تحولات

محمد طوّالو

-1-

ما يقوله المطر
لا تفهمه إلا الأرض.

حين يعبر الملح
يكون الصمت
تاركًا مكانًا فارغًا.

تتوقف الحياة على رخامِ الماضي
يشيخ الوجع معلنًا النهاية.

في اللحظات النادرة لا سبيل لشيء
إلا للنظر والابتسام خلف ذاك الذي مضى.

تتقطرين مثل بُزق
انقطع وتره حين بدأ العزف.

شحيحةٌ كليلةٍ أنهكها
غياب قرص الضياء.

يقول المطر كل كلامه
حين يسقط
كي يمنح التراب
فرصة لاستجماع ذاكرته.

أقف مذهولاً من هذه المياه
التي لا أجد سبيلاً
لقراءتها
أنام مع التراب
لأسترجع القليل من تلك الذكرى
التي أقفلت نوافذها...

-2-

يا نهريَ المجنونُ
على ضفتيكَ بعضٌ من دمعي.

أيجتازني الماء
بحثًا عني!

ليسَ في العينِ سوى رَسم
لم اشقَ يومًا لأجلِه.

سيقَ إليَّ
فيهِ بعضي
والبعض الآخر لي.

يا نهريَ المجنونُ
لا أريدُ..
لا أريدُ إلَّا دمعي.

-3-

هذا الجوف الممتلئ بحزن ما مضى
لا يعلم أين سيغدو غده.
أيام وأحلام وبقايا صور.
تللك الأشياء ما زالت كالشمس تثمر كل يوم صباحًا.
أيها الماضي إلى أين الترحال.
بعد تلك المدينة لا يوجد ما يستحق الحياة.

قنديلٌ واحدٌ
وعاشقان
وحجارةٌ صماءٌ
وبعض خيالات
بعد تلك المدينة
بخطوة
لا حياة.

سيروي الحزن قصة
على بابٍ ممزق
قصةُ الحدائق السوداء
والشموع النائمة
قصةُ الوجع الأخير
على أصوات النشيج الذي لا يستريح.

قصةُ الجوف
البائس
الذي يملؤه الفراغ.

-4-

كم أود في نهاية هذه الحرب
أن نمشي على الأحجار العتيقة
نحن فقط الذين يحملون البلاد بدمائهم.

أن أكون طفلاً يهديك كل جنونه
كل صوره التي خزَّنها
حين كان الخيال يأخذه إلى الشمس.

أن ألبسك أطواق الزهر
التي لونتها يومًا
في طفولتي
من الحزن والحب
والزهر والحلم.

أن نسير معًا
نحن الواثقين من غدنا
القريب من لون الأرض
وموج البحر
وصوت القلب.

سيدتي
لك كل الحب
لك أكثر.

-5-

خذ نجمة
وانطلق
على الباب رحيق الوقت
ها هي سنبلةٌ
وجنونك حاضنها.

مقصلةٌ ونصف قمر
لاشيء يراقص
النصف الآخر.

خذ نجمة
جنونك
حاضنها.

*** *** ***