موسى بن ميمون

Moses ben Maimon (Maimonides)

تمثال موسى بن ميمون في قرطبة

هو أبو عمران موسى بن ميمون القرطبي. ولد في 20 آذار عام 1135 م في قرطبة، وتوفي عام 1204 م في القاهرة، ثم نقلت رفاته إلى طبرية فيما بعد. كان أبوه من أحبار اليهود وعضوًا في المحكمة الربانية الخاصة بالطائفة الإسرائيلية في قرطبة. أخذ عن أبيه مبادئ الديانة اليهودية وتعمق في الأدب التلمودي. عندما استولى الموحِّدون على قرطبة هاجر منها قاصدًا فاس ثم فلسطين فمصر. استقر بعض الوقت في الاسكندرية قبل أن يعود نهائيًا إلى الفسطاط قرب القاهرة.

تلقَّى العلم على يد ثلاثةٍ من العلماء المسلمين، فتلقَّى مباشرةً من ابن الأفلح ومن أحد تلاميذ ابن الصائغ. وتلقى من ابن رشد بشكلٍ غير مباشر، حين عكف - كما يذكر ابن ميمون نفسه - على دراسة مؤلفات ابن رشد طيلة ثلاثة عشر سنة.

مارس ابن ميمون الطب فأصاب شهرة واسعة وصادق السلطان صلاح الدين وكان وزيرًا وطبيبًا له ومن ثم طبيبًا لابنه الفاضل. انتخب في الفسطاط رئيسًا لمجلس الحاخامين، وفي العام 1172 رُفِّع إلى مرتبة "النجيد" لكنه تخلى عنها وتفرغ للتعليم والفلسفة. بقي يحامي عن حقوق اليهود في مصر وفلسطين حتى وفاته. لقب ابن ميمون بالرئيس لعلوّ شأنه في الفلسفة، ونالت فتاويه أيضًا صيتًا كبيرًا في مجتمعات اليهود.

يعد كتابه دلالة الحائرين أهم كتبه الفلسفية، ويتضمن أفكاره الرئيسية، وهو موجَّه إلى علماء اليهود الحائرين بين ما تقرره الفلسفة بالعقل وما تقرره الشريعة اليهودية بالنقل. وتنعكس في الكتاب مناخات الفلسفة الإسلامية آنذاك من حيث موضوعاتها ومصطلحاتها واستعاراتها وعلاقاتها بالفلسفة اليونانية. وضع ابن ميمون هذا الكتاب باللسان العربي والأبجدية العبرية وهي طريقة اعتمدها كي لا يدخل في معارك عقيمة مع العوام اليهود الذين سيطر عليهم التقليد والتعصب وأغلبيتهم تجهل اللسان العربي، أما استعمال الأبجدية العبرية التي يجهلها جلّ العرب فكان يتقي فيها المجادلات مع العقول الجامدة كونه قد حمل على متكلمين من المعتزلة والأشاعرة وعلى بعض الفلاسفة المسلمين. يعد الكتاب زبدة مشروع ابن ميمون الفكري، فسَّر فيه فلسفيًا العقيدة اليهودية وقدّم باقة من الحكم والأمثال، ويعد الكتاب من روائع ما أنتجه الفكر اليهودي في القرون الوسطى.

ولا يعد موسى بن ميمون من الفلاسفة الإسلاميين من ناحية الشكل فحسب، لمجرد انتسابه للمجتمع الإسلامي، بل لمشاركته فى ثقافة ذلك المجتمع أيضًا. لقد نشأ فى ذلك المناخ الفكري، فساهم فيه وأضاف إليه بقدر ما أخذ منه. وقولنا إنه فيلسوفٌ إسلامي لا يعنى أننا نرمي إلى القول بأنه مسلمٌ آمن بالإسلام دينًا - كان موسى بن ميمون قد أشهر إسلامه وهو فى المغرب ثم ارتد في مصر - بل هو فيلسوفٌ إسلاميٌّ بالمعنى الثقافى الحضارى فحسب. والدارس للثقافة الإسلامية حين يقرأ كتابه دلالة الحائرين يرى أن موسى بن ميمون حتى فى مناقشاته لنصوص التوراة، إنما يصدر عن فكرٍ وثقافةٍ إسلاميين، وأنه عندما ينتقد المتكلمين المسلمين يكون نقدُه لهم بأسلوبٍ خالٍ من الشدة التى ينتقد بها المتكلمون المسلمون بعضهم بعضًا، وأنه ينقد بني دينه بشكلٍ أشد.

حاول ابن ميمون التوفيق بين الفلسفة والدين، بين العقل والنقل، وتركزت أفكاره في مسألتين: صفات الله وقدم العالم.

مسألة صفات الله:

كان ابن ميمون أقرب إلى المعتزلة منه إلى الأشاعرة في هذه المسألة إذ يرى أن الصفات جميعًا هي صفاتُ أفعال الله وليست صفات ذاته. وبذلك فقد تقاطع واختلف مع المعتزلة الذين يرون أن هناك نوعين من الصفات: صفاتٌ أزليةٌ هي صفات الذات، وصفاتُ فعلٍ يقتضي اتصافُ الله بها وجودَ المفعول. ويتفق معهم أيضًا في قوله إن الصفات المختلفة المعاني المتعددة الموجودة في الكتب المدلول بها عليه تعالى هي من جهة كثرة أفعاله لا من جهة كثرة في ذاته.

مسألة قدم العالم:

لا يكتفي ابن ميمون بالقول بحدوث العالم لأن ذلك منصوص عليه في التوراة بل يتبع النظر العقلي ليبرهن على الحدوث ويفند الحجج القائلة بالقدم، فيقول في كتابه دلالة الحائرين:

اعلم أن ليس هربنا من القول بقدم العالم من أجل النص الذي جاء في التوراة بكون العالم مُحْدَثًا، لأن ليست النصوص التي تدل على حدوث العالم بأكثر من النصوص التي تدل على كون الإله جسمًا.

تقسم مؤلفاته إلى ثلاثة أقسام:

المؤلفات الخاصة بالشريعة اليهودية ومن أهمها: مشناه توراة.

المؤلفات الطبية ومن أهمها: اختصار الكتب الستة عشر لجالينوس، شرح أسماء العقار.

المؤلفات الفلسفية وأهمها: دلالة الحائرين.

أعدّ المادة: باسل أبوعون

*** *** ***

المراجع

1- ابن ميمون، موسى، دلالة الحائرين، ترجمة حسين آتاي، مكتبة الثقافة الدينية.

2- ولفنسون، إسرائيل، موسى بن ميمون حياته ومصنفاته، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1963.

3- أكاديمية المملكة المغربية، حلقة وصل بين الشرق والغرب: موسى بن ميمون والغزالي.

.