يا بلاد الشام كم
سيكون حدادكِ جسيمًا!
أكرم قطريب
في
الحرب تستحوذ الريبة على نحو خطر للغاية ولن تنفع الإرادة الصلبة بشيء.
حتى التربة والطيور والأصدقاء سيتغيَّرون.
المرء يقف منفردًا في القفر
بينما هناك جموع من البشر، تمتلئ الشوارع والشرفات بأنينهم...
***
شاهَدوه يصعد إلى السماء، مثل ورقة مقصوصة من كتاب «تاريخ دمشق»
المركون على الرف...
***
الذين يتحدثون باسم الشعب آن لهم أن يصمتوا.
***
الروح لها صلابة الخشب لكنها تُحرق بسهولة، ولأنها عارية تلتهمها
النيران...
***
مزيفو النقود يحاولون شراء البحر أو استحواذه بعقد إيجار طويل الأمد.
***
كل ما أبتغيه أن أمشي في الشارع الطويل حيث تنبعث رائحة نعناعكِ
وزنجبيلكِ.
***
ما الذي ستقوله الكشوفات في ما بعد عن الذين ينتحرون بسبب الديون
المتراكمة وكتب الشعر المكدسة في المستودعات والأجساد المرمية في ثلاجة
شركة الخضار والفواكه؟
***
خلف شبابيك السجن ثياب زائدة على الحاجة، وأصحابها صعدت أرواحهم
وأجسادهم سرًا إلى السطح كي تتشمس مثلها مثل عناقيد العنب.
***
بقي صراخُ بشرٍ منحوتٍ على ألواح بازلتية.
***
شبهة الشعب يخرج من الدولاب الذي حُشر فيه، متحررًا من الأسر وهو يلفظ
كلمة «الحرية» بدهشة من اكتشف قانون الجاذبية للمرة الأولى.
***
إن من السهولة بمكان أن ترى طفلاً في «الخالدية» يضحك في الصورة وهو
يرفع ربطة الخبز نحو السماء وكأنها حقيبته المدرسية.
***
صوت:
«يا بلاد الشام التعسة كم سيكون حدادكِ
جسيمًا؟! هذا ما أتنبأ لكِ به».
***
أهم شيء منسي تلك الأدراج التي لم يكتشفها أحد، تلك الحوليات
الباهرة...
النائمة تحت الجلد لقدرة شخص
واحد أن يحول شعبًا الى جالية مرمية في صحراء.
***
كل ما ستحتاجه مجرد بلطة كي تقطع حبل المشيمة بينك وبين وجه القرى التي
غادرتها للمرة الأولى.
***
سأنحني للذي اخترع المنحدرات وللأشياء التي تتفتت عند لمسها. مغلولاً
لشكل الحطام السرمدي والروماتيزم وسر الوجوه المشدوهة التي لم يستطع
تفسيرها كل جمال شعر والت ويتمان ولا الأكواخ المتداعية في روايات
فولكنر.
أكثر من مسقط رأس: روائح أمكنة لم يعد لها اسم.
***
شارع العابد
أستطيع أن أتذكر الآن ما الذي كان يدفع قدميَّ باتجاه هذه القطعة من
دمشق.
***
أشياء تضيع منك على غفلة من دون أن تدري.
***
مقصف «ديك الجن الحمصي» الذي أتذكره على نهر العاصي في «الوعر» مثل
سفينة تنتظر ركاب المجرة بينما رائحة عرق الميماس تفوح في المكان مع
رائحة اللحم...
***
حمص
ثمة جرحى بقوا تحت جلدي من دون عون، عراةً وبالغي الرقة مثل قبائل لا
تحب النزوح إلا قبيل الفجر.
غجر وثعالب ملطخة بالدم.
***
الغجر الذين كانوا يمرون بـ «دير بعلبه» من دون أن يلحظهم أحد سكنوا
على أطراف المدن، منسرحين بين طريق دمشق والمفارق الغامضة مع أطفالهم
الحفاة...
***
مثل الذي يسقط منك إلى الأبد ولن تعثر عليه في ما بعد.
***
قرب جورة الشياح كان يقع «استوديو العشرة الطيبة»، هناك أخذت أجمل
الصور في طفولتي.
***
الأسماء رضوض مؤبدة في قلبي.
***
يتسللون إلى روحي كأسرى الحرب،
يطلعون من أغنية تتحدث عن شخص لا مال لديه أو مكان يعيش فيه...
مطعونًا من مرتفع البرد وعلى كتفيَّ دمعة سائبة
ليس لها موطنٌ أو عشيرة.
***
الباب مفتوحٌ على آخره
لكن البيت لم يعد هناك...
***
رسمتُ وجوهًا في الهواء كأنها طائرات ورقية وسلالم وخيوط مربوطة بغيم.
***
نيوجرسي
طبيعة محاطة بالغزلان والذعر والخوف من الآخر.
***
الأرض التي لن تنفع فيها قراءة شكسبير ولا فيثاغورس ولا سماع بتهوفن.
***
ما الذي يجعلني أُسمي مكانًا وطني؟
***
ينمو الرأسمال بالمشيئة والبوارج والحروب الحضارية والهدايا والأجساد
التي تئنُّ تحت حديد العقاب.
***
أعود إلى البيت الذي لم يعد بيتي،
والسرير الذي لم يعد سريري،
إلى المكان الذي اختفى...
وصار أبعد من ألا يبلغه ساعي البريد.
*** *** ***
الحياة،
السبت
7
سبتمبر
2013