|
الأفلاطونية الجديدة
هي مجموعة العقائد الفلسفية التي تلت الأكاديمية، وانتشرت، ما بين القرن الثاني والقرن الخامس للميلاد، في العالم المتوسطي بدءًا من الاسكندرية. وقد نشأ هذا التوجه كنتيجة لمزاوجة فلسفة أفلاطون بالروحانيتين اليهودية والمشرقية. وكان أبرز وجوهها أفلوطين، يليه بورفيريوس، فجمبليخا، فبروكليوس... أما آخر ممثليها فهو داماسكيوس (أو الدمشقي). وقد ألهمت هذه الفلسفة القديس أوغوسطينوس والآباء الأوائل للكنيسة، وأثرت، خاصة، في العقيدة المسيحية للكنيسة اليونانية. نشأت الأفلاطونية الجديدة في الإسكندرية على يد أمونيوس زاكاس في العام 230 للميلاد، ثم انتشرت في روما على يد أفلوطين وتلامذته. لكنها، وككل تيار فكري أو فلسفي، لم تأت من فراغ، بل سبقتها ومهدت لها تيارات فلسفية عديدة بدأت ببلوتاركوس والفيثاغوريين الجدد. تأثرت الأفلاطونية الجديدة بفيلون الاسكندراني، الذي حاول تفسير اليهودية على ضوء الفلسفات الرواقية والأفلاطونية والفيثاغورية؛ كما تأثرت، إلى حد ما، بالتيارات المسيحية الأولى، وخاصة الغنوصية. كانت لها عدة مدارس أهمها: · مدرسة روما: تنتسب إلى أمونيوس زاكاس. وقد أنشأها أفلوطين في العام 244 ميلادية، وكان من أهم تلامذته بورفيريوس وجمبليخا. · مدرسة أفاميا السورية (الثيورجية أي ذات العلاقة بالسحر الأبيض): من أهم وجوهها: إيميليوس، جامبليخا، سوباتروس الأفامي، وإيديسيوس. · مدرسة بيرغامي: يمكن اعتبار هذه المدرسة التفرع الأول للمدرسة السورية. ومن أهم وجوهها: إيديسيوس، ماكسيموس من أفسس، وكريزانتس (الذي أصبح الإمبرطور جوليانوس). · مدرسة أثينا: يمكن اعتبار مدرسة أثينا التفرع الثاني للمدرسة السورية، وكانت ذات توجه روحاني. من أهم وجوهها: نسطوريوس الهيبوتانتي، بلوثاركوس الأثيني، سيريانوس، أمونيوس ابن هيرمياس، مارينوس، إيزيدور الغزّاوي، زينودوت، وداماسكيوس (أو الدمشقي) الذي كان آخر معلميها. · مدرسة الاسكندرية: يمكن القول أنها كانت التفرع الثالث للمدرسة السورية. من أهم وجوهها: هيباثيا (التي قتلت في العام 415)، سينيزيوس السيريني (تلميذ هاباثيا وأسقف بطوليمايس)، وهيراكليس الاسكندراني. بعيد وفاة داماسكيوس، في العام 544 م، لم يعد هناك من مدارس أفلاطونية جديدة. لكن أثر هذا التيار الفلسفي الهام لم ينقطع، حيث كانت هناك عدة توجهات، من مناح ومناطق مختلفة، تأثرت به إلى حد كبير، نعدد منها: · توجهات مسيحية. من أبرز وجوهها: ماريوس فيكتورينوس، أوغوسطينوس وبويسيوس. · توجهات إسلامية باطنية. من أبرز وجوهها: ابن سينا، السهروردي القتيل من حلب، ومحي الدين ابن عربي. · توجهات يهودية باطنية. من أبرز وجوهها: باهيا بن باقودا، ابن جبرائيل، وخاصةً موسى ابن ليون الذي ينسب إليه الزوهر أو كتاب الإشراق. · توجهات فارسية، ينسبون إليها نفس السهروردي الحلبي، والشيرازي. · توجهات حديثة كتوجه ميسترا أو تلك التي تنسب لبعض آل ميديشي، أو توجه كامبريدج الذي كان من أهم وجوهه هنري مور. الخلاصة: بوسعنا القول إن الأفلاطونية الجديدة حاولت حل إحدى أهم المسائل التي تعرض لها الفكر اليوناني القديم، ألا وهي مسألة الواحد والمتعدد، انطلاقًا من أربعة مبادىء هي: · كل تعدد يفترض وحدة تشكل بنيانه الهيكلي، ما ندعوه بمبدأ الوحدة المنسقة. · كل وحدة تصعّد التعدد الذي تعيد جمعه، ما ندعوه بمبدأ التعالي. · كل تعدد تشتمله وحدة تصعده، ما ندعوه بمبدأ الحلولية. · وليتحقق الواقع فإنه يتوجب عليه الخروج من الوحدة التي كانت تجمعه والعودة إليها، ما ندعوه بمبدأ الهداية. لم تكن توجهات الأفلاطونية الجديدة واحدة، فالأفلاطونيون الجدد الذين كانوا يعتبرون الآلهة متطابقة مع أفكارهم اختلفوا في مقارباتهم. أفلوطين وبورفيريوس رفضوا الممارسة الدينية واعتبروها لا تليق بالحكيم الذي بوسعه مقاربة الألوهة، مباشرة، عن طريق التصعيد الروحي لفكره؛ بينما كان جمبليخا وبروكليوس، وأتباع مدرسة أثينا، يفضلون التقيد، قدر الإمكان، بالطقوس التقليدية. *** *** *** ملاحظة: تمت ترجمة هذا النص من قاموس ناثان الفلسفي، تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل، بالإضافة إلى موسوعة ويكبيديا الفرنسية على الإنترنت. ترجمة: أكرم أنطاكي
|
|
|