|
في
ذكرى ميخائيل نعيمه
سهى
نعيمه
28
شباط 1988 – 28 شباط 2001: 13 عشر عاماً انقضت على
رحيلك يا جدو.
كمثل
عالَم حقٍّ واحد يواجه عالمَنا الماديَّ
ذا الثلاثة أبعاد هذا، هل أنت حقاً تعرف
يا جدو؟ هل أنت حقاً ترى؟ *** الأم
مي أشعلت اليوم شمعة، شأنها كل عام، وتمتمت
صلاة تحتضن اسمك، شأنها كل ثانية من كل يوم،
وسألت الله ضارعة أن تكون في البحر الذي أنت
فيه في الحياة الآتية. غذاؤك زادها وهي تتوق
إلى النمو في نورك "في الدنيا والآخرة". *** أما
أنا، يا جدو، فمازلت أفتش عن توازن في هذا
العالم السحري الذي يَحْرِفُه البشر – "فراخ
الآلهة" – نحو الجنون. نواة مرداد فيَّ.
إنها تنمو، وليس لها من متَّسع للنمو. فهل
بوسعك أن تساعدني يا جدو؟ لقد سمعت همسك. فما
الذي قلته؟ أعلم أني لن أستطيع سماعك لأنني
مشدودة إلى الوقائع الوهمية. أعلم أني يجب أن
أكون أفضل إصغاءً. أنا في اشتياق إليك، يا
جدو، والشوق حرَّاق. *** "ذبحت
حبي بيدي لأنه فوق ما يتحمَّله جسدي ودون ما
تشتاقه روحي،" قالها الأرقش. فأين الأرقش
يا جدو؟ لقد لبثتُ منتظرة حبَّه؟ فهل أنا
بانتظار "غودو" بيكيت؟ أنا أختنق في
خوفي. *** مازال
باب مستراحك نصف المفتوح نصف المغلق في
الشخروب يطرح أسئلة بغير عدٍّ. بيد أنك تخرج
من هذه التساؤلات تمثالاً من حجر، متأملاً،
متفكِّراً، حاملاً ملايين السنين
المتجذِّرة في إطار من أشجار السنديان ومن
آفاق لا يحدُّها شيء. سنديانتك، جدو، ماتزال
هناك. إنها ما تزال تنمو وماتزال تفتش عن
الله. جذعها يثخن وأغصانها تستدق وهي تداني
السماوات حتى تُختصَر إلى نقطة ضئيلة، تجتاز
عتبة ماديَّتها، وتثب، من بعدُ، في بُعْدِ
"المجهول" و"اللامادي". *** كثيراً
ما يتفق لي أن أرى ظلَّك يحوِّم في وادي
الشخروب، فوق صخوره، وعلى قمم جبل صنين.
أمازلت تستطيع أن ترى الألوان المتحوِّلة
على سفوح الجبل لدى شروق الشمس وغروبها؟ هل
بلغت قمة جبلك يا جدو؟ هل كفتك "الأرغفة
السبعة" زاداً لرحلتك؟ *** مازلتُ
في الزلقا مع الأم مي. "ثالوثنا" (أنت،
الأم مي، وأنا)، قوائم وجودي الثلاث، مازالت، وستبقى إلى الأبد. "متى ما
انوجدتُ حتى أظل موجوداً." زاويتك على
حالها؛ ليس لأحد أن يملأها سواك. "منارتك"
حاضرة تهدي إلى الطريق، و"ميناؤك" هو
الأمان الذي يغمرنا كل ثانية تدق أو لا تدقُّ.
فيا لتعسنا، جدو، نعدُّ الثواني. أقول إن
ذكراك الثالثة عشرة هي ذكرانا، ألا تظن ذلك؟ 28
شباط، 2001
***
*** *** |
|
|