|
حوار وتعليقات محاضرة اللاعنف والعولمة
جمال جمال الدين:
شكرًا جزيلاً أستاذ أديب. لقد استمتعت جدًا بالمحاضرة. سألتنا أن نتأمل ماذا يمكن
لغاندي أن يقول لنا، وأنا أعتقد أنه سيقول لي: "تعلم من تجربتي ما استطعت، وابتكر
طريقتك الملائمة في اللاعنف." أديب الخوري: لو كنت حاضرًا أمس أثناء شرح ديمتري لمعنى الكلمة لما قلت هذا الكلام. جمال جمال الدين: أعرف معنى الكلمة فهي تعني الكف عن العلاقة الجنسية مع الزوجة. إنني أحترم غاندي ولكني لا أحب إلتزامه الحرفي بمعتقده.
محمد الرفاعي:
أشكرك جدًا أستاذ أديب على الإحساس الذي بثتته في المحاضرة، والذي كان واضحًا
ودليلاً على نفسيتك الحساسة والمرهفة. لن آخذ من وقتكم طويلاً، فقط بعض فلاشات: أديب الخوري: هناك ناس يقولون: نحن لاعقائديون، بالتالي عقيدتهم هي اللاعقيدة. محمد الرفاعي: 5 - الكون كله مسخر للإنسان وما لا يجوز قتله هو الإنسان. أخيرًا السؤال الذي طرحته حول ماذا يقول غاندي لكل منا في دقيقة تأمل، أقول: يقول لي "الحقيقة مثل الكرة لا يمكن لأحد أن يراها دفعة واحدة". شكرًا. عبد الرؤوف غوثاني: المثال الذي دائمًا يُناقش في ورشات اللاعنف هو غاندي. هل لأنه أقرب تاريخيًا، زمنيًا، إلينا؟ إذا كان الأمر كذلك فهناك أيضًا شخصيات أخرى لاعنفية كبيرة. وإذا أردنا البحث في التاريخ القديم نجد أيضًا شخصيات لاعنفية كبيرة. لماذا يبدو وكأن تجربة غاندي هي التجربة الوحيدة؟ غاندي نجح في تجربته، واستطاع بتكتيكه السياسي اللاعنفي تحرير الهند، لكن هناك ثورات أخرى. مثلاً أنا درست الثورة الإيرانية. الخميني اتبع نفس الطريقة، طريقة اللاعنف، واستطاع طرد الشاه الذي كان أهم قوة في الشرق الأوسط، حتى أقوى من إسرائيل حاليًا، فقد كان مدعومًا من أميركا والدول الغربية الأخرى... أكرم أنطاكي: ولكن بمجرد استلام الخميني للسلطة أصبح عنيفًا، وقد ذهب ضحايا كثر. كاجو كاجو: أصبح أكثر قسوة من الشاه. عبد الرؤوف غوثاني: صحيح. لقد طبق هذه التجربة في جزء من حياته، ولو كان مؤمنًا بالعنف لاستمر بها. هو لم يكن يعلم ما يفعل، أقصد لم يحددها كأيديولوجية. أديب الخوري: لقد أجبت على سؤالك. عبد الرؤوف غوثاني: أيضًا هناك التجارب اللاعنفية التاريخية في الأديان: تجربة المسيحية التي صبرت حتى وصلت روما، وأيضًا نحن نعرف من تجربة الرسول "ص" في تاريخنا الإسلامي أنه بنى مجتمع المدينة الذي كان مجتمعًا لاعنفيًا. وقد كان الرسول يأمر أصحابهم بأن لا يردوا بالعنف. وعندما كانوا يشاهدون ياسر يتعذب كان يقول "صبرًا على ياسر". والرسول أيضًا، عندما أراد ياسر أن ينتقم، لم يقل له اذهب وانتقم ممن قتل والدك ووالدتك. في القرآن الكريم يأمر الله كل أنبياءه بالصبر على ما يتعرضون له من أذى، ويأمرهم أن لا يقابلوا العنف بالعنف. أديب الخوري: قد يكون قرب غاندي الزمني أحد الأسباب. خلال مئات الأعوام التي مرت على تجربة يسوع أو على تجربة محمد علقت أشياء كثيرة على هذه التجارب بحيث أصبح من الصعب التمييز. إذا تكلمتُ عن تجربة محمد بحضور خمسة من المسلمين فإن كل واحد منهم سيعترض من منظور مختلف. غاندي مثالٌ مشع جدًا، مضيء جدًا، واضح جدًا، قريب زمنيًا، وموثق بشكل كبير. أيضًا، صحيح أن اللاعنف موجود في الأديان، - وأنا كشخص نشأت في بيئة مسيحية سأتكلم عن المسيحية-؛ صحيح أن هناك لاعنف في المسيحية ولكنه ليس مرادفًا لها. منهج غاندي كان، بكل وضوح، اللاعنف.
غياث جازي:
شكرًا أستاذ أديب. النقطة الأولى التي أود الحديث عنها هي مسألة العقيدة. أفضّل
استخدام كلمة أيديولوجية عوضًا عن كلمة عقيدة. سؤالي هو: هل هي فطرية؟ أي أن سؤالي
هو ما قد قلته ولكن لم تجزم به: هل الإنسان عقائدي بطبيعته؟ حقيقةً إن هذا السؤال
يتضمن إشكالية كبيرة. من الممكن أن نتساءل ونجيب حول مسألة هل الإنسان شرير أم
خيّر، هل ميوله فطرية أم مكتسبة؛ أما مسألة العقيدة فاعتقد أنه من الممكن أن يلخصها
قول مايكل آنجلو: "خلقنا الله عرايا والأنبياء ألبسونا الثياب". ديمة نجار: أريد أن أتحدث عن قولك "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. وأنه لا يمكن أن نطلب من الجميع أن يكونوا غاندي". رأيي أنه إذا جاء أحد ما، مولود وفي فمه ملعقة من ذهب، وقال: "لقد تعودت هذه الحياة وليس بإمكاني الآن أن أكون فقيرًا"، في هذه الحالة نتحول إلى منظرين للاعنف، ولن يكون اللاعنف فعالاً في حياتنا. يمكن أننا لا نرى نتائج العمل اللاعنفي لأن هناك الكثير من اللاعنفيين الذين ينظّرون من برج عاجي. أديب الخوري: لم أقصد بكلامي، عن أننا لا نستطيع أن نطلب من الجميع أن يكونوا غاندي، أن يأتي أي أحد ويستسهل قول "لا أستطيع"، بل كان المقصود أن أعرف العيش في مكاني، بإمكانياتي ذاتها. ديمة نجار: هناك موضوع آخر أود الحديث عنه وهو موضوع العنف الاقتصادي الذي يُمارس اليوم. منذ اتفاقية بريتون وودز التي انفصلت فيها طباعة الدولار الذهب طبعت الولايات المتحدة كميات كبيرة من الدولار، كميات غير متناسبة مع العمل المبذول، ومذ ذاك صارت العولمة مطلبًا ضروريًا من أجل تصدير هذه الأموال إلى كل أنحاء العالم، وبالتالي استغلال الناس. هناك قانون في الماركسية يقول: يميل معدل الربح نحو الانخفاض مع تغير التركيب العضوي لرأس المال. مثلاً، لدي أموال أود استثمارها، وبدلاً من استثمارها في أميركا، حيث لا يرضى العامل بمرتب قدره 10000 ليرة سورية كما هو حال مرتب العامل عندنا، أرسل هذه الأموال إلى سوريا واستثمر هناك. وبعد بضع دورات اقتصادية يتطور العامل السوري وتزداد متطلباته فأقوم بنقل الاستثمار إلى دولة أخرى يكون الناس فيها في فاقة أكبر وهكذا...
بريهان قمق:
شكرًا على المحاضرة، وشكرًا لكل الذين شاركوا في مداخلات اليوم التي لاحظت أنها
تمنح ثراء وحركة. استوقفتني بعض النقاط فيما يتعلق بالعولمة، العولمة كمصطلح لم
تستقر حتى الآن، لأنه من الواضح أن الساسة يلعبون ضمن تطورات وسائل الاتصال التي
تخدم حركة الاقتصاد. لدينا رأسمالية تعولمت، استفادت من التطور الحاصل.
ندرة ع. اليازجي:
شكرًا لك. في الواقع استمتعت بالمحاضرة جدًا. لدي بعض التعلقيات:
كاجو كاجو:
العولمة، كمرحلة طبيعية في تاريخ البشرية، إيجابية جدًا بالرغم من وجود سلبيات
كثيرة. أحيانًا أسمع بعض انتقادات العولمة غير المبررة، مثلاً "فتح معمل في
بنغلادش"، هل هذا عمل سلبي؟ بنغلادش بلد فقير، وعندما يُقام معمل فيها ستكون
الرواتب، بالتأكيد، أعلى من الرواتب المحلية. كما أن شروط هذا الاستثمار الأولية
ستنتهي بعد خمس أو عشر سنوات بسبب تطور مهارة العمال. ما أريد قوله هو أن بعض
السلبيات التي تُنتقد بها العولمة هي سلبيات مرحلية. طبعًا احتكار الشركات العملاقة
للسوق شيء سلبي ولكن هذا زائل أيضًا. أكرم أنطاكي: في ورشة العمل الأولى تحدث الأستاذ ندرة اليازجي عن التمييز بين المبدأ والعقيدة، وهو يقول: نعم للمبدأ ولا للعقيدة. كاجو كاجو: إذا كان المقصود بالعقيدة العقيدة كما هي سائدة اليوم، والتي من خصائصها الشمولية، فقطعًا الإنسان كائن غير عقائدي.
ديمتري أڤييرينوس:
أود أن نختم هذه الجلسة بقراءة النشيد الوطني الهندي الذي كتبه طاغور: *** *** ***
|
|
|