أنا أو الشُّهرة
د.
مازن أكثم
سليمان
على الهَواء
مُباشرةً
اختلَطَ الأمرُ عليَّ
الكاميرا ثعلبٌ يبثُّ الحلقة
وأنا أتكَدَّرُ بالهَمّ:
(هل هذهِ غرفةُ
عمليَّات
أم مطبخُ وجباتٍ سريعة؟!
هل هذهِ صُدْرَةُ طبيبٍ
أم صُدْرَةُ شيف؟!
وبهذين القُفّازين الثّخينين
هل سأصنعُ ما يُعوَّلُ عليه
أم سأرتكبُ جريمةً ما؟!)
الفقراتُ
المُتزاحِمة
تتداخَلُ كهذيان المَمسوسينَ
وأنا - هُنا - في مَتاهة
أحاولُ أنْ أهجِّئَ حُروفَ إسمي
وأنْ أطابقَ بينَ وجهي وصُورة الهُوِيَّة
وأنْ أعرفَ أخيرًا
ما المهنة التي أمارسُها الآنَ؟!
/مَنْ ألحَقَني بهذا
المَجرى من دون c.v
تعريف؛
وأنا بالكادِ أُحضِرُ أفكارًا لا تجيءُ
وبالكادِ أتصدّى لجراثيمَ تُهدِّدُ كُلَّ سيطرةٍ مُمكنة؟/!
... ماذا أقولُ على
الهُراء مُباشرةً؟!
لساني حاملُ عباراتٍ ليست لي أبدًا
وصوتي قذائفُ عابِرة للأوهام
ماذا أفعَلُ إنِ احترقتِ الوَصفةُ
أو ماتَ المريضُ أمامَ النّظَّارةِ جميعًا؟!
- حسَنًا أيُّها
المُهرِّجونَ
سأثَبِّتُ بعنايةٍ قِماطيَ الأخضرَ فوقَ رأسي
وسأجري عمليَّةً تجميليَّة لا مثيلَ لها:
(أُعقِّمُ الغُرفةَ بخفَّاقة يدويَّة
وأُخَدِّرُ المريضَ في المِخلاط
مِنَ السِّيروم سيُنقِّطُ زيتُ الزَّيتون
وعلى جهاز نبضات القلب
سأقرَأُ مُؤشِّرَ آلةِ صُنع الكُبَّة
المِشرطُ الجراحيُّ سيفرمُ البصلَ
وجهازُ سَحبِ الدَّم
سيُوصَلُ بِعَصَّارة الفواكه
المَماسِحُ تارةً لتنظيف البلغم والإفرازات
وتارةً لتنظيف المَجلى والغاز
الخيطُ الطبِّيُّ سيُوثِقُ في النهاية
البطاطا باللَّحمِ الحيِّ
فإنْ نجَحْتُ - كما يبدو من رسائل المُعجَبينَ -
سترتفعُ آخر الحلقة
ذراعُ المريضِ كيدِ الهاون
مُلوِّحةً برايةِ استسلام
وألعابٍ ناريّة للاحتفال
وعندَها قد أصيرُ
هاويًا شَهيرًا في برنامج مُسابَقات)
مَنْ مَثَّلْتُ في
السَّابق
ومَنْ أُمَثِّلُ اليوم؟!
ماذا فعَلْتُ قَبْلاً
وما الذي سأفْعَلُهُ لاحقًا؟!
بماذا أردُّ جميلَ اعترافهم بي نجمًا
مع مرتبةِ الشَّرَفِ في الطَّلاسم؟!
أيُّ زمنٍ بطوليٍّ يُشرِّدُ سُلالتي
في عَماءٍ مُبجَّلٍ يكسو الحكايات الشَّعبيَّة؟!
كيفَ أختلِقُ الأعذارَ في قِبابِ الذَّاتِ المَشروخةِ هُنا
ودماغي مازالَ يحلُمُ بأنْ يكونَ كوكبًا ينأى؟!
استديو كالكبسولةِ
المُخدِّرة في الدَّاخل
والثَّاني لا نهائيٌّ في الخارج
ورُوحي سربُ طُيورٍ تمزَّقَتْ في هجرات الضَّوء المُتتالية!
...
...
الشُّهرةُ دَحلٌ يرتطِمُ بِدَحْلٍ آخَر
والعدَمُ حُفرَتُهُما الآسِرة.
*** *** ***