القمر الأزرق
إميل جعبري
أزرق بدر هذه الليلة
هكذا حين عاد ثانية
في شهر تموز
قال الفلكيون،
غير أننا في بلاد تموز
لم نرَ على وجهه
غير الرماد
لا خضرة تحت عينيه
لا شيء جديد
غير السواد.
أربعة قرون
منذ غروتيوس
وقلبه يشهد كل ليلة
كيف يريقون
عن الوجوه
في الوحل
المياه التي قالوا:
إنها موزعة بالتساوي
بين الجميع.
في زيارته الأخيرة
أودعني القمر حيرته:
ما زلتم تحرسون
الخناجر بالياسمين
وتدفنون موتاكم
في الزبد
كأنهم ما كانوا
ومضى كسيرا.
له رائحة الضّباع
قلت في وصف العجاج الأسود
بسرعة شهاب
اختبأ
الأطفال والأمهات
تحت جناح
القمر الصغير.
ذهبوا مع القمر
لا شك أنهم سيعودون
بمحاجر فارغة
من الأطوار
وممتلئة بكامل الدهشة.
ما عاد لساق الوردة
مكان في فوهة السلاح
حلت مكانها قطعة نقود مثقوبة
كي تبصر الرصاصة
طريقها في ضوء القمر.
مددت للبدر
في القبَّة رغيفًا
وكأسًا مترعة بالأصحاب
كي يشارك العدم
احتفاليته العتيقة
بالوافدين الجدد.
زهرة عباد الشمس
الوحيدة في الحقل
أهداها القمر الليلة
رحيله
منحته صورتها
ووقعًا بلا حنَّاء
ولا أكاليل.
غير متنكر
نزل البدر الكبير
ليأخذ بيد الليل
إلى الرصيف الآخر
للوحدة.
على الشهب
أن تنتظر
انقضاء القمر
ليكون الليل دليلها
في رحلتها
الأخيرة.
يكرر البدر جرأته
التي لا مثيل لها
ويعود للسفر
في وضح النهار؟!
عادة اكتسبها
من رؤية
أجساد العشاق
وهي تتلامع
أمام عينيه.
لنا على صفحته
القريبة
ما نقول
وله على وجهها الآخر
ألغازه القديمة
ونهرًا جاريًا
وينابيع لم تولد بعد.
غير أنه عارٍ..
كالمرآة
وجميل
كل ربيع ترددها
زهرة الأقحوان
حين تفتح دفاتر الشعراء
على صفحة القمر.
*** *** ***