طوال عقود ازدرى علماء البيولوجيا العاطفة
emotion
والشعور
feeling
بوصفهما غير مهمين. لكنَّ أنطونيو داماسيو
Antonio Damasio
أثبت أنهما محوريين في السيرورات التنظيمية للحياة
لدى جميع المخلوقات الحية تقريبًا.
التبصر الأساسي عند داماسيو هو اعتباره أن المشاعر "خبرات عقلية
بالأحوال الجسدية" تنشأ عندما يفسر الدماغُ العواطفَ، وهذه هي حالات
فيزيائية تنشأ كرد فعل جسدي تجاه المؤثرات الخارجية. (يكون ترتيب
الأحداث كالتالي: أنا أتعرض للخطر، فاختبر الخوف، فأشعر بالرعب).
واقترحَ أن الوعي، سواء أكان "الوعي الصميمي" البدائي عند الحيوانات أو
تصور الذات الموسع عند البشر، يتطلب ذاكرة تسجيلية فردية، وينشأ من
العواطف والمشاعر.
تعود وجهة نظره هذه إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، معتمدًا في
الأساس على الدراسات السريرية لمرضى غير قادرين على اتخاذ قرارات سليمة
كون مشاعرهم معتلة بسبب أذيَّة دماغية أصابتهم، على الرغم من أن
تفكيرهم المنطقي لم يتأثر. وتمكن من القيام بهذه الأبحاث بمساعدة
دراسات تشريح الأعصاب التي قامت بها زوجته، هانّا داماسيو، وهي غالبًا
مؤلف مشارك الى جانبه. لطالما اعتمد عملهما على التطورات التكنولوجية.
ومؤخرًا، تممت أدوات كالتصوير العصبي الوظيفي، الذي يقيس العلاقة بين
العمليات العقلية والنشاط في أجزاء الدماغ، استخدام داماسيو لعلم تشريح
الأعصاب.
إن فكرة التحديدية السببية الكلاسيكية ليست صحيحة ولا خاطئة بالنسبة
للفيزياء الحديثة، بل هي ببساطة مجردة من المعنى الفيزيائي.
كوجيف، فكرة التحديدية
تبقى
خطوة أخيرة علينا اجتيازها: ألا وهي إيضاح بعض السمات التي تعدُّ غامضة
في الميكانيك الكمومي وذلك بأن نحل محل تصوّر النظرية الفيزيائية كوصف
غير مرتبط بالعالم، التصور الذي يجعل من تصوّر النظرية الفيزيائية
بيانًا تنبؤيًا بالارتباطات الممكنة في العالم. وإحدى أهم هذه السمات
هي اللاتحديدية. وسنحاول بالتالي في هذا الفصل الوجيز بيان أن
اللاتحديدية الكمومية يمكن أن تُفهم بسهولة كمؤشِّر على لاإنفصالية
الظاهرة وشروط تظاهرها، بدلاً بالأحرى من فهمها كانعكاس للنظام (أو
للفوضى) من طبيعة منفصلة.