|
منقولات روحيّة
في ضوء البحوث العلمية التي أُجريت في العديد من المراكز البحثية (وخاصة الغربية منها)، تنامى الاعتقادُ بأهمية الدور الذي تلعبه الرياضات الروحية إجمالاً، والتأمل بالأخص، في تطوير الصحة النفسية وتنمية القدرات الإنسانية الكامنة، الجسمانية والعقلية، مما يرفع من إنتاجية الفرد، ومن ثم المجتمع، في المجالات كافة، علمية أم إنسانية. والملفت للنظر أن نتائج هذه البحوث والدراسات انسجمت انسجامًا كبيرًا مع بعض الممارسات والرياضات الباطنية في الديانات البوذية والهندوسية والطاويَّة وغيرها. هذا ما دفع إلى الاستنتاج بأن التقدم الملحوظ للبلاد التي تنتشر فيها تلك الديانات، والخصائص السلوكية التي يتمتع بها أبناؤها، ذات علاقة مباشرة بالتأمل الذي يشكل نشاطًا اختصَّت به هذه ووضعتْه في مقدمة رياضاتها الباطنية. وبالنظر إلى دول الشرق عمومًا، يمكن لنا الخروجُ بمؤشر على صدقية هذا الاعتقاد: فأحد أبرز الاختلافات بين الدول الشرقية المتقدمة وبين جاراتها المتخلفة هو ما يميِّز الأولى من اهتمام بأنشطة روحية، كالتأمل، انطلاقًا من دياناتها. إنَّما الولد أبو الرجل، ولا يقل عن ذلك صحة أن:
حياة
كلِّ إنسان، يا إخوتي،
قرأنا في التوطئة لدراسة في "إلهيات القبالة": "تنطلق القبالة من فرضية أن اللسان العبري هو اللغة الكاملة التي علَّمها الله للإنسان الأول." ثم استنسَبَ كاتبُ الدراسة إبداءَ تحفُّظه على "الادِّعاء الموهوم القائل باحتفاظ العبرية بعناصر اللغة الطبيعية صافيةً، بينما لا يمتلك القيِّمون عليها من هذه اللغة غير نُتَف وتحريفات." غير أن رأيه هذا لا يحول دونه والتسليم بأنه "يبقى مرجَّحًا أن تكون الألسنة القديمة قد تفرَّعت عن لغة حَرام واحدة ألَّفها مُلهَمون" وأنه "لا تزالُ ثمَّة جزمًا كلماتٌ تُعبِّر عن جوهر الأشياء ونِسَبِها العددية" وأن ذلك "ينطبق على فنون العِرافة أيضًا". فاستحسنَّا أن نزيدَ هذه المسألة تدقيقًا وتمحيصًا، وإنْ كنَّا نود لفت النظر، بادئ ذي بدء، إلى أن كاتبنا قد نظر إلى الأمر من منظار فلسفي بالأخص، بينما نعتزم نحن، جريًا على عادتنا دومًا، الوقوفَ عليه من الصعيد المُسارَري والنقلي حصرًا.
|
|
|