|
منقولات روحيّة
يتميَّز
الخطابُ الصوفي عند الشيخ الأكبر محيي الدين
بن عربي بطابعه الروحي و"الاستسراري" ésotérique،
مما يثير شهيةَ الباحثين ويدفعهم إلى
المغامرة لفضِّ رموزه وفكِّ طلاسمه بغية
الكشف عما يتضمَّنه من خفايا. غير أن تلك
المحاولات غالبًا ما تبوء بالفشل وتتحطم أمام
العتبات الأولى من النص، ليعود أصحابُها إما
بخيبة اللافهم أو بغرور الفهم المزيف.
قُلْ
لأصحـابٍ رأوني ميتًـا
فبكوني إذ رأونـي حزنَـا لا
تظـنُّـوني بأنِّـي ميْـتٌ
ليـس ذا الميت والله أنَـا أنـا
عصفـورٌ وهذا قفصي
طرتُ منه فتخلَّـى رهنَـ
التوحيد ووحدة
الوجود:
وفي ضوء هذا التقييم والإيضاح والاسترسال،
تبرز لنا حقيقتان في خصوص مفهوم التوحُّد أو وحدة
الوجود وفي خصوص الحلول أو التجسُّد:
كيف يمكن، أولاً، للمتغير الفاني – و"الفناء"
هو في هذا التغيُّر الدائب – أن يتوحَّد أو
يتحد بالباقي الأزلي–الأبدي، وفي الوقت نفسه
أن يبقى؟! – وهو الذي لا يتغير ولا يتبدل، لا
يبدأ ولا يزول. وقديمًا اتُّهِمَ الشيخُ محيي
الدين بن عربي – قدَّس الله سرَّه – خطأً بـ"وحدة
الوجود" أو بشيء من هذا القبيل. إنما هذه
التعبيرات كلها هي في لغة المجاز ومعنى
الدلالة وقصد الإشارة، لا أكثر – وهو القائل: شمسُ
الهوَى في النُّفوسِ لاحتْ
فأشـرَقَتْ عندَهـا القُـلـوبُ الحـبُّ
أشـهَـى إلـيَّ مـمَّـا
يقُـولُـهُ العَـارِفُ اللَّـبيـبُ يـا
حُـبَّ مــولايَ لا تُــوَلِّ
عـنِّـي فالعيـشُ لا يَـطيـبُ لا
أُنْـسَ يَـصـفُـو للقَـلبِ إلاَّ
إذا تَـجَـلَّـى لَـهُ الحَـبيـبُ
|
|
|