قصيدتان

 

جاكلين سلام

 

القوس الذي حلمناه

 

لأنَّ الكلماتِ أقفلتْ خرائطَها، وسلَّمتْ للغيبِ مفاتيحَ عِنادِها

رأيتُ الريحَ تعوي، بلا لغةٍ، بلا مداراتٍ، وتلجمُني في مدارِ موتي اللامنتهي

ورأيتُ الليلَ شيخاً فُقِئتْ أصابعُه وترمَّلتْ قدماهُ على قدرِ بابي

الريحُ التي تلسعُ طُهرَ دمعةٍ

تعصفُ بريقِ المسافةِ ما بيني وبينكم

تترنَّحُ بقايا صوتي، خرابيشَ ضاجَّةً بسياطٍ على وجهِ الروحِ الموقوتةِ

الروحِ الخاشعةِ بين ضفائرِ طفلةٍ منذورةٍ لقيامةِ الصباحِ والياسمينِ

الياسمينِ الذي احترقَ عطرُه علانيةً

فبكى القمرُ في عليائهِ، بكى ندفاً من ثلجٍ

ومازالَ الرصيفُ مقيماً في صقيعهِ الأسودَ

الصقيعِ الذي يُضمِرُ الشرَّ لفراشتي

الفراشةِ التي – ربما – بعنادٍ بريءٍ لن تكفَّ عن الرقصِ فوقَ شفيرِ الأملِ

الأملِ الذي استحى، في حضرةِ ذراعينا الممدودتينِ، قوسَ قزحٍ شَجِيٍّ يشيرُ للطريق:

قِفي عالياً، الآنَ، وحيثُ العالمُ يتَّسخُ، بجدارة

القوسُ الذي حلمناهُ، ذراعكَ من لهبٍ جليلٍ، وذراعي من قلقِ غيمةٍ نازحةٍ

قوسُ ذراعينا، الذي نبتهلُ في عرشِهِ، خالَفَ شريعةَ الطبيعةِ وكان بَعدَهُ المطر!

أليسَ قوسُ قزحٍ فاكهةَ الأرضِ النَّشوى بَعدَ رقصةِ المطر؟

المطرِ المكفهرِّ، سياطٌ غسلتْ عيونَ الشرفةِ المتَّسخة بسَخامِ المهزلةِ الأخرى، الطازجةِ

المهزلةِ التي تفلطحتْ أقدامُها، وما عاد لطاغوتِ أحذيتِها مقاساتٌ تليقُ بخيبتِنا

المهزلةِ التي لبستْ قامةَ صوتِنا وصمتِنا وشرفاتِنا

المهزلةِ الـ...

المهزلةِ الـ...

المهزلةِ التي تمدُّ لسانَها سليطاً على حافةِ حياتِنا

*

يتطاولُ لساني، إذ أرى الله مرتبكاً يهيِّئ اعتذاراً للمرحلة

الله الذي لشدَّ ما كنتُ أخشاهُ كلَّما قالت ليَ الأمُّ: "اسكتي، سيقطعُ الله لسانكِ!"

ومازلتُ أعتقدُ – ربما سهواً – أن الله – جلَّ جلالُه – أكبر من أن يفعلَ ذلك، وأنا

الصغيرةُ، أرتبكُ بظلِّيَ الضئيلِ، وأرتكبُ معصيةَ الإفصاحِ... وأعتقدُ أن الله يحبُّني،

لأنني أيضاً أحبُّه، وسأقاسمُه، ذاتَ ليلةٍ، اعترافاتٍ لا تخطرُ ببالِه

الله الجليلَ الذي أعطانا "سرَّ الاعترافِ" لنكفِّرَ عن خطايانا، عن عشقِنا، عن

بلاهتِنا، عن ولهِنا بهذهِ الحياةِ... وعن... وعن... وعن دمِ أطفالِنا الغافي في

عَراءِ المرحلةِ، وحتى إشعارٍ آخرَ بالحياةِ

الحياةِ التي نحبُّها

لأنها مازالتْ تَرشُقُنا بقذائفَ، مكتوبٍ عليها الغدُ الممكن.

كندا، 28 نيسان 2002

***

 

على وشك أن أحبكِ


الشاهقُ من ظلالِكِ التي لم تنحنِ

المتبقِّي من دموعِ الرُّمَّانِ بين شفتيكِ

المسفوحُ من نبضكِ البرِّي على قميصٍ ليليَ الأخرس

الشرسُ من فِخاخِ ابتسامتِكِ

المقيمُ من ملائكةٍ قتلى على كتفِ غابتِكِ

المتردِّدُ من ضعفِكِ الأنثويِّ

الناضجُ أبيضَ من شيخوخةِ صلواتِكِ المبتكَرة

الرهيفُ من ضَوْعِ الياسمينِ بين ثناياكِ

العابثُ من رقصِكِ الأزليِّ

المائيُّ في ترصُّعاتِ حِجْركِ الأموميِّ

الجبانُ من تفاحاتِ صمتِكِ

الذابلُ من نسيجِكِ المعلَّقِ على خاصِرَةِ النَّولِ

الشائخُ من ذاكرتِكِ الكلاسيكيةِ

المسافرُ من ألوانِكِ ما بيني وبيني

القلقُ من غيمِكِ اللامتناهي

المشاكسُ من طفولتِكِ المشرَّدةِ على خِدْرِ أوراقي

والكليُّ الذي لا أفقهُ علَّتَهُ

يوقظني الساعةَ، فجراً

ومتأخراً جداً

يوقظُ برقاً في طَمْيِ أصابِعي

فينتبهَ الحرفُ

يسيلَ الحرفُ...
يرشدني إليَّ

كي أحتويكِ، وأهاجرَ...

أهاجرَ بكِ مرةً أخرى

وأخرى

وأخرى

أؤلِّفَ عنكِ آلافَ الحكايا

وأرويها لنفسي

ولأطفالٍ لا يسرقونَ

أسرقُ لكِ، من الحكايا، قبعةَ علي بابا وعصا موسى ومفاتيحَ الفردوسِ المفقودِ
أسافرُ محموماً بكِ

وأتنكَّرُ لاسمِكِ ثلاثاً، قبلَ صياحِ الديكِ

لا لشيءٍ، إلا لأحميَكِ

لا لشيءٍ، إلا لأكونَ لكِ الراعي والمرعى

وتكوني لي الأمَّ، الطفلةَ، الحبيبةَ، العشيقةَ... وأختي

تشدُّني لغتي من أُذْنِ المسافاتِ الآنَ

لأشهد لإلهي الذي يُنكِرُني أيضاً

لأسميكِ: معصيتي

لأسميكِ: الفصلَ الخامسَ من سِفر الرَّحيلِ

هامساً في أحشاءِ ليلِكِ

أيَّتها الحياةُ

أيَّتها السِّنديانةُ

أيَّتها الـ...
...

كنتُ... كنتُ... كنتُ

كنتُ على وَشَكِ أن أحبَّكِ.

4/5/2002

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود