|
الإصلاح الديني: مهمة
فردية لا داعي لتكرار الحديث عن
الحال التي آل إليها وضعُنا. تكفي الإشارة إلى
ما أوْرَدَه صحافي تركي بارز في تقويمه للوضع
في العالم العربي، اعتمادًا على التقرير
الإنمائي للأمم المتحدة للعام 2002، الذي يشير
إلى أن مجموع سكان 22 دولة عربية يبلغ 280 مليون
نسمة، وأن عددهم سوف يتجاوز، في غضون 20 عامًا،
400 أو 450 مليونًا. ويبلغ مجموع دَخْل هذه
البلدان مجتمعة 531 مليار دولار؛ وهو يقل عن
دخل دولة أوروبية واحدة مثل إسبانيا (595 مليار
دولار)، مع الأخذ في الاعتبار أن مجموع سكانها
لم يكن يزيد عن 39 مليون نسمة في العام 1998،
ناهيك عن الفوارق الإنمائية بين البلدان
العربية نفسها. وبحسب
التقرير نفسه، يبلغ عدد الأميين بين السكان
البالغين 65 مليونًا (ثلثاهما من النساء)؛
وهناك 10 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة، و6
في الألف من السكان فقط يستفيدون من خدمات
الإنترنت. كما أوردتْ الصحف أخيرًا رقم 40
مليون عاطل عن العمل في العالم العربي. هذا
وسوف يُضاعف العرب معدَّل دَخْلهم العام من
منظار أرقام اليوم ومعطياته بعد 140 عامًا،
فيما ستُضاعف الدول في مناطق أخرى هذا الرقم
في غضون عشرة أعوام. فهل
هناك من وضع أحرج من ذلك؟ وما الذي نحتاج إليه
للخروج من هذا الوضع؟ إن أكثر ما نحتاج إليه
هو التغيير – التغيير الجذري، على جميع
الأصعدة. ولكن كيف يمكن لذلك أن يتم؟ يشير
غاستون بوتول إلى أن "التقدم في ميدان
التفكير حول المظاهر السوسيولوجية لا يحصل
إلا في أوقات الأزمات الكبرى، خاصة عندما
تهتز المؤسَّسات التقليدية أو تتغير نظرًا
لحصول حوادث تاريخية تساهم في قَلْبِها على
الأقل". لكن هذا التقدم لا يحصل
أوتوماتيكيًّا، ولا تستدعي كلُّ أزمة
التقدمَ حقًّا – وإلا فما هو التفسير الذي
سوف نعطيه لكون الأزمة الكبرى (وسُمِّيتْ "النكبة")
التي تعرَّض لها العالم العربي في العام 1948 لم
تنتج، في غضون أكثر من 50 عامًا، سوى الخراب؟!
المطلوب أكثر من أزمة أو كارثة؛ المطلوب،
بحسب بوتول، أن يترافق ذلك مع "فترات صحو"
وتوفُّر "بيئة فكرية"، أو على الأقل،
مجموعة من البشر معتادين، بسبب ميلهم الخاص
أو بسبب مهنتهم، أن يكونوا قادرين على تحليل
الوقائع والتفكير تفكيرًا حرًّا حول
المواضيع المجردة. ويقدم بوتول مثالاً
اليونان القديمة التي تعرَّضتْ لهزة كبيرة
بعد قرون من الازدهار خضَّتْ مؤسَّساتها
جميعًا، وعانت خلالها من الحروب والثورات في
مدنها، وفي الوقت نفسه ازدهرتْ فيها المدارس
الفلسفية والصوفية وظهر أفلاطون وأرسطو. لكلِّ
مجتمع، بالطبع، تقاليدُه ومؤسَّساته
وثقافته؛ ولكن محرِّك المجتمعات الإنسانية
عبارة عن أساطير مؤسِّسة (أو "سرديات" récits،
بحسب كارل بوبِّر).[1]
ولقد قام كلافيل بمراجعة الأساطير المؤسِّسة
للمجتمعات الأوروبية، تلك الأساطير التي
دفعتْها إلى التقدم والتطور اللذين عرفتْهما.
وهي أساطير مؤسِّسة بسيطة، غايتها إما تخليص
الإنسان وإما تخليص المجتمع، وخلفيتها
العامة فكرة الخلاص المسيحي. وإذا
ما حاولنا القيام بالعمل نفسه في العالم
العربي، ماذا نجد؟ ما هي "الأساطير
المؤسِّسة" المحرِّكة؟ وكيف يتم البحث
عبرها عن خلاصنا؟ وإذا كان الدين الإسلامي قد
شكَّل المحرِّك الدينامي الأساسي لهذه
الشعوب في مرحلة ما، فما الذي تغيَّر الآن كي
لا ينجح مجددًا فيما نجح فيه سابقًا؟ ماذا
ينبغي أن نعمل؟ في أولوية الإصلاح الديني في
اجتماع لعدد من المثقفين اللبنانيين في إثر
ضربة 11 أيلول، تمَّ التأكيد على أزمة الذات
والتراث وعلاقتهما بما حصل. وبدا أن المدخل
الصالح للمقاربة هو الانطلاق من الذات لتوصيف
الأزمة وللإجابة عن سؤال: لماذا نحن على ما
نحن عليه من تخلف؟ وقد تمَّ استحضار سبب
أساسي، وهو أن كلَّ محاولات النهضة والعقلنة
لم تقم على أساس الإصلاح الديني. جرتْ محاولة
إصلاح ديني في القرن التاسع عشر للتصالُح مع
العالم، حاولت الدخول من باب التنظيمات وقيام
دولة حديثة وحركة تصنيع. لكن هذه المحاولة
ضُرِبَتْ في الثلاثينات والأربعينات:
ضَرَبَها الفكر القومي واليساري، ولاحقًا
الإسلاموي. وتشكِّل
الذهنية الأحادية والرافضة للآخر مشكلة أخرى
تقف عائقًا أمام الإصلاح. فالمثقف العربي
الحديث بنى علاقة رفْض للإسلام وغذَّاها منذ
الخمسينات والستينات وحتى الثمانينات،
وحمَّل الفكرَ الدينيَّ الرافضَ وغير المؤمن
بالتحاور وحده المسؤوليةَ عن الإرهاب وعن
أمثال بن لادن. هناك،
عمومًا، إجماع على أهمية مسألة الإصلاح
الديني. فالعالم الغربي (وكذلك الصين
واليابان) لم يتطور إلا بعد قيام حركة إصلاح
ديني جذرية طاولت المجتمعات الأوروبية بعمق،
من اللوثرية إلى الكالفنية. ولم يقتصر أثر
الإصلاح الديني على المؤسَّسات الاجتماعية
فقط، بل طاول البنية الفكرية والذهنية للفرد
المتديِّن – وهو ما يهمنا في هذا الإطار –
وظهر على شكل قلق عند أوائل الكالفنيين، بسبب
عدم الثقة في نيل الخلاص، وترسيخ فكرة أن الله
يترك البشر أمام مسؤوليتهم عن أفعالهم. وقد
أوصلهم ذلك إلى المسؤولية الفردية والضمير.
فسعادة الفرد هي في تحقيق ذاته وتحمُّل
مسؤولياته. ولا
بدَّ هنا من الإشارة إلى أهمية الإصلاح
الديني الجذري الذي يذهب في أثره حتى تحريض
تغيير يبلغ من العمق أنه يطاول بنية الفرد
النفسية. ولهذا أثر كبير في خلق دينامية تسمح
بالتغيير. فكما يكتب بوتول: "لا تصبح
المؤسَّسات فاعلة ومؤثرة إلا في الحدود التي
تكون فيها مندمجة في أفراد مفكرين، وحيث تصبح
مكوِّنًا من مكوِّنات شخصيتهم. وإذا لم تكن
على مستوى كلِّ فرد، أو كائنة فرديًّا individualisées،
تنعدم فائدتُها أو تصير شبيهة بكتابات غير
مفهومة تعود إلى مجتمعات بائدة...". إن
السِّيَر الشخصية هي التي تركت أثرها في ما
بعد على البشرية جمعاء. فالبشر يعمِّمون
نتائج تجاربهم الفردية وينشرونها بربطها
بقواعد ومبادئ أخلاقية، تصبح بعدئذٍ مولدة
لتيار من الآراء، أو حتى لمؤسَّسات جديدة، أي
وقائع سوسيولوجية جديدة. وليس التجديد فاعلاً
على مستوى التقنيات ، بل في ميدان القيم. وهنا
يأتي دور التربية والقيم والمُثُل العليا
التي تتبناها. وسوف نتطرق إلى ذلك لاحقًا. ازدواجية القيم والمعايير فماذا
يعني الإيمان الآن بالنسبة إلى العربي
المسلم؟ كيف يتصرف في حياته اليومية؟ أليس
الشعور بالمسؤولية هو أكثر ما يفتقر إليه
إنسانُنا العربي؟ وما معنى أن يكون الإنسان
"مسلمًا"، خاصة عندما يشهر ذلك بوسيلة
عدوانية ويحاسب الآخرين على سلوكهم الداخلي
– عندما يكفِّرهم ويتهمهم بالردَّة؟ يعتقد
البعض، مثل كارل ياسبرز، الذي نقل مالك بن نبي
ما كتبه عن الإسلام، أن "الإسلام دين محوري.
فالمسلم يتخذ من الدين محور حياته كلِّها: فهو
مفتاح نفسيته والمقياس الذي تقاس عليه جميع
أشكال سلوكه؛ وهو ما يفسِّر أن الأوامر
السماوية لها عنده تأثير وسيطرة أكثر من
أوامر حياته العادية". هذه قطعًا نظرة
أدبية استشراقية، والممارسة تبتعد كثيرًا عن
هذه الصورة الإيديولوجية: فهناك دائمًا بُعد
كبير بين الممارسة والنظرية، حتى عند فئات
المتديِّنين أنفسهم. وما علينا إلا أن نرصد
سلوك المسلمين، بمن فيهم مَن يشهرون إسلامهم
في معاملاتهم اليومية، كي نسجل نسبة
الازدواجية الكبيرة التي يعاني منها الأفراد
في مجتمعنا، وطُرُق التعامل الملتوية، مثل
عدم احترام الوقت أو الطبيعة أو البشر،
والطريقة غير اللائقة في كيفية التخاطب، أو
التسبب في إقلاق راحة المحيط، إلى ما هنالك من
أنواع السلوك الذي يدل على انعدام المسؤولية
والضمير. فعلى
العكس من سلوك الفرد الغربي العادي (وكان سبق
لمحمد عبده أن قال إن في أوروبا مسلمين من غير
إسلام وفي العالم الإسلامي إسلام من غير
مسلمين)، ربما كان الأمر يتعلق، في العمق،
بالموقف اللاهوتي المختلف بين الديانتين
الإسلامية والمسيحية (خاصة بعد حركة الإصلاح
الديني)؛ وهو ما أشار إليه المستشرق الألماني
ناغل، في محاولته لفهم الاختلاف بين الفرد
المسلم والفرد الغربي المسيحي. وما يهمنا
هنا، على كلِّ حال، هو النتيجة التي توصل
إليها: "إن المسلم مطمئن لعيشه في ظل الله
الغفور، وفي ظلِّ الأمة التي يشكِّل
الانتماءُ إليها بحبوحةً وواسطة بين الله
والعبد. لذا نجد أن الفردية فكرة غريبة عن
المسلم، السنِّي والشيعي على حدٍّ سواء.
وليست هناك معاناة عند السنِّي الأشعري."
وهو يستنتج أن "الضمير وليد الفردية، ووليد
الاستقلالية، ووليد إحساس بالمسؤولية في
ظلِّ قيم علمانية أو أخلاقية إنسانية. يمكن
للمسلم المتدين أن يشعر بالخوف أو المعصية،
لكنه سرعان ما يُطَمْئِن نفسه إلى التوبة
والمغفرة. ليس هناك لديه من قلق وجودي من
النوع الذي يحس به الفرد الغربي." ولتأكيد
هذا الزعم، يمكن العودة إلى دراسة أُجْرِيَتْ
حول موقف اللبناني من هذه القيم، بيَّنتْ أن
المجتمع اللبناني – وهو نموذج مخفَّف عن
الوضع في العالم العربي – يُظهِر الاهتمام
بالمحافظة على القيم التقليدية والمحرَّمات
الدينية والجنسية. فالأخلاق تدور حول هذه
المحاور؛ لكن عندما يتعلق الأمر بالمحرَّمات
الاجتماعية التي تتعارض مع "تدبير الحال"
ومع المكيافللية الاجتماعية والسياسية، لا
يعود التشدد قائمًا، ويسود القبول بازدواجية
المعايير. كذلك أظهرتْ الدراسة إباحة كبيرة
في خرق المعايير عندما تكون غير ظاهرة: مثل
عدم الإعلان عن حادث أو عن مال وُجِدَ مصادفة.
وهكذا نلحظ، على الرغم من وجود سطوة
المحرَّمات الدينية، أنها لا تنعكس على
السلوك اليومي للناس المتعلق بالنزاهة
وبالمسؤولية الفردية. وإذ يُظهِر المجتمع
اللبناني درجة عالية من التمسك بالدين (تبلغ
53% مقارنة مع المجتمع الأوروبي الذي تبلغ
النسبة فيه 17% فقط)، إلا أنه عندما يتم
التقصِّي عن فضيلة الأمانة نجدها تبلغ في
المجتمع اللبناني "المتديِّن" 48%، بينما
هي في المجتمع الأوروبي "غير المتديِّن"
73%. كذلك الأمر بالنسبة إلى المسؤولية
الفردية؛ إذ إنها في لبنان 38% وفي أوروبا 48%. تؤكد
هذه الإحصاءات أن الضمير في مجتمعنا يتشكَّل
وفقًا لمعايير اجتماعية خارجية أكثر مما هو
صفة داخلية ملازمة للفرد في جميع أنواع
السلوك، الظاهر للعيان وغير الظاهر. وذلك
يتعلق ببنية مجتمعنا العربي الذي ينحو إلى
التمسك بالقيم نتيجة الضغوط الخارجية
الصارمة، وذلك تبعًا لأساليب التربية التي
تشدِّد على العقاب أكثر مما تشدِّد على
الإقناع، على ما يذهب إليه هشام شرابي. لذلك
يمتثل الشخص في حضور السلطة، ولا يمتثل في
غيابها. وذلك يعني وجود الاحترام الأحادي،
مما يدعم فكرة وجود إواليات التبعية؛ إذ إن
الاستقلالية autonomie
تفترض الاحترام المتبادل
والمعاملة بالمثل، أي تفضيل العدالة على
الطاعة؛ وهي من أهم إواليات الاستقلالية.
ويسبِّب شعور التبعية هذا غلبة الانتماء
الجمعي: يصبح الفرد مجرد منفِّذ لقوانين
وأوامر أو مصالح، وتنتفي هنا مسؤوليته
الفردية.[2] ويمكن
أيضًا العودة إلى كتابات كلٍّ من مالك بن نبي
ومكسيم رودنسون عن شخصية المسلم المزدوجة في
تعامُله مع الدين، لكي نعي عمق المشكلة التي
تعاني منها مجتمعاتنا وإنسانُنا. لذا يمكن
الاستنتاج بأن الضمير وتبنِّي القيم
الأخلاقية ليسا بالضرورة على علاقة بالتدين،
وأن كثرة تعداد المتديِّنين العرب لا تكفي
حلاً للمعضلات التي نعاني منها. في ضرورة ارتباط التغير الاجتماعي
بالتغير النفسي (الرقابة الداخلية) وقد
يستغرب البعض هذا التشديد على قيم مثل الضمير
والمسؤولية. ولكن – ولكي تسير الأمور في
المجتمعات الحديثة كما يجب – يجدر أن تترافق
التغيرات الاجتماعية بتغيرات على المستوى
النفسي. فالمجتمع الحديث مكوَّن من عدد كبير
جدًّا من الأفراد؛ وكلُّ واحد منهم يلعب دوره
المحدَّد له بمفرده من أجل التوصل إلى النجاح
النهائي. مثال للتوضيح: لا يمكن لخدمة البريد
أو الطيران أو أية مؤسَّسة حديثة أن تعمل في
شكل فعال ما لم يقم كلُّ فرد بمهماته كما
ينبغي، مهما صغرتْ. فالبريد، مثلاً، يتعلق
بالمواصلات، الأمر الذي يعني ضرورة وجود
علاقات اجتماعية وتفاعلات معينة لا تعمل
جيدًا إلا إذا احترم كلُّ فرد الاتفاقات
المبرمة. وهذا ليس ممكنًا إلا إذا كان كلُّ
شخص مهيأ لكي يسيطر على نفسه ويضبطها. ولا
ينجح ذلك إلا عندما يفهم كلُّ شخص أن العمل
الذي يقوم به هو حلقة من سلسلة طويلة من
التداخلات، وأن المسؤولية الفردية هي العامل
الحاسم في نجاحها. لا يعقل، في مثل هذه
الوضعية، أن يترك شخص معين – أي شخص – عمله من
دون أن يخبر عن ذلك في الوقت المناسب. والأمر
هنا لا يتعلق بحاجة هذا الشخص الذاتية، كأن
يكون قد حصل على حاجته من المال مثلاً، ولم
يعد يريد العمل؛ فارتباطه أو عدمه يخلُّ بسير
عمل المؤسَّسة ككل. ومن هنا أهمية النظرة إلى
العمل. يُعتبَر
العمل في التوراة قصاصًا: "تجني رزقك بعرق
جبينك." بينما تغيَّر مفهوم العمل في
المجتمعات البرجوازية الحديثة وصار العمل
قيمة في حدِّ ذاته: واجبًا ومهنة وطريقة جديدة
في إعطاء معنًى للحياة. حتى الحيوانات
الرمزية تغيرتْ: فالصور الحيوانية التي ترمز
إلى النبل والبطولة (الأسد والذئب والدب
والنسر) استُبدلتْ بها الرموز التي تمجِّد
قيمة العمل (النملة والنحلة إلخ). صار العمل
هدفًا في ذاته. أما الغناء والتسلية في أثناء
العمل، فلا يطلق كلَّ طاقتنا الإنتاجية، وهو
مرذول في النهاية، بحسب حكاية لافونتين
المشهورة "النملة والصرصار". ومَن يقدر
على تغيير "جلده النفسي" يحصل على أكبر
الحظوظ في التقدم في مجتمع شديد الحراك
عموديًّا. عليه أن يجرؤ على تحمُّل التغييرات
والقيام بها، وعلى امتلاك جرعة كبيرة من
الثقة بالنفس ومن المبادرة ومن السيطرة على
الذات ومن حبِّ العمل، لأن ذلك كلَّه يتصاحب
بارتفاع ملموس في مرتبة الفرد اجتماعيًّا. هذا
الفرد، الذي برز كفاعل له سمات شخصية وخاصيات
مميزة، اتَّسم باتساع حيِّزه الخاص والحميم
والشخصي (على صعيد الحياة الشخصية والجنسية
وفي ما يتعلق باللباس). بينما السلوك الشخصي
للمواطن العربي حتى الآن (كما في السعودية في
شكل بارز) مسألة متعلقة بالخارج ومراقبة من
جانب المجتمع، وخاصة من جانب السلطات
البوليسية، وتُستخدَم فيها القوة الجسمانية
من أجل الحفاظ على الامتثال والخضوع: إنها
هيمنة الضغط الخارجي. ومن الملاحَظ هنا أن هذه
القواعد المقررة والمفروضة من طريق الإخضاع،
يشبه الموقفُ منها الموقفَ من إشارات المرور:
المخالفة هنا لا تثير سوى الشعور بالخجل أو
الخوف من افتضاح أمرنا (لأننا ضُبِطْنا،
وبسبب الغرامة التي علينا دفعها أو القصاص)،
لكنها لا تثير فينا الشعور بالذنب. في
مجتمعات معقدة أو حديثة (عصرية) لا يعود نظام
الضبط الخارجي كافيًا أو فعالاً، بل يجب
استبدال آخر داخلي به على المستوى الفردي
يكون أكثر فاعلية واستمرارية. إن الضغط
الداخلي يعني ممارسة ضغط مغفل في شكل غير
مباشر، قادر وفاعل وغير مرئي، هو الذي يؤمِّن
حُسْن سير المجتمع. هذه الأنظمة من الرقابة
تتطلب الكثير والكثير جدًّا من التربية. لذا،
في مرحلة لاحقة، تصير قبضة الضبط أكثر رخاوة.
ففي نظام تربوي متناسب يكون دور مربٍّ واحد
أكثر فاعلية من دزينة من رجال البوليس. في
نظام الضبط الخارجي قد يؤدي كشف المخالفة إلى
الخجل، لكنه لا يستدعي تأنيب الضمير والشعور
بالذنب، كما في حالة الانضباط الداخلي.
فالذنب هنا لا نشعر به فقط تجاه الآخرين، بل
تجاه أنفسنا. ويمكن للأمر أن يؤدي في بعض
الظروف لأن يُثقِل هذا الذنب على صاحبه إلى
درجة عدم استطاعته المغفرة لنفسه حتى
الانتحار (في حالة اكتشاف فساد رجل دولة محترم).
وتعطينا المدرسة التحليلية النفسية هنا
الكثير من الأمثلة على ذلك. يصبح الأمر هنا
متعلقًا بالأخلاق؛ والاستقامة أو النزاهة
تصبح صفة مستدمَجة، نتطلَّبها من أنفسنا، من
أجلنا نحن. وهذان موقفان مختلفان جذريًّا: لا
يعود الفرد يقبل القيام بما هو غير شريف، ليس
فقط بسبب مراقبة الآخرين له، بل بسبب رقابته
الذاتية على نفسه؛ بل أكثر من ذلك، بسبب رفضه
القيام بالعمل لأنه سيئ في حدِّ ذاته، فينتهي
عنه، حتى وهو وحيد ومنعزل لا يراه أحد. فالنهي
يأتي من الشخص نفسه؛ وهو نهي أقوى من النهي
الآخر المفروض خارجيًّا بالطبع. ماذا
يقدِّم هذا الانضباط الداخلي للشخص؟ يقدِّم
له ضبط النفس من أجل التوصل إلى السلام
الداخلي؛ وهذا من شروط الحضارة الحديثة:
الاستمتاع الحر والخالي من كلِّ قلق. وهذه
السيطرة الذاتية لا تعني، بأيِّ شكل، أنها
نقيضة للحرية. فالحرية تفترض اتخاذ تدابير
غير واعية، ضغطًا داخليًّا غير مرئي (التعرِّي
striptease
دليل على ذلك)؛ وهي إحدى سيرورات الحداثة.
والسينما أيضًا دليل آخر على معنى الحرية: فهي
عبارة عن اجتماع عدد كبير من الأشخاص في صالة
شبه معتمة تجمع بين أشخاص متنوعين، كبارًا
وصغارًا، نساءً ورجالاً، يشاهدون مناظر قد
تحوي الكثير من الإيحاءات، وذلك دون أن تنفجر
انفعالاتهم وعواطفهم. إنه سياق الحداثة الذي
سمح بجعل هذه المساحات مسالمة وغير خطرة.
والتربية سمحت أيضًا ببناء نوع من حامل يلعب
دور جهاز الانضباط الاجتماعي، وجعلت من
الممكن وجود اتفاق مضمَر يقبله كلُّ واحد من
الموجودين ويفترض قبوله لهذه الضوابط غير
المرئية وللنظام الذي وضعها وطاعته لهما. ومن
هنا تُعَدُّ المطالبة بفصل الجنسين في
المجالس وفي المدارس نوعًا من التقهقر ومن
إعلان فشل التربية. فالاختلاط، طلابًا
وأساتذة، يساهم في خلق أخلاقية أكبر بين
الأفراد، كما بيَّن لنا العمل على المراهقين. دور التربية هذا
الإنسان المعاصر، ما كان يمكن له أن يتهيأ
لولا الدور الفاعل والمتزايد للأنظمة
التربوية التي تمثلت في اتساع دور المدرسة
واشتماله على بعض أدوار الأسرة. إن الفرق بين
الإنسان المتعلِّم والإنسان الجاهل كبير
جدًّا في المجتمع الحديث. فالمدرسة تشتمل على
ميادين أكثر اتساعًا في شكل مطَّرد؛ وهي عامل
نجاح اجتماعي أكيد ورصيد للفرد لا يستهان به.
ويتطلب هذا تغييرًا مهمًّا. فالأسرة التي
كانت تقوم دائمًا بمهمات التربية لم تعد
قادرة على ذلك الآن؛ ومن هنا ضرورة القيام
بعمل كبير على صعيد التربية الوطنية في
العالم العربي. وإن أكثر أنظمتنا فشلاً هو
نظامنا التربوي الذي سمح بوجود 70 مليون أميٍّ
في بداية الألفية الثالثة! هناك
الكثيرون في بلادنا من المهتمين بالتجربة
اليابانية الرائدة التي نقلت اليابان من بلد
متأخر في نموِّه إلى آخر مختلف تمامًا،
استطاع أن يطور نفسه تطويرًا حيويًّا سمح له
بالدخول إلى عصر التكنولوجيا والمنافسة فيه
منافسة متفوقة، وذلك بفضل حركة إصلاح جذرية.
يكتب لوو: "كان للإصلاح في التجربة
اليابانية هدف آخر أساسي، وهو إدخال أنظمة
تربوية قوية وصلبة يتطلَّبها بناء الوطن.
وتمَّ البحث عن المعرفة في العالم أجمع."
وهو يعتقد أن من بين أهم العوامل التي صنعت من
اليابان قوة علمية وصناعية الأهميةَ التي
أولتْها للتأهيل المدرسي، ومن بعدُ الجامعي،
للناشئة. لذا كان أول ميدان اعتنت به اليابان
من أجل الخروج من وضعها السابق تركيزها،
كدولة ومؤسَّسات، على التعليم: كانت وزارة
التربية الرسمية تنظِّم، في أدق التفاصيل،
البرنامج المدرسي المختار من النصوص التي يجب
أن تتم دراستها في جميع المدارس على الأرض
اليابانية. كذلك
كتب الناقد الأدبي كاراتاني كوجين قائلاً بأن
إصلاح الميجي Meiji
(العائد إلى حقبة حكم الميجي) لم يحمل فقط
التقنية العصرية، لكن أيضًا حساسيات وطرقًا
معرفية جديدة. وهو يعتقد أن فكرة الإصلاح
كانت، قبل كلِّ شيء، ثورة فكرية مدفوعة إلى
حدِّها الأقصى. ومن أهم العناصر المركزية
لهذه الأسطورة ما يتعلق بدينامية المعرفة،
بالمعنى العريض، في خدمة الدولة. ويجد كوجين
أن الأبطال الحقيقيين للدولة الميجية هم "تجار
المعرفة"، أولئك الباحثون عن المعارف،
الطلاب الذين يذهبون إلى القارات الأخرى،
والمربون مثل فوكوزاوا يوكيشي، الذي لم يحمل
معه من رحلاته التحمس للعلم وللتقدم الغربيين
فقط، لكن أيضًا المنظار الذي دفع بالفلاحين
الشباب إلى العاصمة. طوال
القرن التاسع عشر، عمل العلماء اليابانيون
على بناء البنية التحتية المفاهيمية
والمادية والاجتماعية لكي يستطيعوا تأويل
المعرفة وإنتاجها. ولقد استطاعت اليابان،
بفضل كلِّ ما تتمتع به من ميزات ثقافية
وتقاليد ونُظُم، أن تمارس النقد الذاتي بعد
الحرب العالمية الثانية، فتعترف بهزيمتها
وتعمل على نبذ العنف وتقوم بعملية استنهاض
اقتصادي عظيم. فما هي مميزات الياباني التي
ساعدت في ذلك؟ وَرَدَ
في تحقيق صحافي عن صفات الياباني الإيجابية،
كما يراها لبنانيون يعيشون في اليابان، أنه
يحترم القانون ولا يغش أبدًا. فعند سؤال صديقة
يابانية: "هل تظنين أن إحدى التحف في محلٍّ
تجاري عمرها فعلاً 100 سنة، كما هو مكتوب؟"،
أجابت: "إذا كان هذا مكتوبًا فيعني أنه صحيح."
كذلك الياباني لا يسرق. وطوكيو هي أكثر
العواصم أمانًا في العالم، حيث تستطيع أية
سيدة أو شابة أن تسير في منتصف الليل من دون أن
تخاف. وهناك أيضًا مسألة الانضباط؛ إذ إن
الياباني يصل إلى مواعيده قبل ربع ساعة، وهو
يحترم الوقت، فلا يخاف من إضاعته سدى.
والياباني مثقف جدًّا ومطَّلع، ويحترم
الآخرين والقوانين؛ كما يتمتع بالتواضع،
الأمر الذي يجعل اليابانيين يفضلون الإشادة
بهم كجماعة لا كأفراد، علمًا بأنهم فخورون
بكونهم يابانيين. ولا
بدَّ هنا من الإشارة إلى الآراء المغلوطة
الشائعة حول التعليم: وحدها الاختصاصات
العلمية البحتة والتقنية يمكن لها أن تفيد في
الارتقاء بأوضاعنا المزرية. إن هذا اتجاه
خطير هو الآخر لأنه يغفل دور التربية
والأفكار، دور الفلسفة والأدب. إن تعلُّم
التقنيات مهم جدًّا بالطبع؛ لكن الأهم منه هو
بناء الإنسان الذي عليه استخدام هذه التقنيات.
وإن القيم والمُثُل التي نغرسها في أذهان
التلاميذ مهمة جدًّا. يرى بوتول أن المثال هو
مقولة فضلى. والمثال ليس مقولة بعيدة، بل، على
العكس، يلعب دورًا محركًا حقيقيًّا، لأنه،
بشكل واعٍ أم لا، يؤثر في أفعالنا. ويمكن
القول إن التصرف لكلِّ البشر، في كلِّ لحظة،
وفي كلِّ الميادين، يقابل مُثُلاً يؤمنون بها
ويُلزمون أنفسهم بالعمل بها. وتأتي
من هنا أهمية الأفكار: إن تجاربنا وتأويلنا
للعالم تتعلق بالأفكار التي تملأ رأسنا. فإذا
كانت هذه الأفكار سطحية، غير متماسكة، وغير
ذات فائدة، فسوف ينتج عنها شعور بالفراغ يمكن
له أن يُملأ بسهولة بأية فكرة أو مفهوم خيالي
أو سياسي أو أيِّ شأن آخر، بما يضفي هدفًا
ومعنى على وجودنا؛ إذ لا يمكن العيش من دون
هدف أو معنًى للحياة الإنسانية. لا يمكن لنا
كبشر أن نعيش من دون أفكار يتعلق بها كلُّ ما
نقوم به ويتمحور حولها. أوليست هذه وظيفة
التربية؟ – نقل الأفكار التي تسمح باختيار
أمر ما بدلاً من أمر آخر، وأن نعيش حياة تكون
أكثر من مجرد خيبة. والأفكار
هي أدوات فكرنا، وليست نتيجته فقط. إننا نفكر
بما نملك من أفكار. وفي كثير من الأحيان، نقوم
بإسقاط الأفكار المسبقة عندنا، ظانِّين بذلك
أننا نفكر. من هنا أهمية سنواتنا الأولى في
بلورة أفكارنا الأساسية التي سوف تشغلنا في
حياتنا اللاحقة. إن أهمية التربية والتعليم
تكمن في أنهما يجعلان الحياة مفهومة: فعندما
يطالب الناس بالتعلُّم فهم يفكرون بالحصول
على ما هو أكثر من مجرد المعرفة البسيطة
للوقائع. قد يصعب تحديد ما يبحثون عنه فعلاً؛
لكن قد تكون غايتهم البحث عن أفكار وقيم تجعل
حياتَهم – والعلومَ التي اكتسبوها استطرادًا
– أكثر قابلية للفهم. إن هذا الفهم يَهَبُ
الشعور بالمشاركة، فيما عدم الفهم يولِّد
الشعور بالاستلاب aliénation. ونادرًا
ما يكون تأثير الأفكار مباشرًا، بحيث تضطلع
بوظيفة التغيير اضطلاعًا مباشرًا وآنيًّا.
ولا يعني ذلك الانتقاص من قيمة الأفكار؛ إذ إن
لها قوة تفوق أية قوة أخرى في العالم. لكنْ
يلزمها الوقت – فترة زمنية كافية – كي تنتشر
ويظهر أثرُها، وذلك عندما تكون على قدر كافٍ
من الحقيقة. إذا
قمنا بمراجعة بسيطة للتيارات الفكرية التي
سادت القرن العشرين أو بمحاولة عمل قائمة
بها، نجد أنها، على التوالي: التطورية،
التنافس والانتخاب، الماركسية، الفرويدية،
النسبية. لكننا، إذا راجعنا هذه الأفكار
وفترة بروزها، نلاحظ أنها منبثقة، في
كلِّيتها تقريبًا، عن بشر عاشوا في القرن
التاسع عشر. من هنا أهمية التساؤل عن أصحابها:
مَن هم؟ وكيف كانوا ينظرون إلى أنفسهم؟ وماذا
كانت علاقتهم بالسلطة حينئذٍ؟ وكيف نظر إليهم
مجتمعُهم؟ وهل اعتقد كلُّ واحد منهم أنه
فيلسوف عظيم وأنهم سوف يسيطرون بأفكارهم تلك
على أذهان أجيال بأكملها وسوف يؤثرون على
مصائر مجتمعات بأسرها أحيانًا؟ إن
هذه الأفكار لم تكن في البداية سوى محصِّلة
سياق ذهني قام به أفراد، غير منقطعين عن أفكار
مَن سبقوهم بالطبع، لكنها لم تكن سوى أفكار.
إذ تلزم فترة زمنية كافية كي تتكون خلالها
الأفكار المبعثرة في البداية، لتؤدي إلى
تكوين تيارات فكرية فاعلة. تلزم 3 أو 4 أجيال كي
تسود أفكار معينة، بحيث تصبح فاعلة، ونادرًا
ما يقع مطلقو هذه الأفكار تحت تأثيرها. يكتب
فاليري بشكل مازح وثاقب في آنٍ واحد: "إن
مهمة المثقفين هي وضع كلِّ الأشياء تحت
إشاراتها، أسماء أو رموزًا، بغضِّ النظر عن
وَقْع الأفعال الحقيقية. ينتج عن ذلك أن
أقوالهم مدهشة، وسياساتهم خطرة، ولذَّاتهم
سطحية. إنهم مثيرون اجتماعيون excitants،
بما ينطوي على ذلك من حسنات ومخاطر عامة." وإلى
أن نولي التربية والتعليم ما يلزم من
الاهتمام من أجل خلق مناخ يحفز على المعرفة
والإبداع؛ وإلى أن تبرز دينامية وحيوية
ثقافيتين على مستوى العالم العربي، تسمحان
بشيوع قيم العمل والإنجاز والمسؤولية
وتبنِّي مفاهيم العدالة والمساواة في الحقوق
والواجبات للمواطن العربي، بغضِّ النظر عن
النوع والعرق؛ وإلى أن يحصل الشاب والشابة
العربيان على بعض ثقة وبعض إحساس بالكرامة –
ربما يمكن لنا أن نأمل عندئذٍ في أن تتطور
بلادُنا نحو الأفضل وأن نخرج من زمن الانحطاط. *** *** *** عن
النهار، الأحد 17 آب 2003 *
أستاذة في الجامعة اللبنانية. [1]
مادام موضوعُنا هو الإصلاح
الديني وتشييد أو تجديد أساطير مؤسِّسة
مناسبة للمرحلة التي نمر بها فلا بدَّ من
الإشارة هنا إلى مسألة مهمة تبدو غير
متوافرة في تراثنا (الحديث منه على الأقل)،
هي ما يطلق عليه كارل بوبِّر: التقليد
النقدي، من ناحية، وصيانة التقاليد وتحريفها،
في الوقت نفسه. وكان هذا التقليد النقدي قد
لقي حتفه في الغرب، حين انقضَّتْ المسيحية
المنتصرة والمتعصِّبة على المدارس في
أثينا. لكنْ ظلَّ هذا التراث (بحسب بوبِّر)
حيًّا في المشرق العربي، إلى أن أعيد
استجلابُه في عصر النهضة. وهو يعتقد أن
التشييد النقدي لأسطورة جديدة لا يفضي
أحيانًا إلى شيء دون التواصل والتتابع.
فعلى الرغم من الحرص على صيانة التقاليد
وتعاليم الأعلام الأوائل بعناية، تنحرف
هذه عن تعاليمهم مجددًا مع كلِّ جيل جديد.
وإذا أردنا ترجمة ذلك في وضعنا الحالي فذلك
يتطلَّب منا العودة إلى نصوصنا الدينية
وتراثنا والنظر إليها بعين ناقدة والتجرؤ
على إعادة قراءتها بما يتناسب مع أوضاعنا
في العالم الذي نحيا فيه اليوم، من دون أن
يتعرَّض المغامر بذلك للتكفير. انظر: كارل
بوبِّر: أسطورة الإطار، "عالم
المعرفة"، عدد 292، الكويت، أيار 2003، ص 69-70. [2]
أكثر ما لفت نظري، في ما يتعلق بالضمير
وبالإحساس بالمسؤولية، حكاية رواها لي
عجوز، كانت حصلت معه في أيام طفولته، عن
رفيق له مات غرقًا في بركة الضيعة بسبب
تشجيع رفاقه له على السباحة والغطس بحثًا
عن شيء ما. حكى لي العجوز ذلك وهو يضحك، من
دون أيِّ شعور بالمسؤولية أو بتأنيب الضمير!
|
|
|