"حقوق الناس" طالبت بإلغاء عقوبة الإعدام

الخنساء: موكِّلي مجنون فكيف يعاقب بالقتل؟

احتجاجاً على حملة الإعدامات المعلنة وللمطالبة بالعودة عن القرار 302/94 القاضي بتنفيذ عقوبة الإعدام وإلغاء الأسباب التخفيفية، عقدت "حركة حقوق الناس" مؤتمراً صحافياً أمس في نقابة الصحافة شارك فيه ممثل النقيب كمال إسبر الغريب وحضره رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب مروان فارس وممثل منظمة العفو الدولية كمال العبيدي.

ورحب الغريب بأعضاء "حركة حقوق الناس" في "الدار الصحافية التي هي صوت الحرية سواء كانت هذه الحرية حرية الكلمة المكتوبة أو حرية القول والعمل وبالتالي حرية الإنسان وحياته". ولايجوز أن "تعبث بهذه الحرية قوانين مجحفة وظالمة كقانون المطبوعات وقانون الإعدام". وأضاف أنه لابد من "فحص المجرم ودرجة تأثره حين ارتكب الجرم بالعوامل المكانية والزمانية. وهذه العوالم تقع تحت إدراك القضاة. وليس هناك عقوبات تستحق الإعدام. وهذا ما تمسكت به أمم راقية ومتقدمة ومتمدنة ألغت قانون الإعدام فيما تتمسك به بعض الدول".

وطالب الغريب بإبدال قانون الإعدام في لبنان بعقوبة السجن المؤبد "شرط أن يكون السجن مدرسة تتولى تثقيف المجرم وتعليمه".

ثم توجه الدكتور وليد صليبي ممثلاً "حركة حقوق الناس" برسالة إلى رئيس الجمهورية قدم فيها ثلاثة اقتراحات هي: وقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام إلى حين إقرار قانون حديث للعقوبات والعودة عن القانون 302 تاريخ 21/3/1994 وإلغاء عقوبة الإعدام نهائياً من ضمن قانون عقوبات حديث يبدل سياسة العقاب بسياسة إصلاح وتأهيل تجسد حصة المجتمع في مسؤوليته عن كل جريمة تحصل. واعتبر أن الاقتراحات ترمي إلى "عدم تحول الدولة إلى مسلخ رسمي والقانون إلى وسيلة ترهيب ترعب الأوادم أكثر من مرتكبي الجرائم، خصوصاً أنه يتم تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل استنسابي ينال من المستضعفين فقط بل تستخدم أحياناً لإلغاء الأخصام السياسيين". وأضاف: "الهدف هو إلغاء الجريمة وليس المجرم، وتنفيذ عقوبة الإعدام لايخدم هذا الهدف كما أثبتت الدراسات في أكثر من مئة بلد، لا بل يزيد الجريمة أحياناً".

وفي مداخلة للمحامية مي الخنساء تحدثت عن مخالفة القانون رقم 302/94 لأحكام الدستور اللبناني وعن مخالفة تطبيق عقوبة الإعدام في حق موكلها فادي مرعش "لأنه يعاني الجنون من صغره وهو "نزيل العصفورية" في سجن روميه. وقد أكد ذلك الدكتور نبيل عكاري في تقريره الطبي وكذلك الدكتور ماجد كنج الذي أكد أن حالة الجنون عند مرعش مزمنة. وأكدت صحة التقريرين مصلحة الصحة في سجن رومية بعدما عاينت الموكل وأحالته على الجناح الخاص لمعالجة الأمراض النفسية والعصبية في السجن".

وتحدثت عن آراء رجال دين مسلمين ومسيحيين في قضية مرعش، لاسيما فتوى صادرة عن الشيخ عبد الأمير قبلان قضت بعدم جواز إعدامه لأنه حاصل أولاً على إسقاط حق شخصي من كل الورثة وثانياً لأنه مجنون، إضافة إلى "فتوى شفهية" من البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير هي أنه لا يجوز إعدام الموكل حسب الدين المسيحي أولاً، وثانياً لأنه قد حصل على إسقاط حق شخصي من الورثة، ولأنه مجنون ثالثاً، وقال ما حرفيته: "فليعطوه عقلاً ومن بعدُ يحاكمونه".

أما عضو لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين المحامية ندى الأدهمي فطالبت بتعديل القانون الذي نص على قتل القاتل ووسَّع مجال تطبيقه من الجرائم المتعمدة إلى الجرائم المقصودة، كما جرَّد القاضي من سلطة منح الأسباب التخفيفية منتقصاً بذلك من استقلاله ومخالفاً الدستور اللبناني القائم على أن يستنسب القاضي بالحكم.

واعتبر أمين سر الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان المحامي نعمة جمعة أن حياة الإنسان هبة من الله لايجوز لأحد مهما كان موقعه أن يضع حداً لها. وقال إن الشرائع الدولية تمقت تنفيذ هذه العقوبة.

ثم كان للنائب مروان فارس كلمة قال فيها إن لجنة حقوق الإنسان النيابية ستعقد اجتماعاً هذا الأسبوع، وعلى جدول أعمالها موضوع المفقودين خلال أعوام الحرب الطويلة، و"سأحاول وضع موضوع الإعدام قيد البحث". واعتبر أن القوانين التي "علينا تطبيقها يجب أن تكون متصلة بفلسفة العصر الجديد ويجب أن تكون العقوبة في خدمة الإنسان لا لإلغائه". وأضاف: "في ما يخص فادي مرعش أتوجَّه بدوري إلى رئيس الجمهورية لتجميد قرار الإعدام ريثما يكون قانون الجزاء قد صدر بتعديلاته الجديدة".

وقال المحامي سمير الحلبي أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصبح جزءاً لايتجزأ من الدستور اللبناني يدين عقوبة الإعدام، "لذا من أول واجبات الدولة إلغاء هذا القانون وفي مرحلة أولى نناشد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الامتناع عن المصادقة على قرار إعدام فادي مرعش وسواه".

ودعت "حركة حقوق الناس" إلى المشاركة في اعتصام "وخز الضمير" الذي تنظمه احتجاجاً على حملة الإعدامات أثناء انعقاد جلسة مجلس الوزراء الأولى في السنة الجديدة الساعة 4.00 بعد ظهر الأربعاء 3 كانون الثاني أمام مقر مجلس الوزراء في المتحف.

عن النهار، 19/12/2000