|
الكارما (أو الكرمى)
يمكن القول إن مفهوم الكارما (أو الكرمى) إنما ينبثق من الشرامانا، أو لنقل من ذلك المنقول الذي انبثقت منه الديانات البوذية والجاينية. من هذا المنظور، يعتقد العديد من الهندوس أن ما يحصل ويحدد مجرى الحياة إنما سببه تدخل الألوهة في مسار هذه الحياة. بينما يعتقد البعض الآخر منهم أن قوانين الحياة تكفي لتفسير تأثيرات الكارما على مجرى الحياة الإنسانية. لكن، سواءً انطلقنا من هذا المنظور، أو من المنظور الآخر، فإنه يمكننا القول إن الكارما ليست مكافأةً أو عقابًا إنما التعبير أو النتيجة الناجمة عن استمرارية أفعالنا الخاصة. من هذا المنظور يمكننا أن نقول إن ما يشتمله هذا المفهوم هو "نتاج الفعل"، أو بتعبير آخر ما نسميه في لغتنا بـالفعل وردة الفعل، كمفهوم يتحكم في مجرى هذه الحياة. وهذه الثنائية يمكن التخفيف من آثارها من خلال الأفعال. ما يعني أنها ليست بالضرورة قدرًا محتمًا. بمعنى أن فعلاً محددًا نقوم به الآن، لا يقود بالضرورة في المستقبل إلى ردة فعل محددة. أو بتعبير آخر، أنها ليست كما قد يعتقد البعض – بشيء من التبسيط – ثوابًا أو عقابًا لأفعالنا. من هذا المنظور، ليست الكارما مفهومًا قدريًا، لأن البشر يبقون أحرارًا في تحديد مجرى حياتهم وبالتالي مصيرهم. ما يعني انطلاقًا من الفيدا أن المرء سيحصد الخير إن كان ما زرعه خيرًا، وسيحصد الشرَّ إن كان ما زرعه شرًّا. ما يعني أن الكارما تتعلق بمفهوم الحياة ككل. أو لنقل بكلِّية أفعالنا وبالتالي بكلِّية ردود الأفعال المرتبطة بها سواء في هذه الحياة أو في حيوات سابقة (مشيرين هنا إلى أن الديانات الهندوسية والبوذية تؤمن بالتقمُّص)، فهذه الأفعال وردود الأفعال المرتبطة بها هي التي تحدد وتوجه مستقبلنا. وبالتالي، من حيث النتيجة، فإن السيطرة أو التحكُّم بالكارما يكون من خلال القيام بأفعال ذكية و/أو عن طريق الاستجابات النزيهة البعيدة عن ردود الفعل العاطفية. وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أننا نجد أحد أصدق وأوضح الأمثلة على الكارما في ملحمة الباغافاتغيتا، المقدسة عند الهندوس، حيث يكتشف بطل هذه الرواية الأسطورية أرجونا الذي كان يتحضَّر للمعركة الحاسمة أن أعداءه الذين سيحاربهم هم أقرباءه، ما يجعله يقرر الامتناع عن القتال. لكن سائق عجلته الحربية، كريشنا، الذي هو التجسد الرمزي للألوهة، يشرح له معنى الواجب (أو الدهارما بالهندوسية) وكذلك أمور أخرى، ما يقنعه بتغيير قراره والقتال. وأخيرًا، لا بدَّ من الإشارة إلى أن المفهوم الهندوسي للكارما قد تطور بفضل حركات دينية وفلسفية لاحقة نبعت من قلب الديانة الهندوسية كالفيدانتا والتانترا. *** *** *** إعداد: أكرم أنطاكي بالاعتماد على الويكيبيديا. |
|
|