاسية، الأرض الحافظة للحصاد الموعود، ذلك الحصاد الذي سيطعم الجياع.

هو محكوم بإرادته للعيش من خلال الكالبا[9]، بعيدًا عن الأنظار وعن منِّية البشر، محكوم كحجر من بين الأحجار التي لا تحصى لـ"الجدار الحامي"[10]، هذا هو مصيرك إن عبرت البوابة السابعة. لقد شيَّدَته أيدي الكثير من معلمي الحنو، شيَّدَته عذاباتهم، وعززته دماؤهم. وهو يأوي الجنس البشري منذ أن أصبح الإنسان إنسانًا، فيحميه من العذابات ومن الآلام المحتملة الأكثر شدَّةً. ورغم هذا لا يلحظه الإنسان؛ ولا يدركه عمومًا، كما لا يعبأ لكلمة الحكمة... حيث لا يعرفها.

لكنك مع ذلك قد سمعتها، وامتلكت كامل معرفتها، يا أيتها الروح المتقدة والبريئة... يا أيتها التي عليها أن تختار... استمعي أيضًا مرةً أخرى...

على درب السوان، أنت متأكد من طريقك، أيها السروتابانا[11]. في الحقيقة، على هذا المارجا[12]، لا يواجه الحاج المجرِّب سوى الظلمات. حيث تدمى الأيدي وقد مزَّقتها الأشواك، حيث تجرح الأقدام من قسوة وحدة الصوَّان، وحيث تنشر مارا أقوى أسلحتها. هناك، مباشرة بعد ذلك، توجد مكافأة كبرى.

بهدوء وثبات، يسير الحاج صاعدًا التيار المؤدي إلى النيرڤانا. هو يعلم أنَّه كلما أدمت قدماه كلما ازدادت ذاته نصوعًا. ويعلم أنَّه بعيد سبع ولادات قصيرة وعابرة لن يبقى هناك نيرڤانا...

ذلك هو درب الدهيانا، منارة اليوغي، والهدف النهائي الذي يطمح إليه السروتابانا.

لكن الأمر يختلف بالنسبة للحاج الذي يعبر طريق الأراهاتا[13] ويقطف ثمره.

هنا، تتحطم الكليشا[14] للأبد، وتنتزع جذور التانها[15]. لكن مهلاً أيها المريد... هي كلمة أخرى: هل بوسعك القضاء على الحنو؟ لأن الحنو ليس سمة، بل هو قانون القوانين. الوئام الخالد، ذات الألايا، الجوهر الكوني الذي بلا حدود، وضوء العدالة غير القابل للتغيير، والترتيب المتناغم لكل الأشياء في قلب الكل، إنه قانون الحب الخالد. ذلك الذي بمقدار ما اتحدت معه، بمقدار ما ذاب كيانك في كيانه، بمقدار ما اتحدت روحك مع الكائن، بمقدار ما أصبحت حنوًا مطلقًا[16].

هذا هو درب آريا، درب بودايات الكمال.

علاوة على ذلك، ما الذي تعنيه المخطوطات المقدسة التي تجعلك تردد:

"أوم! إني أعتقد أنَّ كل الأرهات لن تحصل على الثمار الحلوة لدرب النيرڤانا"

"أوم! إني أعتقد أنَّ كل البودايات[17] لن تلج النيرڤانا-دهارما."

في الحقيقة، أنت لم تعد سروتابانا على درب الآريا، إنما أصبحت بودهيساتفا[18]. صحيح أنك صعدت المجرى. صحيح أنك أصبحت جديرًا بلباس الدهارماكايا؛ ولكن السامبوكاكايا أكبر من النيرڤاني – وأكبر منه هو النيرماناكايا، الذي هو بوذا الحنو[19].

اخفض رأسك الآن واصغ بانتباه يا أيها البودهيساتفا، لأن الحنو يتكلم ويقول: "هل يمكن أن يكون نعيم، حين تعاني جميع الكائنات؟ هل سيطالك الخلاص وأنت تستمع إلى أنين العالم؟"

هكذا لقد سمعت ما قيل.

لن تصل إلى المستوى السابع، ولن تعبر عتبة المعرفة النهائية، إلا لتلتقي بالألم: إن شئت أن تصبح تاتهاغاتا، سر على درب من سبقك، وبقي بلا أنانية حتى نهاية ما لانهاية له.

مستنير أنت الآن. فاختر طريقك.

انظر إلى الضوء الناعم الذي يفيض على سماء الشرق. كتعبير عن الثناء، لتتحد السماء والأرض؛ ومن القوى الرباعية التي تجلت ترتفع أنشودة حب، من لهيب النار ومن الماء السائل، من عبق الأرض ومن الريح العاتية.

واستمع!... من قلب الأعماق التي لا يمكن سبرها إلى دوامة ذلك الضوء الذهبي حيث يغتسل المنتصر، لأن الصوت الذي بلا كلمات للطبيعة كلِّها يرتفع بألف لهجة ليعلن:

ألا إفرحوا يا رجال الميالبا[20].
لقد عاد حاج من الضفة الأخرى.

ترجمة: أكرم أنطاكي

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] التلميح هنا هو إلى اعتقاد سائد في الشرق (وله ما يقابله في الغرب) ويقول بأنَّ أيَّ بوذا جديد (أو أي قديس جديد) هو جندي إضافي في جيش أولئك الذين يعملون لتحرير أو لخلاص الجنس البشري. في البلدان

حيث يسود معتقد بوذية الشمال تدرس عقيدة النيرماناكايا، وهم البودهيساتافا الذين تنازلوا عن النيرڤانا الذي استحقوه بجدارة، أو لنقل عن "لباس الدهارماكايا" (الذي يقطعهم في كل حال عن عالم البشر)، من أجل أن يكون بوسعهم البقاء مستورين في خدمة الإنسانية وقيادتها في النهاية إلى البارانيانا. في هذه البلدان يدعى كل بودهيساتفا، أو مريد مسارر، "مخلِّص الجنس البشري". ما يعني أن تأكيد شالجينتفايت (في كتابه البوذية في التيبت، الصفحة 26) بأن البرولبايكو أو النيرماناكايا هي "الجسد الذي يتجسد فيه فيه البودات أو البودهيساتفاس على الأرض من أجل تعليم البشر" غير دقيق وبلا معنى، ولا يشرح شيئًا.

[2] الإشارة هنا هي إلى المشاعر والخطايا البشرية التي يجري استئصالها خلال اختبارات مرحلة التدريب، والتي تستخدم كحقل مخصَّب مهيأ لنمو "البذور المقدسة" أو لنقل الفضائل المتعالية. فالفضائل والمواهب أو

الهبات الفطرية تعتبر وكأنها جاءت في ولادة سابقة، لأن النبوغ هو حتمًا هبة تمَّ اكتسابها أو أتت من وجود آخر.

[3] التيتيكشا هي حالة الراجا يوغا، حالة اللامبالاة العليا، وإن اقتضت الضرورة حالة الاستسلام لما يدعوه الجميع "لذة الألم"، من دون أن تشعر مع ذلك بأي فرح ولا بأي عذاب ناجم عن هذا الاستسلام. أي، في

اختصار، تلك الحالة التي يصبح المرء فيها، سواء فيزيائيًا أو ذهنيًا أو أخلاقيًا، غير مبالٍ وغير شاعر باللذة وبالألم.

[4] كلمة سوان هي كلمة سينيغالية، وهي المكافىء السنسكريتي لكلمة ستروتابانا التي تستعمل للدلالة على من يستعمل الدرب الأول للدهيانا.

[5] يحمل هذا اليوم المعنى الكامل للمانفاتارا، بمعنى الفترة التي لا يمكن حصرها من حيث المدة.

[6] جبل ميرو هو جبل الآلهة المقدس.

[7] في رمزية بوذية الشمال تبدو الأميتابها، التي تمثل "المدى اللامتناهي" (البارابراهمان)، وكأنها محاطة بجنتها من قبل البودهيساتفا الاثنتين – كوان شيه ين وتا شيه شي – التي تشع دائمًا بنورها على العوالم

الثلاث (راجع الملاحظة التي تليها) التي عاشوا فيها، بمن فيها عالمنا، كي يساعدوا، عن طريق هذا النور (الذي هو المعرفة)، في تعليم اليوغيين المدعوين بدورهم لتخليص البشر. في هذا الرمز تعد مكانتهم عالية جدًا في الأميتابها بسبب الأفعال الخيرة التي قاموا بها، كيوغيين، عندما كانوا على الأرض.

[8] العوالم الثلاث هي مستويات الكائن الثلاث: الأرضي والنجمي والروحي.

[9] دورة الأزمان.

[10] فيما يتعلق بالجدار الحامي أو "جدار الحماية": يدرَّس أنَّ الجهود المتراكمة لليوغيين والقديسين والأتباع، وخاصة منهم النيرمانكانايا، قد شيَّدت جدارًا حاميًا خفيًّا لحماية الجنس البشري المعذب من كوارث أكثر رهبةً.

[11] كلمتي سوان وسروتابانا لهما نفس المعنى. (انظر الملاحظة 4).

[12] ماجا تعني الدرب.

[13] (بالي: أراهاتاماغا) وتربط في السنسكريتية بأرهات.

[14] الكليشا هي حب الملذات والمتع الأرضية (الجيدة والسيئة).

[15] التانها هي إرادة الحياة ومسبب كل الولادات الجديدة.

[16] لا يجب النظر إلى الحنو من منظور الديانات التوحيدية "بمعنى الله، والحبِّ الإلهي"، فهو يمثل قانونًا مجردًا وغير شخصي، وطبيعته (التي هي التناغم الكامل) تصبح حائرة ومرتبكة بسبب الشقاق والمعاناة والخطيئة.

[17] انظر النص (التيبيتي) لتهيجبا تشينبويدو (سوترا الماهانايا) الذي هو عبارة عن "ابتهال لبودايات الملة" (الجزء الأول، IV) [Schlagintweit, Le Bouddhisme au Tibet, pp. 77-80]. لأنه وفق

المصطلحات المستعملة من قبل بوذيي الشمال، تدعى كل الآرهات الكبيرة، من أتباع وقديسين، بالبودها.

[18] يعتبر البودهيستفا أقل مرتبة من "البوذا الكامل". وفق اللغة الظاهرية غالبًا ما يتم الخلط بين هذين التعبيرين، ولكن الحسَّ الشعبي الفطري والصحيح جعل البودهيستفا أعلى مرتبة من البوذا من أجل تبجيله وذلك

بسبب التضحية التي فرضها على نفسه.

[19] إن نفس التبجيل يطلق اسم البوذيستفا على "بوذا الحنو" الذين وصلوا إلى مرتبة الأرهات (أي عبروا بشكل كامل الدرب الرابع أو السابع.) ولكنهم رفضوا الدخول إلى حالة النيرڤانا كي "يلبسوا ثوب

الدهارماكايا والوصول إلى الضفة الأخرى"، لأنه في ذلك الحين لن يعود بمقدورهم مساعدة البشر، حتى ضمن الحدود الضيقة التي تسمح بها الكارما. وهم يفضلون البقاء مستورين (كأرواح، إن صحَّ القول) في العالم وأن يساهموا في خلاص البشر، من خلال دفعهم إلى اتباع القانون الصحيح، بمعنى إرشادهم على اتباع طريق الاستقامة. طقوس العبادة حولت كل تلك الشخصيات الكبيرة إلى ما يشبه القديسين، وحتى الصلوات التي تقدم لهم تعتبر جزءًا من الطابع الظاهري لبوذية الشمال – تمامًا كما هي الحال بالنسبة لأتباع الكنائس الأورثوذكسية أو الكاثوليكية الذين يمجدون قديسيهم وأوليائهم. لكن في المقابل، نجد أن التعاليم السرَّانية لا تشجع البتة مثل هذه الممارسات. حيث يوجد فارق كبير بين المقاربتين العقائديتين. فالعلماني، الذي يتبع المنظومة الظاهرية، لا يملك أية فكرة عما تعنيه كلمة نيرماناكايا. من هذا المنطلق نستطيع أن نفسر التخبطات والتعريفات غير الدقيقة للمستشرقين. مثلاً، يعتقد شلاجيينتفايت أن جسم النيرماناكايا يعني الشكل الفيزيائي الذي يأخذه البوذات حين يعاودون التجسد على هذه الأرض – وهذا هو الأمر الأقل سموًّا من "مشاكلهم الأرضية" (راجع البوذية في التيبت، ص 261). ثم يتابع فيعطي نظرة خاطئة بالكامل لهذا الموضوع. لذلك إليكم التفسير الصحيح: تدعى الأشكال أو الأجساد الثلاث للبوذا كما يلي:

-          1 - النيوماناكايا

-          2 - السامبهوغاكايا

-          3 – الدهارماكايا

حيث الأول هو الشكل الأثيري الذي نأخذه، حين نغادر جسدنا الفيزيائي، إن ظهرنا في جسدنا النجمي – شريطة أن نملك كل معرفة مريده. فالبودهيساتفا ينمي هذا الشكل في داخله مترافقًا مع تقدمه على الدرب. لذلك عندما يصل إلى هدفه ويرفض ثمرته المستحقة، فإنه يبقى على الأرض كمريد؛ وحين يموت، عوض الذهاب إلى النيرڤانا تراه يبقى في ذلك الجسد المجيد الذي فصَّله بنفسه، ولاستخداماته، كوجود غير مرئي للإنسانية غير العارفة، للسهر عليها وحمايتها. أما السامبهوغاكايا فهو نفس جسد البوذا، مضافًا إليه ذلك الإشعاع الإضافي الذي تقدمه "كمالات" ثلاث، إحداها الابتعاد الكامل عن كل المشاغل الأرضية.

أما جسم الدهارماكايا فهو جسم البوذا المحقق: والذي هو في الحقيقة ليس جسدًا على الإطلاق إنما نفحة مثالية؛ فهو الوعي المشتمل في الوعي أو الروح الكونية التي لا صفات لها. لأنه بمجرد أن يصل إلى مستوى الدهارماكايا، فإن المريد أو البوذا يترك وراءه كل علاقة ممكنة على هذه الأرض، أو أية فكرة تتعلق بها. لهذا يقال في اللغة الصوفية إنَّ المريد الذي حاز على الحق بالنيرڤانا "يتخلى عن جسد الدهارماكايا" كي يتمكن من مساعدة البشرية؛ ولا يحتفظ من السامبهوغاكايا سوى عرفانها الكبير والكامل، ويبقى في جسد نيرماناكايا. تعلم المدرسة الباطنية أنَّ الغواتاما البوذا (ومعه العديد من أرهاته) هو مثل نارماناكايا الذي، وسبب تجرده السامي وتضحيته العظيمة من أجل الإنسانية، لا يوجد مثيل له.

[20] الميالبا هي أرضنا، وهي تدعى بـ"الجحيم" وفق المدرسة الباطنية (أو السرَّانية)، لأنها الجحيم الأكبر. لهذا لا تعترف العقيدة السرَّانية بأيِّ جحيم، أو مكان للعقاب، ما لم يكن كوكبًا، أو أرضًا، يسكنه بشر. أما

أفيشي فهي دولة وليست مكان.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود