عرائس
الإلهام ويطلق عليهن أيضًا اسم عذارى الإلهام، والاسم يأتي من اليونانية
MUSES،
وقد دخل أكثر لغات العالم بهذه الصيغة اليونانية فمنه أتت كلمة موسيقى في أكثر
لغات العالم، وأيضًا منه أتت كلمة متحف باللغات الأوروبية
Musée
أي المكان الذي نحتفظ فيه بكل ما يدل على صناعة الجمال عبر الزمن فيكون المتحف
ذاكرة الإبداع البشري.
هناك في العربية كلمات مشابهة وتدل على الإيقاع الموسيقي وعلى مقاييس النحت
وعلى تماس الألوان في اللوحة مثل كلمة قياس، وكلمة مسار، وكلمة تماس. وأيضًا
نقول عن الفنان عندما يصنع عملاً مذهلاً في جماله إن به "مسًّا" من الشيطان،
ونقول إن الشيطان أرسى/ أسس هذه القصيدة أو تلك عندما تكون رائعة في بيانها
ودلالتها. وهناك حكاية جميلة في كتاب الأغاني فحواها أن أخت الأمير العباسي
ابراهيم وكان موسيقيًا مبدعًا سألته ذات يوم من أين يأتي بهذه الألحان التي
تسلب السمع والقلب، فأقسم لها أن إبليس زاره وعلَّمه الإيقاع "صنعة الموسيقى"
ثم صافحه مودعًا وقال له: "اذهب فأنت الآن مني وأنا منك". مما يبرهن أن البشر
أعطوا الفن والأدب صفة سماوية وشيطانية في آن.
حتى
سبعينات القرن الماضي كان الرأي السائد بين الباحثين في دين أو تاريخ إسرائيل،
يذهب إلى أن التوحيد هو الذي ميَّز دين إسرائيل عن دين الثقافات المجاورة، منذ
أيام موسى الذي تلقى الوصية والشريعة من الرب على جبل سيناء، ونقلها إلى شعبه
الذي أخذ على نفسه عهدًا بأن يعبد يهوه وحده من دون بقية الآلهة ويلتزم
بشريعته. أما اليوم فإن الاتجاه السائد لدى الباحثين، وبينهم العديد من
المحافظين، يعترفون أمام ضغط الشواهد الأركيولوجية، بأن التوحيد اليَهَوي لم
ينشأ كعقيدة راسخة قبل فترة السبي البابلي في القرن السادس قَبل الميلاد، وذلك
على يد فئة من اللاهوتيين الذين كانوا يتأملون الحاضر وما آلت إليه مملكة يهوذا
من انهيار كامل على كل صعيد، ويعيدون خلق الماضي على ضوء هذا الحاضر. وبذلك
ابتدأت عملية صياغة التوراة العبرانية. وهي العملية التي استغرقت نحو قرنين من
الزمان قبل أن يصل الكتاب إلى صيغته القريبة من الصيغة الراهنة.