|
ثلاثة
تأمُّلات
نبيل
سلامة
(1) وترحلين عبر السحابْ تتركين في القلب لوعة تخفق عبر
السرابْ ترحلين تتركينني وحيداً هائماً وسط
الضبابْ يا حبيبتي يا مليكتي
الصغيرة في اليمّ
تشقِّين العبابْ بحثاً عن شاعر
يغنيك عن شيخ حكيم في
انجذابْ وترحلين... تاركة في المآقي
الدمع وفي النفس حسرة
وانسلابْ لكنْ سوف ألقاك في قطرة ندى في سحر وشذى في جدول يرنِّم
في كل غابْ وسوف تعودين تتفتحين في قلبي
بعد طول غيابْ ابتسامات حنوٍّ إشراقة شمس وحي كتابْ (2) المهرِّج
أعيش لأرسم
البسمات فرحتي رؤيتي لها
تتلألأ في العيون في وجوه الآخرين أدفع لأجل
البسمة بسماتي كلها باقة ورد في العالم كله
أملأ عطرها آلامي كبيرة فرحتي أن أعطي
النور للآخرين فرحتي أن أعطي
نفسي وأصبح فارغاً لاشيء فيّ ولا حتى أنا عندما أبدو صفر
اليدين يضحك العالم إذ يبوح فمي بكلمات العطاء وعندما أتعثر يضحك العالم يحسبونني أعمى لا أرى النور وعندما يكتب
قلمي الكلمات حبة المطر وعطر الزهر حلم النشوة يغطي الأرض في برقع الأزلي والناس أكوان لا
تنتهي حروف وكلمات وحدها تعرف سره
العميق توقيع المهرج (3) الحجرُ صامت ساكن حرمك القدر
حريتك أسكتك الدهرُ يا ذا الحجرْ هناك اعتصمت في الزاوية
المهملة وحيداً صامتاً زاهداً في
الحياة يعانقك ضياء
القمرْ همس النجوم عبق الزهرْ خطا السيول قصف الرعود وميض البرق ووحي الصورْ ويحك ما هي قصتك؟ ما الأمر ما
الخبر؟ حينئذ تدحرج الحجر كما لو كان في
ألم وارتطم بحجارة
أخَرْ فسمعت أصوات حشرجة وتلك القسوة لوهلة بدت لي وطأ
القدرْ لم تحتملني
قدماي فارتميت أمام
ذيَّاك الحجرْ ويحك ماذا تفعل.. وفجأة كما لو أن أحداً
يتكلم: "في فوضى
الخلق فوق شاطىء
الآلهة ترامت الأسرارْ وقف أحد الآلهة معلناً في بوقه ألا يمسك بسرّ.. لكنْ وفي قبضتي السرّ قد انطوى والتوى فصرتُ ذيَّاك
الحجر.. صامت أبداً لا أبوح السر
للبشرْ ومنذئذٍ ولا إصغاء ولا شعور أو بصرْ..." وهو يتكلَّم شعرت بصدع في
أعماقه تلته صدوع أخَرْ كما لو أنه يتمزق في صمته يبكي وبكاؤه من أعماقه ينبوع
ماء قد تفجرْ فلم يكن لي إلا أن ركعتُ وخشعتُ ومنذ ذلك الحين وصداقتي لا
تنتهي مع ذاك الحجرْ
|
|
|