مشكاة الكون
فوزية
السندي
ننغمسُ في خطى معذبة، تحاول اجتياز المراهنات
توفير المشقات لابتعاثها القدير
خطى تركن لتشريح أقدام صعبة،
مثخنة بخبرات الماضي المضني
عثرات الحاضر المعضل
تشفف المستقبل المشتكى.
خطى لا تشكو، تحتفر بطلاسمها صلد المنحنيات، تستبق بشقواها خفوت القلب
من عناء مضلل، تناجرُ الدرس تلو الآخر... كأنها ترتهنُ لمهاو تتعدد، لتُرقيها في
ممرات سحيقة على النفس، ممراتٌ داهية لا يُدرك مبلغها.
للمعبد عتبات تتعدد، حجرات تتوافد، أنسام بخور تتعاقد، أنفاقٌ مجربة
بمجرات تتواجل كأنها الأجل، فيها يكمن المار والساهي والمندس، والرائي والموالف
والشاقي والمنكب.
كلٌ يدرس في صحائف تترمد، كلما لفت الأصابع سطورها تخافتت حروفها، حروف بِقدم
الطوفان الذي أغرق المهد، مسجورة برؤى المحبين وتقوى الطهار، رنيم المنادين وصعق
الفارين، تنسل من وريقاتها المنكوبة أحداق المارقين والمشرفين والمناجين، لفائف جمة
تدير وقار الهواء وقدامة العطر، تديم أحوال الرب مرفوعة فوق أقدار العرش.
كلٌ في رواحه ومجيئه يجتذب هيبة الطيف
ويجترئ على توه الطواف.
المعبد راسخ ومحمي بوفير حصواته، المصلون ينحتون العتبات بنحر النواصي
بمشحون الدعوات ضد سجلات الخطايا والثواب، ابتهالات تترتل ببطء خالب،
مقرونة بتحقق أقدار تتخفف وتتزن لتنثال نحو أعال لا تهبط.
نواب الحياة يكتظّون لرشو عطايا العتبات
كلٌّ يعتد بخرقة لا تستر فحوى العقاب
كلٌّ يؤجل شقوى هواه
كلٌ ينغمر بفتوى صداه
كلٌ لا يعرف مبتداه ليرفو منتهاه
أقوام من خليط العجين، يتلاطمون نحو عتبات حجر دفين، مأخوذين بجرس النداء الأوحد
برنين معدن يُحار الهواء فيه، بزجرة معنفة بتهاويم القيام يتوافدون، مهتلكين من
شكوى الأرض الكليلة، المدماة بجثث تئز الدم المزرق من عنف نواحيها
المسجاة لرجيح ألغام مزروعة في السماد المبجل
الموكلة لقادة يتنازعون النياشين
المرامة لحقول أمهات يحرثن الصدى
المجارة بأشلاء رعايا يرتاعون.
الأرض، الكوكب ذاته المستديرالمحمول بنا،
بطاقة خلقنا الفريد،
ليس سرًّا،
من يقدح الزناد
من يلتذ بتسريح أرواحنا.
حشود صرفة، تتلاهى عن موتها المؤجل،
تجتث خطاها نحو محفل نرد مثير
نحو مشكاة الكون،
نحو النور
تتقدم بخطى لا تُلام
وهي تزفر لهو الألم
و...
ما من أحد قد تأخر.
***
*** ***