|
أثر
الأجرام السماوية بالإنسان
بين
الفلك والتنجيم
حميد
مِجْوِل النعيمي
وحدة
بحوث الفلك كلية
العلوم – جامعة بغداد الخلاصة
لقد
ثبت علمياً بأن هناك علاقة واضحة بين تغيرات
طبيعة الإنسان ومواقع الأجرام السماوية
وتأثيراتها (وخاصة القريبة منها)، وكذلك مع
الأشعة والظواهر الكونية. وقد بيَّن التنجيم
وجود ارتباط بين أوضاع الكواكب وطبيعة
الوليد ومهنته في المستقبل. لذلك فإن دراسة
أوضاع وحركة الأجرام السماوية في لحظة ولادة
الإنسان تيتيح الوصول إلى نوع من التنبؤ حول
مستقبل الوليد وخصائص طبعه وسلوكه
الاجتماعي. فقوى الجاذبية للأجرام السماوية
القريبة من الأرض والأشعة الكهرمغناطيسية
وطاقة الرياح والانفجارات الشمسية لها
تأثير كبير وواضح على الظروف الفيزيائية
للأرض، وبالتالي على طبيعة الإنسان
والحيوان وحتى النبات. مقدمة
اهتم الإنسان القديم
بالأجرام السماوية اهتماماً كبيراً لاعتقاده
بتأثيراتها على ظواهر الجو الأرضي بمختلف
أنواعها. لذلك ارتبطت حياته بعلوم الفلك
والأنواء التي تُعنَى بدراسة جميع الظواهر
العلوية، ابتداءً من سطح الأرض حتى أبعد نقطة
في الكون. فبعض هذه الظواهر يوميُّ الحدوث،
مثل الليل والنهار والهطول والغيوم وأطوار
القمر والشهب والبرق والرعد والرياح الشمسية
والقمر، وبعضها نادر الحدوث مثل المذنبات Comets
والمستعرات Nova والمستعرات
العظمى Super Nova.
وقد ذكر أفلاطون بأن دراسة علم الفلك مفيد
للروح وامتدحه العديد من علماء العرب
والمسلمين. نقتبس هنا جزءاً مما ذكره
البتَّاني في مقدمة زيجه الزيج الصابي
حيث قال: إن من أشرف العلوم
منزلة علم النجوم، لما في ذلك من جسيم الحظ
وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور
والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة النهار
والليل ونقصانهما ومواضع النيِّرين وكسوفهما
ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل
أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسباتها... ولعل أسبقية سكان وادي
الرافدين في دراسة علوم الفلك تعود إلى صفاء
سمائهم وخلوها من الأضواء الساطعة والتلوث (التي
حرمت الإنسان المعاصر من التمتع بجمالها).
كذلك فإن انبساط أرضهم وخصوبتها ووفرة مياهها
شجعت قيام أولى المستوطنات البشرية، ولاسيما
في السهل الرسوبي من جنوب العراق (في أسفل
الفرات). بالإضافة إلى ما تقدَّم، فإن افتقار
أرضهم إلى بعض المواد الأولية، مثل الأخشاب
والأحجار الكريمة والمعادن، جعلتهم
يستوردونها من الأقطار المجاورة، فأصبحوا
نجَّارين وزُرَّاعاً وبحارة ومحاربين، جهزوا
الجيوش لحماية طرق المواصلات، وارتادوا
القفار والبحار (الخليج العربي)، واستعانوا
بالنجوم لمعرفة المسالك ليلاً. فلولا هذه
لتاهت جيوشهم وهلكت قوافلهم في الكثبان
والبراري والبحار. كذلك استعانوا بالنجوم
لإعداد التقاويم وتحديد مواسم البذار
والحصاد والصيد والفيضان والأعياد،
فاستخدموا منازل القمر وأبراج الشمس ومواقع
الكواكب للتنبؤ بأحداث الجو ولتعيين
إحداثيات البلدان وحساب زاوية الهلال وغيرها
من القضايا التي تهمُّهم في حياتهم اليومية. وقد ازدادت الحاجة لعلوم
الفضاء في العهد الإسلامي لغرض معرفة أوقات
الصلاة واتجاه القبلة وتحديد أوقات الشفق
وأوائل الشهور القمرية، وللتأهب لصلاة
الكسوف والخسوف، وحتى لتسديد الديون، حيث قيل:
"إذا طلع النجم [أي الثريا] حلَّ عليك ديني."
كما استخدم العرب علم النجوم لفحص سلامة
النظر. ولم ينفصل علم الأنواء الجوية قديماً
عن علم الفلك لأن الظواهر العلوية ترتبط
بعضها ببعض، على حدِّ زعمهم. إذ إن "النوء"
بالعربية يعني المطر الشديد أحياناً؛ ولكن
الشائع في معناه هو سقوط المنزلة القمرية في
الغرب وقت طلوع الشمس؛ من هنا كلمة "ناءت"
بمعنى غرُبَت. أثار علم الفلك والأنواء
اهتمام الكثير من الناس لأنه مزيج من الفلسفة
والرياضيات والعلوم والدين، فأُطلِقَت عليه
في القرون الوسطى تسميات عديدة من نحو: علم
الفلك، علم الأفلاك، علم النجوم، علم
الزايرجه، إلخ. وكان يسمى الفلكي حينذاك بـ"المنجِّم".
أما علم التنجيم فأُطلِق عليه أيضاً علم
صناعة النجوم، ويسمَّى الشخص الذي يعمل في
التنجيم "الأحكامي". من هنا فإن الكثير
من المصطلحات القديمة تختلف عن تسمياتنا
المعاصرة. فما نسميه "الكويكبات" حالياً
(أي المجاميع النجمية) كانت تسمى "الكواكب
الثابتة". وكثيراً ما نلاحظ في الشعر
العربي أو في كتب الأدب أن كلمة "نجم"
تطلق على كوكبة الثريا (وهي مجموعة من سبعة
نجوم مرئية بالعين المجردة). أما الكواكب أو
التوابع planets
فكانوا يسمونها "الكواكب المتحيرة". لم يهتم عرب البادية بأكثر
من 250 نجماً. أما الإغريق في عهد هيبارخوس (القرن
الثاني ق م) فلم يميزوا أكثر من 850 نجماً. وحتى
في العهد الإسلامي الذهبي لم يميِّز العرب
أكثر من 1025 نجماً. أما في الوقت الحاضر فيمكن
مشاهدة أكثر من ستة ملايين نجم بالعين
المجردة من نصفي الكرة الأرضية. ولكن
التلسكوبات الحديثة استطاعت إماطة اللثام عن
أعدادها الغفيرة، بحيث بات يصعب عدها. لقد تعلق الإنسان بالظواهر
العلوية، وخلع عليها صفة التقديس. فقد
اعتُبِرت النجوم والكواكب منازل الملائكة
والآلهة – حسب اعتقاد القدماء –، وعُبِدت
على هذا الأساس، ولاسيما الكواكب الخمسة (الخُنَّس)
والنيِّرين (الشمس والقمر). ومن المرجح أن
الكواكب الخمسة بابلية الأصل لأنها كانت
معروفة في أشعار الجاهلية. وأعطيت لبعضها صفة
الألوهية (مثل الشمس والزهرة والقمر)، بمعنى
أنها تتصف بالمقدرة وبالتأثير الذي تمتلكه
الآلهة المرتبطة بها. ومن هنا نشأ التنجيم
الذي تناقلته الأقوام اللاحقة المحيطة بوادي
الرافدين. وبالرغم من أن بعض علوم الأقدمين قد
حاربه الإسلام، ولاسيما التنجيم، إلا أنه ظل
يلقى العناية والاهتمام الكبير في العهود
الإسلامية المتأخرة، ولاسيما في العهد
العباسي، ومازالت بقاياه تُدرَس حتى يومنا
هذا. سنحاول في هذه الدراسة
التطرق إلى التنجيم وعلاقته بعلم الفلك
ودراسة الجوانب "العلمية" من التنجيم،
وخاصة الاجتهادات التي تحاول إيجاد العلاقة
بين أوضاع وحركة الأجرام السماوية القريبة
وبين طبيعة الوليد ومهنته. لذلك لابد من البحث
والتقصي في المفاهيم العلمية الفيزيائية
والرياضية في تأثيرات الأجرام السماوية على
الإنسان من النواحي السيكولوجية. التنجيم
قد يستغرب المرء من وجاهة
التطرُّق إلى التنجيم لكونه مجموعة متنافرة
من معارف الأقدمين، العقلية منها وغير
العقلية، التي تجمعت لدى الإنسان عبر العصور،
ولكونه يتناقض مع تعاليم الدين والعلم. ولكن
التطرق إليه ضروري في هذا المجال، وخاصة في
مجال الباراسيكولوجيا، كما سنرى. من المعروف أن التنجيم نشأ
في بابل، فاستنفر الكثير من جهود الإنسان،
ولقي رواجاً واسعاً عبر التاريخ، ولاسيما في
القرون الأخيرة السابقة لمجيء المسيح. واستمر
الاهتمام به حتى في العهود الإسلامية
الذهبية، لأن الإنسان بطبيعته تواق دائماً
إلى معرفة المستقبل وتوقع الشرِّ قبل وقوعه.
كذلك فإن التنجيم ساهم في تقدم علم الفلك
والأنواء بسبب اعتماده على رصد الظواهر
العلوية. وهذا يتطلب استنباط الرياضيات التي
تصفها، وابتكار آلات الرصد الدقيقة، ورصد
الظاهرات الكونية الاستثنائية. ولقد ذكر جورج
سارتون ما يلي: "... إننا بحاجة إلى بعض
المعارف للخرافات القديمة لتكشف لنا انتصار
المذهب العقلي على المعتقدات غير العقلية
وخلافاً لذلك فيكون التأريخ ناقصاً." لقد حار الإنسان في أمر
الظواهر العلوية. فمنها المفيد ومنها الضار؛
بعضها مفرح وجميل، مثل ظهور قوس قزح – قوس
الله في الإسلام –، وبعضها مجلبة للشؤم
والترح، مثل ظهور المذنبات والمستعرات ونجم
الغول (نجم الشيطان) والكسوف والخسوف وظهور
الزهرة إلخ. لذلك اعتقد الأقدمون بأن أي حدث
في السماء لابد أن يكون له مقابل على الأرض. من
هنا فإن أية علامة شؤم فيه كان يُنظَر إليها
بالضرورة على أنها ذات علاقة بالشعب بصورة
عامة. ولقد اعتُقِد بأن الأجرام
السماوية تتألف من مادة أثيرية (سماوية) تختلف
عن مادة أرضنا، فأعطيت لها قدسية خاصة،
ولاسيما الكواكب الخمسة والنيِّرين. فكان كل
منها يحكم إحدى طبقات السماء السبع، وهو
ربُّها وحاكمها. والغريب أن إخوان الصفا
علَّموا في رسائلهم أن الملائكة تحكم هذه
السماوات السبع وأن عرش الله فوقها في الفلك
المحيط الذي يلي فلك النجوم الثابتة، خلافاً
لما جاء في القرآن الكريم: "وسع كرسيه
السموات والأرض..."، "وهو معكم أينما كنتم..."! انتقلت هذه المفاهيم
والأساطير البابلية إلى الأقطار والشعوب
المجاورة، مثل اليونان والفرس والسريان وعرب
الجاهلية واليهود. ولعل أكثر هذه الأجرام
تقديساً كوكب الزُّهرة، لأنه رمز للجمال
وللخصوبة: فقد عُبِدت الزهرة في بابل باسم عشتار،
وفي سومر باسم إنانا، وانتقلت عبادتها
إلى بلاد الإغريق والرومان بواسطة
الفينيقيين باسم أفروديتي أو فينوس،
وإلى عرب الجزيرة بواسطة الصابئة واليهود –
تلامذة الكلدان – باسم العُزَّى. وكانت
الشمس في بلاد بابل تُعبَد باسم أوتو أو شمش،
ويمثَّل لها بنجمة دائرية تصدر منها الأشعة.
وحتى عرب الجاهلية كانوا يعبدونها ويسمونها إلاهه.
كما كان للقمر منزلة خاصة عند قدماء
الرافديين. فإله القمر كان يدعى سين ويرمز
له بهلال، ويُستخدَم رصده أساساً للتقويم
القمري الذي اعتمدوه؛ فكانوا يمارسون طقوسهم
الدينية وأعيادهم في أول الشهر القمري وفي
اليومين السابع والخامس عشر وفي يوم اختفائه،
وتُذبَح الأضاحي في يوم الهلال الجديد وعندما
يكون بدراً. وقد كان لكل ظاهرة علوية إله
يسيطر عليها: فـإنليل إله الهواء، ويشكر
أو آدد إله الصواعق والأمطار، وآنو
إله السماء السابعة. ويُعتقَد أن مجرة الطريق
اللبني Milky
Way
في السماء (مجرة الكبش) هي موضع انفطار
السماء، وكانت تسمى باب السماء أو فتقها أو
درب التبانة أو مسحل الكبش. ولازال بعض الناس في أوروبا
ينسب بعض أشكال الجنون إلى القمر (ومنه جاءت
كلمة lunatic
المشتقة من Luna
التي تشير إلى "المجذوب" أو المجنون). وقد اعتُقِد بأن الظواهر
العلوية تؤثر على حظوظ الملوك والأفراد
والشعوب، وتنذر بقدوم الأوبئة والحروب
والقحط والفيضانات. ويُعرَف هذا النوع من
التنجيم بـ"علم معرفة الأحكام"؛ وهو
يعتمد على رصد الظواهر
السماوية، ولاسيما النجوم والكواكب
والمذنبات، وعلاقة بعضها ببعض، مثل الاقتران
والتقابل. أما النوع الآخر فيسمى بـ"تنجيم
الأبراج"؛ وهو يعتمد على رصد الأبراج عند
لحظة ولادة الفرد. وقد عُرِف في بابل قبل بلاد
اليونان ومصر. ولقد أشار نص البابلي يعود إلى
700 سنة ق م إلى علامات البروج، وذكر خمسة عشر
برجاً تقع في دائرة عرضها يقارب 18 ْ، يشاهَد
فيها الشمس والقمر والكواكب. ثم تقلصت إلى
اثني عشر برجاً لتتفق مع السنة التقويمية
المؤلفة من اثني عشر شهراً، حيث تبقى الشمس في
كل برج ثلاثين يوماً، وتم تقسيم دائرة البروج
إلى 360 ْ. وكان ذلك منذ 419 ق م على الأقل. أما الإغريق فلم تصلهم فكرة
الأبراج إلا في وقت متأخر. فكان أقدم ذكر
للأبراج عند الرومان، وقد دُوِّن على البردي
عام 62 ق م. ولم يقسم اليونان دائرة البروج إلى
360 ْ إلا في زمن هيباسيلس قبل سنتين من ميلاد
المسيح، بينما يرجع تأريخ التنجيم البابلي
بالأبراج إلى النصف الثاني من الألف الأول ق م.
وهناك أمثلة على تنجيم معرفة الأحكام تعود
إلى بداية الألف الثالث ق م، أو حتى إلى عهد
سرجون الأول حوالى عام 2370 ق م. ولقد بلغ
التنجيم ذروته في العهد الكلداني ثم انتقل
إلى بلاد فارس واليونان. ومن أشهر المهتمين به
بطليموس الإسكندري (150 ق م). فكتابه المقالات
الأربعة Tetrabiblas
لازال يُعمَل به حتى اليوم، وهو يحوي خلاصة
موسَّعة لمعارف الرافديين في التنجيم. أما في أيامنا هذه فيعتقد
المنجمون بأن للتنجيم حقائق ثابتة لا تتبدل
مع الزمن؛ ومنها أن كل مولود، سواء كان ذكراً
أم أنثى، تسيطر على حياته منذ ولادته وطوال
عمره بعض الكواكب، بحسب موقعها في الأفق ساعة
ولادته، وموضع كل منها بالنسبة للآخر، وسرعة
حركاتها وانتقالاتها. يقول في ذلك أحد
الفلاسفة اليونانيين القدماء: "إن تأثير
الكواكب على حياة الإنسان يشبه تأثير الحرارة
والضوء عليه؛ فإنه يشعر بها ولا يراها."
وللتنجيم فروع أهمها: 1.
تأثير
الكواكب على شخصية وحياة الفرد نفسه دون غيره. 2.
تأثير
الكواكب على حياة الشعوب كواحدة مستقلة كل
منها عن الواحدات الأخرى. 3.
تأثير
الكواكب على العالم أجمع ككتلة واحدة، ما
يصيبه من خير أو شر. 4.
تأثير
الكواكب على الصحة العامة، وما يتعرض له
الإنسان من أمراض وحوادث. 5.
تأثير
الكواكب على الزراعة والفلاحة واقتصاديات
البلاد. إلا أن السؤال الذي يطرح
نفسه هنا يتناول مدى صحة تلك المعطيات علمياً.
فهناك مئات العلماء، من الشرق والغرب، من
مختلف الجامعات ومراكز البحوث العلمية،
يخوضون اليوم في دراسات لمعرفة المستقبل،
تتم، في أغلب الحالات، في إطار علوم
الباراسيكولوجيا. نتائج
علمية في تأثير الأجرام السماوية على الإنسان
سنحاول إدراج بعض تأثيرات
الأجرام السماوية على الإنسان، ابتداءً من
القمر، ثم الشمس، فالكواكب السيارة والنجوم. أولاً: القمر ينص قانون نيوتن في الجذب
العام على أن كل جسمين في الكون يجذب أحدهما
الآخر بقوة تتناسب طرداً مع حاصل جداء
كتلتيهما وعكساً مع مربع المسافة بينهما.
وبالتالي، فإن هناك علاقة مباشرة بين الأرض
والشمس والقمر. فالجاذبية، وفقاً لهذا، هي
العامل الأساسي في التأثير على الإنسان. يتمِّم كل جرم عدداً من
الدورات الشهرية نسبة إلى الأجرام السماوية
الأخرى. وسنأخذ هنا دورتين فقط، ألا وهما:
أولاً، الدورة النجمية sidereal
period التي تشمل دورة
القمر حول الأرض بالنسبة إلى نجم ثابت،
ويساوي معدَّلها 27,32 يوماً، وهي نفس الفترة
التي يكون القمر قد أكمل دورة واحدة حول محوره.
ولهذا السبب نلاحظ وجهاً واحداً من القمر
أثناء دورته الشهرية. وخلال هذه الفترة يقطع
كل من الأرض والقمر حوالى 0،0769 من مدارهما حول
الشمس، أي 27،32 ْ تقريباً. ويلاحَظ وكأنما
الشمس تحركت شرقاً بمقدار 27،32 ْ على القبة
السماوية، أي بمعدَّل درجة واحدة في اليوم.
فالقمر يتحرك في اليوم الواحد حوالى 13 ْ شرقاً
حول الأرض بالنسبة إلى النجوم البعيدة. أما الدورة الثانية فهي
الدورة الاقترانية synodic
period التي تقاس من محاق
إلى محاق تالٍ،
ويكون معدلها 29 يوماً و12
ساعة و44 دقيقة و2،9 ثانية بالنسبة إلى الشمس. هذا وهناك ثلاث دورات أخرى
لا نحتاجها في هذا المجال. وبسبب الجاذبية بين الأجرام
السماوية الثلاث، وبسبب دوراتها التي أشرنا
إليها، يحصل ما يسمى المدُّ والجزر: اليوميان
بسبب الدورة النجمية، والشهريان بسبب الدورة
الاقترانية. لذلك يحدث المد والجزر في
المحيطات والبحار الواسعة، حيث ترتفع المياه
وتنخفض مرتين كل يوم بصورة منتظمة. وتستغرق
هاتان الحركتان 24 ساعة و52 دقيقة؛ وتعادل هذه
المدة اليوم القمري. مما تقدَّم، تظهر أهمية
القمر في حدوث ظاهرتي المد والجزر. تستجيب
قطرة ماء في المحيط لهذه القوة. وكل كائن أو
نبات بحري يشعر بهذا الإيقاع، فيؤثر هذا
الشعور والإدراك على حياة الكائنات، وبصفة
خاصة على تلك التي تعيش على شاطئ البحر. فالمحار، مثلاً، يلتزم في
نشاطه التزاماً تاماً بإيقاع المد والجزر،
فيفتح أثناء المد المرتفع صدفتيه ليتناول
طعامه مطمئناً؛ وما إن يحل الجزر وتنسحب
المياه عن جانب الشاطئ حتى يغلقهما بإحكام
تفادياً للتجفاف. وقد أشارت التجارب أن
المحار يبقى قادراً على حفظ إيقاع المدِّ
والجزر في الظلام، مما يشير إلى تأثُّره بقوى
الجاذبية. وهكذا فإن الجاذبية تؤثر على الأرض
وما تحويه من كائنات حية. وقد استطاعت إحدى
شركات الطيران تسجيل مدِّ وجزر القمر داخل
فنجان الشاي في أي مكان على الأرض. وهذا ما
يسمى بالإيقاع اليومي للقمر. وهناك الإيقاع الشهري
الناتج عن الدورة المحاقية. فنحن نرى القمر
لأنه يعكس أشعة الشمس؛ وما نراه من القمر
يتوقف على وضعه بالنسبة إلى الشمس والأرض،
والهيئات التقليدية للقمر (الهلال والمحاق
والبدر)، تتبع الدورة التي تستغرق كمعدَّل
حوالى 29 يوماً، من اكتمال البدر وحتى اكتمال
البدر التالي، لمرتين خلال هذه الدورة. ويحدث
أن يصطف القمر والشمس والأرض في خط واحد،
وبهذا تقوى جاذبية القمر بما ينضاف إليها من
جاذبية الشمس، فيحدث على الأرض مدٌّ وجزر
أقوى من المعتاد. لذلك تتأثر مياه المحيطات
والبحار الواسعة بقوة جاذبية القمر، فتضطرب
وتندفع في اتجاهين، أحدهما نحو القمر بسبب
قوة الجذب، والاتجاه الآخر إلى الجهة
المعاكسة بسبب القوة الطاردة للأرض. وتؤثر الشمس في نفس الوقت
على حدوث المدِّ والجزر نظراً لضخامة حجمها؛
ولكن بعدها الكبير عن الأرض يقلل من تأثيرها
ويجعله لا يزيد على 44 % من تأثير القمر على
المياه. وإذا ما اتفق وتسلَّط تأثير الشمس على
المياه مع تأثير القمر في اتجاه واحد فإن المد
يقوى ويبلغ أقصى ارتفاع له فيما يُعرَف بـ"المد
الأعظم"، وذلك في حالتي المحاق والبدر. أما
إذا وقع تأثيرهما على المياه في اتجاهين
متعامدين فلا ترتفع مياه المدِّ كثيراً،
ويُعرَف هذا بـ"المدِّ الأصغر"، وذلك في
نهاية الأسبوعين الأول والثالث من كل شهر
قمري، أي في حالتي التربيع الأول والثاني. الكائنات البحرية، من
جهتها، وخاصة الأسماك، تتأثر كثيراً بهذه
الدورة، مبدية تكيفاً عميقاً منسجماً مع
الحركة الشهرية للقمر. وإن بقاء جنسها واتصال
سلالتها يعتمد تماماً على استجابتها الدقيقة
لحركة القمر. فبعد اكتمال القمر يظهر بعض هذه
الأسماك على الشاطئ. وما إن يكتمل البدر ويحدث
المدُّ الأعظم حتى تخرج هذه الأسماك مع
الأمواج إلى الشاطئ الرملي؛ وبعد وقت محسوب
بدقة، تعود هذه الأسماك متجهة إلى البحر مع
إحدى الموجات عندما يبدأ الجزر؛ وفي اللحظات
القصيرة بينهما التي تستلقي فيها هذه الأسماك
على الشاطئ تضع بيضها على الرمال المبتلَّة،
مطمئنة أنه سيبقى في مكانه بلا إزعاج لمدة
أسبوعين، حتى تحل موجة المدِّ العالية
التالية عندما يصل الماء إلى موقع البيض الذي
يكون قد تهيأ للفقس. ومع اللمسة الباردة
الأولى للماء يفقس البيض ويندفع السمك الصغير
إلى الماء. أما الإنسان فهو الآخر
تتأثر حياته بإيقاع وجاذبية القمر. وقد
بيَّنت الدراسات العلمية بأن هناك ارتباطاً
وثيقاً بين القمر والولادة. وقد ثبتت هذه
النتائج على إثر إحصائيات أجريت في بعض
المستشفيات في نيويورك لعدد من السنوات؛ إذ
أكدت هذه الإحصائيات زيادة عدد المواليد مع
القمر المتناقص عنها مع القمر المتزايد، وأن
على معدَّل لها بعد اكتمال القمر مباشرة،
وأقل معدل مع مولد القمر الجديد. كذلك ثبت
وجود علاقة بين الولادة وظاهرة المدِّ والجزر.
ففي المجتمعات التي تعيش على سواحل البحر
ترتفع نسبة المواليد عادة مع المد العالي.
وهذا يؤكد أن الذي يتحكَّم في تقبُّضات الرحم
ليس المدُّ والجزر بحدِّ ذاته، بل القمر الذي
يؤثر على الظاهرتين معاً. يرتبط موعد الولادة مباشرة
بموعد الحمل، وهذا يرتبط بالدورة الشهرية عند
المرأة. ويمكننا أن نلحظ بسهولة ذلك التطابق
بين متوسط طول الدورة الشهرية عند الأنثى
وبين الزمن الذي يمضي من اكتمال البدر حتى
البدر التالي. ومن الصعب تصور أن الاتفاق بين
الدورتين محض مصادفة عارضة، على الرغم من أن
النتائج التي أجريت لإثبات هذه العلاقة كانت
متضاربة. وربما يرجع التضارب إلى خطأ أساسي في
منهاج الدراسة الذي اعتبر بداية الدورة
الشهرية اليوم الأول للحيض، وليس الحدث
البيولوجي الأكثر أهمية، ألا وهو إطلاق
البويضة القابلة للتخصيب، حيث تعيش البويضة
أقل من 48 ساعة، وما لم تقابل حيواناً منوياً
يخصبها خلال هذه الفترة فإنها تموت. لذا تتركز
احتمالات الحمل عند الأنثى خلال هذه الفترة
الزمنية القصيرة. وقد استطاع أحد العلماء
إيجاد علاقة ثابتة بين القمر ووقت انطلاق
البويضة، واستطاع أن يثبت أن قابلية المرأة
البالغة للحمل ترتفع في حالة القمر المناظرة
للحالة التي كان عليها لحظة ولادتها هي! فإذا
كانت قد خرجت من رحم أمِّها إلى الحياة عندما
كان القمر بدراً، على سبيل المثال، فإن أعلى
احتمالات الحمل عندها تكون عندما يكتمل البدر. كذلك هناك ارتباط وثيق بين
القمر والنزف الدموي بشكل عام. إذ لقد أجرى
أحد الأطباء بحثاً على أكثر من ألف شخص ممَّن
يتعرضون لنزف غير عادي أثناء العمليات
الجراحية، فوجد أن 82 % من نوبات النزف الحاد
تقع بين الربعين الأول والأخير للقمر، مع
ارتفاع هذه النسبة حتى أوجها عند اكتمال
القمر في منتصف هذه الفترة. وهناك ما يوحي بأن الليالي
القمرية تكون ذات تأثير غريب على بعض الناس.
ولفظ الجنون الإنكليزي lunacy
مشتق من اسم القمر (لونا Luna)
كما رأينا، مما يوحي بصلة بين القمر والجنون.
والدليل على أخذ العلم هذا الأمر على محمل
الجد أن إجازات العاملين والمشرفين في بعض
المصحات العقلية العالمية تلغى عند اكتمال
البدر توقعاً لتأثير القمر على المرضى. وهناك الكثير من التقارير
العالمية التي تشير إلى تأثير القمر على
السلوك الإنساني، وتشير إلى أن الجرائم التي
تتم بتأثير المرض العقلي الشديد، مثل الحريق
المتعمد pyromania
وجرائم جنون السرقة cleptomania
التي تتم تحت الدوافع التخريبية القسرية،
بالإضافة إلى القتل تحت تأثير الإدمان على
الكحول، إلخ – كل هذه الجرائم تصل إلى ذروتها
عند اكتمال القمر. ويظل تأثير هذه الظاهرة
قائماً، حتى في الأيام الغائمة التي يختفي
فيها البدر وراء السحب الكثيرة. ثانياً:
الشمس كذلك فإن الطاقة الشمسية
مهمة في حياتنا، حيث إن هذه الطاقة تنشأ
عرضياً من الاندماج النووي في مركز الشمس من
خلال تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، وفرق
الكتلة يتحول إلى طاقة حسب علاقة أينشتاين في
التكافؤ بين المادة والطاقة E
= m.c²،
حيث m =
فرق الكتلة عند التحويل، c
سرعة الضوء. وبتحطم ما يقارب أربعة ملايين من
أطنان ذرات الهيدروجين في انفجارات عنيفة تصل
درجة حرارة مركز الشمس إلى 13 مليون درجة وتبعث
نافورات من اللهب لتصل إلى مئات الآلاف من
الكيلومترات في الفضاء. وتندفع هذه النافورات
على شكل طاقة هائلة جداً من الرياح الشمسية
العاصفة، لتصطدم بجميع الأجرام التي تسبح في
مجموعتنا الشمسية. وكوكبنا الأرض واحد من هذه
الأجرام الواقعة تحت طائلة هذه الفورانات
الشمسية، وتتعرض دائماً للتغيرات التي تحدث
داخل ذلك القرص الملتهب (كتلة الشمس أكبر
بحوالى 334000 مرة من كتلة الأرض وحجمها يعادل
حجم مليون أرض تقريباً). هذا وتنتشر على سطح الشمس
بقع شمسية تدعى بالكلف الشمسي sunspots،
تظهر على شكل مناطق داكنة وبأحجام مختلفة في
طبقة الفوتوسفير Photosphere.
ويكون لهذه البقع عادة شكل واضح التحديد،
يتألف من منطقة مركزية تدعى منطقة الظل،
محاطة بمنطقة أكثر إضاءة تدعى بشبه الظل.
وتكون درجة حرارة البقع أقل بحوالى 1500 درجة من
درجة حرارة السطح. ويُعتقَد بأنها ظواهر تحدث
نتيجة للانفجارات الداخلية غير الاعتيادية
في الشمس (أي نتيجة للتفاعل النووي الاندماجي)،
وتظهر علاماتها على السطح المرئي على هيئة
سحب كثيفة داكنة. وعندما تحدث الانفجارات
الشمسية تخرج الرياح الشمسية من هذه البقع
على شكل عواصف مغناطيسية تهدد غلافنا الجوي.
وهذه العواصف هي المسؤولة عن اختلال
الاستقبال الإذاعي والتلفزيوني، وعن
الاضطرابات الكبيرة في الطقس. كما أن نشاط
البقع الشمسية يزيد احتمال الأعاصير
والزوابع فوق المحيطات. ففي الشمس مجالات
مغناطيسية قوية، قد تفوق المجال المغناطيسي
الأرضي أو الشمسي بمئات أو آلاف المرات،
إضافة إلى أنها محاطة بأعاصير هيدروجينية.
وإن العلاقة التي تحكم البقع الشمسية تتبع
دورة تتكرر كل 11 سنة. وقد وجد العلماء أن هذه
الدورة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكثير من مظاهر
حياتنا. فهي تؤثر على مستوى مياه الكثير من
البحيرات في العالم، وكذلك على عدد من جبال
الثلوج العائمة في البحار، وتسبب اشتداد
الجفاف في المناطق الجافة. ويمكن أن نرى
تسجيلاً دقيقاً لهذه الدورات في مقطع أي شجرة.
فعند أخذ أي مقطع عرضي لأية شجرة نجد عدداً من
الحلقات بعضها داخل بعض، وكل حلقة من هذه
الحلقات تدل على سنة من عمر الشجرة، ومجموع
هذه الحلقات يحدد لنا عمرها. ونجد دائماً أن
الحلقة الحادية عشرة ومضاعفاتها أكثر سماكة
من غيرها، نظراً لارتباطها ارتباطاً تاماً
بالدورات الشمسية. وقد تمكَّن العلماء من
قياس هذه الظاهرة بشكل أكثر دقة عن طريق دراسة
طبقات الطين المتحجر في الحفريات، فتبيَّن أن
سماكة مثل هذه الطبقات يخضع أيضاً لدورة
تتكرر كل 11 سنة. (إضافة إلى هذه الدورات فإن
للشمس دورات أخرى أطول تتكامل الواحدة منها
على مدى 90 سنة تقريباً.) والأهم من هذا كله، في هذا
المجال، ضرورة معرفة الطريقة التي تؤثر بها
الشمس على الكائنات الحية التي تعيش على سطح
الأرض. والواقع أن تأثيرها علينا ناتج من
تأثيرها على الماء – ذلك المركب الكيميائي
المؤلف من عنصرين أساسيين هما الأوكسجين
والهيدروجين – الذي يشكل حوالى 65 % من وزن
الجسم، وهو الوسيط الأمثل لإتمام العمليات
الحيوية فيه؛ بل إن جميع العمليات الحيوية في
الجسم تجري في وسط مائي. ونحن نعلم بأنه يمكن
فيزيائياً تغيير قدرة الماء على التوصيل
بتعريضه لمجال مغناطيسي، وإن كان ضعيفاً. وقد
تمت عدة تجارب في مركز أبحاث الفضاء في
كولورادو، تبيَّن منها بأن الماء شديد
الحساسية للتغيرات الكهرمغناطيسية، وقادر
على التغير والتبدل والتكيُّف الذاتي عند أي
تغيير في محيطه بشكل لا يتحقق لأي سائل آخر. بل
إن الماء يصل إلى أعلى قدرة له على التغير
والتكيُّف بين درجتي 35 و 40 ْ – وهي درجة حرارة
الجسم عند ذوات الدم الحار. لذلك نجد أن الماء
في كل الكائنات الحية هو المسؤول عن نقل تأثير
المجال المغناطيسي للشمس إلينا. ويشير العديد من الأبحاث
العلمية أن غالبية الأوبئة الخطرة، مثل
الطاعون والكوليرا والتيفوئيد والحصبة
الوبائية، تظهر عند أوج النشاط الشمسي الذي
يحدث كل 11 سنة. وقد توصل أحد علماء اليابان إلى
اكتشاف زيادة مفاجئة في نسبة بروتين الدم عند
الجنسين (المعروف أن هذه النسبة ثابتة عند
الرجال ومتغيرة عند النساء) عند النشاط
الكبير للبقع الشمسية الذي يؤثر على المجال
المغناطيسي الأرضي. كما وُجِد أن النشاط
الشمسي يسبب هبوطاً في نسبة الخلايا
اللمفاوية في الدم (وهي خلايا صغيرة تشكل 25 %
من كريات الدم البيضاء عند الإنسان). كما لوحظ
أثناء النشاط الشمسي المكثف تضاعف عدد المرضى
الذين يعانون من أمراض تعود إلى نقص الخلايا
اللمفاوية. يضاف إلى ذلك تأثر العديد من
الأمراض بالاضطرابات المغناطيسية التي
يسببها نشاط البقع الشمسية، ومنها مرض
التدرُّن الرئوي والجلطة الدموية إلخ. وقد
بيَّنت الأبحاث وجود صلة قوية بين النشاط
الشمسي وهبوط القلب الناتج عن الجلطة، حيث
وُجِد أن الأشعة الشمسية تساعد على تكوين
الجلطات بالقرب من الجلد، وأن هذه الجلطات هي
التي تؤدي إلى الانسدادات المميتة في الشريان
التاجي. الثابت من هذا كلِّه أن
الكثير من وظائف الجسم تتأثر بالتغيرات التي
تُحدِثها الشمس في المجال المغناطيسي الأرضي.
والتأثير الأكيد يكون منصباً على الجهاز
العصبي نظراً لاعتماده في عمله أساساً على
نظام خاص من المنبِّهات، كالإثارات
الكهربائية. وحتى الحوادث اليومية
الأخرى، مثل حوادث المرور، تزداد إلى أربعة
أضعاف معدَّلها الطبيعي في اليوم التالي
للانفجارات الشمسية. ثالثاً: كواكب
المجموعة الشمسية تدور حول الشمس تسعة كواكب
سيارة معروفة في يومنا هذا على أبعاد وبسُرَع
مختلفة، ومن ضمنها الأرض. أقربها إلى الشمس
عطارد، الواقع على بعد 9،57 مليون كم، وأبعدها
بلوتو الذي يُعَدُّ أكبر من عطارد بمئة مرة.
وتتراوح أقطار هذه الكواكب بين 5000 و 143000 كم،
ويمكن وضعها حسب التسلسل، ابتداءً بأقربها
إلى الشمس، كالآتي: عطارد Mercury،
الزهرة Venus،
الأرض Earth،
المريخ Mars،
المشتري Jupiter،
زحل Saturn،
أورانوس Uranus،
نبتون Neptune،
بلوتو Pluto.
وأحياناً تقسم هذه الكواكب إلى قسمين:
الأرضية terrestrial
والعملاقة giants.
الكواكب الأرضية عموماً أجرام صلبة تشبه
الأرض نوعاً ما، ولا يختلف بعضها عن بعض
كثيراً من حيث كثافاتها وتراكيبها
الكيميائية، ولكنها تختلف فيما بينها في
الأحوال الطبيعية على سطحها، مثل درجة
الحرارة وقوة الجاذبية ووفرة الماء والهواء
في الغلاف الجوي إلخ. أما الكواكب العملاقة
فهي المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، وتبلغ
كثافتها عادة ربع كثافة الكواكب الأرضية
تقريباً، ولا تُرى على سطحها سوى سحب غازية.
ويكون للقسم الكبير من هذه الكواكب توابع
أصغر منها حجماً تدور حولها وتدعى أقماراً،
والمعروف منها أكثر من 50 قمراً. وربما كان
هناك كوكبان آخران غير مكتشفين حتى الآن،
ولكن بعض الدراسات الفلكية تشير إلى احتمال
وجودها. وما دامت هذه الكواكب تدور
حول الشمس بسُرَع ومواقع مختلفة، لابد أن
يصطف كوكبان أو أكثر على استقامة واحدة مع
الشمس، وأحياناً يحدث أن تصطف جميعاً على
استقامة واحدة؛ وتحصل هذه الظاهرة كل 179 سنة
تقريباً. وعند حصول هذه الظواهر نجد لها
تأثيرات مباشرة على كوكبنا الأرضي (منها
زيادة التشويش اللاسلكي)، وأحياناً على
الغلاف الجوي والطقس. وكذلك فإنها مؤشر لما
يمكن أن يحدث في تغيرات المجال المغناطيسي
الشمسي. وإن هذه التغيرات تحرِّض بطريقة ما
نشاط البقع الشمسية التي، بدورها، تؤثر على
الغلاف الجوي الأرضي. وقد بيَّنت الدراسات
الفلكية أن المشتري يرسل إشارات لاسلكية قوية
ذات موجات طويلة وقصيرة بقوة تصل إلى أكثر من
بليون واط من الطاقة. وكذلك كوكبا الزهرة وزحل
يُصدِران موجات لاسلكية قوية. وطبيعي أن
يتلقى الإنسان على الأرض هذا الفيض من
الموجات. وتأثير هذه الكواكب علينا
لا يقف عند حدِّ الموجات التي تصدر عن الكوكب
نفسه؛ بل إننا نتأثر جزئياً بالذيل
الكهرمغناطيسي الذي يتركه وراءه كل كوكب عند
حركته في نطاق المجموعة الشمسية. النجوم إذا خرجنا من المجموعة
الشمسية سنجد أنفسنا في أحد أذرع مجرَّتنا
درب التبانة التي تحتوي على ما يزيد عن مئة
ألف مليون نجم، موزعة بين أذرعها الحلزونية
ومركزها. وما مجموعتنا الشمسية إلا جرم صغير
يدور حول مركز المجرة ليكمل دورته كل 250 مليون
سنة تقريباً. لذا فإن هذه النجوم تبثُّ أشعتها
الكهرمغناطيسية إلى الفضاء بشكل مستمر
ومتفاوت من حيث الطاقة. فبعضها يُصدِر أشعة
قوية جداً كلما مرَّ بتغيرات عنيفة في تكوينه
وتركيبه، وبعضها الآخر ينفجر بسبب بعض
التغيرات الفيزيائية والتفاعلات الكيميائية
في داخله، باثاً كمية هائلة من الأشعة
الكونية. والأرض تتلقى هذا الخليط من الأشعة
الكهرمغناطيسية منذ بداية تكوُّن الحياة
عليها. ونحن نعلم أن قوانين
ماكسويل التي ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر
تحكم الظواهر المغناطيسية والكهربائية.
ويشير أحد هذه القوانين إلى انتقال الموجات
الكهرمغناطيسية من كوكب إلى آخر بسرعة تعادل
سرعة الضوء. والطيف الكهرمغناطيسي يتضمن،
بالإضافة إلى الموجات المرئية، أشعة سينية X
وموجات راديوية تنتشر على مدى واسع من
الأطوال الموجية، ابتداءً من الموجات
الطويلة التي يزيد طولها عن محيط الأرض، إلى
الموجات القصيرة التي لا تزيد عن جزء من مليون
من الميليمترات. والإنسان على الأرض يستقبل
كل هذا الفيض المتدفق من الموجات. إن التغيرات التي تحدث في
المواد المشعة تطلق ثلاثة أنواع من الأشعة: -
أشعة
α
ألفا التي يمكن رصدها بصفحة من الورق؛ -
أشعة
β
بيتا التي تستطيع أن تخترق رقيقة من رقائق
الألمنيوم؛ -
وأشعة
γ
جاما
التي تنتقل من الفضاء بطاقة عالية جداً إلى حد
استطاعتها اختراق حاجز من الرصاص. وهذه الأشعة على درجة من
القوة بحيث تشعر بتأثيرها الحيواناتُ التي في
أعماق الكهوف والتي ترقد في قاع المحيطات. ونحن أيضاً نتأثر بقوى
الجاذبية التي تخضع لها الأجرام السماوية
قاطبة. فإذا كان تأثير الموجات
الكهرمغناطيسية ينحصر في الشحنات أو
التيارات الكهربائية فإن موجات الجاذبية
تؤثر على كل أشكال المادة. بل إن قوة الجاذبية
التي تصلنا من قلب مجرتنا تبلغ عشرة آلاف ضعف
الطاقة الكهرمغناطيسية التي تؤثر علينا. أما بخصوص التنجيم ومن يأخذ
منه بالجانب الذي يستحق الدراسة، فتشير بعض
الدراسات إلى وجود علاقة بين مهنة الوليد
وظهور بعض الكواكب السيارة في الأفق. فقد
وُجِد أن نسبة عالية من الأطباء ولدوا عندما
كان المريخ وزحل قد ظهرا عند الأفق، أو كانا
قد بلغا أعلى ارتفاع لهما في السماء. كذلك
بيَّنت الدراسات أن مشاهير الأطباء والعلماء
يولدون عندما يظهر المريخ أو زحل فوق الأفق،
وأن القادة العسكريين وأبطال الرياضة ورجال
السياسة يولدون في ظل شروق المشتري عند
الأفق، بينما تندر ولادة الفنانين
والموسيقيين في هذين الوضعين. أما أصحاب
المهارات الفردية، كالأدباء وعدَّائي
المسافات الطويلة، فهم يميلون إلى الارتباط
بالقمر أكثر من ارتباطهم بأي كوكب من الكواكب. كما أثبتت نفس الدراسات
وجود علاقة بين أوضاع الكواكب عند ولادة
الأبوين ووليدهما. أي أن الآباء والأمهات
الذين يولدون عند ظهور كوكب معيَّن غالباً ما
يولد أطفالهم في ظل نفس الكوكب. وقد وُجِد أن
هذه الحالة تظل ثابتة في وجه العوامل
المتغيرة المختلفة، مثل جنس الوالدين، ذكراً
كان أم أنثى، وجنس المولود، وطول مدة الحمل،
وعدد مرات الحمل السابقة، إلخ. ويكون
الارتباط أكثر ثباتاً عندما تتفق ولادة
الأبوين عند طلوع نفس الكوكب. لذلك يُعتقَد أن
مستقبل حياة الطفل يعتمد إلى حدٍّ كبير على
جيناته أو خلاياه الوراثية. وإن هذه الجينات
تحدِّد، بالإضافة إلى وظائفها الأخرى، لحظة
الميلاد. نستنتج من هذا كله أن دراسة
أوضاع الكواكب في لحظة الولادة تتيح الوصول
إلى نوع من التنبؤ حول مستقبل الوليد وخصائص
طبعه وأنماط سلوكه الاجتماعي. هكذا فإن الإنسان على سطح
الأرض يتلقى كل ثانية، منذ ولادته حتى مماته،
ذلك الخليط المعقَّد من التأثيرات
الكهرمغناطيسية التي تنشأ عن حركة الأجرام
السماوية التي تسير في الكون. خارطة النجوم
للإنسان Horoscope قبل أن نتحدث عن خارطة
النجوم لابد أن نُسقِط من حساباتنا كلياً ما
تنشره الصحف والمجلات في أبواب الحظ. فهذا
النوع من التسلية ليس له أي أساس علمي أو حتى
أية علاقة حقيقية بمستقبل الإنسان، لذا لابد
من رفضه رفضاً قطعياً. ولكن هناك معطيات
أساسية لابد من الاعتماد عليها لمعرفة طبيعة
الفرد. وأهم هذه الأدوات هي ما يسمى بخارطة
الطالع Horoscope،
وهي خارطة تفصيلية لمواقع الأجرام السماوية
عند مكان وزمان ولادة الشخص. لذا فإن خارطة كل
شخص، لو رُسِمت بدقة، تختلف عن خارطة أي شخص
آخر، كما تختلف بصمات الأصابع من فرد إلى آخر. لتحديد خارطة الطالع لشخص
ما هناك معطيات أساسية هي: -
معرفة
يوم ووقت ومكان الولادة. -
حساب
الزمن النجميsidereal
time
: ويُستخلَص من
معادلة فلكية خاصة أو من قوائم خاصة على أساس
توقيت غرينتش؛ ومنه يتم تصحيح الوقت وفقاً
للمنطقة وخطوط الطول والعرض بالنسبة لمكان
الميلاد ووقته، لأن طول اليوم فلكياً يقل 4
دقائق عن التوقيت المعتاد. -
تحديد
علامات الطالع (الكوكبة النجمية): تقسم السماء
الشمالية والجنوبية فلكياً إلى 88 كوكبة
نجمية، وكل كوكبة يحددها شكلُ النجوم المرئية
بالعين المجردة أو تصورُ الإنسان للتركيبة
النجمية المتشكِّلة. أما الشمس فتمسح ظاهرياً
حزاماً خاصاً من السماء يدعى بحزام البروج،
تتوزع عليه 12 كوكبة نجمية من أصل 88 كوكبة.
وتطلق على هذه الـ 12 كوكبة الأسماء المعروفة
للأبراج. وعلامة الطالع هي البرج أو الكوكبة
النجمية التي تشرق في الأفق لحظة الميلاد،
وهي ليست بالضرورة علامة شروق الشمس. فإذا قال
أحدهم إنه يتبع برج الحمل، مثلاً، فهذا يعني
أنه ولد بين 21 آذار و20 نيسان. وإذا ولد ذلك
الشخص عند شروق الشمس في أحد هذه الأيام
تطابقت عنده علامة الطالع وعلامة الشمس. -
تحديد
علامة سمت الرأس، أي تحديد البرج الذي يكون
فوق رؤوسنا عند الولادة؛ وهذا له جداوله
الفلكية الجاهزة. -
تحديد
مواقع الشمس والقمر والكواكب على خارطة
الميلاد الفلكية. وهذه يمكن الحصول عليها من
الجداول الفلكية التي تُصدِرها سنوياً
المراصد الفلكية العالمية. إن المعطيات الأساسية أعلاه
لا تحتمل؛ الشك فهي مستقرة. إنما ينشأ الجدل
والنقاش حول استخدام هذه الأدوات، أو حول
الطريقة التي تُستخلَص بها الطوالع من خارطة
النجوم. وفي حالة استخدام هذه المعطيات نجد أن
هناك نوعاً من الاتفاق في بعض التأثيرات بين
التنجيم وبعض العلوم الأخرى في مجالات علمية
ضيقة، منها مثلاً: -
إن
كل ما على الأرض يتأثر بما يجري من تغيرات في
الفضاء. -
يتأثر
الأشخاص والأحداث والأفكار على أرضنا في وقت
تحققها بالظروف الكونية السائدة. -
يتأثر
الإنسان بالأجرام السماوية القريبة من الكرة
الأرضية، وخاصة الشمس والقمر. -
تؤثر
أوضاع الكواكب بعضها بالنسبة لبعض على
الإنسان وعلى ظروف الإرسال والاستقبال
اللاسلكي مثلاً. أما إذا انتقلنا من مجال
استخدام معطيات الخارطة الفلكية إلى
الدلالات التي ترتبط بأوضاع الكواكب
والأجرام السماوية التي يعتمد عليها التنجيم
في قراءة الطالع فإننا نصل إلى نقطة خلاف
حقيقية بين العلماء والمنجِّمين. فإن هذه
الدلالات تبدو تعسفية إلى حد بعيد، لا يسندها
أي أساس علمي. يمكن حساب أوضاع ومواقع
الأجرام السماوية حول نقطة ثابتة من الأرض في
وقت محدد وبدقة عالية جداً فلكياً، إلا أنه
يُستنبَط في التنجيم من هذه الأوضاع بعض
التأثيرات والنتائج التي تتصل بالمولود في
هذه البقعة واللحظة. فيُعتقَد أن لكل كوكب
تأثيره الخاص علينا (عطارد، مثلاً، هو كوكب
الذكاء)؛ ثم يقول المنجِّمون إن هذا التأثير
يخضع بدوره لتأثير المجموعة النجمية التي
يكون اتجاهها في ذلك الوقت؛ وكل برج من
الأبراج له تأثيره الخاص أيضاً. تتضمن خارطة المنجِّم
تقسيمات غير فلكية، تقسم دائرة الأجرام إلى 12
منزلاً: يبدأ المنزل الأول عند نقطة الشروق في
الأفق ويمتد خلفها، ثم تتتابع المنازل حتى
نصل إلى المنزل الثاني عشر الذي يقع فوق الأفق
الشرقي مباشرة. على هذا، تظهر الشمس دائماً في
البرج الثاني عشر. ولا تتطابق الأبراج مع
المنازل إلا إذا تمت الولادة عند لحظة
مبارَحَة البرج لأحد المنازل بالضبط. وكما في حالة الكواكب
والنجوم، تكون للمنازل عند المنجِّمين
صفاتها التقليدية. فالمنزل العاشر، على سبيل
المثال، يرتبط بالطموح والمركز الاجتماعي
المتفوق. فإذا أخذنا، على سبيل المثال، شخصاً
مولوداً عند اجتماع عطارد مع برج السنبلة،
إذا تم الاجتماع عند المنزل العاشر يقول
المنجِّم إن ذكاء ذلك الشخص سيقوده إلى
الشهرة. يواصل المنجِّمون
افتراضاتهم المعقدة، فيقولون إن شخصية الفرد
تتحدد بواسطة الكواكب، وإن انعكاسات هذه
الشخصية تحكمها صيغته النجمية، وإنها تتشكل
كلها وفقاً لأوضاع الكواكب بعضها بالنسبة
لبعض. ونأخذ
المثال التالي للمقارنة بين أحد الجوانب التي
تشير إلى وضع الكواكب وأثره على الإنسان وعلى
أجهزة الاتصالات:
فهل في المثال أعلاه سند
علمي في صالح التنجيم؟ إذا حاولنا اختبار تفسيرات
المنجِّمين وتطبيقاتهم وجدنا أنفسنا أمام
مهمة مستحيلة. فأغلب استنتاجاتهم غير منطقي.
ولا يبدو أن لها أيَّ أساس علمي يحتمل
المناقشة. إلا أن بعض (ربما القليل من) تقاليد
التنجيم لا يمكن أن يكون مجرد خرافات، بل قد
يكون أداة حقيقية يمكن استخدامها لاستخلاص
قدر من المعلومات اعتماداً على خارطة فلكية
بسيطة. والمعلومات التي نحصل عليها لا يمكن
الوصول إليها بأية أداة أخرى من الأدوات التي
بين أيدينا هذه الأيام. بناءً على ما تقدَّم، نجد أن
الكائنات الحية، ومنها الإنسان، تتأثر
بالأجرام السماوية، القريبة منها والبعيدة،
تأثراً غير قليل، لابد من دراسته بشكل مستفيض.
ولأجل القيام بدراسات كهذه نحتاج إلى تعاون
وتضافر جهود مختلف الاختصاصيين. وهنا يأتي
دور ما يسمى بعلوم الباراسيكولوجيا التي
تحتاج إلى طيف واسع من التخصصات، وخاصة في مثل
هذه المجالات. إن التأثيرات الكونية لا تتوقف
عند هذا الحد، بل إن هناك تأثيرات مباشرة
واضحة على الإنسان نتيجة لتغيرات الغلاف
الجوي والطقس وتغيرات البيئة المحيطة
بالإنسان والتغيرات الاجتماعية وحتى
السياسية، ويبقى البتُّ فيها مرهوناً
بالتطورات المقبلة للعلم. ***
*** *** المصادر
والمراجع
-
A.
F. Aveni, Skywatchers of Ancient Mexico, University of Texas Press,
Austin & London, 1980. -
Louis
Berman & J. C. Evans, Exploring the Cosmos, Little, Brown &
Company, Boston & Toronto, 1983. -
Frank
Durham & Robert D. Purrington, Frame of the Universe: A History of
Physical Cosmology, New York, Columbia University Press, 1983. -
Fred
Hoyle, Astronomy and Cosmology, W. H. Freeman & Co., San Francisco,
1975. -
W.
J. Kaufmann, Exploration of the Solar System, vol. III, Macmillan Publ.
Co., Inc., 1978. -
Ivan
R. King, The Universe Unfolding, W. H. freeman & Company, San
Francisco, 1976. -
Jay
M. Pasachoff, Contemporary Astronomy, Saunders College Publishing, 1981. -
فاروق ناصر الراوي، دراسات
في علم الفلك عند العرب 1، العراقيون
القدماء: إسهامات وريادة في علم الفلك،
مركز إحياء التراث العلمي العربي، بغداد 1985. -
الحارث عبد الحميد، "الغدة
الصنوبرية في الدماغ والمجال المغناطيسي
الأرضي وعلاقتهما بالقدرات فوق الحسية"، الباراسايكولوجي،
العدد 2، 1992. -
حميد مجول النعيمي، دراسة
تأثيرات الأجرام السماوية على الإنسان في
الباراسايكولوجي، مركز بحوث
الباراسايكولوجي، بغداد 1992. -
حميد مجول النعيمي، علاقة
جوانب التنجيم العلمية بالباراسايكولوجي،
مركز بحوث الباراسايكولوجي، بغداد 1992. -
حميد مجول النعيمي ونعمة
لفتة جابر، المنعطفات الفلكية في التراث
العلمي العربي، مركز إحياء التراث العلمي
العربي، 1987. -
حميد مجول النعيمي وفياض
النجم، فيزياء الجو والفضاء، ج 1: علم
الأنواء الجوية، جامعة بغداد، 1981. -
حميد مجول النعيمي وفياض
النجم، فيزياء الجو والفضاء، ج 2: علم
الفلك، جامعة بغداد، 1981. -
جيرالد هوكنز، بدائع
السماء: رحلة مع العلم في رحاب الكون،
بترجمة عبد الرحيم بدر، عمان 1983.
|
|
|