بائعة اللبن

 

عمّار عبد الحميد

 

 

ماذا سيقول الورد عني لو شممت الشوك؟

ماذا ستقولين أنتِ عني لو ضاجعت الموت؟

 

الحقيقة ببساطة أني أحب الحياة لأني أحبك

***  

  تعفّنت في رحمكِ، أمي                

حتّام هذا الطلق؟

***

 

أمي، بعتيني لبنكِ باليقين

وأرضعتني الشك حتى الثمالة…

أينبغي عليّ شكركِ؟ أم…

***

 

تحيضين، أمي، و أستمني. ما الفرق؟

كلانا ينزف من أجل الحياة أن تستمر.

كلانا يعاني سكرات البقاء.

***

 

كنت ما أزال جسداً بضّاً حين عرفتكِ

كنت مازلت يافع الروح… إنساناً

لعبة الخسارة لم تكن قد بدأت بعد

كان الأمل لايزال مشروعاً… الحلم… التوق…

 ويلي…

وَيْلي ممَّا تبقّى اليوم.

***

 

من خبزكِ أقضم، ويقضمون.

أنا الشره إليكِ، أنا المشتاق، أنا المجنون.

 

أنا المجنون

***

 

لمّعت حذائي بعرق جبينكِ

رتقت جواربي بشعركِ

أنا الفقير إليكِ… أحبّيني

 

نسجت سترتي من حرير عينيكِ

ومن جلدك اصطنعت سراويلي

أنا الفقير إليك… أحبّيني

 

من لعابك ارتشفت عسلي

ومن أدمُعكِ كلّ مشاربي

أنا الفقير إليكِ… أحبّيني

 

من فرجكِ كانت لفظتي، أمي،

أنا كلمة رحمكِ إلى الكون

أنا دعوتكِ، رسالتكِ… أحبّيني

***

 

لستُ خليفة أحد، أمي، أحبّكِ

***

 

أبائعة الجَوى، ما معنى أن يُشترى الحب؟

***

 

أذنبتُ في حقِّ نفسي عندما أحببتكِ

أجرمت في حقِّ نفسي عندما اتّخذتكِ وطناً

أنا لا وطن لي،

لا.  لا.

 

أنا الوطن.

***

 

أحببت فيكِ ما لا ينحبّ

قلت فيكِ ما لا ينقال

صيَّرتكِ مهداً… و إن عهدتكِ لحداً

صيَّرتكِ صرحاً… و إن خبرتكِ جرحاً

و قدَّمت لكِ، طوعاً، إنسانيتي قرباناً…

 

كانت تلك لحظة الإثم الأكبر… اغفري لي. 

***

 

كانت صفحتي ما تزال بيضاء ناصعة حين عرفتكِ…

ما أكثر الألوان اليوم.

***

 

أمي، يا ذات الثدي المعلَّق على كتفي

و أصابع وشفاه من نور

قبِّلي رأسي مرة بعد أخرى

وابكيني بدموع حرّى… حتى النوم

في كل يوم… في كل يوم

لا تتركي اللحظات تمرّ عليكِ دون حزن

خلق الحزن لليوم

أصابع الأمس تخنقني.

***

 

كانت تبيعني اللبن مجزّءاً بسعر التكلفة

(أو ربما أكثر، من أين لي أن أعرف؟)

و كانت ترضعني القطيرات من حلمتيها العاهرتين بكلّ صلف… ولكن لا يهم.

كانت شفتاي لا تقلاَّن عهراً أو صلفاً عن حلمتيها

وكان جنوني إليها أخطر…

 

كنت أجلس على قارعة الطرقات أغني…

 أغني، أحلم، أرقص، أنادي: "يا أرض اشتدّي، يا أرض اشتدّي"

وأضحك وأقهقه…

كان ذلك زمن الغفلة

ثم جاء زمن الحب…

 

كنت أرنو إليها مترنِّماً بأهازيج الوله

و أغفو على صدرها كالرضيع

كانت هي… وكنت أنا

أما الآن…

 

أخاطبها في سبات

وأناجيها في غيبوبة

في اليقظة وحدها أهجوها… أرثيها.

***

 

كانت تبيعني اللبن وأشياء أخرى… كالدم، كالدين، كالشرف…

بالصمت،

وترضعني الثرثرة حتى الكتابة

 

كانت واعظة، كانت نبيّة، كانت آلهة

كانت وطناً وديناً وطائفة

كانت أماً وحزباً وفكرة وفلسفة

كانت انتماءً كاذباً

كانت شيطاناً ناطقاً في قالب أم

وأماً خرساء في جوف أب لا يرحم

كانت مرارة في الحلق

كانت، مازالت، عذاباً…

 

و كنتُ،

 بل كان لا بدّ لي أن أصبح… التزاماً

***

 

كان قلبي معي

حينما رقصت على سفوح قاسيون

وتمنَّيتكَ أخي

فبمفردي لا أعرف من أكون

***

 

بيتي خيال

وجسدي أنين

وروحي فراغ تراكمت فيه الأكوان حتى الحنين.

هل عرفت الآن من أين جاء الخلق؟

***

  

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود