|
"العمل" في إسرائيل كنت مؤخرًا في تل أبيب مع أروع أسرة
عمل يمكن تخيلها. أفراد أسرة العمل في
إسرائيل يحركون العمل وكأنهم جيش من أجل
السلام. وهم يحركونه عن وعي، بحكمة، وبسرعة.
في إحدى الفعاليات، وسط مجموعة يزيد عديدها
عن 500 شخص (وكانت غرفة الفيديو المجاورة تضم 350
آخرين ممَّن لم تتسع لهم القاعة – وهذه بداية)،
سألت: "كم عدد الذين يعرفون العمل منكم؟"،
فرفع أكثر من ثلثيهم أيديهم. ولقد تشرَّفتُ
بأن تُجرى معي في تل أبيب ثلاث مقابلات
تلفزيونية، كما ومقابلات أخرى للترويج
للكتاب. كيتي
"تعمل" مع امرأة في تل أبيب. في
فعالية "العرب واليهود"، تكلم رجلٌ
إسرائيلي في صراحة وهو يقرأ ورقة عمله،
قائلاً إن عربيين أوسعاه ضربًا حتى كادا أن
يقتلاه، وأجاب عن الأسئلة، وقَلَبَ كل سطر من
السطور التي كنَّا نعمل عليها. كان سطر
رجل فلسطيني هو: "الاحتلال أسوأ شيء"؛
وحين قَلَبَه إلى "الاحتلال ليس أسوأ شيء"،
وبدأ الجمهور العربي يستفزه ويدفعه إلى تأييد
طريقة التفكير القديمة، ويجيب عن سؤاله عنه،
ويرسِّخ معتقداتِ الماضي القديمةَ، فإن هذا
الرجل المذهل، الواقف معي، إذ سألتُه أن
يعطيني مثالاً على قَلْبِه للسطر، قال في
هدوء ولطف شديدين: "أسوأ شيء هو القتل."
وإني لشديدة التأثر بشجاعتـ"نا"
المتماسكة ونحن نسعى في طلب السلام في العالم. ولأنكم،
أيتها الأسرة العزيزة، تدفعون الرسوم
للانخراط في مدارس الأيام التسعة وتأتون
إلى فعاليات بايرون كيتي الدولية إلخ،
تمكنَّا من دفع أجرة الباصات لجلب أفراد من
الجالية العربية إلى هذه الفعالية. بعضهم جاء
حتى من الأراضي المحتلة إلى تل أبيب في هذه
الباصات، فحضر عددٌ من البدو والقادة
السياسيين، كما وبعض الزعماء الدينيين (يهودًا
ومسيحيين ومسلمين)، مرددين، مرة أخرى أيضًا،
بعد قرون وقرون من تكرار القصص نفسها،
مقبوساتٍ وتعاليم ما أشد ما ألِفَتْها
البشريةُ على هذا الكوكب. عند نقطة معينة،
رجوت الجميع أن يمتنعوا عن الإدلاء بتصريحات
سياسية أو دينية (بعد بضعة محاولات – كان
الأمر صعبًا عليَّ لأنني كنت مبهورةً بما
يقولون)، ملمحةً إلى أن المكان لا يليق بذلك،
بل هو بالحري مكان للبحث عن السلام في اتجاه
مختلف كليًّا، بطريقة جديدة، ولإيلائه
انتباههم، وإلى أن الجنس البشري سبق له أن جرب
السبل الأخرى جميعًا. وهكذا هدأت الجلبة
السياسية، وكان من المدهش أن ترى كيف أن القوم
بدؤوا يصغون بالفعل، وبدا أنهم يحترمون طلبي،
فهدأت القاعةُ عند لحظة معينة واتسع الفضاء
لحدوث العمل. امرأة
تجد السلام بعد القيام بـ"العمل". وقد
فوجئتُ بأن أحد الزعماء العرب الذين اصطحبوني
إلى غزة في زيارتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط
كان هناك لمواكبتي بين الحشود وأنا داخلة،
كما وأنا مغادرة المسرح بين حشود الناس
الراغبين في معرفة المزيد عن العمل وفي
الحصول على إجابات عن أسئلتهم العديدة. وقد
قالت امرأة عربية صراحةً في لحظة معينة أنها
لم تعد قادرة على الجلوس هناك مدة أطول
والاستماع إلى ما كنت أقول. رجوتُها أن تتلطف
ولا تستمع إلى ما أقول، فأجابت بأنها ما كانت
لتستطيع أن تتوقف، وبأنها كانت بشرًا وحسب.
طلبتْ أن تتكلم وظلت تناقشني، حتى نقل حاملُ
الميكروفون الميكرو إلى شخص آخر أو أُطفِئَ
الميكرو. فيما بعد، بعد انتهاء البرنامج،
كانت تنتظرني، ورأيتها تندفع نحوي. نظرتُ
مباشرةً في عينيها الجميلتين، وبدأت أضحك، ثم
فتحت لها ذراعي، وعانقتُها على الفور، ثم
نظرتُ إلى عينيها المتوحشتين الرائعتين
ثانية، فبدأت تضحك. أُغرِمَتْ كلٌّ منَّا
بالأخرى – ماذا أقول بعدُ؟ سوف تتصل بأسرة العمل
في إسرائيل، وتنكب عليه. وقد تركت لي هديةً من
حقيبتها أرادتْني أن آخذها معي. أريك
وكيتي يأكلان "الفلافل" في تل أبيب. في
نهاية زيارة الثلاثة أيام، جلسنا معًا، أنا
وأريك وجيشه من العاملين الذين لا يكلون،
الباسمين، المترابطين، – الأسرة، – بأكثر ما
يكون عفويةً وحميمية، معبِّرين عن امتناننا
بالعمل المذهل الذي قاموا به جميعًا في الجمع
بين هذا العدد الكبير من الناس المتنوعين،
وعَزَمْنا على القيام بفعالية "العرب
واليهود" سنويًّا، كما وبعقد مدرسة
الأيام التسعة في إسرائيل في وقت نحدده خلال
السنتين المقبلتين – ونأمل أن يكون ذلك في
أقرب فرصة... والكتاب الصغير بات متوفرًا
بالعربية أيضًا[2]. ***
*** *** ترجمة:
د.أ. |
|
|