previous

دراسات ثيوصوفية

(3 من 3)

 

جهاد الياس الشيخ

 

7

هياكل الإنسان السبعة 2

 

بدلاً من معاينة الكوسموس اللانهائي في وسعك أيضاً أن تعاين الميكروكوسموس وتجد مركزه. فالإنسان، إذ ينقِّب في أعماق نفسه، يستطيع أن يعثر على مركز الكون.

ت. سوبَّا راو

كتابات باطنية، ص 560.

 

الفردية أو الذات العليا

سبق لنا أن درسنا الذات الدنيا، أو الشخصية، المؤلَّفة من الجسم المادي، والجسم الأثيري، والجسم النجمي، والمركبة العقلية الدنيا. وسندرس الآن الذات العليا، أو الفردية؛ وهي أيضاً مؤلَّفة من المركبة العقلية العليا، والمركبة الإشراقية، والمبدأ الروحي Atma. ولكن كلمتي "دنيا" (للشخصية) و"عليا" (للفردية) قد تؤديان إلى شيء من اللبس في فكر بعض الدارسين الروحيين، لأنه في الحقيقة لا يوجد في الكون كلِّه، بما فيه الإنسان، شيء "أعلى" له قيمة أكبر من شيء "أدنى"! فالذات الصغرى، أو الشخصية، ليست شيئاً مهملاً، كما يتوهم بعضهم، بل له دور كبير؛ ولهذا نفضل استعمال كلمة الذات "المؤقتة" أو "الزائلة" في حديثنا عن الذات الدنيا أو الشخصية، وكلمة الذات "الخالدة" للكلام على الفردية أو الذات العليا. وتقسيم الجسم الإنساني إلى أقسام لسهولة الشرح (رغم حقيقته الاهتزازية) يجب ألا ينسينا أن الإنسان وحدة متكاملة.

إذا اجتاز نورٌ عدداً من الألواح الزجاجية فبإمكاننا دراسة هذه الألواح منفصلةً لنعرف كيفية تغيُّر كل لوح زجاجي لدى اجتياز النور له. والأمر نفسه بالنسبة للوعي الواحد الذي يجتاز عدداً معيناً من الأجسام التي ندرسها بعد اجتياز الوعي لها. ومع ذلك يبقى النور (أو الوعي) واحداً، مهما تعددت الأجسام أو الألواح الزجاجية. والأسماء التي أُطلِقََت على الأجسام في هذه الدراسة هي أسماء اصطلاحية ثيوصوفية. ولا تهم هنا الأسماء، لأن بعض الثيوصوفيين يستعملون أسماء بوذية أو هندوسية، وحتى صوفية مسيحية أو إسلامية، في تسمية هياكل الإنسان السبعة؛ ولكن الجميع متفقون على سباعية الأجسام والمستويات الشمسية. والهدف من تعدد طرق التقسيمات يعود إلى أن مؤسِّسي الجمعية الثيوصوفية لا يريدون أن يصيروا أصحاب عقائد محددة لا يُحاد عنها، فيقعوا في الحرفية القاتلة وينسوا جوهر التعاليم الكونية. فليس المهم أن نقول "السماء" أو "الجنة"؛ فكلاهما يشير إلى حالة روحية سندرسها لاحقاً.

من هنا فإن المعلِّمين الحقيقيين يضعون تلامذتهم في تجربة التناقضات الظاهرية لكي يساعدوهم على تجاوز عقلانية المستوى العقلي، المعتاد على إقامة المقارنات بين الكلمات المسموعة آنياً وبين ما تعلَّمه سابقاً، ليبدأ لديه "تفصيل" الكشف الروحي في دراساته المعتمدة. إن العقل الأدنى، كما رأينا، هو منبع المقارنات. ويقول د. تيمني:

كل تناقض مقبول يُحدِث شرخاً في صلابة العقل الأدنى، ويضفي عليه بعض الشفافية، ويهيِّئُه لرؤية متكاملة كشفية وآنية للعقل الأعلى، وبالتالي إلى رؤية واحدة للنور الإشراقي.

والآن سنبدأ دراستنا للفردية الإلهية، النار الإلهية، أو اللوغوس الشمسي.

لقد عرفنا أن مستويات النظام الشمسي هي (من الأعلى إلى الأسفل):

1.    مرتبة آدي.

2.    مرتبة أنوباداكا.

3.    المستوى الأتمي.

4.    المستوى البودِّهي أو الإشراقي.

5.    المستوى العقلي.

6.    المستوى النجمي.

7.    المستوى الجسماني، المادي.

ونقسم هذه المستويات السبعة إلى ثلاث مجموعات:

1.    المستويات الإلهية: أدي، أنوباداكا، والمستويات التحتية العليا للمستوى الأتمي (الأتما الإلهي).

2.    المستويات الروحية: المستويات الفرعية الدنيا للمستوى الأتمي (الآتما الروحي)، والمستوى البودِّهي، والمستوى العقلي الأعلى.

3.    المستويات الخاصة بالشخصية: العقلي الأدنى، والنجمي، والجسماني.

ونذكِّر القارئ أنه في الجدول التوضيحي رقم (1) يُطلَق على المستويات الثلاثة العليا للنظام الشمسي أسماء: براهما، فاخ، وفيراج، والأربعة الدنيا أسماء: إشراقي (بودِّهي)، عقلي (أعلى وأدنى)، نجمي، ومادي (أرضي)، أو مستوى براكريتي (وهو المستوى الأخير بدءاً من الأسفل).

 

مستوى أدي هو مستوى المنبع الإلهي، وهو قلب النظام الشمسي: فإذا تخيلنا صورة الشمس المركزية، فإننا نستطيع القول إن مستوى أدي هو الشمس، وإن مستوى أنوباداكا هو إشعاعات هذه الشمس، والمستوى الأتمي هو مستوى الآتما الإلهية. وهذه المستويات الثلاثة هي الأوجُه الثلاثة للألوهة في النظام الشمسي، أو الثالوث المقدس الذي نجده في كثير من الديانات.

تطلق الثيوصوفيا على هذا الثالوث في المستوى المتجلِّي اسم سَتْ Sat تشيت Chit آنندا Ananda: الكينونة هو Sat، الكائن؛ Chit هو الكائن عارفاً نفسه وعارفاً أنه كائن؛ Ananda هو الوعي بالكينونة مترافقاً بالغبطة – أي العارف والمعروف والمعرفة: واحد في ثلاثة أقانيم في التجلِّي، وليس آلهة متعددة، كما يتراءى لبعضهم – نظير الماء الذي هو واحد، ولكن يمكن له أن يبدو لنا صلباً أو سائلاً أو بخاراً. والذي لا يفهم الميتافيزياء فالأفضل له الاكتفاء بما يعرف وعدم الغوص في أعماق الروح. لنفتح قوسين كي لا يدخل الاضطراب أو سوء الإدراك والتشويش إلى أذهان بعضهم عن ماهية الثنائية duality التي تحدثنا مطولاً عنها وعن الفرق بينها وبين الثالوث trinity.

لقد تحدثنا عن الثنائية: الوعي والطاقة، أو الروح والمادة. إذاً فالثالوث، أو الأقانيم الثلاثة للألوهة Sat-Chit-Ananda، تفصح عن نفسها في كلٍّ من الوعي والطاقة. فالوعي له أوجُه ثلاثة على كلِّ مستويات التجلي؛ والطاقة كذلك. ولكننا سندرس فقط حالات أوجُه الوعي. فالمطلق، من خلال أقانيمه الثلاث – الكائن، الوعي، الغبطة – يتجلَّى إرادةً، ومعرفة، وحكمة (أو محبة) في الفردية أو الثالوث الأعلى (آتما–بودهي–ماناس، الروحي–الإشراقي–العقلي الأعلى)؛ أما في الشخصية أو الرباعي الأدنى، فالمثلث يصبح معكوساً: المعرفة تصبح فكراً على المستوى العقلي الأدنى، والغبطة تصبح لذة من خلال العواطف في المستوى النجمي، والإرادة تصبح رغبة محركة العقل في المستوى المادي.

ولنوضح شيئاً أساسياً في دراستنا للفردية: إن الجسم العِلِّي أو السببي causal body هو بمثابة الغلاف الخارجي للفردية، مثلما أن الجسم المادي هو الغلاف الخارجي للشخصية. ففي دراستنا أوضحنا أن الشخصية، أو الرباعي الأدنى (الجسم المادي، الأثيري، النجمي، العقلي الأدنى)، تتحلل بعد الموت؛ أما الفردية، أو الثالوث الأعلى (الجسم العقلي الأعلى، الإشراقي، الروحي)، فيبقى خالداً ويتجسَّم باستمرار. والجسم العِلِّي هو مستودع الخبرات لكلِّ تجسمات الإنسان السابقة، أو هو ثمرة هذه الخبرات التي تطبع جسم الإنسان ونفسَه وطبائعَه من جديد عبر تقمص مستقبلي. فتنمية الجسم العِليِّ هي إيقاظ الخبرات الكامنة فيه، كما أن الشجرة موجودة بأكملها في حالة كمون في البذرة. والجسم العِلِّي ليس فقط مستودعاً للخبرات السابقة، وإنما أيضاً للكارما Karma. فالجسم العِليِّ يشبه الرصيد في البنك: هناك ديون يجب أن تُدفَع وأرصدة تضاف إليه في كلِّ تجسم جديد. والجسم العِليِّ يحوي المعرفة الإلهية في حالة كمون. ومع التطور الروحي تبدأ هذه المعرفة بالتجلِّي بازدياد نقاء الجسم العقلي الأدنى ليعكس هذه المعرفة القادمة من الجسم العِليِّ إلى الدماغ المادي. أما الجسم الإشراقي Buddhi فهو مستودع للغبطة Ananda، أو هي مركبة للوعي على هذا المستوى الإشراقي؛ وهو يتجلَّى بالمحبة والحكمة والإدراك المتعالي. ويتطلب الأمر سنوات، لا بل حيوات عديدة للوصول إلى هذا المستوى المتسامي. وأخيراً فإن الروح Atma هي نواة الفردية، وهي مستودع الإرادة الإلهية التي لا نأخذ منها إلا بقدر ما تستطيع مركباتنا أخذه، حسب درجة تطهرها ونقائها وشفافية اهتزازها. وهي أشبه، كما يقول د. تيمني، بمحطة كهربائية تولِّد تياراً عالياً، لكنْ لا يصل إلى "مصابيحنا" (أجسامنا) إلا القليل منه، لضعفها وعدم استطاعتها تحمُّل طاقة كهربائية أشد وأقوى لأننا "لا نحصل إلا على ما نستطيع الحصول عليه".

***

 

8

صيرورة الموت ومراحله

 

مراحل ما بعد الموت في هذا الجدول تتعلق بالأشخاص الذين يموتون ميتة طبيعية. أما بالنسبة للمتوفين من جراء حوادث مفاجئة، والأطفال، وخاصة مَن لم يتجاوزوا سن السابعة، والأشخاص الغائصين في أوحال الرذيلة والإجرام، فإن صيرورة الموت تكون مختلفة بعض الشيء.

 

ملاحظات

السيرورة

حالة ما بعد الموت

لا توجد أية إمكانية للأنية الخاصة بالإنسان الميت في هذه المرحلة للاتصال مع الأحياء، حتى ولو بواسطة وسيط روحي، باستثناء الأشخاص الذين يموتون في حوادث مفاجئة.

الذاكرة تفارق الدماغ الفيزيقي. رؤية الحياة الماضية في اللحظات الأخيرة للنزع.

النزع الأخير

المحتضر يغيب عن الوعي، والمبادئ الثلاثة الدنيا فيه تغادره (المبدأ أو الجسم المادي والأثيري والنجمي). فقدان قدرات الإدراك للأبد وفقدان القدرات الروحية والإرادة الخاصة.

بعد الموت مباشرة

الإنسان يكون لاواعياً في منطقة كاما لوكا Kama-loka في الغلاف الجويِّ المحيط بكوكب الأرض. الصراع يبدأ بين المبدأين الرابع والخامس وبين السادس والسابع للمحتوى الروحي في تجارب الحياة السابقة.

"صراع" حتى الموت

 

هضم المحتوى الروحي بواسطة الأنية Ego (جملة المبدأين السادس والسابع) وتكون الأنية غير واعية.

الحمل

 

رؤية ثانية للحياة السابقة. المبدآن الرابع والخامس يغادران الإنسان ليصير مجرد صَدَفَة shell، والوعي يعود ببطء وتدريجياً إلى الأنية التي تستعيد إدراكها، بينما الذاكرة الشخصية تعود إلى الصَّدَفَة. (ولهذا السبب فإن الروح المزعومة التي تتحدث في الجلسات الروحية ليست إلا الصَّدَفَة التي تحوز على الذاكرة الشخصية للإنسان الميت لفترة زمنية معينة.)

الدخول إلى ديفاخان

تعود "علاقة" بعض الأشخاص الأحياء مع ديفاخان إلى أنهم يستطيعون الارتقاء بوعيهم وإدراكهم الروحي بدرجة كبيرة، وبالتالي يمكنهم الاتصال مع الأموات في ديفاخان.

يعود الوعي كاملاً للأنية. حالة روحية تشبه الحلم. كل الأشياء والأشخاص الذين يراهم الميت في هذه المنطقة هم من كان يخصُّهم بحبه في حياته على الأرض. والإنسان الميت لا يعرف شيئاً عما يجري على الأرض. وهو يعيش حالة من الغبطة والسعادة في هذه المنطقة التي تدعوها الأديان باسم "السماء".

ديفاخان

نحن لا نستطيع عادة تغيير طباعنا وعاداتنا بعد الموت؛ إذ يمكن ذلك فقط في عالم السبب والنتيجة، أي في الحياة على الأرض.

الأنية تغيب عن الوعي من جديد في نهاية إقامتها في ديفاخان والشخصية الجديدة تبث الحياة في الـ Skandha، أي المنازع والطبائع الموجودة سابقاً في الإنسان الميت أو الأنية المتبقية منه. ويمكن للإنسان أو الأنية الجديدة رؤية حياته القادمة قبل التجسم.

الولادة من جديد

 

ديفاخان Devakhan وما بعد الموت:

ديفاخان، أو منطقة سوخافاتي Soukhavati، هي منطقة جاء ذكرها في التعاليم السرَّانية؛ وهي أشبه ما تكون بالسماء في الديانات. وقد كُتِبَ عنها ما يلي:

وراء عالمنا توجد منطقة الغبطة، وتدعى سوخافاني. هذه المنطقة محاطة بسبع أشجار تتمايل مع الريح. يشرف على هذا المكان المقدس الدهِيَن تشوهن Dhyan chohans [ملائكة]. وهو يحوي سبع بحيرات مدهشة تجري منها سبع مياه بلورية شفافة ونقية، لها سبع خواص [المبادئ السبعة المنبثقة من مبدأ واحد]. إنه ديفاخان. نهره المقدس يغطي الكلَّ، ومن يولد فيه فهو مغبوط، ولا يعود يكابد ألماً أو حزناً، حتى يحين أوان عودته [إلى التقمص من جديد]. ولكن هناك من لا يعودون منه. أولئك الذين اجتازوا كل مراحل التطور الروحية، الذين لن تعود هناك فائدة لهم من التجسم من جديد.

في ديفاخان تمتلئ النفس بغبطة الروحية لا يعكِّر صفوها أيُّ حزن أو ألم مادي أو نفساني، لأن الإنسان، بعد انحلال أجسامه الأربعة الدنيا (المادي، الأثيري، النجمي، العقلي الأدنى)، لا يبقى لديه إلا الثالوث الأعلى (العقلي الأعلى، الإشراقي، الروحي) الذي يكون نقياً إلى أبعد الحدود، ولا توجد فيه ذرة صغيرة من طلاح، بل يحتفظ لمدة محدودة بذكريات حياته على الأرض كاملة – الذكريات الصالحة فقط – ولكنه لا يستطيع مطلقاً العودة من ديفاخان إلى الأرض.

من يذهب إلى ديفاخان؟

إنها الأنية الشخصية، مطهَّرة ومقدسة. إنها الأنية الناتجة عن اتحاد المبدأ السادس (الإشراقي Buddhi) مع المبدأ السابع (الروحي Atma) بعد قضائها وقتاً معيناً يدعى بـ"الحمل" Gestation لتولد من جديد في ديفاخان. أما الكارما الطالح فإنه يُنحَّى جانباً بالانتظار؛ وما إن تخرج الأنية الشخصية أو الذات العليا من ديفاخان حتى يندمج الكارما السيئ بها في تجسُّمها الجديد. إذاً فالذات العليا لا تحمل معها إلى ديفاخان إلا الكارما الصالح؛ ولذلك فإن جميع البشر الذين لم يغرقوا في أوحال الرذيلة والشر يذهبون إلى ديفاخان. وسوف يجب عليهم فيما بعد أن يدفعوا ثمن أخطائهم وشرورهم في تجسُّمهم التالي. ولكن هذا لا يعني أن الإنسان لا يُعاقَب بعد الموت؛ فنحن هنا لا نومئ إلى أن العقاب سيكون في تجسم قادم فقط، بل هناك عقاب رهيب، نفساني وعقلي، لنماذج معينة من البشر فيما وراء الموت فوراً قبل الدخول في ديفاخان. وتوجد قلة من البشر لا تدخل – ولا يمكنها الدخول – إلى ديفاخان لأن الشر الذي بلغتْه أدى إلى انحلال الأنية أو الذات العليا كلياً. وهذا أرهب ما يمكن أن يحدث للنفس البشرية.

في ديفاخان تنال النفس غبطة لا تشوبها ظلال للتعاسة مهما كانت ضئيلة، على الرغم من أن حالتها هي "وهم" Maya، لأن السعادة التي تعيشها هي انعكاس للأماني الجميلة التي تبدعها الذات العليا (بدون إدراك لعدم حقيقة ما تحياه) في ديفاخان، وكأنها حلم عميق؛ وهي تعيش مع أحبائها "المتوفين" الذين سبقوها، ومع أولئك الذين مازالوا على الأرض أحياء، ولكنها لا تعي ذلك، ولا تدرك أن الأحباء – "الأحياء" منهم و"الأموات" – لا وجود لهم إلا في مخيِّلتها. كذلك الأمر بالنسبة للحبيب "المتوفى": فهو يخلق عالماً خاصاً به بدون إدراك أن "الآخر" فعلاً إلى جانبه ويحلم حلمه الخاص أيضاً.

وفي حالات نادرة يتراءى لإنسان ما على كوكب الأرض أن أحباءه المتوفين، الموجودين في ديفاخان، قد نزلوا إليه وشاهدهم بالعين المجردة أو بالرؤية الداخلية. ولكن الحقيقة أن هذا الإنسان المتمتع بحسِّ شفاف قد استطاع، عن وعي أو عن غير وعي، "العروج" إلى ديفاخان ومعاينة المشهد كاملاً في لحظة سريعة. أما أغلب حالات الوساطة الروحية، كما ذُكِرَ في كتاب مقالة في التقمص لديمتري أفييرينوس، فليست إلا أوهاماً ناتجة عن "الأصداف" التي يتركها الإنسان المتوفى وراءه في العالم النجمي المحيط بكوكب الأرض، وهي التي تنجذب إلى الجلسات الروحية. أما في بعض الظواهر النادرة فيمكن أن يحدث تمازج بين الهالة النجمية للوسيط مع الهالة النجمية للإنسان الموجود في ديفاخان، مما يؤدي لظهور شبحي يقوم بالتحدث أو الكتابة؛ ولكنها حالات نادرة جداً. ونضيف بأن من يتلاعب بهذه الظواهر، دون معرفة بالقوانين الكونية، يؤدي بنفسه إلى الهلاك.

وكما ذكرنا سابقاً فإن الأطفال المتوفين قبل بلوغهم سن السابعة لا يدخلون إلى ديفاخان، لأن الثالوث الأعلى قبل هذه السن لا يكون مكتملاً لديه، وبالتالي لا يوجد ثواب وعقاب بالنسبة للطفل؛ ولكن خيال الأم (المتوفاة) الموجودة في ديفاخان تخلق صورة خيالية حية لابنها الصغير الذي سبقها، وتشعر بالسعادة والغبطة معه.

وربما سأل أحدهم: إذا كان كلُّ ذلك مجرد "خيال"، إذاً في الحقيقة لا توجد سعادة وغبطة في ديفاخان! بدورنا نقول: ألا نمر في كثير من الأحيان بأحلام جميلة وشفافة، و"نشعر" بالسعادة، رغم عدم صحة الوقائع؟ إن ديفاخان أشبه بهذا الحلم الرائع. وفي نهاية الأمر، أليست الحياة مجرد وهم وخيال، وقد أضفينا عليه صفات من السعادة والتعاسة النسبية، كلٌّ مناَّ حسب أهوائه؟

سندرك بعد الموت كم كانت الحياة وهماً؛ وكذلك بعد خروجنا من ديفاخان للتجسم من جديد على الأرض. وفي حالة كون الإنسان صالحاً ونقياً فإنه يدخل في ديفاخان في نوم عميق وهادئ، مليء بالأحلام والرؤى السعيدة عن حياته الأرضية الماضية، ولا يعي بأنه قد "غادر" هذه الأرض وأنه لم يعد في عداد الأحياء. أما الإنسان الذي ليس بصالح ولا بطالح فإنه يكون في ديفاخان في غفوة بدون أحلام وردية، ولكنها تكون هادئة. أما الأشرار فإنهم يعانون في كاما لوكا Kama-loka من عذابات رهيبة، حيث إنهم يشاهدون "كابوساً" خلال سنوات طويلة. فأفكارهم تكون حية، وغرائزهم تكون على أشدها، ولكنهم يعانون العذاب لعدم استطاعتهم تحقيق هذه الشهوات لعدم وجود جسم مادي. وهم يرون أن المصائب التي سبَّبوها للآخرين بدأت بالسقوط على رؤوسهم وكأنها "حقيقية". فالقاتل يرى، بشكل دائم ومتكرر، الفعلة التي اقترفها لدى قتله إنساناً، أو تمر أمام ناظريه كلُّ المرحلة الحقيقية التي مرَّ بها في أثناء حياته الأرضية، من إلقاء القبض عليه، إلى السجن، إلى الأهوال والرعب الذي أصابه على حبل المشنقة. وهذا المشهد يبدو حقيقياً للقاتل فيما وراء الموت.

عندما يموت الإنسان فإن الجسم أو المبدأ الأول (المادي) والثاني (الأثيري) والثالث (النجمي) يتحلل بعد فترة زمنية قد تطول أو تقصر بحسب نمط حياة الإنسان المتوفى. والمبدأ الرابع (العقلي الأدنى) والخامس (العقلي الأعلى) والسادس (الإشراقي) والسابع (الروحي) تشكل ثنائيتين – المبدأ الرابع + الخامس، والمبدأ السادس + السابع – تتصارعان فيما بينهما؛ فإذا انتصرت الثنائية العليا (السادس + السابع) فإن المبدأ السادس يجذب إليه الخبرات والأعمال الصالحة من المبدأ الخامس (أماني صالحة، صلوات مقدسة، الغيرية والعطف على الآخرين، إلخ)، ويلتحق مع المبدأ السابع ("البكر الإلهي")، ليدخل في حالة "الحمل". أما المبدآن الرابع والخامس فيبقيان متحدين ليشكِّلا ما دعوناه سابقاً بالصَّدَفَة الفارغة shell التي تحوِّم في الفراغ المحيط بكوكب الأرض، شبه فاقدة للذاكرة، لكنْ مع احتفاظها بالغرائز الدنيئة لوقت محدد. وهذا ما يدعوه بعضهم باسم "الملاك الحارس" الذي يحضر في الجلسات الروحية، بينما يدَّعي بعضهم الآخر بأنه "مَلَك صالح"!

أما إذا انتصرت الثنائية الدنيا (المبدأ الرابع + الخامس) فإن المبدأ الخامس يدمج كلَّ ما يستطيعه من المبدأ السادس، أو يهضم كل ما تبقى من الذاكرة الشخصية والإدراكات في الفردية. ومع ذلك فإن المبدأ الخامس لا يبقى في كاما لوكا أو عالم الرغبات أو في الفراغ المحيط بكوكبنا الأرضي، بل سرعان ما يصبح كالقشة التي تتقاذفها الريح، وينشفط في الإعصار الذي يحوي جميع الأنيات الإنسانية. بينما المبدآن السادس والسابع يشكلان، من الآن فصاعداً، الموناد Monad الفردية، الذات الروحية الشفافة، التي لا تحوي أيَّ أثر من الشخصية القديمة، وبالتالي لن تدخل في حالة "الحمل"، لأنه لن يعود هناك شيء اسمه الأنية الشخصية أو الذات العليا المطهَّرة لكي تولد من جديد في ديفاخان. ولذلك، بدلاً من الدخول إلى ديفاخان، فإنها تبقى في حالة راحة غير واعية في الفراغ اللامتناهي، حتى يحين أوان تجسُّمها من جديد. ولكن الحياة الشخصية السابقة تصير وكأنها صفحة ضائعة من دفتر الحياة الذي تُسطَّر فيه سلسلة الأعمار كلِّها. وإذا حدث أن يبدأ الإنسان، في مرحلة ما من تجسماته، بتذكر الأعمار السابقة التي عاشها فإن تلك الحياة الضائعة تبقى مجهولة للأبد. ولكن هذه الحالة نادرة ولا تشكل نسبة مئوية ذات بال بين البشر.

*

بحسب فلوطرخس، الحكيم اليوناني المتعمق بأسرار ديونيسوس وتلميذ أفلاطون، فإن الإنسان مؤلف من ثلاثة أقسام: جزء مادي، وهو الجسم الفيزيقي؛ وجزء نفساني، وهو الشخصية الأرضية personality التي تقيم في الجسم المادي، وقد أطلق عليه فلوطرخُس اسم psychè؛ وجزء روحي هو الإدراك أو الذكاء أو الروح، ويُطلَق عليه اسم نوس nous؛ وينبغي عدم الخلط بين هذا الأخير وبين العقل mental، وأيضاً يجب عدم الخلط بين نوس والنفس soul. وهذه الأخيرة ليست، بحسب فلوطرخس، سوى وسيط بين نوس وبين الجسم المادي؛ ومدتها محددة بزمن التجسم الأرضي العابر، وسرعان ما تندثر بعد الموت.

وبحسب فلوطرخس فإن الجسم المادي يرتبط بالأرض، وpsychè بالقمر، والروح (نوس) بالشمس التي هي مصدر انبثاقها، فيقول إن "الذات الكامنة بداخلنا" ليست مجموع أحاسيسنا ومشاعرنا ورغباتنا التي تحرض جسمنا، بل هي النعمة التي تجعلنا ندرك ونعي الكون المحيط بنا. فهذه الذات الكامنة Self هي نوس Nous الشمسي، وهي عبارة عن مركز الوعي والذكاء ذي الجوهر الإلهي؛ وهو ما تدعوه الثيوصوفيا باسم الأنية الروحية أو "الفردية" التي تتجسم من حياة إلى حياة والتي تحيي الشخصيات المتعددة في الولادات المتكررة. وعند الموت تنفصل psychè عن الجسم المادي، في سيرورة تدعوها الثيوصوفيا بـ"الموت الأول". وعند انفصال نوس عن الجزء النفساني psychè يحدث ما يدعوه فلوطرخس بـ"الموت الثاني" – وهو، بحسب الثيوصوفيا، دخول الأنية إلى ديفاخان كما ذكرنا.

ولكن ما الذي يحدث للجوهر النفساني psychè بعد انفصاله عن نوس وفقدانه لقدرة التعقل والوعي؟ يجيب فلوطرخس بأن بقايا psychè بعد الموت تصير شبيهة بالجثة، كظلٍّ فاقد للحياة وللوعي – وهو ما تدعوه الثيوصوفيا باسم الصَّدَفَة النجمية الفارغة astral shell؛ وهي تنحل سريعاً بعد الموت بالنسبة للنفوس التي كانت تعتنق الفلسفة والشفافية في أثناء حياتها الأرضية. أما النفوس الغليظة والشريرة فإنها تبقى لفترات طويلة تعاني العذاب النفسي. ولا شك أن معظم الأديان تتكلم على الموت وعلى المراحل التي تمر بها النفس قبل وصولها إلى مكان إقامتها الجديد، سواء أكان هذا المكان هو الفردوس (أو الجنة أو السماء)، أو لسوء الحظ، الجحيم أو جهنم أو هادِس Hadès.

ولكن الأمر المتفق عليه هو أن صيرورة الموت معقدة، وليست بالبساطة التي تقدمها لنا الأديان. فالموت، بحدِّ ذاته، هو مَعبَرٌ إلى تجدد روحي وتطهير للنفس في سبيل إعادة تكاملها مع الحياة ذاتها. ولا يمكن للحياة أن تستمر بمعزل عن وجهها الآخر: الموت.

*

ما هي المدة الزمنية الفاصلة بين لحظة الموت والدخول في ديفاخان؟

باردو Bardo (مصطلح تيبتي) هو اسم المدة التي تمتد بين الموت والولادة الجديدة في ديفاخان؛ وهي تنقسم إلى ثلاثة مراحل؛ وقد تمتد هذه المدة بين سنوات عدة إلى آلاف السنين:

-       المرحلة الأولى: بعد انحلال الجسم المادي والأثيري والنجمي بعد الموت، تدخل الأنية في كاما لوكا Kama-loka، وتدعى في اللغة التيبتية باسم Yah-kai.

-       المرحلة الثانية: دخول الأنية في مرحلة "الحمل"، أو هضم المحتوى الروحي للتجارب المتعلقة بالحياة السابقة.

-       المرحلة الثالثة: الولادة من جديد في ديفاخان أو روبا لوكا Rupa-loka ("عالم الشكل") التابع لديفاخان.

في المرحلة الأولى، تتراوح المدة الزمنية بين دقائق معدودات وسنوات كثيرة؛ وفي المرحلة الثانية تكون أطول بكثير جداً من المرحلة الأولى، وهي تتناسب طرداً مع الطاقة الروحية المختزنة في الأنية؛ أما المرحلة الثالثة، فهي محدودة بمخزون الكارما Karma الصالح للإنسان المتوفى: كلما كانت أعماله صالحة طالت إقامته في ديفاخان لينال الثواب والمكافأة عليها. وبعدها يتجسم الإنسان من جديد على كوكب الأرض؛ ويسبق التجسم الجديد دخول الأنية في غيبوبة روحية.

لقد ذكرنا أن كلمة باردو تعني المدة الزمنية الفاصلة بين الموت والدخول إلى ديفاخان، وعرَّفنا بأقسامها الثلاثة. والسؤال الذي يطرحه بعضهم هو عن المدة الزمنية التي يمكث فيها المتوفى في ديفاخان. لقد ذكرنا عند كلامنا على المرحلة الثالثة – مرحلة ديفاخان – أن طول الإقامة في هذه المنطقة يتناسب طرداً مع الكارما الصالح للإنسان في أثناء حياته الأرضية؛ ولهذا فهو يتراوح بين مئات وآلاف السنين. وبشكل عام، بالنسبة للإنسان العادي، تتراوح بين 1000-1500عام. ولكن إذا أخذنا صورة تشبيهية لكأس مليء بالزيت، فيه فتيل مشتعل، فإن الأنية هي الفتيل والكارما هو الزيت: كلما كان الزيت كثيراً (أعمال صالحة كثيرة) طالت مدة اشتعال الفتيل (طالت الإقامة في ديفاخان). ولكن هناك نماذج محددة من البشر لا تدخل إلى ديفاخان؛ وقد ذكرنا من بينها الأطفال المتوفين قبل سن السابعة.

ويفيد كتاب Jats البوذي بأنه بين كاما لوكا Kama-loka وروبا لوكا Rupa-loka توجد منطقة تدعى مارا Mara، أي بين كاما لوكا أو المنطقة التي يدخلها المتوفى بادئ الأمر، وبين روبا لوكا أو المنطقة التي يتم فيها "الحمل"، توجد منطقة تدعى مارا أو الموت. وهي المنطقة التي يحدث فيها صراع مميت بين الثنائية العليا (المبدأ السادس والسابع في الإنسان أو مركبتيه الإشراقية والروحية) وبين الثنائية الدنيا (المبدأ الرابع والخامس أو العقلي الأدنى والعقلي الأعلى) اللتين شرحناهما سابقاً. وهذه المرحلة تسبق الدخول والولادة في ديفاخان، وتدعى بـ"الموت الثاني" في الإنجيل. ولهذا السبب، ما إن تجتاز الأنية "الجسر الذهبي" الذي يفصل بين كاما لوكا وبين "الجبال السبعة الذهبية" أو منطقة "الحمل" حتى يصير من المتعذر على الروح أو الأنية العودة إلى الأرض في الجلسات الروحية كما يدَّعي الأرواحيون.

أما بالنسبة لنماذج مغايرة من البشر، مثل المنتحرين أو الذين قضوا نحبهم في حوادث، فإن بإمكانهم إقامة اتصالات "روحية" مع وسطاء، ولكنهم سيدفعون الثمن غالياً بسبب ذلك. وهذه الطبقة من "الأرواح" هي استثناء من القاعدة العامة، ولها قانونها الخاص بعد الموت؛ إذ ينبغي لها البقاء ضمن جاذبية الأرض أو الجاذبية المحيطة بكوكب الأرض (كاما لوكا) حتى تستنفد الأنية كلَّ الطاقة الروحية الموجودة فيها التي قُطِعَتْ فجأة (بالانتحار أو الموت المفاجئ) والتي كان لا بدَّ من تصريفها طبيعياً فيما لو لم يمت الشخص ميتة مفاجئة، إرادياً أو بصورة غير إرادية. بعبارة أخرى، لنفترض أن الطاقة الحيوية في إنسان ما تتيح له الحياة مدة 80 سنة: إذا اتفق أن يقضي نحبه في حادث مفاجئ قبل بلوغه الخمسين فإن الطاقة الحيوية المتبقية ستدفع بهذا الإنسان إلى منطقة كاما لوكا المحيطة بكوكب الأرض ليبقى فيها 30 سنة كي تُستنفَد هذه الطاقة كلياً، وبعدها يدخل إلى منطقة ديفاخان.

لهذا السبب فإن استدعاء هذه الأرواح في الجلسات الروحية هو جريمة كبيرة لأن الوسيط والحضور يحثون ذاكرة المنتحر أو الميت في حادثة على تذكر كلِّ تفاصيل الدقائق الأخيرة من حياته الأرضية مما يزيد من عذاب نفسه، لأنه في حالة الإنسان المنتحر هرباً من الحياة سيجد نفسه بعد الموت "حياً" من جديد؛ ومن هنا يزداد عذابه.

وقد ذكرنا سابقاً حالة الإنسان المُشبَع في حياته الأرضية بالبخل أو الإجرام أو المادية أو الجنس، وقلنا إنه يعاني العذاب في منطقة كاما لوكا، لأن غريزة الجنس، مثلاً، تبقى جذورها في أجسام الإنسان الدنيا قبل تلاشيها، وتبقى بالتالي "حيَّة"، وتسبب له دوافع لإشباع هذه الغريزة. ولكن بما أنه لم يعد لديه جسم مادي لتصريف هذه الطاقة الجنسية فإنه سيعاني حتماً من "الاحتراق الجنسي"، إذا جاز التعبير: سيحاول أن يُشبِع هذه الغريزة من خلال أجسام "الأحياء" خلال الجلسات الروحية. ولكن، آجلاً أم عاجلاً، سيعاني من عذاب رهيب وسيُقذَف به خارج الهالة الأرضية حيث الفناء الروحي.

أما الإنسان النقي، إذا توفي في حادثة مفاجئة، فإنه سيدخل فوراً في "غفوة" هادئة ومليئة بالأحلام الجميلة، حيث لا يتذكر شيئاً عن حادثة وفاته، بل "يحيط" بأحبائه وعائلته حتى تُستنفَد الطاقة الحيوية المتبقية لديه؛ وعندئذٍ يدخل إلى ديفاخان.

أما الإنسان الذي ليس بنقي ولا بشرير، أي حالة الإنسان العادي، فإنه لن يعاني العذاب ولا السعادة، بل يدخل في غفوة بدون أحلام، ويبقى في منطقة كاما لوكا، حتى تُستنفَد طاقته الحيوية، ليدخل بعدها إلى ديفاخان ليتمتع بالسعادة. وعند تجسمه من جديد على الأرض سيعاني المصاعب ليكفِّر عن الأخطاء التي ارتكبها في عمر سابق. جدير بالملاحظة أنه يحدث أحياناً أن "يجرب" هذا الإنسان الاتصال مع وسيط روحي، ولكن ذلك سيؤدي به إلى دفع الثمن غالياً.

كيف تتشكل الفردية individuality الجديدة للإنسان عند تجسُّمه من جديد على الأرض؟

لقد ذكرنا كلمة Skandhas في الجدول السابق في معرض شرحنا لصيرورة الموت ومراحله؛ وهي كلمة سنسكريتية تعني "المنازع" و"الطبائع" (في الإنسان). وهي مؤلفة من:

-        الخواص المادية rupa

-        الأحاسيس والمشاعر vedana

-        الأفكار المعنوية sanna

-       النزعات المادية والعقلية samskara

-       القدرات العقلية والأخلاقية vinnana

وهذه الخواص هي التي تشكل الفردية الجديدة، وهي نفسها التي كان يملكها الإنسان في حياته السابقة. ولذا فإن من يريد أن يعرف ماذا كان في حياته "السابقة" فليدرس طبائعه وأخلاقه في هذه الحياة ليدرك أسباب عودته وتجسمه وما هو المطلوب منه عمله في هذه الحياة للارتقاء روحياً وأخلاقياً والخلاص من دائرة الولادة والموت، سمسارا Samsara.

لقد ذكرنا في دراستنا عن مرحلة ما بعد الموت أنه لا يدخل إلى ديفاخان إلا الثالوث الأعلى؛ بينما الاهتزازات الكثيفة والمادية، أي أعمال الإنسان السيئة، تبقى خارجه. وحين خروج الروح من ديفاخان تنجذب تلقائياً إليها وتتحد بها لتشكل الشخصية الجديدة للإنسان في تقمصه الجديد. لذلك يولد الإنسان وهو يحمل معه كلَّ الطبائع والأفكار التي كان يعتنقها في حياته السابقة. فمن كان محباً للفن تبدو عليه دلائل ذلك منذ الطفولة؛ وتأتي الوراثة في المرحلة الثانية، ويتحدد شكل الجسم المادي بناء على هذه المورِّثات الروحية، قبل أن تتدخل الوراثة البشرية.

إن ادِّعاء بعضهم بالقول بعدم عدالة عقاب الإنسان الجديد نتيجة أخطاء الإنسان القديم ليس إلا جهلاً بالقوانين الكونية و"تخيُّله" أنه يوجد قديم وجديد. فالفردية خالدة، وهي التي تحمل معها، من حياة إلى حياة، كلَّ أعمال الإنسان الذي يُكافَئ أو يُعاقَب عليها، مع إتاحة الفرصة لها بالتكفير عنها بدلاً من إقناعنا بالـ"الإله الوهمي" الذين يؤمنون به: يهوه المبارك، الرب الإله، "رب الجنود" – يهوه، الذي يعاقب أخطاء الآباء بالأبناء حتى الجيل الثالث والرابع – وينسون إله المحبة، يسوع الناصري، إله الغفران: "لم آتِ لأهلِكَ، بل لأخلِّص." (إنجيل يوحنا) فبدلاً من معاقبة المذنب والبريء، فإن كارما – قانون الله المطلق – ينتقم للبريء، ويعوض للضحية، ويتيح للشرير التوبة آلاف المرات. وأخيراً فإن "ما يزرعه الإنسان إياه يحصد"، عاجلاً أم آجلاً.

نعود إلى موضوعنا، لنذكر ملاحظة جديرة بالاهتمام. فقد نوَّهنا إلى أن الإنسان يعود للتجسم مراراً للتكفير عن أخطائه. وهنا نطرح سؤالاً هاماً: لنفترض أن إنساناً ما قد ارتكب أخطاء كثيرة في عمر سابق، وفي هذا العمر كان من المفروض أن يحيا سبعين سنة؛ ولكن في عمر الثلاثين قام أحدهم بقتله. فما هو مصيره بعد الموت؟

نظرياً، قد يسألنا أحدهم قائلاً: لو أنه عاش حتى السبعين من عمره، ألا يمكن، خلال هذه الفترة، أن يُكفِّر عن أخطائه التي ارتكبها في عمر سابق؟ أليست عملية قتله هي حرمانه من التكفير؟

حكماء الحضارة ومعلِّمو الحكمة يجيبون قائلين: "هذا صحيح. لذا فإن العدالة الإلهية لا تهمله؛ ولن يبقى هذا الإنسان في منطقة كاما لوكا ليعاني العذاب كبقية الأشرار، وإنما يدخل في غيبوبة، نظير الشخص العادي لأن موته كان خارجاً عن إرادته (الاغتيال). ولذلك فإن أخطاءه السابقة (الكارما السابق) تُمَّحى من سجلِّه الكوني."

ولذلك يقول معلِّمو الحكمة أن الدافع هو أساس كل شيء، وأن الإنسان يُعاقَب في حالة المسؤولية "المباشرة"، والقوانين الكونية تحاسِب على "النوايا" أكثر من "الأفعال" الظاهرية، عكس ما يُطبَّق بشكل عام في القوانين الإنسانية الوضعية.

هناك فئة من الناس التي يُطلَق عليها اسم "المجانين" أو "المرضى العقليين". فما هو مصيرهم بعد الموت؟

نفضل ألا نبحث في هذا الموضوع لأن الصمت هو أفضل من قول "نصف الحقيقة"! ولكن مُعلِّمي الحكمة يعلِّموننا أن "المجنون" أو "المريض عقلياً" يصبح "واعياً" و"مفكراً" خلال لحظات الاحتضار، وإن كان لا يستطيع التعبير لأحبائه المحيطين به على فراش الموت. وعلى القارئ أنَ يستنتج من العبارة السابقة ما يحلو له، أو بالأحرى ما يساعده حدسُه على تفهم هذا الموضوع الشائك. ولكننا ننبِّه القارئ إلى أن "الذاكرة" شيء و"ملَكات الإدراك" شيء آخر. فالمجنون يستطيع تذكُّر أجزاء معينة من حياته السابقة، ولكنه عاجز عن إدراك ذلك بوضوح، لأن الجزء الأعلى من ماناس Manas وبودهي Bouddhi لديه مشلولان تماماً. ونفس الشيء ينطبق على الحيوان: فالكلب، مثلاً، يتذكَّر معلِّمه الغاضب وهو يحمل عصا بيده! ولكن بعد ذلك ينسى كل شيء. ولكننا لا نستطيع أن نقول إن ذاكرة الكلب وغريزته هي "ملَكات إدراك".

***

 

9

علامات ودلائل التقمص

 

تبدأ معظم حالات التقمص بالظهور عند الأطفال في سن الثانية وحتى الرابعة من العمر، وتبدأ تصرفات الطفل تتغير منذ ذلك الحين، ويصاب الأهل بالدهشة من تصرفاته غير الاعتيادية ومن كلماته المعبِّرة عن شخصية تختلف عن شخصية الطفل الذي عايشوه في السنوات السابقة، ويلاحظون التغيير الجذري في سلوكه، ويبدأ القلق ينتابهم من جراء ذلك. ولكن هناك حالات استثنائية تظهر فيها دلائل حقيقية للتقمص. وبحسب الباحثين والدارسين فإن أغلب الدلائل والعلامات التي تدل فعلاً على التقمص هي ناتجة عن خبرات وتجارب لا يستطيع الاستدلال عليها بدقة إلا مَن كان متعمقاً في هذا المضمار. ويمكن إيجاز بعضها:

أ. الخوف غير المبرر: كثير من الأطفال يعانون من الخوف الشديد، لا بل من الرعب الذي يسيطر عليهم بدون وجود أسباب ظاهرية تبرره. فهناك الأطفال الذين يخافون الماء أو السيارات أو الجسور أو من أماكن معينة لا يوجد فيها شيء خارجي يسبب الخوف لدى غيرهم من الأطفال الآخرين. ونجد أيضاً لدى البالغين هذا النوع من الخوف غير المفسَّر. فقد نجد شخصاً لا يهاب الموت، ومع ذلك فإن وجود كلب صغير بجانبه سيسبِّب له الذعر أو الوجل، فيهرب؛ أو نرى شخصاً ما يخاف من الأماكن المغلقة، رغم مشاركته في حرب ما؛ والكثير من هذه الروايات التي تتناهى إلينا تدل على وجود أمر ما فيها يستحق الاهتمام.

ب. اهتمام زائد غير منطقي: بعض الأطفال لديهم اهتمام وانجذاب غريزي للحياة الروحية أو للإجرام أو لمحبة فن معين منذ الطفولة، رغم أن المحيط الذي يعيشون فيه لا يشجع على ذلك. ويروي إيان ستيفنسون أن أحد الأطفال كان لديه انجذاب غير طبيعي للثعابين، ويقول إن هذا الطفل كان يروي قصته بأنه كان – في حياته الماضية – يمتلك حية كوبرا لتخويف اللصوص. طفل آخر كان يحب بلداً معيناً، وكان باستطاعته وصف هذا البلد وعادات سكانه وأهم آثاره، رغم أنه لم يغادر قريته ولم يدخل المدرسة بعد!

ج. رفض الوضع الاجتماعي في التقمص الجديد: في كثير من الأحيان يعبِّر الطفل عن للعائلة التي تجسَّد فيها بسبب الذكريات الماضية والعائدة لعمر سابق ويطالب أهله "الجدد" بإعادته إلى عائلته "القديمة". وكثير من الأطفال يرفضون جنسهم، كأن يقلِّد الصبي تصرفات فتاة ويلبس ثياب خاصة بالأنثى تعبيراً عن رفضه لذكورته – وهذا يدل على أن الصبي كان أنثى في حياته السابقة؛ والعكس صحيح. وهذا الأمر يزول في سن معينة بشكل عام، ونادراً ما يستمر في مرحلة المراهقة. وفي حالات إضافية، يرفض الطفل، في تجسده الجديد، الوضع الاجتماعي أو الطبقة الاجتماعية التي ولد فيها، ويعبِّر عن ذلك بتصرفاته في أثناء تناول الطعام أو طريقة النوم التي تدل على أن هذه التصرفات تنتمي إلى عائلة برجوازية أو فقيرة.

د. ظهور غير اعتيادي للمعارف والتصرفات: كثير من الأطفال يستطيعون أن يقرأوا كتباً باللغة السنسكريتية في سن مبكرة، أو أن يعرفوا أحداث أو جغرافيا بلدان أو تاريخ معين، بدون أن يكونوا قد قرأوا أو سمعوا شيئاً عنها. وهذه المعلومات تكون مختزنة في الذاكرة الروحية التي تستمر من حياة إلى حياة، وتطبع ذاتها في الدماغ الفيزيقي في حالات استثنائية. وكذلك هناك بعض الأطفال الذين يتصرفون كالبالغين، أو يمتلكون مواهب تكنولوجية أو مواهب تقنية، بدون دراسة أو خبرة سابقة، نظير الطفل بارمود شارما Parmod Sharma الذي ما كاد يبلغ الرابعة من عمره حتى ظهرت عليه "قدراته" المتمثلة بإدارته آلات خاصة لتصنيع الصودا، ومعرفته المتقنة لكيفية عملها وصيانتها من الأعطال، رغم أنه لم يرَ في حياته آلة ميكانيكية!

هـ. مواهب مبكرة: كثير من الناس سمع عن بعض الموسيقيين المشاهير، أمثال موتسارت وهاندل أو باخ، وسمعوا عن مواهبهم الموسيقية منذ طفولتهم اليانعة، وخاصة استطاعتهم تأليف مقطوعات موسيقية عالمية في وقت كان أترابُهم يلعبون في الشارع. ولا شكَّ أن ذلك يعود إلى خبراتهم المتراكمة من عدة أعمار سابقة التي لا بدَّ أن تعبِّر عن نفسها، أجلاً أم عاجلاً، في حياة محددة، حيث ينصب كل مخزون هذه الخبرات في روائع عالمية، سواء كانت موسيقية أم فنية.

و. المعرفة الجنسية المبكرة: يتفاجأ الكثيرون لسماعهم طفل صغير يتحدث عن الجنس والأمومة والولادة بطريقة مذهلة، وكأنه قد "اختبرها" في حياة سابقة. ولا تزال قصة الطفل الهندي البالغ من العمر خمس سنوات بيشان شاند كابور Bishen Chand Kapoor تثير الدهشة. ففي هذا العمر سأل والده قائلاً: "لماذا لا تتخذ لك عشيقة؟ ستشعر باللذة معها... ورائحة شعرها ستثيرك... وستشعر معها بالسعادة"! وبكثير من هذه العبارات "الفصيحة" نصح الطفل لوالده. والباحثون في هذه الظاهرة النادرة أكدوا أن الطفل يستطيع التمييز بين مفهوم "الزوجة" وبين مفهوم "العشيقة" لأنه كان، بحسب أقواله للمحيطين به، يمتلك عشيقة خاصة به في حياته السابقة.

 هناك الكثير من الدلائل التي تعبِّر عن حقيقة التقمص. ولكن بشكل عام هناك تفسيرات تستطيع بيان وتوضيح ما هو حقيقي عن الوهم. ويعود التحقق في هذا الأمر إلى الباحثين والاختصاصيين في علم نفس الأعماق وعلماء الروح. فليس كل ما يبرق ذهباً. لذا يجب عدم التسرع في الحكم على ظاهرة ما بأنها تعبير "جلي" عن تقمص. وفي هذا المضمار يوجد الكثير من العوامل التي تسبب الانحراف عن الطريق السوي. فينبغي على الباحث أن يكون متعمقاً وصبوراً ليصل إلى الحقيقة.

***

 

10

الحبل الفضي

 

لقد نوهنا سابقاً، عند دراستنا للجسم المادي، إلى وجود حبل يربط ما بين الجسم المادي والجسم الأثيري. يدعى هذا الحبل بـ"الحبل الفضي"؛ وهو عبارة عن رباط أثيري ذي اهتزازات ذرية شفافية، وهو الذي يُمِدُّ الجسم المادي بالطاقة الحيوية المستمَدة من الجسم الأثيري، الذي بدوره يستمدها من الطاقة الحيوية (برانا) المنتشرة في الكون كلِّه، وخاصة تلك الآتية من الشمس بتركيز عالٍ جداً.

في أثناء النوم يبتعد الجسم النجمي عن الجسم المادي، ويعود للاندماج به من جديد عند اليقظة. ولكن في حالات معينة (كمرض عصبي أو نفسي أو صدمة عاطفية أو نتيجة التخدير الجراحي العميق) يعاني الجسم النجمي صعوبة في العودة للاندماج بالجسم المادي. وهذا ما نلحظه أحياناً في أثناء النوم حين نعاني كابوساً يتمثل بالصعوبة في التنفس وعدم استطاعتنا اليقظة، وكأن هناك شيئاً ما في الحلم يضغط على أنفاسنا مع شعورنا فعلاً بضيق التنفس. وأحياناً يحدث أن صوت إغلاق الباب بقوة يؤدي إلى عودة الجسم النجمي بسرعة للاندماج بالجسم المادي، مما يولِّد لدينا الإحساس بصدمة عنيفة ويقظة مُربِكة. وظاهرة ثالثة تتمثل أحياناً بشعورنا، في أثناء بدء الإغفاء، بأننا "ننزلق"، أو بأن شيئاً ما يخرج من داخلنا بانسياب لاإرادي، مما يؤدي إلى ارتباكنا ويقظتنا الفورية، مع الشعور بالإرهاق وتصبب العرق منَّا بغزارة.

في حالات استثنائية، لا يعود الجسم النجمي للاندماج، ولكن الحبل الفضي يبقى مرتبطاً بالجسم المادي، مما يؤدي إلى دخول الإنسان في غيبوبة coma، ولا يعود الطب يعرف سبيلاً لإعادته إلى الحياة الطبيعية: فمن جهة، يكون المريض غائباً عن الوعي لأيام أو لأشهر أو لسنوات طويلة؛ ومن جهة ثانية، تبقى الأجهزة الحيوية فيه، كالتنفس ونبضات القلب وموجات الدماغ، مستمرة في العمل. والسبب في ذلك يعود إلى بقاء الارتباط بين الجسم المادي والنجمي بواسطة الحبل الفضي؛ وفي اللحظة التي ينقطع فيها الحبل الفضي يموت الجسم المادي نهائياً؛ ولكن مادام هذا الارتباط مستمراً فإن الموت لن يحدث، وسيبقى المريض في غيبوبة.

كثيرون منَّا سمعوا عن أشخاص ماتوا، وفي اللحظات الأخيرة قبل الدفن يعود هؤلاء الأشخاص إلى الحياة. ونندهش لهذه الظواهر ولا نعرف لها تفسيراً. ولكن إذا تأملنا بعض الشيء في القصص التي تُروى عن بعض نُسَّاك الهنود الذين يُدفَنون أحياءً بإرادتهم لمدة أيام، ثم يعودون للحياة من جديد لأدركنا الرابط بين هذه القصص وبين قصص الموتى الذين يعودون للحياة. والحقيقة أن الناسك الهندي قد تدرَّب حتى اكتسابه القدرة على "طرح" projection أو قذف جسمه النجمي إرادياً بعيداً عن الجسم المادي مع بقائه حياً رغم الدلائل الطبية التي تشير إلى موته الإكلينيكي وتوقف ضربات القلب. والسبب في ذلك يعود إلى أن الحبل الفضي يبقى مرتبطاً بالجسم المادي، وأيضاً إلى قدرة الناسك الهندي على تخفيض نبضات قلبه من 72 ضربة في الدقيقة تقريباً إلى بضع ضربات، بحيث لا يمكن سماعها بالأجهزة الطبية غير المتطورة، وإلى استطاعته إبطاء عمل أجهزته الحيوية – كالتنفس والنبض مثلاً – إلى الحدود الدنيا. ومن هذا المنطلق ندرك أن موت الشخص "طبياً" لا يعني بالضرورة أنه ميت "فعلياً" مادام الحبل الفضي لا يزال رابطاً بين الجسم المادي والجسم النجمي. ولذلك يعود الجسم النجمي في اللحظات الأخيرة قبل الدفن – لأسباب مختلفة – للاندماج من جديد بالجسم المادي، فيعود "الميت" إلى الحياة.

ولا أزال أتذكر دراسة علمية صادرة عن إحدى الجامعات العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية، تبين من إحصائياتها أن 15% من البشر يُدفَنون "أحياء"! ولهذا طالبتْ بعض الولايات بتشريع قوانين جديدة لا تجيز دفن الموتى إلا بعد ظهور العلامات الزرقاء على الجسم دليلاً على بداية تحلُّل الجسم المادي، وهو الإثبات الأكيد للوفاة. وباطنياً، كما تقول الدراسات الروحانية، يجب عدم التسرع في الدفن قبل مرور 48 ساعة على الأقل.

وفي الإنجيل، نقرأ أن من معجزات السيد المسيح إقامة الأموات. ولا شكَّ أن تصرف السيد المسيح في أثناء سماعه عن موت لعازر يثير دهشة المسيحي العادي. فالمعلم السماوي، رغم سماعه أن لعازر قد ارتحل من هذا العالم منذ يومين، إلا أنه لم يذهب مباشرة لإقامته من بين الأموات، بل انتظر يومين أيضاً. والسبب في ذلك أن السيد المسيح أراد أن ينتظر انفكاك الحبل الفضي عن الجسم المادي للميت وانطلاق جسمه النجمي بعيداً بمرور 72 ساعة. ومن هنا تكمن قدرة المسيح الإلهية في إعادة الروح لعازر رغم انطلاقها.

في دراستنا عن الجسم المادي تكلَّمنا على عادة حرق الجثمان عند الهندوس. والحقيقة تعود إلى أن الجسم الأثيري يحوِّم حول القبر بعد الموت لمدة 72 ساعة، أي حتى بداية تحلل الجسم المادي. ولذلك يقوم الهندوس بحرق الجثة لتسريع تفكك الجسم المادي، وإتاحة الفرصة للجسم الأثيري بالانطلاق بحرية بدلاً من تطوافه حول القبر 72 ساعة. ونورد، ختاماً، ملاحظة بسيطة بأن بعض الظواهر التي ذكرناها سابقاً عن الشعور بضيق التنفس والانزلاق في أثناء النوم، التي يعود سببها إلى الجسم النجمي يمكن تجنبها بممارسة الهاتهايوغا hatha-yoga، أو يوغا التنفس، التي تريح الإنسان وتخلصه من هذه الإزعاجات إلى الأبد. ولكن من المفضل القيام باليوغا تحت إشراف خبير بها؛ وإلا فسيسبب الإنسان لنفسه ضرراً أكثر من الفائدة التي سيجنيها.

*** *** *** 

previous
 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود