المشـاركـون

 

صباح يوم الجمعة 20 حزيران 2008، أول أيام ورشة العمل "اللاعنف، الثقافة، التربية"، عرَّف المشاركون بأنفسهم بحسب أماكن جلوسهم.

* * *

أكرم أنطاكي: مرحبًا بالجميع. أرجو لكم قضاء وقت ممتع ومفيد في هذه الورشة، التي سأضطر إلى التغيب عنها اليوم بسبب وفاة الوالدة. (البقية بحياة الجميع، طبعًا، والحياة مستمرة!) ما أتمناه هو أن يكون النقاش في هذه الورشة على أعمق مستوى، لأنني أعتقد أن فكرًا جديدًا، دعامته اللاعنف، يولد اليوم في العالم وفي بلداننا. شكرًا للجميع، وأراكم غدًا.

جان ماري مولِّر: نهار طيب لكلِّ واحدة ولكلِّ واحد منكم! بكثير من الشغف أتحدث إليكم! ديمتري أنبأكم بأني سأقول لكم لماذا أنا في سوريا. أقول، قبل كلِّ شيء، إنها قصة صداقة، قصة الصداقة التي عقدتُها مع أكرم إبان اللقاء الذي جمعنا في الأردن. عندما أكون في بلد أجنبي فإن دافعي الأول هو الحوار مع الذين يتكلمون لغتي. ولما كان أكرم ناطقًا بالفرنسية كما أنطق بها فقد كانت بيننا أحاديث متميزة. ثم، إبان عامين، تبادلنا العديد من الرسائل الإلكترونية. وإننا لَنشترك في القناعة العميقة ذاتها باللاعنف.

عندما دعاني أكرم للمجيء إلى سوريا قبلت الدعوة بكثير من الفرح! وهذه هي المرة الأولى التي آتي فيها وزوجتي إلى بلدكم. لا بدَّ أن نقول إن سوريا، مثلها كمثل الكثير من بقاع الأرض اليوم، كانت – ومازالت – أرضًا يستشري فيها العنف. ونحن قادمون من دمشق، بالأمس، أبصرنا قلعة الحصن. يمكن لنا، مثلاً، أن نكتفي بالإعجاب بجمال المبنى وإحكام بنائه، بجمال القلعة وسط ذلك المشهد الطبيعي البديع! لكننا يجب ألا ننسى أبدًا أن قلعة الحصن هي رمز من رموز العنف؛ يجب ألا ننسى أنه، منذ قرون خلت، أتى رجال من فرنسا وأنزلوا بالسكان القاطنين في البلاد عنفًا شديدًا؛ يجب ألا ننسى أن الصليبيين [الفرنجة]، انطلاقًا من هذه القلعة، توجهوا إلى القدس وغزوها. (ولا بدَّ هنا أن نقول إن غزو القدس هذا قد ترافق مع العديد من المجازر التي أفضت إلى حمامات من الدم.) جمال المشهد الطبيعي يجب ألا ينسينا مأساة التاريخ البشري!

سوريا اليوم تقع في القلب من منطقة يندلع فيها العديد من النزاعات العميقة. فهي متاخمة للعراق ولبنان والأردن وفلسطين وإسرائيل وتركيا. وما يجري في بعض هذه البلدان – وبالأخص العراق – هو تعبير عن الصدام–المجابهة العنيفة بين العالم العربي والعالم الغربي. مارتينا وزوجتي وأنا قادمون من الغرب. ولعلكم – وأنا واثق من ذلك – تأخذون على الغرب الكثير من المآخذ من حيث سياساتُه، ولا بدَّ أنكم فهتهم أننا، وإن كنَّا قادمين من الغرب، فنحن قطعًا منشقون عنه؛ لا بدَّ أنكم واعون أنه لا يجوز أن نحمِّل المواطنين تبعات سياسات دولهم.

لن نتكلم على اللاعنف من فراغ، بل سنتكلم عليه بوصفه مندرجًا في المجتمعات التي هي مجتمعاتنا، لا ينفصل عنها، ولا عن العالم الذي هو عالمنا. ولعلنا أيضًا – وأنا واثق – سنعيش الأيام الثلاثة المقبلة كلحظات مؤثرة وفاعلة في الحوار بين الشرق والغرب.

أعتذر من الآن على إطالة الكلام. وإني لآسف لأن صديقيَّ وليد صليبي وأوغاريت يونان، من "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية"، لم يتمكنا من الانضمام إلينا. (وليد مصاب، منذ سنوات، بمرض عضال، وهو يناضل بشجاعة مذهلة ضد هذا المرض؛ وأنا واثق من أنه حزين الآن لأنه ليس معنا.) آسف أيضًا لأن الفيلسوف ندره اليازجي، الذي تشرفت بالتعرف إليه في دمشق، لم يستطع الحضور هو الآخر، بسبب التعب والمرض أيضًا.

سأتكلم كثيرًا بالطبع. لكن أملي هو أن نتحاور. فقناعتي العميقة هي أن اللاعنف ليس من الشرق ولا من الغرب، ليس من آسيا ولا من أيِّ مكان بعينه. اللاعنف عالمي. لكن كل ثقافة، مع ذلك، لا مناص لها من أن تبتكر لاعنفها الخاص، المتَّسم بلونها الخاص. سأتخذ على ذلك مثالاً قوس قزح: ألوان قوس قزح مختلفة، لكنها ليست على خلاف بعضها مع بعض؛ الأخضر مختلف عن الأزرق، لكن الأخضر ليس على خلاف مع الأزرق! وأنتم، أبناء الثقافة العربية، يجب أن تبتكروا اللون العربي للاَّعنف. عندما أكون في أفريقيا، أقول لأصدقائي الأفارقة: "ابتكروا اللون الأفريقي للاَّعنف"؛ وعندما أكون في أمريكا اللاتينية أقول لأصدقائي الكولومبيين أو البرازيليين: "ابتكروا اللون الأمريكي اللاتيني للاَّعنف" – ولاحقًا ستتحد جميع ألوان قوس قزح في تناغُم وروعة.

سأتكلم كثيرًا بالطبع. لكني سأحاول أن أصغي كثيرًا أيضًا. ولعل ما يجمعنا الآن هو رجاء اللاعنف. وأنا واثق من أنني سأغادر سوريا عائدًا إلى فرنسا ورجائي في اللاعنف قد تضاعف عما كان عليه حين أتيت. وعلى هذا أشكركم من الآن من أعماق قلبي.

مارتينا پنياتي: مرحبًا بالجميع. اسمي مارتينا پنياتي، وأنا قادمة من إيطاليا. أعمل في مؤسَّستين أوروبيتين تهتمان باللاعنف: الأولى إسپانية والثانية إيطالية؛ المؤسسة الإسپانية تدعى "نوڤا للتجديد الاجتماعي" NOVA، والمؤسسة الإيطالية تدعى "جسر إلى..." Un ponte per…. وقد بدأنا بمشروع "جسر إلى بغداد". أسَّس "نوڤا"[1]، في كاتالونيا (إسپانيا)، معترضو ضمير [على الخدمة في الجيش] ارتأوا أنهم، كشباب، لا يرون في الخدمة العسكرية وسيلتهم لخدمة مجتمعهم والمساهمة في بنائه؛ ولذلك رفضوا هذه الخدمة وطالبوا الحكومة الإسپانية بحقِّهم المطلق في أن يكونوا معترضي ضمير، وبأن يُستعاض عن الخدمة العسكرية في بلادهم بالخدمة الاجتماعية.

أما المؤسسة الإيطالية "جسر إلى..."[2] فقد تأسست في العام 1991 في أثناء الحرب الأولى على العراق، وضمَّتْ مجموعة من الشباب شعروا بواجبهم في القيام بشيء ما للحيلولة دون وقوع الحرب؛ فكانت وسيلتهم الأولى هي العمل على كسر الحصار المضروب على العراق. وخلال 12 إلى 13 سنة استمر النشاط، وذلك عن طريق أعمال عصيان مدني استهدفت كسر طوق الحصار المضروب على العراق عبر تمرير بعض المواد، كالأدوية مثلاً. ثم بدأت المؤسَّسة بإرسال وفود من الشباب الإيطالي إلى بغداد على سبيل التبادل والحوار مع العراقيين – وذلك لأننا نعتقد أن التبادل بين المجتمعات المدنية هو جزء من تحرير الأذهان، سواء في الغرب أو في الشرق. فبناء جسور بين الشعوب، في نظرنا، هو وسيلتنا لتحرير أنفسنا من مآسي تاريخنا، ووسيلتنا لتحمل مسؤوليتنا الشخصية حيال ما يحدث، ووسيلتنا للتنصل من أخطاء حكوماتنا. فبالطبع، لا يكفي أن نحتج، لأن من مسؤوليتنا أيضًا أن نغير واقعنا، الداخلي والخارجي.

وهكذا بدأنا، اعتبارًا من العام 2005، وبالتعاون مع جان ماري، بمحاولة لدعم الجهود اللاعنفية في المنطقة العربية عبر التعاون بين "جسر إلى..." وبين "الحركة من أجل بديل لاعنفي" MAN. وقد بدأنا بالاستجابة لطلب أصدقاء عراقيين، ناشطين وعاملين اجتماعيين، للتدرب على اللاعنف. كذلك ارتأينا أن من المجدي جدًّا أن نقيم صلات وتشبيك networking بين جميع الجهود الفردية والجماعية المنعزلة في المنطقة، التي يفكر أصحابُها لاعنفيًّا، لكنهم لم يدركوا بعدُ أهمية العمل والتشبيك مع الفِرَق الأخرى.

أود، ختامًا، أن أهنئكم على العمل الرائع الذي تقومون به. شكرًا.

رانيا فزع: مرحبًا. اسمي رانيا فزع، أعمل في مؤسسة IKV PaxChristi، وهي مؤسسة سلام عالمية تأسست في هولندا. كانت في البداية عبارة عن مؤسستين مستقلتين هما: IKV وPaxChristi، كانتا حركتَي سلام اندمجتا في السنة الماضية. إذًا IKV PaxChristi هي مؤسسة سلام عالمية لديها عدة فروع في أوروبا والعالم، ومركزها في بلجيكا[3]. عملنا، في الشرق الأوسط، يشمل غالبية دول المنطقة، مثل لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق ومصر، وكذلك المغرب والجزائر؛ والمواضيع التي نشتغل عليها مواضيع تتعلق باللاعنف. ففي المغرب، مثلاً، نعمل على تفعيل حوار مع الحركات الإسلامية حول التداول السلمي للسلطة. لدينا نشاط في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا أيضًا. شكرًا.

سحر أبو حرب: مرحبًا. اسمي سحر أبو حرب. أشكر كثيرًا الأستاذ جان ماري مولِّر، وكذلك الأستاذين أكرم وديمتري لأنهما يجمعاننا إلى أناس يؤمنون باللاعنف، حيث إن التفكير والحديث معهم حول اللاعنف أسهل من التفكير والحديث مع باقي الناس. أنتمي إلى مجموعة من الأفراد الذين يؤمنون باللاعنف؛ وقد أسَّسنا كوكبة صغيرة سميناها "كوكب اللاعنف"، نجتمع شهريًّا لنستمع إلى محاضر يتحدث عن موضوع ما مرتبط باللاعنف أو بالعنف. من المواضيع التي ناقشناها مثلاً: العنف والطعام، العنف والعَلمانية، العنف والتكفير، العنف والتدين (أو الأفكار الدينية).

أتمنى لو كان في إمكاننا العمل على المستوى نفسه الذي تحدثت عنه منذ قليل مارتينا ورانيا؛ ولكن، كما قال الأستاذ جان ماري، كل مكان يجب أن يبتكر "لاعنفه" الخاص. قد وجدتُ أننا، في هذه المنطقة، أناس متدينون: فإذا أردتُ أن أقنع الناس باللاعنف يجب أن يكون سندي في ذلك سندًا قرآنيًّا. وقد وجدتُ من خلال تأملاتي الكثير من بذور اللاعنف في القرآن الكريم. ألَّفت أربعة كتب حول اللاعنف. وقد أسعدني كثيرًا أنني، في كتابي الأخير، قد كتبتُ فكرة مُفادها أن الحق ليس عكسه الباطل (أي الخطأ)، بل العنف، ثم اكتشفت في قاموس اللاعنف[4] أن هناك فيلسوفًا فرنسيًّا [إريك ڤايل] يقول بالفكرة نفسها، مع أن سندي أنا قرآني وسنده هو فلسفي. هناك الكثير من الأفكار المتشابهة التي يسعدني أنها عالمية ويمكن إسنادها من القرآن؛ ذلك أن سندها القرآني سيساعد كثيرًا في نشر اللاعنف بين أوساط المسلمين. شكرًا.

أديب الخوري: مرحبًا. اسمي أديب الخوري، وأنا مدرس رياضيات. في خصوص موضوع اللاعنف، لا أستطيع أن أقول عن نفسي في هذا الخصوص سوى أني أعد نفسي مؤمنًا باللاعنف، من خلال عملي ومن خلال حياتي. فإضافة إلى عملي في التدريس، أحاول حاليًّا تأسيس دار نشر ["دار الخليل"]، بالتعاون مع دير مار موسى الحبشي[5]، يكون نشر كتب تتعلق باللاعنف أحد أهدافها الأساسية. شكرًا.

پريهان قمق: صباح الخير، وكل الخير للجميع. أنا پريهان قمق، معدة ومقدمة برامج ثقافية وسياسية [في تلفزيون الشارقة]. ليست لي علاقة مباشرة باللاعنف أو بالعنف؛ فهذه الأفكار، كمفاهيم فلسفية، أفكار جديدة علي. لكني انتبهت إلى أنني أعيش هذه المسائل بطريقة غير مباشرة، مثلي مثل الملايين من الذين ينتمون إلى هذه البيئة المشحونة. كنتُ من المناهضين للحرب على العراق، وتعرضت لمشكلات كثيرة لأني تطرقت لهذا الأمر، تلفزيونيًّا، عبر برامجي. أعمل في منطقة متناقضة بين ثقافة استهلاكية وأصولية دينية. تقديس العنف يوضع في مرتبة عالية؛ وبالتالي، فإن العنف يأخذ مرتبة عالية، خصوصًا لدى الأصوليين. سعيدة بكوني بينكم لأن هذا سيساعدني على بلورة أفكاري ككاتبة وشاعرة، والأهم مهنيًّا كإعلامية[6].

لقد استطعت، من خلال طبيعة لاعنفية أؤمن بها، أن أعدل بعض الاتجاهات في إمارة الشارقة حيث أعمل، وحيث تنتشر الدعوة إلى الجهاد مثلاً! ومن ثمار هذا التغيير الآن وجود حملة ضخمة لمدة ثلاثة أشهر بعنوان "سلام يا صغار!" فخورة بأني التقيت الأستاذ ديمتري في حوار عن اللاعنف، على الهواء مباشرة، في تجربة هي الأولى من نوعها على المستوى الإعلامي العربي. ذلك أن الإعلام قائم، أساسًا، على العنف: من دون دراما، من دون "عنف"، لا يستطيع الإعلام استقطاب المشاهدين؛ فهكذا هي فلسفة الإعلام منذ أن اكتُشِف.

كنت قد تكلمت مع ديمتري حول كيفية بدء العمل على نشر اللاعنف: كيف يمكن لنا أن نُدخِله في "دراما الإعلام"؟ كيف يمكن لنا أن نُدخِله في الأغنية، مثلاً، كي نصنع اللاعنف؟ كيف نُعد برامج نمجِّد اللاعنف فيها؟ – كأن نتكلم عن غاندي، مثلاً. فمَن لدينا [في ثقافتنا] مثل غاندي ومارتن لوثر كنغ؟ إعلامنا يمجِّد "الأبطال" القتلة على مستوى الدراما، على مستوى الرسوم المتحركة للأطفال، وعلى مستوى رجال الدين الذين يتوجهون لآلاف مؤلَّفة من الناس. فمَن لدينا نحن لنقدمهم كنماذج لاعنفية؟!

أنا في حاجة إلى مثل هذه الورشة حتى أعيد النظر في فلسفة الإعلام. ذلك أن هناك حقيقة مُرَّة، وهي أن أحد أسباب تفاقُم العنف في العالم هو الإعلام. أتمنى أيضًا ألا يكون هذا اللقاء لابتكار الأفكار فقط، وإنما للتوجه في لقاءات مقبلة نحو مخرجين وكتَّاب وفنانين لأنهم يخاطبون الملايين فنيًّا وإعلاميًّا.

لستُ أعمل في أية مؤسسة، بل بصفتي الشخصية الإنسانية. ولكن من خلال صداقتي لـمعابر شعرت بأنني قطعت شوطًا، وبدأت أؤثِّر على الكثير من المؤسَّسات الأخرى، على تجمعات إنسانية أخرى. من هنا أشعر أني "جسر"، وأشعر بحاجتي لأن يكون جسري مؤسَّسًا على اللاعنف، لأني اكتشفت أني لاعنفية بطبيعتي؛ ولكن في مرات كثيرة يخرج مني العنف! نحن في حاجة كبيرة لأن نستمع إلى ضيوفنا ونعيد النظر في أنفسنا في مرآتنا الذاتية. شكرًا.

هڤال يوسف: مرحبًا. اسمي هڤال يوسف. أعمل مترجمًا من الروسية إلى العربية، وأكتب أحيانًا. اهتمامي فلسفي بشكل خاص. أكتب في معابر تحديدًا منذ بداياتها. سبب حضوري هنا أني، أولاً، من فريق معابر، وثانيًا، لأني أحب التعرف إلى أناس جُدُد، وأحب أن أتعرف إلى المنطقة أيضًا.

في خصوص اللاعنف، أود أن أحكي قصة صغيرة حصلت معي: منذ ثلاث سنوات، اشتركت في دورة تدريبية نظَّمتْها "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية". كان المكان جميلاً وهادئًا كأنه الجنة، وكانت المحبة تعمُّه. وعندما انتهت الدورة، ذهبنا لنتعشى في مطعم قرب البحر وطلبنا نوعًا من السمك، فأحضروا لنا نوعًا آخرًا غير الذي طلبناه، فكان رد فعل جماعتنا "اللاعنفية"، التي كانت لتوِّها قد أنهت الدورة التدريبية، هو أنها شنَّت حربًا، معيبة حقًّا، على العاملين في المطعم! ما أعرفه هو أنه لا يمكن لإنسان ليس متسامحًا مع نفسه، وليس متوازنًا، أن يكون لاعنفيًّا حقًّا. شكرًا.

كاجو كاجو: مرحبًا. اسمي كاجو كاجو، وعندي اهتمام بالأديان، بالجانب الروحي منها تحديدًا، كما عندي اهتمام باللاعنف. شكرًا.

زهير وفا: مرحبًا. أنا زهير وفا، من مواليد العام 1935، مهندس مدني. درست في الجامعة الأمريكية في بيروت، واشتغلت بالسياسة في أثناء دراستي، منتسبًا آنذاك إلى أحزاب قومية يمكن تصنيفها، الآن، على أنها أحزاب عنفية. لم يخطر ببالي، ولا في لحظة من اللحظات، أني، بانتسابي إلى تلك الأحزاب، كنت أمارس عنفًا.

من خلال تجربتي الشخصية والسياسية، الفاعلة على المستويين اللبناني والفلسطيني، تبين لي، بكلِّ وضوح، أن هذه الأحزاب كلَّها التي تعمل في بلادنا لم تؤدِّ إلى تحسين أوضاع الشعوب، بل أدت إلى تدمير المجتمعات، حتى وصلنا إلى حالتنا المزرية الآن! في عملنا، على الأقل في المجموعة التي اشتغلت معها، كان الهدف الأساسي من العمل السياسي هو تقصي إمكانية مواكبة شعوبنا للعالم، للتقدم، كيفية الانتقال من التخلف إلى التقدم. ذلك العمل كان على مستويين: أحدهما ما ذكرت، وهو المستوى القومي؛ أما العمل الآخر فكان على المستوى الفلسطيني. ثم تبين لي، على وجه الخصوص، أن هذه النشاطات غير المفيدة تؤدي إلى تدمير مجتمعاتها وإلى تخلُّفها، وعوضًا عن أن تتقدم تتقهقر.

ثم حاولتُ مع مجموعة لبنانية، في أثناء الحرب الأهلية، إنشاء مجلة. وأُنشئت المجلة بعنوان الواقع في بداية الثمانينيات، وكان هدف خطابها أن يكون خارجًا عن الخطاب الطائفي والمذهبي الديني السائد آنذاك. صدرت عدة أعداد من المجلة، التي كانت تضم نخبة من الكتَّاب اللبنانيين، ثم توقفت عن الصدور. فقد تبين لنا أن لا جدوى، في أثناء الحرب اللبنانية، من هذا الخطاب!

فيما يخص هذه الورشة، أنا هنا لأتفهم هذا الأسلوب من التفكير الجديد على منطقتنا، أي فكر اللاعنف، وأشارك فيه. دفعتْني إلى ذلك علاقتي الشخصية والمهنية مع أكرم. لم يخطر ببالي قط أن ما تم في الهند معتمِد على اللاعنف وحده، بل على الكتلة البشرية الهائلة، ولا أنه يمكن أن ينجح هنا! إذًا فأنا مستجد على فكر اللاعنف. لكني، في تفكيري، لست ميالاً إلى التنظير، بل إلى الأمور العملية؛ وقد يكون تفكيري پراغماتيًّا حتى. فهل من الممكن أن يؤدي اللاعنف إلى أشياء أفضل؟ شكرًا.

منى بارة: مرحبًا. اسمي منى بارة، وأنا اختصاصية نفسية. أعمل حاليًّا مسؤولة نفسية واجتماعية عن النساء العراقيات المعنَّفات، أي اللواتي تعرَّضن للعنف. لم أكن أعرف شيئًا عن انعقاد مثل هذه الورشة حتى أخبرني ديمتري عنها، فأحببت أن آتي وأتعرف إليكم، وأرى ما الذي سيكون عليه الحوار. أشكر ديمتري على دعوته.

محمد العمار: مرحبًا. أنا محمد العمار، طبيب. بدأ اهتمامي بالحياة العامة من خلال وعيي لدوري ورسالتي في الحياة كإنسان. في أوائل الثمانينيات، وقع بين يدي كتاب للمفكر السوري جودت سعيد بعنوان مذهب ابن آدم الأول. وقد أشار فيه المؤلِّف إلى وجود مخرج ثالث من الحلقة المفرغة لحلِّ مشكلات المجتمع، وهو المخرج اللاعنفي. وقد شعرت فعلاً أنه أصبحت لدي الفرصة أو الإمكانية للوقوف موقفًا ثالثًا ولممارسة دوري الاجتماعي والفكري.

كان اللاعنف بنظري تكتيكًا في البداية؛ ولكن، بعد معرفة شخصية طويلة (حوالى 15 سنة) بالأستاذ جودت سعيد، توصلت إلى أن اللاعنف هو إستراتيجية عمل إنسانية دينية، وأن تاريخ الإنسان وتاريخ الأديان يمكن أن تُعاد قراءتُه على هذا الأساس. ما يربطني بـمعابر وبنشاطات دير مار موسى [الحبشي] هو فهمي للعالم وللتاريخ الإنساني ولمستقبل البشر على أنه يحمل التنوع. أشكركم جميعًا.

يحيى الأوس: مرحبًا. أنا يحيى الأوس، صحافي ناشط في مجال حقوق المرأة والطفل، محرِّر موقع ثرى[7]. علاقتي مع اللاعنف تُعدُّ بالسنوات القليلة (أربع سنوات أو خمس)، وذلك نتيجة احتكاكنا، في موقع ثرى، بشريحة اجتماعية تتعرض بشكل قوي للعنف، وهي المرأة والطفل. عبر ثلاث سنوات من العمل، احتككت بحالات عنف شديد، سواء على النساء أو على الأطفال (وإن يكن على الأطفال بدرجة أقل)، ووجدت نفسي عاجزًا عن تقديم أية خدمة لخفض هذه النسبة. وللأسف، على الرغم من جهود الجمعيات العاملة في هذا المجال، لا تزال نسب العنف في ارتفاع، ولا نزال نفتقد إلى مبادئ البحث أو الاستقصاء لإيجاد أرقام إحصائية للعنف تقربنا من حلِّ المشكلة.

سبب وجودي هنا أننا، في ثرى، كنا قد أسَّسنا منتدًى للاَّعنف؛ وقد استمر فترة قصيرة فقط، لأننا لم نكن مؤهلين كفاية لإدارته. لذا فإني، من خلال حضوري هذه الورشة، أرغب في تنمية معرفتي وزيادة خبرتي، لعلَّنا نكرر تجربة المنتدى، لكنْ بنجاح هذه المرة. شكرًا.

رجا ديب: مرحبًا. أنا رجا ديب، من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا منذ العام 1948. أعمل حاليًّا ضمن مجموعة أهلية فلسطينية تسمى مجموعة "عائدون"، عملها الأساسي هو الدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين[8]. هذه المجموعة، ومجموعات أخرى، تشكلت بعد اتفاق أوسلو (1993)، على اعتبار أن هذا الاتفاق قد يلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. عملنا يتركز على نشر ثقافة جديدة في الوسط الفلسطيني، تحديدًا جيل الشباب والناشئة؛ وهذه الثقافة مبنية، تحديدًا، على القانون الدولي وعلى "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

في خصوص الورشة الحالية، هذا أول حضور لي في نشاط من هذا النوع. وغايتي من الحضور هو أننا، كفلسطينيين، معنيون كثيرًا بأن نختار الطريق الصحيح والأفضل للوصول إلى حقوقنا. وكما تعلمون، فإن هناك أساليب ووسائل عدة تُستعمَل الآن؛ وهي وسائل مختلفة، متناقضة أحيانًا. نحن، كمجموعة، نبحث عن خيارنا من بين هذه الأساليب، وحتى الآن نحن لسنا منحازين إلى أيِّ خيار؛ أي أننا لسنا ضد المقاومة المسلَّحة ولسنا ضد المقاومة اللاعنفية. حاليًّا نفكر أيهما أجدى وأفضل. وهذا غير متعلِّق برغبتنا فقط، وإنما بالممارسة الواقعية على أرض فلسطين. أعتقد أن الأسلوبين موجودان: فهناك نموذج [قرية] بلعين كنموذج للاَّعنف؛ وهناك، في المقابل، مجموعات أخرى ذات أسلوب مختلف. شخصيًّا، ليست لدي أفضلية، حتى الآن، لأسلوب على آخر؛ فالفكرة التي أتبنَّاها هي الوصول إلى الهدف بأقل الخسائر، وبما يضمن حق الإنسان كإنسان. الواقع هو الذي يفرض الأسلوب الصحيح الأنسب. شكرًا.

ندرة ع. يازجي: مرحبًا. أنا ندرة ع. يازجي (حرف "العين" هنا مهم جدًّا للتمييز بيني وبين الأستاذ ندره اليازجي). تعرفت إلى اللاعنف منذ سنوات طفولتي الأولى. فأي طفل، من خلال مراقبته العلاقة بين الأم والأب، ومن خلال العلاقة مع الآخرين، يصل إلى ميل إلى اللاعنف، ويعتبر اللاعنف وسيلة لحمايته وحماية ما يحب. في فترة الدراسة، تكوَّنت في أذهاننا قناعة، قد تكون وهمًا (وقد بدأت ألمس وهمَها)، مُفادها أن العنف مثل اللقاح: من أجل أن نقاوم العنف يجب أن نستعمل العنف! ومن خلال تجربتي السياسية، التي تشبه تجربتَي الأستاذين زهير وأكرم، وجدتُ أن وهم محاربة العنف عن طريق جرعة عنف، قد تكون مؤقتة، هو نوع من الوهم. حاليًّا، كما كنت في طفولتي، أؤيد الممارسة اللاعنفية، بل أؤمن بها، على أنها طريق الخلاص الوحيد. شكرًا.

زينب نطفجي: مرحبًا. اسمي زينب نطفجي. لا أجد أي داعٍ للاعتذار عن أفكارنا السابقة عن العنف لأن اللاعنف جديد ثقافيًّا على بلادنا. لكن هذا لا يعني أبدًا أنه لا أساس له على أرضنا: فمن أهم الأعمال التي قمتُ بها، بالتعاون مع معابر، ملف كتبناه عن تاريخ سوريا بعنوان "سوريون، وطنيون، ديموقراطيون"، أكدنا فيه على التاريخ اللاعنفي في سوريا، وعلى أن استقلال سوريا لم يتم بالعنف، بل بعمل سياسي غير عنفي. أعتقد بأهمية التركيز على إحياء مجتمعاتنا من جديد وإنهاء حالة الموات فيها. شكرًا.

دارين أحمد: مرحبًا. اسمي دارين أحمد. تعرفت إلى معابر عن طريق العمل الطوعي في أثناء فترة دراستي في حلب، ثم تفرغتُ كليًّا للعمل في المجلة منذ حوالى العامين. علاقتي مع اللاعنف كفكر نظري – إذ إني أعتقد بـ"لاعنفيتي" الفطرية – بدأت من خلال معابر. وأعتقد بأهمية عدم اقتصار النشاط اللاعنفي على الحديث عن اللاعنف النظري أو العملي فقط، بل بضرورة ترافُق نشر اللاعنف مع تعزيز العمل الثقافي، كالمساهمة في نشر الكتب وتأمينها، دعم مراكز تعليم اللغات، وهكذا. أهتم بفكر جان ماري مولِّر على اعتبار أنه نقل اللاعنف من اللاهوت إلى الفلسفة. شكرًا.

غياث جازي: مرحبًا. اسمي غياث جازي. لا أنكر أن انتمائي اليساري السابق قد أفادني كثيرًا في التحول الذي حصل معي لاحقًا. وقد بدأ هذا التحول نتيجة تأمل داخلي. ما بقي من تجربتي "اليسارية" هما مفهومان أساسيان: العدالة الاجتماعية (كي لا أقول "الاشتراكية") والعَلمانية (التي لا تعني الإلحاد بالضرورة، على الرغم من أنها، من وجهة نظري الشخصية، تعنيه).

هذه هي مشاركتي الثانية في ورشة العمل حول اللاعنف. وما دفعني إلى ذلك أن الورشة الأولى نقلتْني من حالة التأمل الداخلي، غير المجدي اجتماعيًّا، إلى حالة ممارسة. سأتلو، أخيرًا، ما يشبه صلاة داخلية:

إلهي، ساعدني على تغيير ما أستطيع تغييره، ساعدني على تحمُّل ما لا أستطيع تغييره، وساعدني على التمييز بينهما.

شكرًا.

حميدة تعمري: مرحبًا. اسمي حميدة تعمري، فلسطينية. أشارك للمرة الثانية في ورشة العمل حول اللاعنف. أعد نفسي، حتى الآن، متدرِّبة على اللاعنف. شكرًا.

محمد علي عبد الجليل: مرحبًا. اسمي محمد علي عبد الجليل. كان لي شرف ترجمة قاموس اللاعنف لجان ماري مولِّر. أعمل حاليًّا في قسم العلاقات الدولية في جامعة دمشق –اختصاص التعاون مع فرنسا وألمانيا. شكرًا.

قمر بيروتي: مرحبًا. أنا قمر بيروتي. أهتم باللاعنف وعلاقته بالتربية، بما أني أعمل كمدرِّسة لغة فرنسية. شكرًا.

رولا عبيد: مرحبًا. أنا رولا عبيد، محامية. منذ صغري أشعر بوجود شيء يحد من إبداعنا. في كل لحظة نشعر بأن هناك عنفًا ممارَسًا علينا. لذلك عندما تزوجت وأنجبت طفلين شعرت بأن العامل الرئيسي الذي سيفتح الأبواب لإبداعهما هو اللاعنف؛ لذا فإني أتَّبع هذا الأسلوب في التربية، ومازلت في بداية المشوار. شكرًا.

هلا شامية: مرحبًا. اسمي هلا شامية، أعمل في القسم القنصلي في سفارة أجنبية. عندي، منذ الطفولة، لاعنف فطري. لكني في العام 1993 حضرت محاضرة للأستاذ جودت سعيد بعنوان "السلام فيما بيننا" وتأثرت كثيرًا بها. وفي العام 1998، بدأت أشارك دوريًّا في مجموعات تتكلم على اللاعنف. وقد أثَّرت فيَّ السيدة سحر أبو حرب التي تعرفت إليها آنذاك. ومنذ ذلك الحين، تشكَّل عندي مخزون حول اللاعنف. أتَّبع اللاعنف في حياتي، وعندي تفاؤل بأنه يتجذِّر في المجتمع وينمو.

مشاركتي في هذه الورشة ناتجة عن بحثي عن شيء عملي؛ إذ إن عندي من الفكر النظري الكثير. وأنا فخورة بأني أربِّي ابنتي على اللاعنف، على الرغم من صعوبة ذلك بسبب الموروث الثقافي العنفي الذي أحمله. شكرًا.

منى هلال: مرحبًا. اسمي منى هلال. أعتقد أن سمة القرن الواحد والعشرين هي اللاعنف، بحيث يبدو وكأنه دين جديد، وكأن الأديان لم تنتهِ ويمكن لنا أن نضيف إليها دينًا رابعًا هو دين اللاعنف! لنا الشرف بأن نكون من أوائل المهتمين لهذا الموضوع. شكرًا.

رشا عروس: مرحبًا. اسمي رشا عروس. أعمل حاليًّا في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في حلب القديمة[9]. ربما من خلال عملي – إذ إنني أعمل على مستوى محلِّي – أجد أننا يجب أن نعمل على محاربة التخلف الاجتماعي والاقتصادي. وقد وجدت أن أكبر مسبِّبات هذا التخلف هو العنف، سواء داخل المنازل أو خارجها. نحاول أن نعمل شيئًا ما في أحياء فقيرة جدًّا في حلب.

على المستوى الشخصي، تعرضتُ لتجربة شخصية لها علاقة بالعنف الشديد، شكَّلت عندي جرحًا وجوديًّا، قد يكون سبب اهتمامي للعمل في مجال إنساني. أحاول أن أكون لاعنفية، ولا أعتقد أني وصلت، بسبب وجود عوامل أخرى تضغط علي. شكرًا.

هالة الفيصل: مرحبًا. اسمي هالة الفيصل. وهذه هي المرة الأولى التي أجد فيها نفسي في موقف أضطر فيه إلى التعريف بنفسي في نشاط كهذا. كنت أسمع عن نشاطات كهذه من أهلي، حيث كانت موجودة بكثرة قبل 30 سنة وأكثر. سعيدة للغاية بتكرار هذا النشاط الجماعي الآن.

أنا ابنة شيوعي؛ أي أنني نشأت في منزل يتحدث عن الشيوعية كمستقبل للبشرية. لكن والدي، وأنا في عمر المراهقة، صارت عنده اعتراضات كثيرة على الشيوعية؛ وهذا أثَّر كثيرًا عليَّ وأحدث فوضى في حياتي. وفي النهاية، صارت عندي ردود فعل على السياسة والسياسيين، واهتممت بالطرف الآخر للحياة، الذي هو الفن والذي، من خلاله، أحاول أن أعمل شيئًا[10].

عشت خارج البلد حوالى 20 سنة، وعدت إليه منذ حوالى سنة ونصف. بعد أن سافرت كثيرًا لحظت أن الشعوب مختلفة عن حكوماتها: فالشعب الأمريكي، مثلاً، شعب طيب جدًّا؛ ولذلك لم أعد أقع في الخطأ نفسه الذي يقع فيه كثيرون عندما يخلطون بين الحكومة والشعب. منذ ذلك الحين، أحاول أن أجد مركز تأثيري في الآخرين؛ وأجد اليوم أن اللاعنف موقع مناسب. شكرًا.

هيلين روسييه: مرحبًا. اسمي هيلين روسييه، وأنا زوجة جان ماري مولِّر. هذه هي المرة الأولى التي أصحبه فيها في إحدى أسفاره. تعارَفنا في الحركة اللاعنفية: فقد كنت شكلت، مع مجموعة من أصدقائي، مجموعة لاعنفية في شرق فرنسا، وكان هو قد شكَّل مجموعة لاعنفية في غرب فرنسا. هذه المجموعات اللاعنفية الفرنسية حاولت أن تتضافر لتشكيل شبكة لاعنفية سُميت "الحركة من أجل بديل لاعنفي"[11]، وتم انتخابنا في مكتب هذه الحركة. ومذ ذاك وقَدَرانا متشابكان.

لم أستطع أن أزور العالم بسبب أعباء الأسرة والأولاد، لكني عملت مدرِّسة طوال حياتي. كنت مدرِّسة للآداب الكلاسيكية، الإغريقية واللاتينية، ثم توليت أمانة المكتبة في إحدى المدارس الثانوية، وكنت أستقطب الطلاب الذي يأتون للقراءة. تابعت اللاعنف دوليًّا من بعيد، لكني حاولت أن أعمل، عن كثب، في قريتي. أنا الآن عضو في المجلس البلدي، وعضو في مجموعة لاعنفية مختصة باللاعنف في التربية (أظن أني سأتكلم عنها لاحقًا في أثناء الورشة)؛ كما شكلت هيئة مع الأطفال لمساعدة بعض المدارس في أفريقيا. سعيدة، بصفة خاصة، لوجودي إلى جانب زوجي في هذه المناسبة. شكرًا.

ديمتري أڤييرينوس: مرحبًا. اسمي ديمتري أڤييرينوس، محرِّر في معابر. البداية، فيما يخصني، كانت بسيطة جدًّا: ذات يوم، عدت إلى البيت بعد أن ضربني أحد رفاقي في المدرسة، فقال لي أبي: "عافاك أنك لم ترد لأنك، لو فعلت، لَصرت مثله." اطلعت باكرًا على بعض الكتب لليافعين عن غاندي، الذي أثَّر فيَّ بصفة خاصة. كان عندي عطش، لا أستطيع أن أحدِّد له بداية في حياتي، عطش إلى الحقيقة. تعرفت إلى الأستاذ ندره اليازجي في بداية المدرسة الثانوية، وأثَّرتْ فيَّ منهجيته اللاعنفية في التدريس والتعليم. ومن خلال تعليمه، اكتشفت، شيئًا فشيئًا، أن اللاعنف، كما يقول جان ماري، هو البُعد المؤسِّس لإنسانية الإنسان، أنه لا ينفصل عن حقيقة الإنسان ولا عن الحقيقة ككل. ولكم تأثرت بقول غاندي إن "الله هو الحقيقة"؛ ثم تابعت منطقه إذ مضى خطوة قُدُمًا وقال إن "الحقيقة هي الله" – وهذا القول كان، في نظره، خلاصة جوهرية لفلسفته في الحياة[12].

الخيار اللاعنفي في معابر يعود إلى بداية تأسيس المجلة. فمنذ ذلك الحين ونحن ننشر دوريًّا نصوصًا كلاسيكية عن اللاعنف؛ لكننا ننشر أيضًا نصوصًا ظرفية تتعلق بتجارب وحلول لاعنفية في بؤر نزاع محددة، في هذا المكان أو ذاك من العالم. أرجو ذات يوم أن يصير في إمكاننا القول إننا أسهمنا إسهامًا بسيطًا في إطلاق هذا التيار عندنا، شأننا شأن أصدقائنا في دير مار موسى [الحبشي] وغيرهم. وأعتقد أن ورشات كهذه، من خلال التنوع الذي تتضمَّنه، واعدة جدًّا بهذا الخصوص. أرجو أن أكون على مستوى هذا الوعد... أرجو أن يكون كل منَّا على مستوى هذا الوعد. شكرًا.

مرمريتا، 20 حزيران، الجلسة الصباحية

*** *** ***


 

horizontal rule

[4] جان ماري مولِّر، قاموس اللاعنف، بترجمة محمد علي عبد الجليل ومراجعة ديمتري أڤييرينوس، معابر للنشر، دمشق/الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية، بيروت، 2007.

[12] راجع: م. غاندي، كلُّ البشر إخوة، بترجمة أنطوان أبو زيد ومراجعة وليد صليبي، حركة حقوق الناس، بيروت، 1997، ص 18.

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود