في تفكيك بعض مصطلحات السياسة وممارساتها
خلدون
النبواني
مقدمة:
يعيش ما يُسمى بالعالم العربي منذ أكثر من ستِّ سنوات تفجُّرًا ثوريًّا
ضدَّ أنظمة الحكم السياسيَّة البالية التي ما كان من الممكن لها أن
تستمر أكثر من ذلك بعد أن تجاوزها الزَّمن وصارت أفعى التاريخ الطويلة
جدًّا والعملاقة بحاجة إلى تغيير جلدها لتتمكن من الاستمرار بالحياة.
وإذ يحتدم السِّجال السياسيُّ ثقافيًّا اليوم بين "خطابات" حول إمكانية
تسمية ما يحصل عندنا بالثَّورات أو الأزمات أو المؤامرات أو الفوضى،
فإنَّ هذه الخطابات تظلُّ بدورها، بنظري، خطابات صوريَّة شكليَّة ملأى
بلغة سياسة الماضي ومفاهيمها وقيمها التي قامت الثَّورات ضدَّها.
وبمعنى آخر إنَّنا نكون بذلك كمن يحاول إغراق مركب السياسة المتصدِّع
بتحطيمه دون أن يعي، في لحظة الثَّورة ونشوة الهدم، أنَّه لا يزال على
ظهره أو أن نكون كأولئك المساجين الذين أرادوا التَّحرر من السِّجن
فقاموا بحرقه غضبًا دون أن يتذكَّروا أنَّهم لا يمتلكون مفاتيح الخروج
منه. لعلَّ من الأجدى لنا الآن في هذه المرحلة الثَّوريَّة - أكان
الأمر متأخرًا أم سابقًا لأوانه - أن ننتبه إلى الدور الخطير وغير
الموعى به غالبًا للغة ومفاهيم ومصطلحات السياسة الذي تتولد عنه
ممارسات سياسيَّة خطيرة ستحاول هذه السلسلة من المحاولات التفكيكيَّة
أن تكشف عنها.
قد يستخف البعض بهذه الدعوة إلى الثَّورة على لغة السياسة واصفًا
إيَّاها بأنَّها مجرَّد لعب أو اهتمام بالثانويٍّ على حساب الأساسيِّ
والمباشر فما يصنع السياسة الحقَّة، وفق نظر الكثيرين، هي القوَّة
والتحالفات والسِّلاح والجيوش... إلخ. فهي من تخلق لغتها وتفرضها على
أنَّها حقائق وإنَّ الثَّورة على لغة السياسة، كالتي أطالب بها، هي
كالثَّورة لتغيير غلاف الكتاب لعدم القدرة على المساس بمحتواه. ولعلَّ
مثل هكذا نقد له حظُّه من الصِّحة، لكن لنعلم أنَّ الثَّقافة بما يجب
أن تكون عليه هي البديل عن لغة العسكرة والقتل والدَّمار وهي الطريق
البديل، وإن كان الأطول، عن لغة الدَّم والقتل والاضطهاد. لا يجب إذن
أن تُفهم هذه الثَّورة اللُّغوية وعلى اللُّغة بوصفها إلهاءً للنَّاس
عن الواقع بألعاب اللُّغة ولا سجن النَّاس في زنازينها، وإنَّما الولوج
إلى البيوت من أبوابها لنعرف ما تُخبئه تلك البيوت وتحجبه عنَّا. هي
إذن محاولة للكشف والتَّعرية وإسقاط الأقنعة ووضع اليد على شبكة الخيوط
التي تقود إلى اليد التي تحرِّكها (وهي ليست هنا يد المؤامرة كما قد
يعتقد البعض سريعًا وإنَّما مكوِّنات وبنى السياسة اللاَّواعية). إنَّه
بمعنى أصلب بحثٌ في السياسة من الداخل لا من الخارج. هو اشتغال على
البنى والذِّهنيات المكوِّنة للسياسة هي دعوى لإنشاء "وكيليكس" يكشف
لغة السياسة ويفضح خُبث مصطلحاتها أمامنا ليسمح لنا ببناء لغة جديدة
تتناسب مع هذا الواقع الثَّوريِّ المتغيِّر ويسمح لنا ببناء حياة حرَّة
جديدة. إنَّها عمليَّة هدم بناءٍ لغويِّ مُتداع لتمهيد الأرض لبناء
جديد. هي تحطيم لأصنام وقيمٍ تعبدها السياسات القديمة وإنشاء إنجيل
جديد لسياسة جديدة.
لا شكَّ أنَّ مثل تلك العمليَّة التفكيكيَّة والبنائيَّة ليست
اعتباطيَّة ولا يجب أن تكون وإنَّما ستحاول أن تعتمد أدوات التحليل
الفلسفيِّ العمليِّ التَّفكيكيِّ والمعياريِّ. إنها إذن تنطلق من وعيٍّ
بمحدوديتها فمحاولتي هذه لا تزعم أبدًا بأنَّها ستؤسِّس لغة أنطولوجية
أو ترانسندنتالية متعالية وإنَّما مُصطلحات لها عمرٌ تموت بعده أو
تنحلُّ في مفاهيم جديدة وليست لغة أبدية فلا أبدية لشيء في السياسة
فاللُّغة كالأشجار تهرم وقد تتخشب ويتجاوزها الزَّمن وتمارس دورها في
الحجب والتَّضليل.
1.
تفكيك مفهوم الوطن:
من مفارقات التَّجربة السوريَّة أنَّنا ندافع ضدَّ التَّقسيم عن وطنٍ
استعماريٍّ وضعت حدوده اتفاقيَّة سايكس بيكو التي تأدلجنا على شتمها في
كتب "التربية الوطنيَّة".
لكي يصبح لدين وطن نحن من نسمى بالعرب لا بدَّ لنا من التحرُّر من
مفهوم الوطن بالمعنى السياسيِّ الذي وصل إلينا فصار الوطن سجنًا وعبأً
وبلد الموت لا بلد الميلاد. ولكن لنبدأ من اللُّغة فمن مادتها تُصنع
قيود المفهوم الأوَّلى وحباله وحبائله. فاللُّغة، من جديد، تحجب كما
تكشف وتخفي كما تُفصح وتسجن كما تُحرِّر وتغسل العقول كما تكشف لها.
في العربية نقول "وطن" وهو، بحسب لسان العرب، المنزل الذي يقيم فيه
المرء ومحله. وأوطن المكان حلَّ به ولعلَّ لهذه العبارة الأخيرة
دلالتها الكبيرة وهو ما سنعود إليه بعد قليل. بينما يحدِّد القاموس
المحيط هذه الكلمة كما يلي: "منزلُ الإقامة، ومربط البقر والغنم".
ولنتوقف أخيرًا عند تعريف هذه الكلمة في الصحِّاح في اللُّغة والذي
يُعرِّف الوَطن ﺑ: "محلُّ الإنسان. وأَوْطانُ الغنم: مرابِضها.
وأَوْطَنْتُ الأرضَ، ووَطَّنْتُها تَوْطينًا، واسْتَوْطَنْتُها، أي
اتَّخذتها وَطَنًا". من الصحيح أنَّ قواميس العربية مُحنَّطة وقد
تجدَّد العالم ولم نجدِّد نحن في لغتنا وقواميسنا ولذلك تحنَّطت
مفاهيمنا وعلاقتنا بالعالم والفعل فيه فنحن مكبَّلين باللاوعيِّ بلغتنا
وسجونها. ولكن قبل المضيِّ في ذلك التَّحليل اللُّغويِّ لنرى دلالة
مفهوم الوطن في بعض اللُّغات الأجنبية ذات الأصل الإغريقيِّ
واللاَّتينيِّ فكلمة
patris
بالإغريقيَّة والتي تعني بلد الآباء هي أصل الكلمة
patrie
بالفرنسيَّة التي تحمل نفس المعنى ومرادفاتها في
الألمانيَّة
vaterland
أو
father land
وbirthplace
في الإنجليزية. لو قمنا بمقارنة سريعة للدلالة
اللُّغويَّة لمفهوم الوطن بين اللُّغة العربية وهذه اللُّغات، لوجدنا
أنَّ مفهوم الوطن في العربيَّة أكثر مرونة وفرديَّة أو علاقة شخصيَّة
مع المكان الذي ليس ثابتًا هنا وإنَّما قابل للتَّغيير والتَّنقُّل فهو
منزل المرء في لسان العرب، ولكنه أيضًا المكان الذي يحلُّ فيه الإنسان
والحلول لا يرتهن هنا بالولادة أو القدوم إلى العالم والولادة في مكانٍ
ما ندعوه كذلك بالعربية مسقط الرأس، وإنَّما أماكن التِّرحال التي قد
يرتحل إليها المرء ويستقرُّ بها. ولعلَّ هذا التَّعريف القاموسيِّ
القديم يتوافق مع حالة العربيِّ البدويِّ المتنقِّل في الصحراء التي قد
يجد فيها عدَّة مواطن بغض النظر عن مكان الولادة له أو لأهله وأجداده،
ولعلَّنا نجد في الأبيات السِّتة الأولى من لامية العرب للشنفرى أحد
الأمثلة الكثيرة على الوطن القابل للتَّنقل والتِّرحال مع العربيِّ فهو
لا يعني هنا (هنا هنا ليست ثابتة جغرافيًّا) المركز أو الوتد الذي
يشدُّ "مُواطِنَهُ" إليه بقدر ما أصبح ظلُّ المسافر ورفيق سفره. وطن
العربيِّ البدويِّ، هو رمال الصحراء بتنقلها الدَّائم مع الرِّيح وعدم
ارتهانها للمكان الثَّابت الجامد. في حين أنَّ لمفردة "الوطن" دلالة
تقليديَّة قديمة في اللُّغات الأوروبيَّة على الأرض الثَّابتة والمكان
القارِّ الذي عاش فيه الآباء والأجداد. فهي بأصلها الإيتمولوجيِّ تعني
الأرض التي دُفن فيها الأجداد فصارت مُقدَّسة وصار هناك انتماء
وجدانيٌّ وحسُّ بالانتماء للمهد والقبر الثَّابتين في المكان. هنا
العلاقة ليست شخصيَّة تمامًا بين الفرد والمكان وإنَّما علاقة بالوكالة
أو على درجة ثانية وثانوية فهي الأرض التي ولد فيها الآباء وماتوا ومن
هنا جاءت تسميتها الإغريقيَّة
patris.
وعليه، لم يكن وطن العربيِّ قديمًا هو الأرض والانتماء للمكان، فالأرض
تميدُ وتتحرَّك تحته وتنتقل معه كلَّما سافر ورحل. انتماء العربيِّ
سابقًا كان للقبيلة والعشيرة التي تهاجر وتنتقل بدورها: "وهل أنا إلاَّ
من غزيَّة إن غوت غويتُ وإن ترشد غزية أرشدُ". لكن غزيةّ قبيلة وترتحل
فالانتماء هنا لرابطة عصبيَّة نفسيَّة ترتبط بالأصل والنَّسب والقرابة
والقبيلة لا للأرض والمكان أولاً.
من الطبيعيِّ أن يُعاد تفصيل دلالة معنى الوطن ليتوافق مع المرحلة
التَّاريخيَّة وعلاقات القوى التي تعيد خلقه بقدر ما تعلق هي بشباكه.
هكذا توثَّق ارتباط الوطن مع المكان الجغرافيِّ الثابت المُحدَّد بحدود
في عصر الإقطاعيات الأوروبيَّة. ففي العصور الوسطى في فرنسا مثلاً صار
مفهوم الوطن يضيق ويتَّسع في اللُّغات المتداولة في تلك المنطقة آنذاك
حسب حجم الإقطاعية فصار الوطن يعني حدود الإقطاعيَّة سواء أكانت
إقليمًا أو "مدينة" أو حتى قريَّة. كان من مصلحة السُّلطة السياسيَّة
آنذاك أن تعيد تفصيل اللُّغة والدَّلالة كسُلطة تسيطر بها ومن خلالها
على الفلاَّحين وذلك بربطهم بمفاهيم عليا تتجاوز هؤلاء وتتعالى عليهم،
لكنَّها لا تعدو كونها وسيلة أداتيَّة في يد الإقطاعيين ليدافعوا بها
عن إقطاعياتهم فسمُّوها الوطن. في حين أنَّ مفهوم الوطن في عصر
النَّهضة تحوَّل ليتلاءم، بل وليتطابق مع أرض الملك أو بلد الملك. هكذا
طُوِّع مفهوم الوطن من جديد ليوافق سلطة الملك الذي صار يحوز على
صلاحيات وسلطات تنافس سلطة البابا والكنيسة محولاً "مدينة الله" إلى
مفهوم مثاليٍّ ساميٍّ، لكن في النهاية مفهوم سُلطة وسيطرة فهو لا يعني
في النهاية سوى أراضي الملك. بجعل الوطن مرَّة أُخرى قيمة عليا ومثالاً
أخلاقيًّا ساميًا لا يكون الدِّفاع عن الوطن في تلك المرحلة أيضًا سوى
دفاع عن أراضي الملك ومصالحه.
لا شكَّ أنَّ نشوء البرجوازيات واختراع السِّكك الحديديَّة قد دكَّ
حدود الإقطاعيات ووسَّع من مفهوم الوطن، فنشأت أحلام غربيَّة برجوازية
المنشأ (بما فيها فلسفة ماركس نفسه) بدولة المواطنة العالميَّة كما
تجلَّى ذلك في دعوة كانط من قبل لتحويل الأرض إلى ملكيَّة عامَّة لجميع
البشر أو كما سُمع ذلك في نداءات ماركس المستقبليَّة لأمميَّة
شيوعيَّة. مع ذلك، كان للتَّشريع السياسيِّ القانونيِّ كلامٌ آخر ففي
مقابل "أحلام" كانط وماركس على سبيل المثال بمواطنة عالميَّة أو
أمميَّة كونيَّة، كانت فكرة هيغل "الموضوعيَّة" حول الدولة القوميَّة
هي التي اتَّخذت أشكالاً سياسيَّة قانونيَّة في الغرب تحت مسميات
الدَّولة/الأُمَّة. وصارت الدَّولة/الأُمَّة وطنًا وقد تخفَّف كثيرًا
من كوليسترول الآيديولوجيا والتَّعصُّب للمكان والحدود الجغرافيَّة. في
هذا المنحى نفهم مقولة ماركس "ليس لرأسمال وطن" أي محاولة ورغبة
البرجوازيات والإمبرياليات الغربيَّة في مطِّ مفهوم الوطن ليترافق مع
التَّوسع والامتداد وإخضاع "أوطان" أُخرى واحتلالها فصار الاحتلال
والامبرياليَّة مفاهيم وطنيَّة ساميَّة.
أُعيد تكبيل مفهوم الوطن وخنقه بالشِّعارات الكُبرى والقيم
"السَّاميَّة" في العصر الحديث مع نشوء الفاشيات الغربيَّة وبخاصَّة في
ألمانيا النَّازيَّة. فراحت الفاشيات على اختلافها بما فيها - بل
وبخاصَّة النَّازيَّة والستالينيَّة في غسل عقول النَّاس بمفهوم الوطن
والوطنيَّة خدمة لحروب كانت تشتعل باسم الهويَّات والمصالح فصار هناك
تركيز أيديولوجيٌّ عبر "التّعليم" المدرسيِّ ومن خلال الصحف لجعل
الولاء للوطن ولاءً مُقدَّسًا يتعالى على الفرد الذي يُصبح أسمى ما
يفعله هو الموت في سبيل هذا الوطن الذي لم يكن في النِّهاية سوى حرب
الهويَّات والمشاريع القوميَّة للغرب الإمبرياليِّ. مرَّة أُخرى لم يكن
الوطن هنا سوى أداة سُلطة فباسمه قتل عشرات ملايين الأوروبيين الذين
التهبوا بفكرة الشَّهادة لأجل الوطن كقيمة عليا مطلقة فوق المصلحة
الفرديَّة الخاصَّة والحياة الشخصيَّة للفرد. حتَّى أنَّ الاتِّحاد
السوفيتي قد سنَّ عام 1834 عقوبة الإعدام للخيانة العظمى أي خيانة
البلد بحيث تنصُّ العقوبة على معاقبة جميع أفراد عائلة من اعتُبر
خائنًا للوطن. هكذا صار الوطن فوق الفرد، وفوق الحريَّة الفرديَّة، بل
وفوق إمكانيَّة مناقشة مفهومه وإلا اعتبر الأمر خيانةً عُظمى للوطن. في
الفاشيات صار الوطن أداة للسَّجن والتَّعذيب والملاحقة وتمت إعادة
مواءمته وتفصيله على قدر مصالح السلُّطة الحاكمة فاختُزل إلى الدَّولة
فالحزب الحاكم فرئيس الدَّولة الذي صار هو الوطن وصار الاعتراض على
سياساته خيانةً كُبرى للوطن تستحقُّ الإعدام.
ما الوطن إذن بعد هذه الخلخة للمفهوم المُّقدس، بل وتحطيم صنم الوطن
الذي سحق الإنسان وحريته واستخدم عبر التَّاريخ كأداة في يد السُّلطة؟
هل يمكن أن يحيا الإنسان بلا وطن؟ بلا هويَّة وطنيَّة؟ بلا انتماء لأرض
وناس ودولة؟ ربَّما نعم، بل وهذا ما يجب أن يكون، لكن وقبل أن أنساق في
الحلم الكانطيِّ في سطح الأرض بوصفه وطنًا لجميع البشر لأكن واقعيًّا
قليلاً! الوطن كما أراه هو مُصطلح رمزيٌّ لهويَّة سياسيَّة لدولة/أمَّة
من الصعب العبث التَّخلي عنه، فنحن بحاجة إلى مُثل وقيم عليا على أن
يتمَّ تعريتها من كلِّ زيف الأيديولوجيات والمصالح التي تستخدمها
وتوظِّفها لقتل النَّاس دفاعًا عن المصالح والقوَّة والنَّفوذ. إن
الإجراء التَّفكيكيَّ الذي أدعو إليه هو بقلب قيمة الوطن لتصبح كما
كانت عند العرب قديمًا رفيق درب وظلِّ المسافر، يرتبط بالإنسان ولا
يربطه. وبمعنى آخر لا توجد قيمة أعلى من قيمة الإنسان فهو قيمة القيم
ومصدرها كما ذهب إلى ذلك بروتاغوراس وهو لا يجب أن يُطوَّع ليتواءم مع
مفهوم وطن مسبق الصنع صنعته له جاهزًا سلطات الاستبداد لتحرقه كلَّما
اقتضت مصالحها ذلك ثمَّ تعوضه بلقب وبصورة أو بعنزتين كما فعل النظام
السوريُّ مع من اعتبرهم شهداءه مؤخَّرًا. الإنسان هو الوطن؛ هو الجسد
وليس الوطن سوى الظلِّ وليس العكس. لكي يكون هناك وطنٌ بخير يجب أن
تكون قيمة الإنسان فوق قيمة الوطن. وبمفردات أقلَّ تجريدًا وأكثر
سياسيَّة وقانونيَّة: المواطن هو أصل الوطن وليس العكس. الأوَّل يخلق
الثاني والعكس غير صحيح إلا في الفاشيات التي لا تنظر إلى الوطن في
النهاية إلا كما قدَّمه لنا القاموس المحيط بوصفه مربط الغنم والبقر.
فقط في دولة المواطنة وحقوق الإنسان يُصبح الوطن بخير لأنَّ الإنسان
يكون بخير...
*** *** ***
الأوان