|
كوخ المعلم
رحلة
في عالم الهند
نجيب
البعيني
كوخ
المعلم، مغامرات في الهند*
أحدث كتاب أصدره العلامة د. محمد خليل الباشا،
بعد سلسلة كتب أصدرها على مدى ربع قرن، في
المعاجم والترجمة والفكر والموسوعات. كوخ المعلم قصة شاب وفتاة لبنانيين في أمريكا: الشاب أجود دكتور في الفلسفة، وأستاذ في إحدى الجامعات، ورجل علم ورصانة وحسن تدبير، والعروس ليلى دكتورة في العلوم الشرقية، وأستاذة في الجامعة نفسها، مفعمة بالذكاء وبالظرف. تزوَّجا وأرادا أن يكون شهر العسل في الهند للاطلاع على الفكر الهندي والفلسفة الهندية والعقائد والتقاليد وما تميز به المعلِّمون الروحانيون من أعمال تثير الإعجاب حقاً. وهناك صادفتهما بعض المصاعب، فتجاوزاها في جوٍّ من خفة الروح. بذل
المؤلف جهداً حثيثاً لإخراج هذه القصة، بعدما
ألَّف في كل الاختصاصات، إلا القصة. فلم
تَرِدْ عنده غير ترجمة القصر الصامت الذي
يعود طبعُه إلى عام 1955. وبما أن اختصاصه في
اللغة وفي الأدب العربي، رأى الباشا أن من "الواجب"
أن يؤلف قصة تكون مميزة بلغتها الرفيعة، على
بساطة وسلاسة، وبأحداثها المثيرة التي تشدُّ
القارئ إليها، على أن تمثل تلك الأحداث،
واقعاً، ما يجري في الهند، حتى يتصور القارئ
أنها قصة حقيقية، وليست من نسج الخيال. يُضمِّن
المؤلف كتابه، من حين إلى آخر، بعضاً من
أفكاره الروحانية وفلسفته في الحياة، ويجاوب
عن أسئلة تتعلق بمصير الإنسان وتقلُّبه في
الآفاق. فتحت عنوان "خلق الله آدم خلال
مليار سنة"، نجده يتكلم على الجسم اللطيف،
و"هل للروح جسمان؟"، يقول: "الروح لا
يمكن أن تبقى لحظة واحدة بغير جسد؛ فإذا خرجت
من الجسد الكثيف بالوفاة أو بالنوم أو
بغيرهما، لبست فوراً الجسم اللطيف، فينقلها
في الآفاق، من تناسخ إلى تناسخ، إلى أن تستوفي
مداها. فالجسم اللطيف نسخة طبق الأصل عن الجسد
الكثيف، ويتألف من مادته، لكنه لطيف لا يقع
تحت حسِّنا بسبب السرعة في تذبذب ذرَّاته.
وعندما تعود الروح إلى التناسخ، تخلع هذا
الجسم اللطيف وتلبس الكثيف، ويبقى اللطيف معه
وبداخله، ذرَّة ذرَّة، لكنهما لا يمتزجان
بسبب التباين في سرعة التذبذبات، كما هي
الحال في موجات الراديو." (ص 63) ويطرح
المؤلف أسئلة روحانية أخرى (ص 68) تدور في فلك
الروح وانتقال الجسم إلى الحياة الأخرى: "إذا
خرجت الروح من الجسد بالوفاة أو بالغيبوبة أو
بغيرهما، فهل تخرج الروح من الجسد بغير
الموت؟" ويجيب المؤلف عن هذا السؤال: "نعم،
تخرج في المنام، وفي الغيبوبة المرضية أو
الاصطناعية، وفي التنويم المغناطيسي أو
الروحاني، وفي وعي الغيبوبة، وفي الطرح
الروحي، وفي الموت الكاذب، وتبقى مربوطة
بالجسد الكثيف بحبل من نور يسمى الحبل الفضي.
فإذا انقطع هذا الحبل، فهو الموت؛ لكنه لن
ينقطع بل ينفلت في حالة الوفاة فقط." في
القصة حبكة، ونهاية لطيفة، وتسلسل منطقي في
سرد الوقائع، في قالب حَسَن الديباجة، ولغة
قوية السبك، غنيَّة بالشخصيات، مشحونة
بالمشاعر. يصول المؤلف ويجول في بطون
الحضارات، وفي بدايات الكون، وفي عوالم العلم
والمعرفة، ونواميس التطوُّر، وقانون كارما
(السببية الكونية) ومفهوم مايا (الوهم
الكوني)، وفي حدود الجسم اللطيف والجسد
الكثيف، في الحياة الدنيا والحياة الآخرة، في
حدود العنف واللاعنف، في منطق القوة ومنطق
السلام، شارحاً لنا نوازع النفس الإنسانية
إلى الخير والشر، والمدِّ والجزر، الانزعاج
والخوف، الأمل والوحشة، الشك واليقين،
القناعة والطمع، القلق والطمأنينة، التحدي
والاستجابة، الوطنية والخيانة، التقليد
والتجدد، صراع البقاء والتضحية بالذات. كوخ
المعلم
قصة رحلة في بلاد الهند، وفي غيرها من
البلدان، كإنكلترا ولبنان وأمريكا. بلاد
الهند التي فيها كثير من الأسرار الماورائية
التي يعجز العقل عن إدراك الحقائق التي تقوم
بها، والأعمال الغريبة التي يقوم بها
المعلِّمون الروحانيون والتي يقف الإنسان
حيالها حائراً. إنها
جولة موفَّقة في عادات هذه البلدان وتقاليدها
وطقوسها، من خلال أقوال وآيات وحكم، مع
استشهاد بآيات قرآنية، وجولة في حدائق الأدب
العربي، وفي ماضي التراث الشعبي والأساطير. ***
*** *** عن
النهار، الأحد 25 آب 2002 *
كوخ
المعلم، مغامرات في الهند، محمد خليل الباشا، دار
نوفل، 152 ص من القطع الصغير.
|
|
|