|
إضاءات
1 تقول: بدأنا نعترف. بأخطائنا.
بهزائمنا. بتخلُّفنا. وتقول: مثل هذا الاعتراف
مهمٌّ في حدِّ ذاته. وقد يكون بدايةً
ومُفتَرَقًا. تقول هذا بثقة. أسألكَ، مع ذلك: هل نعترف،
حقًّا؟! وأجدني،
في النهاية، حائرًا، غير قادر على الحكم و/أو
على اتخاذ موقف قطعي من هذا الموضوع الشائك
المعقد، لأنه – ولست أخفي – ثمة جانب من هذه
المؤسَّسة الإنسانية يجذبني إليه بشدَّة:
وأخصُّ بالذكر هاهنا العمق الروحي والفلسفي
والسرَّاني لتقاليدها ورمزيتها وطقوسها. كما
أن ثمة، بالمقابل، جانبًا آخر ينفِّرني:
وأخصُّ منه بالذكر، هاهنا أيضًا، واقعَ حالها
المؤسف وتشعباته على أرضية انحطاطنا
الإنساني القائم. شكَّل اندلاعُ الحرب العالمية الأولى في شهر آب
من العام 1914 صدمةً مروِّعة للمفكِّرين
الأوروبيين جميعًا، وخصوصًا المفكِّرين
العالميين، أولئك الذين يتقنون لغات عدة،
والذين يسافرون طواعية، والذين يدبُّ في
حناياهم شعورٌ بالمواطَنة حيال الثقافات
الفرنسية والإنكليزية والإيطالية
والألمانية. وقد باتت
الحرب ظاهرةً غير واردة في عالم يشهد تقدمًا
اجتماعيًّا واقتصاديًّا متسارع الخطى،
وسطوةً ظاهرية للهيمنة والقيم الأوروبية في
معظم أجزائه. تسغموند فرويد، الذي نهل من
ثقافة باريس وفيينا وكان من الشغوفين
بسوفوكليس وشكسبير، هو من هؤلاء المفكِّرين.
جلس على طاولة عمله في بداية العام 1915 – وقد
وجد الإحباطُ إلى روحه سبيلاً، وأخذتْ منه
خيبةُ الحرب كلَّ مأخذ – محاولاً شرح معنى
الحرب وانعكاساتها في دراسة عَنْوَنَها تأملات
معاصرة حول الحرب والموت.
|
|
|