محمود سريع القلم:

إدخال العقلانية إلى التربية الدينية

 

حاورته رُلى مخايل

 

بعد أحداث 11 أيلول أخذت تتعزز في الغرب صورة سلبية نمطية عن الإسلام وعن العالم الإسلامي. تساؤلات عديدة بدأت تنطرح حول مستقبل الحوار المسيحي–الإسلامي، ومدى تأثير هذه الأحداث على مجرياته ومستقبله. هذه الموضوعات طرحتها النهار على د. محمود سريع القلم، مدير مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران، على هامش زيارته لبيروت التي تخلَّلها محاضرة ولقاء في جامعة القديس يوسف عن "خبرات إسلامية في الديموقراطية: القضايا والتوجهات"؛ وفيما يلي مقتطفات من هذا الحوار:

 

تعززت بعد 11 أيلول صورة سلبية للإسلام في الغرب. فهل يمكن أن تؤثر هذه الأحداث على الحوار المسيحي–الإسلامي عالمياً؟

نحن نحتاج إلى الواقعية لفهم صورة المسلم في الغرب – في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا – لأسباب عديدة، منها المقاربة الغربية للشرق. يجب أن ننظر إلى الأمر من ناحيتين: أولاً، إن الغرب لا ينظر إيجابياً إلى كل ما ليس غربياً؛ وثانياً، أن ننظر إلى أداء المسلم نفسه. أعتقد أننا نحتاج إلى مزيد من الجهد والتخطيط لتكييف أنفسنا مع المعايير العالمية. ولدينا أمثلة في الصين وماليزيا وبلدان أخرى حققت انفتاحاً ملحوظاً في المجالين الاقتصادي والصناعي، مع المحافظة على خصوصيتها الثقافية والدينية. من الواضح أنه بعد 11 أيلول تعززت الصورة غير الإيجابية للمسلمين بسبب الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة التي كان أغلب منفِّذيها من بلدان إسلامية. أنا مقتنع أنه علينا أن نسيطر على إخفاقاتنا ومشاكلنا؛ ونحن نحتاج إلى التخطيط والعمل بجد لانتزاع الاحترام العالمي، وخصوصاً أنه، في ظل النظام الحالي، لا أحد يمنحك الاحترام والاعتراف، إنما عليك أنت أن تنتزعه بنفسك. لذا علينا أن نتخطى، في التعاطي السياسي، مفهومي الراديكالية والمثالية، لننتقل إلى الواقعية السياسية. إن العالم الغربي يركز على مصالحه؛ وأما طبيعة النظام السياسي فلا تهمُّه. ما يهمُّه هو تأمين مصالحه؛ لذلك روَّج لفكرة الإسلام الحديث الذي يؤمِّن مصالحه.

كيف يمكن رد الاعتبار إلى صورة غير نمطية للإسلام في العالم الغربي؟

الطريق الأنجح هو تثبيت العقلانية. إن العنف قصير الأمد. وعلينا أن نبني نظاماً اجتماعياً وطنياً لتغيير هذه الصورة.

وهل من تناقض بين العقلانية والدين؟

أعتقد أن الأساس الديني هو العقلانية. لكن المشكلة في كيفية فهم هذه المبادئ، ومن يتولى هذا الفهم أو التأويل، أي في المرجعيَّات. فعلى المرجعيَّات الدينية أن تفهم ما يدور حولها في العالم، وألا تحبس نفسها في فكرها التجريدي. أعتقد أن عَقْلَنَة التربية يمكن أن تؤدي إلى عقلنة المجتمع. نحن نحتاج إلى إدخال هذه العقلنة في الكتب الدينية التي توضع بين أيدي الطلاب. وعندها سيكون من الممكن تغيير الذهنيَّات بطريقة عملية. المشكلة هي في الطريقة النظرية التجريدية التي لا تتطابق مع حقيقة الحياة. إن الرجل العقلاني يعيش مع الحقيقة ويخطِّط لأحلامه. هذا ينطبق على الدين – وهي طريقة لتغيير صورة المسلم حول العالم. علينا أن نخطط لنصبح مجتمعات تفكِّر، تنتج وتبدع، حتى تتمكن من دخول سوق المنافسة على المستوى العالمي؛ وماليزيا هي مثل جدير بالاحتذاء. وما هو بالغ الأهمية أيضاً مسألة كفاءة الحكام، أي أن تكون لدينا طبقة حاكمة قابلة للانفتاح، مع المحافظة على خصوصياتها. على الحكام أن يفهموا أهم الأمور التي تهمُّ الغرب، وأن يعوا أن الضعف يجرُّ السيطرة الخارجية، وأن يدركوا كيفية التعاطي مع السلطة القوية. ما يحتاجه المسلم هو نوعية القياديين القادرة على فهم منطق النظام العالمي، وفهم المعطيات الداخلية للبلاد، وكيفية ملاءمة الواقعين الخارجي والداخلي.

هل تعتقد أن الحوار المسيحي–الإسلامي، على المستويين العربي والشرق أوسطي، مرتبط بالحوار العالمي؟ وهل يمكن تحييده عن التأثيرات العالمية؟

بحسب معرفتي بالشرق الأوسط، هناك تعايش في أغلب المجتمعات. ففي بلدان مثل لبنان وإيران، تعلَّمتْ الطوائف كثيراً بعضها من بعض وتفاعلتْ. ويبقى المهم أن تتخطى الطوائف الاختلافات من وجهة النظر الدينية لتصل إلى فهم قوامه أن هناك مصالح مشتركة. مثلاً معظم الأرمن في إيران بقوا فيها بعد استقلال أرمينيا لأنهم يشعرون أن لهم تاريخاً في هذا البلد. في هذا المجال يجب أن نبدأ أولاً بالحوار ومعرفة الآخر، لننتقل بعدها إلى معرفة النقاط والأفكار المشتركة.

[...] وأعتقد أن الحوار يمكن أن يروِّج، على المستوى العالمي، لحقيقة أن هناك طوائف مسيحية في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن تتجاور [مع المسلمين] على مستوى المنطقة. في هذا المجال يلعب القادة الروحيون دوراً بارزاً. والجدير ذكره أن التمثيل السياسي للأقلِّيات مهم جداً في الحياة العامة، ويمكن أن يساهم في رسم صورة جيدة للوضع في الشرق الأوسط. كل شيء مرتبط بالصورة التي للدولة في الخارج، وعلينا أن نكون خلاقين في توليد هذه الصورة الإيجابية.

*** *** ***

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود