|
وعلى هذه
الأصقاع السديمية الواسعة يبدع الفن نجومه
– وهي نجوم محددة من حيث أشكالها، لكنها
لانهائية من حيث شخصيتها. الفن يدعونا "أبناء
الخالد" ويخولنا حق الإقامة في العوالم
السماوية. وما عساه أن
يؤكد في الإنسان خلوده على الرغم من واقعة
الموت التي لا ريب فيها؟ إنه ليس جسمه
المادي، ولا منظومته الذهنية، بل هو تلك الوحدة
الأعمق، ذلك السر الأخير فيه، الذي يشع من
مركز عالمه إلى محيطه؛ الذي يوجد في جسمه،
ومع ذلك يتعدى جسمه؛ الذي يوجد في ذهنه، ومع
ذلك يفيض عن ذهنه؛ الذي، من خلال الأشياء
المنتمية إليه، يعبِّر عن شيء ليس فيها؛
الذي، إذ يشغل حاضره، يشطح عن ضفاف ماضيه
ومستقبله. إنها شخصية الإنسان، واعيةً
غزارتها التي لا تنضب. المفارقة فيها أنها
أكثر من نفسها: إنها أكثر مما يُرى منها، وما
يُعرَف منها، وما يُستعمَل منها. وهذا الوعي
باللانهائي في الإنسان الشخصي يكدح أبدًا
لجعل تعبيراته خالدةً ولجعل العالم بأسره
عالمه. في الفن يبعث الشخصُ فينا إجاباتِه
إلى الشخص الأسمى، الذي يكشف عن نفسه لنا في
عالم من جمال لا ينتهي يومض في عتمة عالم
الوقائع.
لأن
مَن يلامس "بوابة الجحيم" حقًّا من خلال
حياته وأعماله... ومَن
يعي أبعاد علاقة "المسيح والمجدلية"... ومَن
يعي عظمة يد الخالق – الذي هو الإله والشيطان
معًا – وجمال خليقته من خلاء "حواء" و"القبلة"... ومَن
يتحسَّس عمق عذابات الإنسانية، بحقاراتها من
خلال "أوغولين"، وبعظمتها وجمالها من
خلال "بورجوازيو كاليه"... لأن
مَن يعي هذا كلَّه ويتحسَّسه، لا يمكن إلا أن
يكون سرانيًّا عظيمًا – مهما أخطأ في حياته!
|
|
|