قصيدتان
روزيت عفيف حداد
هل تسمحين؟
أن أتكوَّر بين يديك
كالجنين،
أن أسترجع نقائي، بحبِّك الصَّافي،
الذي عليَّ تغدقين.
في قانون البعض:
الحياة جريمة إن عشناها،
الحياة جريمة إن أنهيناها،
وأنا، ما بينهما أعيش،
في حضنك الأمين.
هل تسمحين؟
أن أتكوَّر بين يديك كالجنين،
اهتمامك لجهلي تمنحين،
من شفتيك الغضَّتين أتغذَّى،
ومن دمك آخذ بعض الأوكسجين.
أنت الإلاهة الكبرى
في وطني،
لملمت جراحات نازفة،
أوقدت أصابعك شموعًا
حتى يوم الآزفة.
كان الجزاء أنَّك،
مهما فعلت، فإنَّك،
امرأة بنصف عقل ونصف دين.
هل تسمحين؟
أن أقتبس من عينيك شعلة،
أن ألتقط من أنفاسك شهقة،
ومن تحت قدميك،
كمشة تراب،
أعجنها بدمعة فرح وأنين،
أن نزرع فيها وردة وأمنية،
نرويهما حبًّا، ينموا فرحًا،
وأنت، ما زلتِ تتسائلين،
هل حقًّا سيتغيَّر التَّكوين؟
هل تسمحين؟
أن أبكي بين يديك،
وأنتِ، بحبِّك، دموعي تمسحين.
أن أعيش على بعد نبضة من قلبك،
أن أُشهِرَ اعترافاتي وأقول:
قصُّ الأجنحة هو فتوى المهزومين.
إنَّ الأبجدية أنثى،
والموسيقى أنثى،
والمحبَّة أنثى،
وأنَّ القلم يكتب،
يصيب ويخطئ،
والممحاة تسرج جسدها،
لتمحو أخطاءه،
ويعبق الياسمين.
هل تسمحين؟
أن أحتفظ من أنفاسك عطرًا،
أنثره في البيت كلَّما احتجت طهرًا،
أنت، يا من في تضحياتك،
في عطاياك،
في أمومتك،
جعلتني، عن مفاهيم الرُّجولة المبتورة،
من المرتدِّين.
هل تسمحين؟
أن ننسج من الآمال ثوبًا،
يغمر الأكباد دفئًا،
أنا لا أكتب نثرًا،
على دفاتر الشطآن،
تذروه الرِّمال،
تمحوه الأمواج.
إنما، لنا في تاريخ الحضارة
بعض شرايين.
***
رجع أيلول
"رجع أيلول وأنت بعيد"
من أنت أيُّها البعيد!
هلا اقتربت قليلاً لأصافحك،
أدفئ يدي في يدك،
نشرب كأسًا، نضع فيه قطعة ذكرى،
يشتعل الحنين، ويخفق التَّنهيد.
يا أيلول العنب
والتَّين،
يا عناقيد الأماسي،
ودمعة الكرم المعتَّقة،
معك يستيقظ الفجر كسولاً،
معك يفرح العاشقون،
على ذهبك تختال الغيد،
بأرجوان أشجارك يتظلَّلون،
يضحكون، يقفزون، يرقصون،
والأوراق الصَّفراء تتكسِّر،
تعزف موسيقى سعادتهم،
وتتألَّم.
أيلول الجميل، مع
نسيمك العليل،
أرخيتَ على كتفي الوشاح،
زرعتني في عيون الانتظار.
الشُّرفات تقفر من
سكَّانها، تودِّعك،
السَّواقي تئنُّ في أحزانها،
تستنجد بك،
الأرصفة نامت مع المتسكِّعين،
واستيقظ وجع المنسيِّين.
أمَّا أنا! فإنِّي
أعشقك،
لن أشرب قهوتي إلا معك،
لن
أهجر شرفتي،
إنِّي أنتظرك،
هات لي،
قمرًا معك.
*** *** ***