|
إلى
ليوبولد سيدار سنغور
للشاعر
الكبير الراحل ليوبولد سيدار سنغور، الرئيس
السنغالي السابق الذي توفي في 19 كانون الأول
في فرنسا عن خمسة وتسعين عاماً، أصدقاء كثر في
لبنان، منهم جورج شحادة وناديا تويني وشخصيات
أخرى سياسية ومهجرية وثقافية عرفتْه حتى قبل
زيارته لبنان في مطلع السبعينيات، وقبل تأسيس
التجمُّع الفرنكوفوني وتحمُّس سنغور له،
وكان ذا حضور شعري مميَّز بين اللبنانيين
بأية لغة تكلَّموا أو كتبوا. ننشر
هنا، نقلاً عن صحيفة النهار (عدد 22 كانون
الأول 2001)، ترجمة د. زهيدة درويش جبور عن
الفرنسية للقصيدة–المدخل (بلا عنوان) التي
تسبق مقدمة ناديا تويني لمجموعتها حزيران
والكافرات. أهدت تويني هذه القصيدة بعد "حرب
النكسة" إلى الشاعر السنغالي، وكان نصاً
أثيراً إلى شاعرة غرفت من روحها مفردات ساخنة
مجروحة بَنَتْ بها حزيران والكافرات الذي
صدر في طبعته الأولى عام 1968 عن منشورات سيغرس،
باريس، ثم ضمن المجموعة الكاملة عن دار
النهار عام 2001، فضلاً عن ترجمة عربية لعدد من
القصائد أنجزها أنسي الحاج ضمن مختارات شعر
من ناديا تويني الصادر عن دار النهار أيضاً
عام 1983. *** إلى ليوبولد سيدار سنغور ليس اسمي حكاية شموس أو
أحقاد ولا قصة وجوه نسيها الله ولا هو لغة براكين خامدة حيث
وحدها الزهرة نفسها صامدة، لا تلين لا يبوح اسمي بك، يا أيها الرجل الأسود الذي في عينيه البحر أبيض كالثلج. لا يحكي اسمي مأساة تلك
العصافير المحترقة في أتون رياح مجنونة ينفخها رجال خافوا الكلمات فانكفأوا إلى أهواء جامحة سمَّوْها آلهة. لا يقول اسمي شيئاً، إن لم يكن العاصفة، أو عَيْنَي محتضرٍ مشدودتين
إلى الموت. ليس في البحر وعد ولا قانون له، مِنَّته الوحيدة أن يفرش
على أجسادنا رداء قبة تلمع زرقتها كحد سيف. يا أيها الرجل الأسود
الطالع من البحر، هل في ضلوعك شغف ذاك الساهر
الذي يشبهني ترقب عيني تفجُّر الحياة في
الحجر؟ في المرجان أنفاس كثيرة
ترتعش تحت طحالب تأخذ من زرقة الموج لونها. يا أيها الرجل الخارج من
الأدغال يحمل المرجانُ إلى الشاطئ، كل ليلة ينتابك فيها شك، صراخَ المنسيين، أولئك
المنتمين إلى لا مكان. حين تصبح الزهرة زهرةً من
جديد، وتلامس الجسد نفسه أتذكَّر: أمس كانت العطور كلها ترتدُّ بلا
لونٍ تأتي من زمن النشأة فيه
الشموس واحدة بين البشر سوداً كانوا أم بيضاً. أتذكَّر: كانت الزهرة تحفر في الرمال
نفسها لتزرع نجوماً وتتقبل قرابينَ حكايتُها
واحدة. كان شَعرُكِ ينساب كالعسل. آن الأوان لأن تنظر وحيداً ستكون البحار أقل جمالاً لكن القوارب الخفيفة
كالغيوم سوف تكشف لك أسرار الكلمات
البكر. أيها الرجل الأسود الطالع
من البحر أنت الرجل الأول ذاك الذي ارتسم في بدء
التكوين قبل أن تخرج الشموس من عتمة
الليل. *** *** *** من
حزيران والكافرات ترجمة:
زهيدة درويش جبور
|
|
|