|
جمبليخا أو جمبليخوس (242 م. – 325 م.)
جمبليخوس أو جمبليخا (بالسريانية) فيلسوف من المدرسة الأفلاطونية الجديدة، وابن أسرة نبيلة من حمص. ولد في بلدة خاليس[1] في سورية عام 242 م، والتحق حوالي العام 275 م بالمدرسة الأفلاطونية الجديدة التي كان يترأسها، حينذاك، في روما بورفيريوس تلميذ أفلوطين وأمونيوس ساكاس، وذلك قبل أن يعود إلى أفاميا (عند قلعة المضيق) في سورية ليؤسس، في العام 313 م، مدرسةً أفلاطونية جديدة قضى على رأسها ما تبقى من حياته قبل أن يتوفى حوالي عام 325 م. فلسفته: انطلاقًا من أسطورة الأرواح الساقطة لأفلاطون[2]، كان جمبليخوس يعتقد بأن الآلهة أرسلت حكماءً ذوي أرواح طاهرة لإنارة طريق الإنسانية. من بين هؤلاء الحكماء، الذين كانوا على تواصل مستمر مع الكائنات العليا، بوسعنا أن نعدد أورفيوس، فيثاغوراس، أفلاطون، وخوليانوس الكلداني. أمّا أرسطو فقد شوّه، من منظور جمبليخوس، المنقول الإلهي[3]، لأنه، وعلى عكس بورفيريوس الذي كان يفضل أفلاطون ويفسر فيثاغوراس من منظور أفلاطوني؛ كان جمبليخوس يفسر أفلاطون من منطلق فلسفة فيثاغوراس الذي كان يعتبره مثالاً ومرشدًا إلهيًا[4]. وهذا ما نراه بوضوح في شرحه لكتاب أفلاطون تيميوس الذي فسره تفسيرًا فيثاغوريًا. وفق جمبليخوس، تنقسم العلوم الرياضية (تصاعديًا) إلى أربعة فروع هي: الحساب، الهندسة، الموسيقى، وعلم الفلك. ولها ثلاث تطبيقات هي: القيم، الفيزياء، والعلم التطبيقي. وللحصول على هذه العلوم هناك طريقان أولهما هو طريق الوحي أو الإشراق المباشر، والثاني هو طريق الاستطراد المنطقي. كما ويلحظ جمبليخوس وجود طرق عدة للتعبير الفلسفي، وهذه كانت، عند السقراطيين، المنطق والرياضيات؛ ولدى الفيثاغوريين الصور والرموز والمطابقات[5]. ورغم أن جمبليخوس كان، بالدرجة الأولى، جامعًا ينقل ما يعجبه من عقائد، إلى حدٍّ جعل بعض نقاّده يعتقدون أن كتابه دعوة إلى الفلسفة، منقول بالكامل عن أرسطو؛ إلاّ أنه بوسعنا أن نميز في فلسفته موضوعتان تتناولان بشكل مباشر عقيدته المتعلقة بالروح، والمستوحاة من كتاب تيميوس لأفلاطون. فجمبليخوس يعتبر الروح وسيطًا بين المدرك غير القابل للقسمة - أي الفكرة - وبين المحسوس القابل للتقسيم وللتكاثر. فالروح تؤمن الانسجام الداخلي للكون (وهي موضوعة شبيهة بوظيفة الإيروس، كما عبّر عنها في وليمة أفلاطون). أمّا كيف يفسِّر فيلسوفنا وظيفة الروح؟ وما هي الأدوات التي تستعملها لعقلنة المحسوس المتعدد وتغييره (أي تجسيد الملموس في شكل تعبر عنه الفكرة) ولتجسيد هذه الفكرة؟ هنا يعتقد جمبليخوس أن الرياضيات تمتلك تلك الخاصّية التي تعطي المتعدد روحه ووحدته، ما يجعلها قادرةً على عقلنة نظام ذلك المحسوس. ونصل أخيرًا إلى نقطة الخلاف الرئيسة بين بورفيريوس وجمبليخوس، والتي تشكل الخاصية الرئيسة لهذا الأخير، ألا وهي الثيورجيا (ιερατική (أي الفعل الإلهي) التي كان يؤمن بها هو وتلاميذه سيريانوس وبروكلوس ويرفضها بورفيريوس وأفلوطين الذي كان يشكك في منطقيتها. والثيورجيا التي هي تلك المنظومة من الممارسات والطقوس الروحانية، التي ما زلنا نتلمسها إلى يومنا هذا لدى بعض أتباع الطرائق الصوفية الإسلامية، والتي تتمكن الروح بموجبها من التوحّد مع "الكائنات العلوية" من أبطال وشياطين وملائكة وصولاً إلى الله الواحد الأحد؛ (الثيورجيا) لم تكن بالنسبة لجمبليخوس مجرّد أوهامٍ أو خزعبلات إنما كانت طريقًا ووسيلةً تتمكن الروح بواسطتها من الارتقاء التدريجي لتصل إلى الحالة المنشودة من الغبطة الروحية. ويقال بهذا الخصوص، أن جمبليخوس لم يتمكن من الجمع بين روحانيته وبين فلسفته، وأنه كان يتوجب في هذا المضمار انتظار من سيأتي من بعده كبروكلوس وداماسكيوس ممن حقق وطور تلك الثيولوجيا السلبية التي وضع (هو) أسسها، والتي ستنعكس آثارها لاحقًا على الباطنية والعقلانية الثيولوجية للقديس أوغوستينوس. لكن هذا موضوع آخر يتجاوز نطاق تعريفنا. من مؤلفاته وأعماله: - في الأسرار أو الأسرار المصرية. - حول السيرة الفيثاغورية. - تعليقات حول أفلاطون. - دعوة إلى الفلسفة. - في النظرية الرياضية العامة. *** *** *** ملاحظة: تمت ترجمة وإعداد هذا النص استنادًا إلى موسوعة ويكبيديا الفرنسية على الإنترنت. تعريب: أكرم أنطاكي [1] هي تلك المدينة الواقعة شمال سورية، والتي كانت تعرف بقنسرين. وهي الآن بلدة الحاضر الواقعة على نهر قويق شمال حلب. [2] راجع فيدرا وتيميوس. [3] راجع التعليق على تصنيفات أرسطو الفقرة 109. [4] فيما بعد، وفي مؤلفه أسرار مصر، أصبح يفضل هرمس والمصريين. [5] راجع التعليق على تيميوس لأفلاطون، الفقرة 5.
|
|
|