|
كل
يوم سعيداً
سمير
التقي
في
الأصل كانت كلُّ الأيام سواسية: كان
لكلِّ يوم الحقُّ في الوجود والاحترام، الحق
في أن يعيش كريماً ويموت كريماً. لم يكن
مسموحاً نبذُ يوم ما أو احتقارُه. ففي
الأصل كان لكلِّ يوم الحقُّ في الحرية، والحقُّ
في التعبير، والحقُّ
في المشاركة، والحقُّ
في الحب والتعدد والتكاثر، الحق
في الإيمان بما شاء من نجوم أو مذنبات، أقمار
ومجرَّات أو
ثقوب سوداء. كان له
الحق في القفز بينها، أو تدويرها، أو التأرجح
عليها، أو الموت بها، دون أن
يعاني من التفرقة العنصرية أو المذهبية. بل كان
مسموحاً أن يؤمن أحياناً بالأرض وبالحياة،
وربما بالآخرة. الأيام
الممطرة لم تكن تتكبَّر على أيام الحرِّ
والقيظ. كل
الأيام كانت للسماء كما للأرض، كانت
كلها للنهر كما للرمال، وللسحالي
بقدر ما كانت للنسور. * وجاء
آدم البشري، فصار
يومٌ للآلهة وستة للشياطين، يومٌ
للميلاد وفصول، فصول، للقتل، يومٌ
للسلم وسنون للحرب، يومٌ
للصوم وشهور للذبائح، يومٌ
للوطن وأيام للخيانة، يومٌ
للمرأة وقرونٌ للرجال، دقائق
للحبِّ ودهورٌ للموت. * منذ أن
فرَّق آدم البشري بين الأيام، وصار
يعدُّها، ويقطِّعها، ويصنِّفها، يبجِّل
بعضها ليرتكب فيما تبقى، صارت
الأزمانُ في لحمه سيوفاً ونيراناً تُذيقُهُ
نارَ غربة حمقاء. من
يومها، يا صديقي، صار
ابن البشر هذا يركض تائهاً، وغدا
زمانُه هروباً من أزمنة مضتْ يخافُ أن
تدركَه، واللحظةُ
هروباً إلى اللحظة يخافُ أن لا يطالها. بعدها
ما عرف حياةً إلا الموت، ولا
آلهة إلا الكفر! *** *** ***
|
|
|