|
علم نفس الأعماق
أكرر لكم أننا لا نحاول إقناعكم بأي شيء، يجب أن يكون هذا واضحًا، فنحن لا نحاول إقناعكم بقبول وجهة نظر معينة، ولا نحاول التأثير عليكم، كما لا نحاول الدعاية لأي شيء. نحن لا نتحدث عن شخصيات، كما لا نتساءل عمن هو المصيب ومن هو المخطئ، بل نحاول معًا فهم ورؤية ماهية العالم وماهية أنفسنا، ماذا فعلنا بالعالم وماذا فعلنا بأنفسنا. سنحاول معًا فهم داخل الإنسان وخارجه. التحرر شرطُ الرؤية الواضحة الوحيد. حيث من الواضح أنه إذا ما تعلق المرء بتجربة معينة وأحكام وآراء مسبقة معينة فإنه لن يكون قادرًا على التفكير بصفاء. تدفعنا الأزمة العالمية الماثلة أمام أعيننا وتحثنا على التفكير معًا لنجد حلولاً لمشاكلنا الراهنة، ليس تبعًا لشخص معين، لفيلسوف أو لمعلم (غورو). نحن نحاول هنا أن نرى معًا، لأنه من الهام أن نتذكر دومًا أن المتحدث إليكم إنما يشير إلى شيء نختبره معًا، فهو ليس منحازًا إلى طرف معين، بل نحن نتعاون في محاولة للفهم، في رحلة تجمعنا، ولهذا فنحن نعمل مع بعضنا.
العنف ظاهرة ملازمة للحياة الإنسانية، ولها تاريخ كما للإنسان تاريخ. تظهر للعنف في السلوك الإنساني أشكال متعددة ومتنوعة يصعب إرجاعها من أجل فهمها إلى عامل واحد، وذلك بالنظر إلى اختلاف مكوناتها وشروط حدوثها، وتنوع الآثار الناجمة عنها من مستوى إلى آخر. لذلك ننطلق في دراسة العنف من فرضية عامة مضمونها أن أشكاله المتنوعة في مظاهرها ومستوياتها غير قابلة للفهم جميعها بالطريقة نفسها أو بإرجاعها إلى العوامل نفسها. نرى، من جهة أخرى، أن الاستناد إلى العلوم الإنسانية المختلفة من شأنه أن يساعد في فهم الظاهرة بإلقاء كل واحد من تلك العلوم الضوء على جانب من جوانبها، وذلك بإبراز أثر بعض مكوناتها في حدوثها وتنوعها وعواقبها.
بين جملة المفاهيم الخاطئة عن الحبِّ؛ الأقوى – والأكثر تضليلاً – هو الاعتقاد أن "الوقوع في الحب" هو الحب ذاته، أو أحد مظاهره على الأقل. إن هذا هو عين الخطأ؛ لأن الوقوع في الحب هو تجربة ذاتية يجري اختبارها على نحو قوي جدًا كما لو أنها هي الحب. حين يقع شخص في الحب فإن ما يشعر – أو تشعر – به هو بالتأكيد: "أنا أحبه" أو "أنا أحبها". وثمة مشكلتين تبدوان لنا هنا، في الحال: الأولى هي أن تجربة الوقوع في الحب ترتبط على الخصوص بالشهوة الجنسية؛ فنحن لا "نقع في حبِّ" أولادنا رغم أننا قد نحبهم بعمق؛ وعلى النحو ذاته، لا "نقع في حبِّ" أصدقائنا الحميمين من الجنس ذاته – خلا حالات الشذوذ الجنسي – رغم أننا قد نهتم بهم إلى أبعد الحدود. نحن نقع في الحب، إذًا، حين يدفعنا حافز جنسي فقط، سواء أكان شعوريًا أو لاشعوري. المشكلة الثانية هي أن الوقوع في الحب تجربة مؤقتة حتمًا؛ فبصرف النظر عمَّن "نقع في حبه"، نحن سوف "نقع خارج حبِّه" عاجلاً أم آجلاً إذا ما استمرت العلاقة وقتًا كافيًا. وهذا لا يعني القول أننا سنكفُّ حتمًا عن حب الشخص الذي "وقعنا في حبه"، بل يعني أن مشاعر الشغف والانجذاب التي تميز تجربة الوقوع في "الحب" تختفي على الدوام. شهر العسل ينتهي دومًا إذًا، وزهرة الرومنسية تذوي وتضمحل.
|
|
|