|
صرخة(غمر
الضياء)
أميمة
الخش
الطائر
يصرخ بأعلى صوته. يريد أن يكسر القضبان ويخرج.
يصمُّ صوتُه أذنيَّ. تعتريني رجفة. هل آن
الآوان؟ الغابة
مكتظة، موغلة في العمق. أشجارها الكثيفة تضغط
على جسدي، تكاد أن تسحقه – أنا الهاربة بجسدي
العاري، وشعري المبعثر، أعدو وسط غيلانها
وعيناي تلتصقان بقبة السماء، تناديان الإله
البعيد القريب. تنهال
كفَّاي – كالسياط – تلطمان صدري المحبوس،
تستجرَّان إليه نسمة. ينطلق منه صوت يضيع وسط
الضجيج. "الحب... الحب!" تلاحقني صرخات
الطائر. يتسارع عَدْوي. وفي لحظة خارج الزمن
أميِّز الصوت جلياً في داخلي. الروح والجسد...
ولحظة التحرُّر. تمتلئ
الغابة بعيونٍ ثاقبةِ النظرات تخترق جسدي
كالسهام، وتمتد أصابع معروقة تحاصرني من كل
صوب. أواصل عدوي وأنا أهتز كورقة شجر خريفية.
وفي لحظة... أنظر إلى جسدي. أراه يشفُّ ويرقُّ.
أستطيع أن أرى جَوَّاه! تحاصرني العيون
والأصابع. أقف لاهثة. تقدح العيون الشَّرَر،
وتمدُّ إليَّ الأصابع ورقة توت. أدوسها
بقدميَّ، وأصرخ بصوت طائري: "الله والحب...
ولا شيء غيرهما!" تهدر
الأصوات. تردِّد الكلمة الأزلية: "الخطيئة!"
لا أفهم معنى الكلمة. أحار في تفسيرها. هل أنا
في أرض غريبة؟ هل حللتُ خطأً في غابة بشرية
تخلَّى ناسُها عن أناهم الحقة؟ أريد أن أعود
إلى ما قبل السقوط. مللتُ العيش بين الأفاعي
وأشباه البشر. الطائر
يصدح، والقضبان تتكسر واحداً واحداً، وأنا
أعدو بجسد عارٍ، مغمور بالضياء، وعينين
مؤتلقتين تنظران إلى أبعد نقطة في الكون. *** *** ***
|
|
|