|
على هامش "اللاعنف، الثقافة، التربية"
دارين أحمد
في الأصل، كان مخطط برنامج الورشة أكثر تنوعًا. فقد كان من المأمول أن يغنينا الأستاذ ندره اليازجي بصباح كامل، وكان من المأمول أن يغني صديقانا الدكتوران وليد صليبي وأوغاريت يونان الورشة بخبراتهما العملية في مجال اللاعنف في لبنان، بالإضافة إلى الأستاذ جان ماري مولِّر الذي كان، منذ البداية، المحاضر الرئيسي. كان من المفترَض، أيضًا، أن يقدم لنا أكرم أنطاكي وديمتري أڤييرينوس بعضًا من أفكارهما حول اللاعنف، بالإضافة إلى مداخلتَي كلٍّ من الدكتور محمد العمار والسيدة هيلين روسييه. لأسباب صحية اعتذر ندره اليازجي ووليد صليبي، ولأسباب عملية تتعلق بما أراد جان ماري نقله من أفكار وبالنقاشات التي دارت على هامش أفكاره، تنحَّى أيضًا كل من أكرم أنطاكي وديمتري أڤييرينوس، فيما حظي كل من هيلين روسييه ومحمد العمار بوقت قصير نسبيًّا لعرض أفكارهما. ولذلك سينصب نقدي الأساسي على محاضرات مولِّر للوقت الذي أخذته، أولاً، ولجدتها ولما تضمنته من أفكار فاجأتني شخصيًّا، بما أني كنت مطلعة على قاموس اللاعنف، ثانيًا، حيث كانت توقعاتي أعلى من سقف "السياسة" في صيغتها المباشرة. 1. التنظيم والجو العام: قبل التعليق على الأفكار التي عُرضت في الورشة عمومًا، سأتحدث قليلاً عن تنظيمها وجوِّها العام. كانت هناك انتقادات عدة في شأن التنظيم تتمحور حول "ارتجاليته" – وأنا شخصيًّا من أنصار الارتجال، لكنْ بشرط مسؤولية الحاضرين والمحاضرين معًا. فمن البديهي، برأيي، أن يعدل المحاضر إيقاعه حالما يصله شعور بتشتت انتباه الحاضرين (وهذا ليس بصعب على مُصغٍ جيد!)؛ في المقابل، لا بدَّ للحاضرين من احترام وقت الآخرين وعدم الشطط في معالجة أفكارهم وشرحها، بل اختصارها وتكثيفها ما أمكن. في كلِّ الأحوال، هذا لم يكن متوفرًا: فجان ماري لم يعدل إيقاعه، والحاضرون – وأنا منهم – حين تناقشوا "تشاجروا" أحيانًا، وحين صمتوا كان الصمت سلبيًّا وليس إصغاءً بالفعل. بالطبع، لم يكن هذا جو الورشة كله، بل أغلبه؛ إذ كانت هناك أحيانًا تواصلات جميلة بين جميع المشاركين. 2. المداخلات والأفكار: مداخلة هيلين روسييه كانت مداخلة "خفيفة"، تتلخص أهميتها، برأيي، في تسليط بعض الضوء (وإن لم يكن هذا موضوع المداخلة أصلاً) على إشكالية ثلاثية الأطراف: الدين، العَلمانية، اللاعنف. أما مداخلة د. محمد العمار فقد كانت، على قصرها، إشكالية من أولها إلى آخرها، بسبب حقل الألغام الذي دخله في محاولة تبرئة محمد والقرآن من تأويلات الإسلام السائدة. شخصيًّا، أؤيد مشروع تجديد الإسلام، لكنْ من دون أن يقع "المجدِّد" في فخ الدفاع عن النفس – وهذا، جزئيًّا، ما كان في مداخلة العمار. أما جان ماري، فقد قدَّم في محاضرته الأولى "اللاعنف: المبادئ الفلسفية"، في قسميها، آفاقًا هامة، نظرية وعملية، حول اللاعنف؛ لكنه، بانتقاله إلى الإستراتيجية، ضيَّق هذه الآفاق بما لا يقاس وناقض فلسفته مرارًا: قدَّم اللاعنف كثورة فكرية جديدة في محاضرته الأولى، ثم قلَّصه في إستراتيجيته إلى "ثورة حمراء" أخرى؛ تحدث عن الغاية التي لا تنفصل عن الوسيلة في فلسفة اللاعنف، وعن الغاية التي يمكن لها أن تنفصل عن الوسيلة في إستراتيجية اللاعنف، إلخ. في كلِّ الأحوال، هناك تعليقان نقديان على إستراتيجية مولِّر، من أكرم أنطاكي ومن كاجو كاجو، وفيهما ما أريد قوله. ختامًا، شكرًا لجميع الرائعين الذين حضروا وأبدوا اهتمامًا؛ وشكرًا، بالطبع، لجان ماري على تعبه معنا ولديمتري على جهده في الترجمة طوال الأيام الثلاثة. *** *** ***
|
|
|