مَباحث الوُجود والمَعرفة والقِيَم

بين السُّـهـروردي والحـلاَّج

 

رضـوان السـح[1]

 

"مَن التمس الحق بنور الإيمان كان كمن طلب الشمس بنور الكواكب." – الحلاج

 

"إن مَن يسعى وراء الحقيقة من طريق البرهان هو أشبه بمن يستهدي إلى الشمس بواسطة المصباح." – السهروردي

 

تقاطُعات السِّيرتين

ليست المسافة بذلك البُعد بين دجلة بغداد وقلعة حلب. إذ لا بدَّ من كبش فداء لتوحيد الأمَّة على "وليمته" في كلِّ زمان ومكان! – وكأن ثمة امتدادًا للأسطورة ذا طابع كوني، صميميٍّ، يصعب الفكاك منه.

في بغداد، يعمل الوزير العباسي حامد بن عباس جاهدًا على استصدار حُكم الخليفة المقتدر بقتل الحلاج، متذرعًا بأن أمره قد صار من الخطورة بحيث بات يهدد أركان الخلافة، وبأنه ما لم ينفَّذ فيه الحكمُ وقعتِ الفتنة. لقد نال الحسين بن منصور حظوةً كبيرة في قصر الخلافة، بما في ذلك عند أمِّ الخليفة، فأثار بذلك حسدَ جميع المتملقين والراغبين في حظوة القصر واستجلب حقدَهم. إذ كيف وصل إلى ما وصل إليه دون اللجوء إلى أساليبهم في التذلل؟! لا بل على العكس من ذلك، كان في غاية الأنفة والعزَّة، حتى لكأن القصر لا يطلب إلا رضاه!

كان الحلاج يتحدث بصوت الحق الذي في داخله: صوت فريد، لا ينخرط في ببغائية الجوقة! فكان لا بدَّ من إسكاته، لأن بنية الأمَّة كانت من الهشاشة بحيث إنها لا تحتمل التنوع، ولذلك لا يمكن لها أن ترى الوحدة قائمة على التنوع في مثل هذه الحال، أو على "تقدير أحوال الرجال"، على حدِّ تعبير أخت الحلاج في مشهد قتله[2].

وفي حلب، بعد قرابة مائتين وثمانين عامًا، يملأ الحسدُ والحقدُ قلوبَ البطانة المتملقة حول قصر الظاهر. إذ كيف يحظى شهاب الدين يحيى السهروردي – هذا الشاب الغريب، القادم من بلاد العجم في هيئته الرثة – بهذه المكانة الرفيعة عند ملكهم، نجل الناصر صلاح الدين!

وكما نجحت مساعي الوزير حامد في استصدار حُكم الخليفة بقتل الحلاج وحَرقه وذرِّ رماده في دجلة[3]، نجحت المساعي هنا في خنق صوت السهروردي[4]. قد يكون هاجس الطفل المراهق الذي أصبح خليفةً للمسلمين مختلفًا عن هاجس الملك الأيوبي، المتمثل في مواجهة الخطر الصليبي؛ إلا أن كلا الهاجسين يؤرقهما وجودُ الأصوات المتفردة. وتفرُّد كلٍّ من الحلاج والسهروردي في عصره كان يدفع إلى التنبؤ بمصير مأساوي لكلٍّ منهما.

تنبأ الجنيد وغيره بمقتل الحلاج[5]. والفخر المارديني يقول عن السهروردي: "ما أذكى هذا الشاب وأفصحه، إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوُّره واستهتاره."[6] وكان يرى هذا "التهور والاستهتار" عندهما في موضوع السر. فالصوفية كانت تلجأ إلى حَجْبِ معتقداتها عن غير أهلها، وذلك تفاديًا للخطر الناجم عن معارضة الشريعة بالشكل الذي رسمتْه السلطةُ الدينية الرسمية – وإن كان لهذا "السر" وجهُه الجمالي أيضًا، وهو الوجه الذي يضن بالجوهر النفيس على غير أهله. لقد كان هذا السر يشبَّه بأسرار العشق، بما تحتوي هذه من نشوة في البوح بها ومن حسرة أمام الضعف عن الكتمان أو مخاطر البوح. وقد تغلبت النشوةُ على قتيلينا، أو عاشقينا، وتفوَّق التحرقُ للبوح على كلِّ خطر، فعبَّر الحلاجُ عن مفارقة أن يكون المرءُ في حال مثل حاله من شدة الوَجْد ثم يكتم بقوله:

ألقاه في اليمِّ مكتوفًا وقال له:         إيَّـاك إياك أن تبتلَّ بالمـاء[7]

كما يُنسَب إليه قولُه:

سَقَوني وقالوا: لا تغنِّ! ولو سَقَوا    جبـالَ حنين ما سُـقيتُ لغنَّتِ

تمنَّـتْ سُـليمى أن أموتَ بحبِّـها   وأسهلُ شيء عندنـا ما تمنَّتِ[8]

والسهروردي، إذ يشفق لحال العاشقين العاجزين عن كتمان هواهم، فإنما يذكر أستاذه "فتى البيضاء" ويرى نفسه متجهًا إلى البوح أيضًا:

ما على مَن بـاحَ مِن حَرَجٍ          مثل ما بـي ليس ينكـتم[9]

ويظهر الأمر في جلاء أكبر في الحائيَّة الرائعة:

أبـدًا تحـنُّ إلـيـكـمُ الأرواحُ                ووصالُكم ريحـانُـها والرَّاحُ

وقلوبُ أهـل ودادكـم تشـتاقكم               وإلى لذيـذ لقـائـكم ترتـاحُ

وارحمـتا للعـاشـقين تكلَّـفوا               سَتْرَ المحبةِ والهوى فضَّـاحُ

بالسِّـرِّ إن بـاحوا تُباح دماؤهم               وكـذا دمـاءُ العاشـقين تُباحُ

وإذا هـم كتـمـوا تحدَّث عنهم                عند الوشـاةِ المدمعُ السـفَّاحُ[10]

وكان أن باح الأول بجواز الحج دون الذهاب إلى الكعبة[11]، وباح الثاني بقدرة الله المطلقة حتى على بعث نبيٍّ بعد محمد[12]، فكان لزامًا عليهما أن تباح دماؤهما بحسب قوانين العشق! ولكن ما أهونه من جزاء عند مَن لا غاية له سوى التخلص من الظلمة والتوجه إلى النور.

ومن الطريف أن يُنسَب البيتُ الرابع من حائية السهروردي – "بالسرِّ إن باحوا..."[13] – إلى الحلاج، وأن تُنسَب نونية ابن المسفر إلى كليهما[14]، وهي التي تعبِّر عن التوق إلى مفارقة الجسد الذي هو بمثابة غربة وسجن للروح:

قُلْ لأصحـابٍ رأوني ميتًـا           فبكوني إذ رأونـي حزنَـا

لا تظـنُّـوني بأنِّـي ميْـتٌ          ليـس ذا الميت والله أنَـا

أنـا عصفـورٌ وهذا قفصي          طرتُ منه فتخلَّـى رهنَـا[15]

مبحث الوجود (الأونطولوجيا)

عُرِفَت فلسفةُ السهروردي بـ"الإشراق". ولا بأس في أن نلقي قليلاً من الضوء على هذا المصطلح الفلسفي قبل الدخول في المقارنة الأونطولوجية بين شيخينا، الحلاج والسهروردي.

يعرِّف أبو الوفا التفتازاني "الإشراق" بقوله: "حدوث الإلهامات من الله للصوفي بطريق مباشر، وعلى باطنه أو قلبه."[16] والإشراق، بهذا المعنى، عَرَفَتْه الفلسفاتُ الشرقية القديمة؛ وتأتي الهرمسية في مقدمة هذه الفلسفات. والهرمسيون يفضلون الوحي والإلهام على الاستدلال العقلي في المعرفة[17]. ويوضح السهروردي سبب تسمية حكمته بـ"الإشراقية" بأن هذه الحكمة المفضية إلى الحق تجعل الحقَّ غاية في الصفاء والوضوح والظهور؛ ولا شيء أظهر من النور، ولا شيء أغنى منه عن التعريف، وكل شيء يمكن أن يُقسم إلى "نور في ذاته" وإلى "ما ليس نورًا في ذاته"، أي ظلمة[18].

وبهذا المعنى العام، الذي يؤكد على احتلال النور حجر الزاوية في مبنى هذه الفلسفة، نعود إلى طواسين الحلاج (وهي الأثر النثري الفريد المتبقي عنه)، لنجد أن "طاسين السراج" هو الطاسين الأول، و"السراج" فيها هو النبي محمد. ويفتتح الحلاج هذا الطاسين بقوله: "سراج من نور الغيب بدا وعاد، وجاوَز السرج وساد."[19] ويقول:

أنوار النبوة من نوره برزت، وأنواره من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نورٌ أنوَرُ وأظهَرُ وأقدَمُ في القِدَم سوى نور صاحب الحرم.[20]

وحين يعقِّب الحلاج في "طاسين النقطة" على الآية: "إنْ هو إلا وحيٌ يوحى"، يقول: "من النور إلى النور"[21]، ليتجلَّى لنا الوجودُ الحق عنده نورًا، ولنتذكر هنا أننا لسنا أمام ثنائية من النور، لأن الحلاج كان قد بيَّن في "طاسين السراج":

الحق ما أسلمه إلى خلقه، لأنه هو، وإنِّي هو، وهو هو.[22]

إن تلمُّس نظرية للوجود في ثنايا أقوال الحلاج المتناثرة وأشعاره الرمزية و"طواسينه" الغامضة ليس بالأمر اليسير؛ وإن تحقَّق ذلك فلن يكون إلا بعد مجازفة مضنية في التأويل. يقر الحلاج بثنائية الحق والخلق، أي الله والعالم؛ إلا أن العلاقة بين أقنومَي الوجود هذين تبدو ملتبسةً إلى الدرجة التي تنسف فيها ذلك الإقرار، كما تنسف ذاتها!

يتلمس المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون – وهو من أهم الدارسين المعاصرين للحلاج وأعمقهم – ماهيةَ الخلق عند الحلاج، أو العلاقة بين الخالق والمخلوق، أو بين "اللاهوت" و"الناسوت"، بحسب تعبيره وتعبير الحلاج، في ما يسمِّيه بنظرية "هو هو"، وفيها نرى:

على الرغم من تأكيد الحلاج على تعالي فكرة الإله، لم يكن يفهم من ذلك أن الإنسان لا يستطيع الوصول إليه. ومن التراث اليهودي–المسيحي الذي يقول بأن الله خَلَقَ الإنسان على صورته، استخلص الحلاجُ مذهبًا في الخلق متناسبًا مع مذهب التأليه: الإنسان القابل للاتحاد بالله.[23]

وفي نصوص الحلاج التي يعرضها ماسينيون في نظرية "هو هو"، نرى الله قبل الخلق في وحدته متأملاً بهاء ذاته. وهذا هو الحب الذي سيدفع الذات الإلهية إلى إلقاء غبطتها العظمى لتتجلَّى أمامه، فينظر في الأزل، ويكوِّن فيه من العدم صورةً عن ذاته من أسمائه وصفاته كلِّها، فكان آدم[24]. ويلخص الحلاج ذلك بأبيات ثلاثة:

سبحان من أظهرَ ناسوتُه   سرَّ سَنَـا لاهوته الثَّـاقبِ

ثم بـدا لخلقِه ظـاهـرًا    في صورة الآكل والشاربِ

حتى لقد عـاينَه خلقُـه    كلحظةِ الحاجب بالحاجبِ[25]

ويبدو جليًّا أن معالجة مشكلة الخلق هنا تقتصر على خلق الإنسان. فمشكلة إيجاد الموجودات الأخرى لا تبدو شاغلةً بالَ الحلاج، – على الأقل في النصوص التي بين أيدينا؛ – وآدم على هذه الصورة هو أول المخلوقات، وهو نفسه محمد الذي سبق اسمُه القلم، وسبق وجودُه كلَّ شيء، حتى العدم[26]. فهل العدم – عند الحلاج – شيء آخر غير انتفاء الوجود؟ لا يبدو الأمر كذلك، ولا تعدو العبارةُ معنى "علم الله بالعدم" أو أن تكون مجازًا شعريًّا.

وإذا كانت آثار الحلاج لا تُمِدُّنا بصورة كاملة مفصلة في مبحث الوجود، فإنها – لا شك – كانت ذات أثر في الصورة الناضجة لمبحث الوجود عند شيخ الإشراق – هذا إذا لم نقل، مع أحد الباحثين المعاصرين، بأن جميع مؤلَّفات السهروردي قد اتسمت بالصبغة الحلاجية[27]، وبأن فضله يقتصر على صياغة الآراء المتعددة الطعوم في بوتقة الحلاج صياغةً أعقد في التعبير[28].

ولكن نصوص الحلاج التي بين أيدينا لا تسمح باشتقاق أونطولوجيا السهروردي كاملةً منها. فنظرية الفيض، التي أقام عليها "شيخ الإشراق" مبحثَه في الوجود، ترصد عنده أشكالَ الوجود الجامدة والحية، كما ترصد الأفلاك والعناصر؛ أما عند الحلاج، فكادت دفقةُ الخلق أن تقتصر على آدم. فهل كان آدم هو العقل الأول الذي فاضت عنه الموجودات؟

يقيم السهروردي نظريته في الوجود على قسمة منطقية للموجودات: فهناك الموجود "الواجب الوجود" أو لازمه، والموجود "الممتنع الوجود" أو مستحيله، وأخيرًا الموجود الذي ليس بواجب ولا ممتنع، وهو "الموجود الممكن"[29]. فإذا انتبهنا إلى أن الموجود "الممتنع" هو "لاموجود"، أي عدم، كانت الموجودات على نوعين: "واجبة" و"ممكنة". واجب الوجود (= الله) يفيض ثلاثة عوالم هي: عالم العقول، وعالم النفوس، وعالم الأجسام. يشمل الأول "الأنوار القاهرة"، ويشمل الثاني "النفوس المدبِّرة للأفلاك السماوية وللأجسام الإنسانية"؛ والثالث هو "عالم الأجسام العنصرية"، أي أجسام ما تحت فلك القمر، و"الأجسام الأثيرية"، أي أجسام الأفلاك السماوية[30]. ويضيف السهروردي في كتابه حكمة الإشراق إلى هذه العوالم الثلاثة "عالم المثل المعلقة"[31]، وهو العالم المدرَك بالمخيِّلة، وهو يقع بين العالم الحسِّي والعالم العقلي، لأنه يحوي الصورة ولا يحوي المادة.

إن العالم الإشراقي للسهروردي هو، بحق، هاجس أونطولوجي بالدرجة الأولى، كما لاحظ ذلك د. حسين مروة؛ ويأتي حلُّ مشكلة المعرفة عنده من خلال البناء الأونطولوجي ذاته: فاتجاه الفيض النازل الذي يقوم بفعل الإيجاد أو الخلق، يقابله الاتجاهُ الصاعد، وهو اتجاه المشاهدة أو المعرفة[32]. أي أن النور، كما يحقق الوجود، يحقق لهذا الوجود أن يدرك ذاته بوصفه نتاجًا لهذا النور، فيكون الوجودُ، في المحصلة، نورًا يدرك ذاته. والسهروردي لا يقول بوجود الظلمة، على مذهب الزرادشتية والمانوية؛ فالظلام ليس إلا العدم، أو عدم النور[33].

وإذا كنَّا نستطيع أن نتلمس أزلية العالم عند السهروردي بناءً على أن الشيء الذي يتوقف وجودُه على شيء آخر فإنه يكون موجودًا متى وُجِدَ هذا الشيء، وبالتالي، فإن العالم أزلي لأنه معلول لله[34]، فإن الأمر يبدو مضطربًا عند الحلاج: ففي حين أنه يؤكد أنْ ليس من فارق بينه وبين الله سوى القِدَم والحدوث ("يا [مَن] هو أنا وأنا هو، لا فرق بين إنيَّتي وهويتك إلا الحدث والقِدَم."[35])، وأن الله "ألزم الكلَّ الحدث لأن القِدَم له"[36]، نراه يتحدث عن وجود محمد بأنه قد سبق العدم، وأنْ ليس في الأنوار نورٌ أقدم من نوره[37].

لم يصرح أيٌّ من الحلاج أو السهروردي بـ"وحدة الوجود". إلا أن هذه الصورة السهروردية للنور تجعلنا أمام موجود حقيقي واحد هو مصدر الأنوار جميعًا ("نور الأنوار" = الله)؛ كما أن الحلاج، في تعبيراته الحلولية، وفي تأكيده أنْ "ليس مع الله أحد"[38]، يوصلنا إلى مثل هذه الوحدة. وهذا شأن غالبية الصوفية الذين لا يمنعهم من التصريح بوحدة الوجود – بعد النص الشرعي، ويمكن تأويله – سوى مكابدة التعدد أو الكثرة في الواقع المعايَش[39]. ومن هنا كان تعبير "وحدة الشهود" الذي يريد أن يخفي البُعد الأونطولوجي لوحدة الوجود بغلالة تحيل المشكلة إلى بُعد إپستمولوجي.

مبحث المعرفة (الإپستمولوجيا)

مَن رامَه بالعقل مسترشدًا            أسـرَحَه في حيرةٍ يلهو[40]

هذا هو لسان حال الحلاج أمام الاسترشاد بالعقل والبرهان لمعرفة خفايا الوجود، أو "أسرار التوحيد" وفق مصطلح القوم. وبذلك يكون الطريق الصحيح هو طريق الكشف والإلهام والذوق. وهذا الطريق، يكون فيه المرءُ مرهونًا للإشراقات الإلهية التي تنير له ما خفي عنه. إلا أن ارتهانه ليس سلبيًّا بالمطلق؛ إذ لا بدَّ من تهيئة النفس عبر ترويض البدن بالصلاة والصيام وغير ذلك من مجاهدات عُرِفَ بها المتصوفةُ في سلوكهم الطريق.

مثل هذا الموقف السلبي من العقل، نجد جذوره القديمة عند بعض الهرامسة الذين،

[...] إذ يقيمون فاصلاً لانهائيًّا بين الله والعالم، وإذ يؤكدون، بالتالي، أن الله لا تدركه العقول ولا الأبصار، يؤكدون، من جهة أخرى، أن الطريق إلى معرفة الله هي النفس لأنها جزء من الله [...]. أمَّا العقل فهو، في نظرهم، إنما يستمد مدرَكاتِه من الأجسام، وما في حُكم الأجسام؛ والأجسام لا يمكن أن تؤدي بأية صورة من الصور إلى معرفة الله.[41]

إن المعرفة "الذوقية" التي تتحصل على شكل إلهامات إنما تُعاش تجربةً، لا تجريدًا وقياسًا. وهي، إنْ أمكن أن تجد لها في ملَكات النفس صياغاتٍ لغويةً واعية، فإن هذه الصياغات، بخروجها من دائرة المعرفة إلى دائرة التعبير، تقع في إشكاليات جديدة. ومن هنا كانت للقوم لغتُهم الخاصة القائمة على الغموض والرمز؛ فكانت صفة "العارف" عندهم بأنه العاجز عن المعرفة. يقول الجنيد:

أشرف كلمة في التوحيد ما قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: "سبحان مَن لم يجعل لخلقه سبيلاً إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته."[42]

ويرى فخر الدين الرازي أن

[...] مقام التوحيد يضيق النطق به، لأنك إذا أخبرت عن الحق فهناك مخبَر عنه ومخبَر به ومجموعهما؛ فهؤلاء ثلاثة لا واحد. فالعقل يعرفه، والنطق لا يصل إليه.[43]

والعقل، في هذا السياق، هو شكل من أشكال المعرفة الذوقية، وليس بمعنى الملَكة المنطقية، وإلا كان عاجزًا في الأصل عن إدراك لغز[44].

يقول الحلاج: "لا يجوز لمن يرى غير الله أو يذكر غير الله أن يقول: عرفتُ الله." وفي المحصلة، تكون المعرفة هي العجز عن المعرفة؛ وبدقة أكبر، يكون أكثر الناس معرفةً بالله أشدهم تحيرًا فيه. فيكاد الحلاج، في بستان المعرفة، أن ينتهي إلى "شكِّية" أو "لاأدرية" تسدُّ جميع الطرق التي تعتمدها المدارسُ الفكرية في عصره سُبُلاً إلى المعرفة، لولا أنه ينتهي إلى تعريف العارف بأنه "مَن رأى"[45]:

رأيـتُ ربِّـي بعين قلبـي            فقلت: من أنت؟ قال: أنت![46]

إن مثل هذه الصورة لنظرية المعرفة الحلاجية، بإقصائها للعقل والبرهان واستسلامها للكشوف والإلهامات، قد تنطوي على الظن بأن الحلاج لم يكابد طُرُق العقل، وأنه مطمئن إلى رؤاه، لا يعكر صفوَه قلقُ المعرفة، وبالتالي، لا يمثل جذرًا حقيقيًّا للإشراق السهروردي الذي يقوم على العقل والكشف معًا. لكن ما يميز طواسين الحلاج هو هاجس التعبير الهندسي عن أفكاره الغريبة والغامضة. يتجلَّى ذلك في الرسوم التوضيحية التي أرفَقَها بالنصوص[47]، كما يتجلَّى في النزعة التحليلية[48] وفي الجدل[49]. ولكننا، على الأرجح، لن نقع على أسلوب "برهاني" أرسطي، بل على أطلال دراسة لأفكار صاغَها المنطق في يوم قديم؛ أو لعل هذه الطواسين هي الصورة "السوريالية" الناصعة للبرهان! وهذا ما سوف يطوِّره السهروردي خلفه في ذرى الأدب الرمزي، من مثل أصوات أجنحة جبريل والغربة الغربية.

وتظهر النزعة "الهندسية" عند الحلاج حين يسأله أحدُهم: "كيف الطريق إلى الله تعالى؟" فيجيب: "الطريق بين اثنين، وليس مع الله أحد!" وحين يطلب منه السائل أن يوضح، يجيبه بقوله: "مَن لم يقف على إشاراتنا لم ترشدْه عباراتُنا." ثم يضيف:

أأنـتَ أم أنـا هذا في إلـهـين!               حاشاكَ حاشاك من إثبات اثنين[50]

فالنزعة البرهانية تتعرض لزلزال هائل يفتِّت حصنَها الحصين، وهو مبدأ الهوية[51]. وهكذا لا يكون الحلاج مرتاحًا من البرهان، بل معلقٌ على صليب العقل والمنطق بانتظار "شهاب الملَّة والدين" الذي سيروِّض البرهان في خدمة العرفان أمام عربة الإشراق. فالحلاج، باضطرابه أمام البرهان وعدم قدرته على إعطائه حجمَه المتواضع أمام العرفان، أصبح، مع أكثر الأنبياء والأولياء (من أمثال البسطامي والتستري)، حكيمًا إلهيًّا متوغلاً في التألُّه عديم البحث – في رأي السهروردي. فإذا علمنا أن المشائيين هم حكماء بحَّاثون عديمو التألُّه، بقي علينا أن نجد حكيمًا إلهيًّا متوغلاً في التأله والبحث معًا، ليكون هو "الحكيم الإشراقي" – وموقع شيخنا السهروردي – لا شك – في هذا المقام.

إن مبحث المعرفة عند السهروردي يلتحم مع مبحثه في الوجود عبر نظرية الفيض، كما لاحظنا – هذه النظرية التي حظيت برواج واسع في الأوساط العرفانية، ولم تُتَبَنَّ في الأوساط المشائية الإسلامية (كالفارابي وابن سينا) إلا بسبب خطأ تاريخي شهير هو نسبة كتاب الربوبية لأفلوطين إلى أرسطو أو لغاية توفيقية.

إن الذوق، كطريق إلى المعرفة، يبقى سيد الموقف عند السهروردي: فهو يعبِّر عن أن ما حصل له من معرفة لم يحصل له بالفكر أولاً، بل كان حصوله بأمر آخر، ثم طلب عليه الحجة – وهذا "الأمر الآخر" هو "الذوق"[52]. وفي آرائه في الفلاسفة والحكماء، يرفع "جمهرة الكبار" في العلوم الكشفية، من أمثال هرمس وآغاثاذيمون وأنباذوقليس وأفلاطون، على المبرِّزين في البرهانيات من المسلمين: فهؤلاء ليس لهم، على حدِّ قوله، إلا البحث عن الأدلة التي لا طائل تحتها، وهو ينعتهم بـ"المتشبِّهة بالفلاسفة" لقصورهم عن إدراك الحقائق الذوقية[53]. وعمومًا، فإن إمام الحكمة الإشراقية اليوناني هو أفلاطون، وليس أرسطو[54].

ويلاحظ د. حسين مروة أن إنكار الطريق العقلي إلى المعرفة عند السهروردي يتجلَّى في كتابه الأساسي لنظرية الإشراق، أي حكمة الإشراق، فلا يبقى الجمع بين الطريق العقلي والطريق الذوقي (يسمِّيه مروة "الطريق الإشراقي") إلا في كتبه الأخرى. ومقابلة د. مروة للطريق العقلي بالطريق الإشراقي ذات دلالة هامة على هذا الصعيد. ففي صفير سيمرغ، يؤكد السهروردي على قصور العقل عن الوصول إلى الحقيقة بقوله:

إن مَن يسعى وراء الحقيقة من طريق البرهان هو أشبه بِمَن يستهدي إلى الشمس بواسطة المصباح.[55]

وهذا القول يحيلنا مباشرة إلى قول الحلاج: "مَن التمس الحقَّ بنور الإيمان كان كمن طلب الشمس بنور الكواكب." إلا أن "الإيمان" هنا ليس العقل بالتأكيد، أو على الأقل، ليس العقل "البرهاني"، بل العقل "البياني" (التمييز لمحمد عابد الجابري). فثمة حجاب آخر أمام العرفان غير حجاب العقل، هو حجاب الشريعة عبر تحنيط نصوصها. والسهروردي، هو الآخر، لا بدَّ أن يكون قد عانى من الفهم الجامد للنصِّ الشرعي؛ ولهذا "كان لا يتقيد في مناقشاته بالنصوص، بل كان يعتمد على الحجة والعقل"[56]. وفي لغت موران، تتهم الجن الهدهد بالجهل والحماقة لأنه قال:

"إننا عندما نتصور الأشياء نصلها بذواتنا." فيشير الوحي على الهدهد عندئذٍ بمخاطبة الناس على حسب فطنتهم. [... فأطبق] الهدهد عينيه على الأثر وقال: "الآن أصبحت أعمى مثلكم."[57]

وهذه إشارة ذكية إلى إشكالية اللغة في نقل المعرفة في شكل عام، وإلى وظيفة الشريعة في مخاطبة العامة في شكل خاص، حيث يغمض الفقيهُ عينيه عن العرفان ليتواصل مع العامة وفق القواعد الشرعية المتعارف عليها.

هكذا يكون قد اتضح طريق المعرفة عند شيخينا – وهو طريق العرفان. ولكن أليس من تراتبية في هذا الطريق؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما هي أعلى درجاته؟

مع النهايات، نصبح على تخوم التصنيفات التي وضعناها لتيسير البحث النظري، حيث جزَّأنا القضية الواحدة إلى مباحث في الوجود والمعرفة والقيم. والآن ستتضح وحدة المسألة في نهاية طريق العارفين عند السهروردي، وهي:

مقام الفحول من الأنبياء والحكماء [...]، حين يصلون إلى هذا المقام تفنى لديهم كلماتُ هو وأنت وأنا في بحر الفناء، وهناك تسقط الأوامر والنواهي.[58]

والفناء، كموضوع وجودي ومعرفي وقيمي، يقع في صلب الفكر الحلاجي أيضًا. وهذه فقرة لطيفة من "طاسين الفهم" نختم بها مبحث المعرفة:

الفراش يطير حول المصباح إلى الصباح، ويعود إلى الأشكال يخبرهم عن الحال بألطف المقال، ثم يمرح بالدلال طمعًا في الوصول إلى الكمال. ضوءُ المصباح علم الحقيقة، وحرارتُه حقيقة الحقيقة، والوصولُ إليه حق الحقيقة. لم يرضَ بضوئه وحرارته، فيلقي جملته فيه، والأشكال ينتظرون قدومه ليخبرهم عن النظر حين لم يرضَ بالخبر. فحينئذٍ يصير متلاشيًا، متصاغرًا، متطائرًا، فيبقى بلا رسم وجسم واسم ووسم. فبأيِّ معنى يعود للأشكال؟ وبأيِّ حال بعد ما صار؟ مَن وصل وصار إلى النظر استغنى عن الخبر، ومَن وصل إلى المنظور استغنى عن النظر.[59]

مبحث القِيَم (الأكسيولوجيا)

لقد لمسنا في مبحثَي الوجود والمعرفة عند شيخينا أن الهدف الأعلى (أو القيمة العليا) للإنسان هو أن يترقَّى صعودًا حتى يتلاشى في مصدر الأنوار ويفنى فيه. إن ثمة قيمةً للنور على صعيد المعرفة أو الحق وعلى صعيد الأخلاق والجمال: فكلما اقتربنا من مصدر الأنوار اقتربنا من الأشرف، وكلما ابتعدنا اقتربنا من الأخس[60]. وهكذا يتأسس نظام القيم على نظام الوجود. إن مثل هذا الأساس الذي يقوم على أولوية قوانين الوجود، وعلى تبعية تقييماتنا لهذه القوانين المودَعة في طبائع الأشياء، يُحدِثُه دائمًا الشغفُ بالحقيقة، أو بقيمة الحق، أو ما يمكن أن نطلق عليه، بمفهوم العصر، القانون العلمي. يقول السهروردي:

[...] المريض، إذا قصَّر في الحمية ونالتْه الأوصاب، ليس ذلك بأن الطبيب المحذِّر انتقم منه، بل هو ما ساق إليه القدرُ من النهمة.[61]

وهكذا فإن البنية الفسيولوجية القائمة على الشراهة هي التي قَضَتْ بوقوع الأوجاع. يجري قول السهروردي هذا في معرض حديثه حول المشكلة الأساسية في علم الكلام الإسلامي: القدر؛ وهي إجابة لمن يسأل: "إن كان الكل بالقدر فلماذا العقاب؟"[62] فالإجابة هي أنه ليس هناك ذاتٌ تنتقم (الطبيب) لأنك أذنبت، بل جسدك، وفق ما كُوِّن ووفق فعله فيما حوله وانفعاله به، قدَّر على ذاته ما قدَّر. فأنت، كذات واعية، إذ تستخدم العقل، يبدو لك أن ثمة أمرًا مفروضًا عليك من الخارج، إلا أن جسدك يشعر أنه هو فقط مفروض على نفسه، أو أن المسألة من البداهة بحيث إنها لا تعنيه. وهذا إرهاص جيد للبرغسونية وللمذهب الحيوي الحديث عمومًا.

وضمن بناء القيم على مكونات الوجود، نرى الشر (أو "عالم الزور والغرور") نتاجًا لقدر من الظلمة على الجناح الأيسر لجبريل:

فسقوط الإنسان من الملأ الأعلى كان بفعل شوقه إلى المعرفة (وهذا الشوق في جبلَّته)، لا بنتيجة خروجه على قواعد الأخلاق. ويجب ألا يُفهَم الخلاص، بالتالي، على أنه ثواب أخلاقي، بل بناء كينوني للمعرفة الروحية.[63]

وفي إيجاز، "موضوعات الأخلاق تستحيل عند السهروردي إلى أبحاث أونطولوجية"[64]. ومثل هذه النظرة إلى القيم تحضر بقوة عند الحلاج. فبعد حوار طويل بين موسى وإبليس في مسألة رفض الأخير السجود لـآدم، يؤكد إبليس – باعتزاز – أن "الفتوة"، كقيمة عليا، هي التي منعتْه من السجود؛ ولكنه، في إجابته لله الذي لا يدرك جميع حقائق الوجود، يجيب بتعليل أونطولوجي، وهو أن النار والطين ضدان لا يتوافقان[65]. ويجيب أيضًا: "خلقتَني من نار، والنار ترجع إلى النار."[66] فالرفض الأخلاقي ليس إلا مظهرًا لعلَّة أونطولوجية عميقة، وهي أن إبليس مخلوق من النار، والعناصر ترجع إلى منبعها، فلا بدَّ أن يعود إلى النار.

وعلى الصعيد العملي للقيم، امتاز شيخنا شهاب الدين بـحس كوني للإنسان. ولا شك في أنه كان يرى رسالته في نشر السلام والإصلاح في العالم. ولهذا كتب في حكمة الإشراق:

فأمبذوقل وفيثاغورث وأفلاطون وأرسطوطاليس وبوذا وهرمس ومزدك وماني، وإن انتسبوا إلى شعوب مختلفة، هم أبناء الإنسانية، أولاً وبالذات، ورسل السلام والصلاح.[67]

وكذلك كان سلفُه الحلاج – وإلا فكيف استطاع أن يجد حتى لـإبليس وفرعون قيمًا أخلاقية وجمالية تكمن في الفتوة؟[68] وكيف استطاع أن ينفذ إلى سرِّ الإنسان الأعمق، فيما يتعدى الإيمان والكفر؟[69]

*** *** ***

تنضيد: نبيل سلامة


[1] باحث من سورية مهتم بالفلسفة والتصوف.

[2] السيرة الشعبية للحلاج، بدراسة وتحقيق رضوان السح، دار صادر، بيروت 1998؛ ص 61.

[3] التنوخي، مشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، بتحقيق عبود الشالجي، دار صادر، طب 2: بيروت 1975؛ ج 6: ص 91.

[4] في مقتله، انظر: سامي الكيالي، السهروردي، دار المعارف بمصر، القاهرة 1966؛ ص 37.

[5] انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، بتحقيق شعيب الأرنؤوط وأكرم البوشي، مؤسسة الرسالة، طب 11: بيروت 1998؛ ج 14: ص 317.

[6] سير أعلام النبلاء، ج 12: ص 208.

[7] ديوان الحلاج، بتحقيق كامل مصطفى الشيبي، منشور في: الحلاج، الديوان يليه كتاب الطواسين، منشورات الجمل، كولونيا 1997؛ ص 23.

[8] المرجع نفسه، ص 88.

[9] ديوان الإمام شهاب الدين السهروردي، بتحقيق أحمد مصطفى الحسن، دار يعقوب للطباعة والنشر (د.ت.)؛ ص 78.

[10] سامي الكيالي، السهروردي، ص 102.

[11] ورد في الكثير من كتب التاريخ. انظر، على سبيل المثال: مسكويه، تجارب الأمم، اعتنى بالنسخ والتصحيح هف آمدرور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة (د.ت.)؛ ج 1: ص 80.

[12] السهروردي، اللمحات، بتحقيق إميل المعلوف، دار النهار للنشر، بيروت 1996؛ مقدمة المحقق، ص 11.

[13] ديوان الحلاج، ص 89.

[14] انظر: ديوان الحلاج، ص 108-109، وديوان السهروردي، ص 80، والسهروردي، ص 43.

[15] السهروردي، ص 106.

[16] أبو الوفا التفتازاني، مدخل إلى التصوف الإسلامي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة (د.ت.)؛ ص 194.

[17] الموسوعة الفلسفية العربية، برئاسة تحرير معن زيادة، معهد الإنماء العربي، 1986؛ مج 1: ص 73.

[18] انظر: المرجع نفسه، مج 2، ج 1: ص 109.

[19] الحلاج، الطواسين وبستان المعرفة، بإعداد وتقديم رضوان السح، دار الينابيع للنشر والتوزيع، دمشق 1994؛ ص 43.

[20] المرجع نفسه، ص 44.

[21] نفسه، ص 55.

[22] نفسه، ص 45.

[23] Al-Hallāj, Kitāb al-Tawāsīn, Édition critique de Louis Massignon, Librairie Paul Geuthner, Paris 1913 ; p. 129.

[24] Ibidem, p. 129-130.

[25] Ibidem, p. 130.

[26] الطواسين وبستان المعرفة، ص 44.

[27] محمد ياسر شرف، حركة التصوف الإسلامي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1984؛ ص 218.

[28] المرجع نفسه، ص 225.

[29] السهروردي، هياكل النور، عن: سعد الدين كليب، البنية الجمالية في الفكر العربي الإسلامي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1997؛ ص 53.

[30] مقدمة أبو ريان لـهياكل النور، عن: مدخل إلى التصوف الإسلامي، ص 195-196.

[31] السهروردي، حكمة الإشراق، عن: المرجع نفسه، ص 196.

[32] حسين مروة، النزعات المادية في الإسلام، دار الفارابي، بيروت 1981؛ ج 2: ص 240-241.

[33] انظر: المرجع نفسه، ص 241.

[34] انظر: المرجع نفسه، ص 255-256.

[35] أخبار الحلاج، بتحقيق ل. ماسينيون وپ. كراوس، مطبعة القلم، باريس 1936؛ ص 21.

[36] انظر: أخبار الحلاج، ص 75.

[37] المرجع نفسه، ص 31.

[38] الطواسين وبستان المعرفة، ص 44.

[39] يلاحَظ هذا حتى عند ابن عربي، صاحب الصياغة الأكمل لوحدة الوجود، وذلك بتأمل بعض أقواله مثل: "إن الله كوَّن الأكوان اقتدارًا عليها، لا افتقارًا إليها، وكمال حكمته في التكوين، وذلك لإظهار شرف الماء والطين"، الذي يورده د. حسين مروة، ملاحظًا اعتبار الأكوان والماء والطين موجوداتٍ بوجود مغاير لوجود الله. راجع: النزعات المادية...، ج 2: ص 242، حاشية.

[40] ديوان الحلاج، ص 74.

[41] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، طب 3: بيروت 1988؛ ص 178.

[42] الرسالة القشيرية، بتحقيق معروف زريق وعلي عبد الحميد أبو الخير، دار الخير، طب 2: بيروت ودمشق 1995؛ ص 300.

[43] الشعراني، الطبقات الكبرى، دار الفكر، القاهرة 1954؛ ج 1: ص 108.

[44] محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، طب 2: بيروت 1987؛ ص 503-504.

[45] الطواسين وبستان المعرفة، ص 87، 54.

[46] ديوان الحلاج، ص 32.

[47] انظر، على سبيل المثال: الطواسين وبستان المعرفة، ص 51، 54.

[48] لاحظ الرغبة في تجزيء الموضوع إلى عناصر: المرجع نفسه، ص 47 و51، على سبيل المثال.

[49] لاحظ الأسلوب الحواري: المرجع نفسه، ص 53 و60-61.

[50] أخبار الحلاج، ص 75.

[51] أساس المفارقة هو اصطدام المنطق الصوري بالواقع التجريبي على الصعيد المعرفي، وبالشريعة على الصعيدين الأخلاقي والاجتماعي، وإنْ كانت الشريعة هي التي أعطت المقدمة للتوحيد (الصفات المطلقة لله)، لينتهي هذا منطقيًّا أو برهانيًّا إلى ما انتهى إليه على يد المتصوفة. انظر مقدمتنا لـالطواسين وبستان المعرفة، ص 12-15.

[52] السهروردي، ص 41.

[53] السهروردي، التلويحات، عن: اللمحات، مقدمة المحقق، ص 28.

[54] اللمحات، مقدمة المحقق، ص 34.

[55] صفير سيمرغ، عن: النزعات المادية...، ج 2: ص 253.

[56] السهروردي، ص 20.

[57] اللمحات، مقدمة المحقق، ص 40، حاشية.

[58] المرجع نفسه، ص 45، حاشية.

[59] الطواسين وبستان المعرفة، ص 47.

[60] ورد في اللمحات: "ابتدأ الوجود من الشرف فالأشرف" (ص 143). وينبغي ألا نفهم من العبارة الصعود، كما تفيد الصياغة اللغوية، بل الهبوط، أي من الأشرف إلى الأقل مرتبةً في الشرف.

[61] "مختارات من آثار السهروردي"، منشورة في: السهروردي، ص 83.

[62] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[63] اللمحات، مقدمة المحقق، ص 36.

[64] أحمد محمود صبحي، الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي، دار المعارف بمصر، القاهرة 1969؛ ص 118.

[65] الطواسين وبستان المعرفة، ص 63.

[66] المرجع نفسه، ص 60.

[67] السهروردي، حكمة الإشراق، عن: السهروردي، ص 40.

[68] الطواسين وبستان المعرفة، ص 62.

[69] أخبار الحلاج، ص 53.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود